عشوائي تقوده معدته.. كيف سيكون حال أميركا في حال عودة ترامب للبيت الأبيض؟ 

قسم الترجمة | منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في ظل استعداده للترشح للانتخابات الرئاسية الأميركية 2024، تكثر التوقعات بشأن ما قد يبدو عليه "عالم الرئيس  السابق دونالد ترامب" عام 2025.

وقال مدير المركز "فورين بوليسي إن فوكس" الأميركي، جون فيفر، إنه "من المحتمل أن يكون ترامب في السجن بحلول هذا التاريخ، فلربما لن يرشحه الحزب الجمهوري في انتخابات 2024، بسبب شعبيته الآخذة في التآكل حسب استطلاعات الرأي".

وأضاف فيفر أنه "رغم موقفهم الفاتر تجاه الرئيس الحالي، جو بايدن، فلا يزال بإمكان الناخبين الأميركيين أن يتحدوا في مواجهة التهديد الأكبر للديمقراطية الأميركية على الإطلاق".

وتابع: "لكن في بعض الأحيان ليس أمامنا إلا مواجهة كوابيسنا، ولذلك نتساءل: ماذا سيفعل ترامب بالعالم إذا دخل البيت الأبيض مرة أخرى عام 2025؟"

سياسات عشوائية

وقال فيفر إن "عالم الجغرافيا السياسية كان يمكن التنبؤ به نسبيا، إلا أنه لم يعد كذلك".

وأوضح أن "المصدر الأكبر لعدم القدرة على التنبؤ هو وجود عدد من العوامل المفاجئة، منها قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين عام 2022 غزو أوكرانيا".

هذا فضلا عن "النصر الذي حققه جوستافو بيترو، في الانتخابات الرئاسية الكولومبية، والإعلان المفاجئ هذا العام 2023 عن التقارب الدبلوماسي بين السعودية وإيران".

وأفاد فيفر بأن "ترامب هو الزعيم الجوكر، الذي يهدد كل تصريح له بتغيير الوضع الراهن".

وأضاف: "عندما أصبح رئيسا عام 2016، اتخذ ترامب بعض القرارات التي كانت متوقعة بالتأكيد، كانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، والانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة للشراكة عبر المحيط الهادئ، في سياق الوفاء بوعود حملته الانتخابية".

واستدرك فيفر متسائلا: "لكن مَن كان يتصور أنه سيجلس مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، ليس مرة واحدة فقط (سنغافورة)، وليس مرتين فقط (فيتنام)، بل ثلاث مرات (في المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين)؟".

وأشار إلى أنه "لا يتذكر أن أيا من النقاد توقعوا أن يرتكب ترامب جريمة تستوجب عزله، سواء من خلال تأخير المساعدات لأوكرانيا، أو تشويه سمعة بايدن وابنه هانتر".

وتابع: "وماذا عن محاولة ترامب شراء الجزيرة الدنماركية غرينلاند، واستخفافه (بدول إفريقية) ووصفه إياها بـ(الأوكار القذرة)، وقراره المفاجئ بسحب القوات الأميركية من سوريا، وإعطاء الضوء الأخضر لتركيا لشن عملية عسكرية في الشمال السوري؟"

ورأى فيفر أن "عدم القدرة على التنبؤ ليس دائما أمرا سيئا، فقد كان من شأن الاجتماع مع الزعيم الكوري الشمالي أن يكون خطوة ذكية، إذا كان ترامب يفهم شيئا عن كيم جونغ أون أو بلاده، لكن لم توجد أي منهجية خلف سلوك ترامب العشوائي".

وأردف: "لم يكن ترامب رجلا مجنونا ماكرا يحاول تقليد الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون"، في إشارة إلى زيارة الرئيس نيكسون للصين في 21 فبراير/شباط 1972، والتي تعد خطوة تاريخية أسست لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1979.

بل يرى فيفر أن ترامب كان عشوائيا "يسير حيث تقوده معدته المتخمة بالوجبات السريعة، لذا فإن أول شيء يجب أن نعرفه عن احتمالية تولي ترامب ولاية أخرى هو أن كل الرهانات لا مكان لها عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية".

محاربة الدولة

وأوضح مدير المركز الأميركي أن "ترامب وأتباعه من تيّار ماغا (MAGA) يشعرون باشمئزاز تجاه الحكومة، يصل لدرجة المرض".

و"ماغا" هو تيار قومي مناصر لترامب، وجاء هذا الاسم كاختصار لشعار ترامب الانتخابي "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" (Make America Great Again).

وأورد فيفر أن "خطة ترامب المستقبلية تستهدف فصل أعداد كبيرة من الموظفين الفيدراليين، بناء على أمر تنفيذي في الأيام الأخيرة من رئاسته عام 2020".

وهم حوالي 50 ألف موظف حكومي، لهم التأثير الأكبر على السياسة الفيدرالية، أو ما يُطلَق عليهم "الدولة العميقة".

لكن وفق الكاتب، فإن "ترامب ورفاقه لا يريدون ببساطة (تفكيك الدولة الإدارية)، كما قال ستيف بانون، مستشار ترامب، في عبارته الشهيرة".

"بل إن ترامب وداعميه يريدون إعادة تشكيل الدولة من أجل تركيز السلطة السياسية والاقتصادية في أيديهم، وفي أيدي أصدقائهم الأثرياء"، بحسب فيفر.

وأوضح أن هذا "يتطلب إزالة الضوابط المفروضة على السلطة التنفيذية، والمتأصلة في البيروقراطية الفيدرالية".

ويعتقد الكاتب أن "ترامب يريد ببساطة تحويل النظام الأميركي -الذي يميل بالفعل بشكل خطير إلى اتجاه احتكار القلة- إلى أن يكون قائما على المحسوبية بشكل كامل، على غرار ما فعله فيكتور أوربان في المجر، وما أنجزه فلاديمير بوتين في روسيا".

وحسب فيفر، فإنه "يمكن قول الشيء نفسه عن موقفه تجاه مؤسسات المجتمع الدولي".

وتابع: "ففي عام 2025، سيحاول ترامب مرة أخرى تدمير أكبر عدد ممكن من الاتفاقيات والهيئات الدولية، من اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".

وأردف أن "ترامب سيبذل قصارى جهده لتقويض حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وحتى الانسحاب منه، وهذا ما حذر منه مستشاره السابق للأمن القومي، جون بولتون، الذي لا يحبذ الأممية أيضا".

ولفت فيفر إلى أن "ترامب يحتقر كل شيء في العالم خارج إمبراطوريته التجارية"، مشيرا إلى أنه "ليس ضد التجارة الحرة في حد ذاتها، لكن من المؤكد أنه لا يفكر في تحسين حياة العمال الأميركيين".

وأشار إلى أن "ترامب يتصور نفسه عظيما في إنجاز الصفقات، وقادرا على إرغام الأوروبيين والصينيين وغيرهم من الأطراف على التفاوض على شروط أكثر ملاءمة للشركات الأميركية".

وتابع: "بالنسبة لترامب، يجب أن يكون هذا التفاوض في سياق ثنائي، ولذا، فإنه يعارض الصفقات التجارية متعددة الأطراف، حتى لو كانت ستفيد الولايات المتحدة في نهاية المطاف".

خدعة السلام

وذكر مدير المركز الأميركي أن "ترامب يقدم نفسه كمرشح السلام، لكن هذا خدعة".

ونوه إلى أن "ترامب زعم أنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة، باستخدام التهديد لدفع الجانبين إلى طاولة المفاوضات".

وتتمثل الخطة، على وجه التحديد، "في تهديد أوكرانيا بقطع المساعدات عنها وتهديد روسيا في الوقت نفسه بزيادة حادة في المساعدات لخصومها".

وحسب فيفر، فإن "ترامب لم يأت على ذكر الدول الأخرى التي تزود أوكرانيا بمساعدات عسكرية كبيرة، أو الصعوبات الحالية المتمثلة في دفع حزم المساعدات الإضافية لكييف عبر الكونغرس".

ويعتقد فيفر أن "خطة ترامب حيال أوكرانيا تتكون من خديعة مزدوجة، سيجد ترامب صعوبة في تنفيذها، لكن بالمقابل، وفي أماكن أخرى، من المرجح أن يصعّد ترامب ولا يتراجع، فبعد أن دمر الاتفاق النووي مع إيران، من المرجح أن يواصل من حيث توقف".

وأردف: "خلال فترة وجوده في منصبه، خاطر ترامب بالحرب مع إيران مرتين، حيث أمر باغتيال قائد عسكري كبير (قائد فيلق القدس، قاسم سليماني)، وفكّر في توجيه ضربات صاروخية ضد إيران في أيامه الأخيرة في منصبه".

ويرى فيفر أن "هناك احتمالات أخرى للحرب في عهد ترامب، إذ أنه حاد الطبع وسريع الغضب، وخلال فترة رئاسته هدد كوريا الشمالية وفنزويلا وسوريا".

وتابع: "لكن بصراحة، الحرب الأكثر رعبا التي يخطط لها ترامب هي هجماته على أميركا نفسها، على الدستور، وعلى الديمقراطية، وعلى الدولة".

وأشار إلى أن "السبب الوحيد الذي قد يصرف أنظار ترامب عن شن حرب خارجية، هو أنه سيركز أكثر من اللازم على تدمير بلده نفسها".

وختم فيفر بالقول إن "العالم ينتظر حكم الناخبين الأميركيين، والديمقراطية تدور حول التعلم من الأخطاء الجماعية، وإذا ارتكبت أميركا نفس الخطأ مرة أخرى، فستكون قد نحرت ديمقراطيتها بنفسها".