الصفقة النووية المرتقبة بين أميركا والسعودية.. كيف تؤثر على الشرق الأوسط؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

التسريبات الصحفية المتعلقة بـ"صفقة الرياض وواشنطن النووية الضخمة التي شارفت تفاصيلها على الانتهاء"، أثارت قلقا مشتركا بين مسؤولين أميركيين، وجهات إقليمية ودولية عدة.

وقال موقع "دويتشه فيله" الألماني إن "المنطقة قد تتجه نحو مزيد من التصعيد، وقد تكون أكثر اضطرابا حال إتمام الصفقة، إذ قد يشتعل سباق تسلح إقليمي للحصول على التكنولوجيا النووية، التي قد تُستخدم لأغراض عسكرية".

وأضاف أنه “من ناحية أخرى، تبرز نتائج إيجابية للاتفاق المحتمل، حيث يمكن أن تؤثر الصفقة على إيران وإسرائيل بشكل يصب في مصلحة واشنطن، كما أن الأخيرة ستعزز موقفها في الإقليم في مواجهة الصين”.

وفي ضوء المعطيات السابقة، تناول الموقع الألماني "الاتفاق النووي السعودي الأميركي المنتظر، ومدى الاقتراب من توقيعه، ومآلاته على استقرار المنطقة، وتأثيره على سياسة إسرائيل الداخلية والإقليمية، وأخيرا مكاسب واشنطن منه".

صفقة مرتقبة 

وأشار  “دويتشه فيله” إلى التقارير المتعددة التي تتحدث عن قرب توقيع الولايات المتحدة والسعودية على "اتفاق التعاون النووي  المشترك" بين البلدين.

ورأى أن تلك الاتفاقية "من شأنها أن تقرب الولايات المتحدة والسعودية -اللتين كانت لديهما شراكة صعبة منذ عقود- من بعضهما بعضا مرة أخرى".

وبحسب تقارير إعلامية، من المقرر "إبرام اتفاق دفاعي وتعاون في مجال التكنولوجيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي، كما ترغب الدولتان أيضا في التعاون في تطوير برنامج نووي مدني".

واستطرد الموقع: "كان من المفترض أن تكون البنود السابقة جزءا من صفقة أوسع، تشمل في الأصل التطبيع بين السعودية وإسرائيل، لكن تمسك تل أبيب برفضها  فتح الطريق أمام إقامة الدولة الفلسطينية، عقد الأمور بين السعودية وإسرائيل".

وأكمل: "أدى التعنت الإسرائيلي إلى استبعادها من الصفقة، وذلك وفقا لتقارير وسائل الإعلام بداية  مايو/ أيار 2024، فيما تبقى الفرصة قائمة لصفقة سعودية أميركية ضخمة، لم تنكشف تفاصيل التعاون المخطط له في مجال الطاقة النووية المدنية".

واهتمت السعودية منذ فترة طويلة بهذا الملف، وفسر الموقع الألماني ذلك بكونها "تأمل في تنويع اقتصادها، وتقليل اعتمادها على النفط".

وهذا الجزء من الخطة رغم كونه الأكثر احتمالا للتنفيذ، إلا أنه "في ذات الوقت يعد بندا من أصعب البنود المقترحة".

وشرحت مديرة سياسة منع الانتشار النووي في جمعية الحد من الأسلحة في واشنطن، كيلسي دافنبورت، هذه الإشكالية القائمة.

وقالت إن "الصعوبات تنبع من حقيقة أن السعودية تريد تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وتكمن المشكلة في أن تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم لا تستخدم فقط لإنتاج الوقود للمفاعلات النووية المدنية، بل يمكن استخدامها أيضا لإنتاج اليورانيوم المناسب للأسلحة النووية".

"ويزيد الأمور تعقيدا إصرار الرياض على هذه القضية"، هكذا أكدت دافنبورت في مقابلة مع "دويتشه فيله"، مضيفة: "من المرجح أن تنسحب الرياض من اتفاقية التعاون النووي مع واشنطن بدلا من التخلي عن التخصيب".

وأثار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ضجة إعلامية في سبتمبر/ أيلول 2023، حين قال: "إذا تمكنت إيران، المنافس الإقليمي للمملكة، من الحصول على قنبلة نووية، فإن السعودية ستحتاج إلى واحدة أيضا".

سباق إقليمي

وتكمن المخاوف الدولية في ما هو أبعد من خطر امتلاك الرياض قنبلة نووية، فحذر الموقع من أن "يؤدي السماح بتخصيب اليورانيوم إلى سباق تسلح إقليمي".

ويتفق مع هذا الرأي مانويل هيريرا، من المعهد الإيطالي للشؤون الدولية، الذي كتب منبها: "إذا سُمح للسعودية باكتساب مثل هذه القدرات، فقد يؤدي ذلك إلى خلق سابقة إشكالية على المستوى الدولي".

وتابع: "قد يدفع ذلك ربما دولا أخرى في المنطقة، مثل مصر أو تركيا، إلى السعي لامتلاك قدرات نووية مشابهة".

وأكمل: "هذا يمكن أن يؤدي إلى سباق تسلح نووي في منطقة الشرق الأوسط، التي تعاني من عدم الاستقرار، ومع ذلك، يمكن تقليل المخاطر بفضل التدابير الأمنية والإجراءات الرقابية الكافية".

وبحسب دافنبورت، "تتزايد هذه المخاطر لأن القوى الكبرى أصبحت أقل استعدادا لمنع انتشار الأسلحة النووية، وهذا يعني تهديدا للنظام النووي ككل".

ويأمل هيريرا وخبراء آخرون أن "تتخذ الحكومة الأميركية ضمانات صارمة في حالة وجود برنامج نووي سعودي مدني".

وبالانتقال إلى موقف إسرائيل من الصفقة المنتظرة، أوضح الباحث في معهد بروكينغز في واشنطن، روبرت أينهورن، أن "التطبيع بين الرياض وتل أبيب، يمكن أن يجعل التعاون النووي بين أميركا والسعودية أكثر احتمالا بالنسبة لإسرائيل".

وعلى النقيض، "فإن الضمانات الأمنية الأميركية والتعاون النووي، من شأنها أن تجعل التطبيع مثيرا للاهتمام مرة أخرى بالنسبة للسعودية".

وفي كل الأحوال، "فإن الحكومة الإسرائيلية أعلنت بالفعل أنها لا تريد أن يمتلك السعوديون أي نوع من القدرة على تخصيب اليورانيوم، ولا تزال هناك حاجة كبيرة للتوصل إلى اتفاق بين الجانبين".

وأردف الموقع الألماني: "وبما أن إسرائيل ليست مشاركة في الاتفاقية، يقول المحللون إن الصفقة الضخمة يمكن أن تكون الآن أيضا وسيلة للضغط على الحكومة الإسرائيلية".

ورأى أن "أميركا وحلفاء إسرائيل ضغطا على القيادة الإسرائيلية من أجل اتباع نهج أكثر تحفظا في قطاع غزة".

وبالحديث عن الاستفادة الأميركية من الاتفاق، فإنها تضمن من خلاله "تأثيرا أكبر" على الرياض، لا سيما فيما يتعلق بالتنافس بين الولايات المتحدة والصين.

وأردف الموقع موضحا: "الصفقة من شأنها أن تقلل من النفوذ الصيني في هذا المجال. ومن منظور تجاري، فإن هذا من شأنه أن يوفر للشركات الأميركية عقودا مواتية في السعودية".

ولفت إلى أن "التعاون الوثيق بين الرياض وواشنطن يمكن أن يؤدي أيضا إلى تأثير أميركي أكبر على سياسة تسعير النفط السعودية، كما يقول خبراء آخرون".

وتابع: "وهذا من شأنه أن يناسب حكومة الولايات المتحدة الحالية، التي تفضل أن تظل الأسعار منخفضة في الفترة التي تسبق الانتخابات".