انضمام مصر والإمارات والسعودية.. كيف يعزز الخلافات داخل بريكس؟

قسم الترجمة | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

أكد عميد سابق في الجيش الهندي أن الدول المنضمة حديثا إلى مجموعة "بريكس" ستعزز الخلافات الناشئة داخل هذا التكتل السياسي الاقتصادي.

وقال العميد السابق والمحلل في الشؤون الإستراتيجية والعلاقات الدولية، سوبهاش كابيلا، إنه "كان من المحتم -بحكم المنطق- أن تؤثر المنافسات الجيوسياسية، التي اشتدت في السنوات الأخيرة بين الصين والهند، على تماسك مجموعة بريكس".

وفي مقال له، نشره موقع "يوراسيا ريفيو" الأميركي، أشار كابيلا إلى "غياب أي رابط أيديولوجي، وإلى اختلاف وجهات النظر على المستوى الإستراتيجي بين أعضاء بريكس"، مؤكدا أن ما يجمع هذا التكتل هو الرغبة في النهضة الاقتصادية.

تنافس جيوسياسي

وقال: "شهدت قمة بريكس 2023، التي استضافتها جنوب إفريقيا في الفترة بين 22-24 أغسطس/آب 2023، ظهورا أوليا للتنافس الجيوسياسي بين الصين والهند".

وأكد كابيلا أن "المؤشرات الحالية تدلل على أن هذه الانقسامات لا بد أن تشتد مع توسع بريكس إلى إجمالي 11 عضوا، بءا من يناير/ كانون الثاني 2024".

وأردف: "كانت الصين تضغط لتوسيع بريكس من أجل ضم باكستان في نهاية المطاف، كما فعلت عند ضم إسلام أباد إلى منظمة شنغهاي للتعاون".

وأفاد أنه "لتحقيق هذه الغاية، ولتوفير غطاء لدخول باكستان، كانت الصين تدعو خلف الكواليس إلى توسع المجموعة، من خلال اقتراح أسماء دول تدين لبكين بالفضل، أو أخرى يمكن أن تميل إلى قلب موقعها من الولايات المتحدة وفق التصور الصيني".

وتابع: "كان من المتوقع أن تعارض الهند والبرازيل التوسع الفوري لمجموعة بريكس، خاصة عندما لم يُعلَن عن الإجراءات والمؤهلات اللازمة لاعتماد عضوية دول أخرى".

وتداولت وسائل الإعلام العالمية، حتى اليوم الثاني من القمة، حقيقة معارضة الهند والبرازيل للتوسع الفوري لمجموعة بريكس، على نطاق واسع.

وقال كابيلا: "من اللافت للنظر أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ركز في كلمته الافتتاحية على رؤيته لمستقبل بريكس، واستعداد الهند لمساعدة دول المجموعة، في استكشاف الفضاء، بالتزامن مع مهمة مركبة الفضاء الهندية تشاندريان-3 إلى القمر".

وعلى النقيض من ذلك، ركز الرئيس الصيني شي جين بينغ فقط على ضرورة توسيع البريكس، مع ضم أعضاء جدد، مؤكدا على أهمية ذلك في خطابه.

وحسب المقال، فإن "إستراتيجية الصين بشأن البريكس أصبحت واضحة للغاية، بعد خطاب الرئيس، شي جين بينغ، ودعوته لتوسيع التكتل".

وفي اليوم الأخير للقمة، وبشكل مفاجئ، تُرك الأمر لرئيس الوزراء الهندي مودي ليعلن أن "البريكس" دعت ست دول للانضمام إلى المجموعة، بدءا من يناير 2024. 

وهذه الدول الست المدعوة، والتي قبلت الدعوة هي: مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا والأرجنتين، والتي انضمت إلى التحالف الذي كان يتكون فقط من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

مساومات صعبة

وقال الخبير الهندي: "من الواضح أن الصين نالت بغيتها، بدعم من روسيا وجنوب إفريقيا، وعلى الأرجح، فإن الاقتراح الصيني قد اعتُمد بأغلبية ثلاثة مقابل اثنين".

وشدد على أنه "لا يوجد أي شيء معلن، بشأن متى ومَن اقترح قائمة هؤلاء الأعضاء الستة الجدد، ووضعها في صيغتها النهائية، وما المعايير التي اعتُمدت لاختيارهم".

ورغم ذلك، أكد كابيلا أن "الصين هي التي تقف خلف خطة توسيع البريكس"، مرجحا أن "بعض المساومات الصعبة جرت مع الهند والبرازيل للتغلب على معارضتهما".

وتابع قائلا: "في حالة الهند، تقديري هو أن مودي عرض على الرئيس الصيني مخرجا لحفظ ماء وجهه، من أجل أن يحضر قمة مجموعة العشرين المرتقبة، في سبتمبر/أيلول 2023، في نيودلهي، وإجراء حوار مقتضب غير رسمي حول قضية الحدود، على هامش القمة".

وأكدت بكين كعادتها أن الهند هي التي طلبت إجراء محادثات غير رسمية، ولكن من جانبها شددت نيودلهي على أن الصين هي التي طلبت عقد الاجتماع غير الرسمي.

والجدير بالذكر أنه من حين لآخر، تحدث مناوشات حدودية بين الجيشين الصيني والهندي، بسبب مناطق متنازع عليها بين الطرفين.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، وقعت اشتباكات، وُصفت بأنها "الأخطر منذ عامين"، خلفت عددا من الجرحى من الجانبين.

وعلى الرغم مما سبق ذكره، فإن "ما يجب تحليله هو التوجه الجيوسياسي لهؤلاء الأعضاء الستة الجدد في مجموعة بريكس، في ظل لعبة القوة الجيوسياسية مع الصين وروسيا من جهة، وعلاقات هؤلاء الأعضاء الجدد مع الولايات المتحدة والهند من جهة أخرى"، حسب كابيلا.

وفي هذا السياق، لا بد من تسليط الضوء على أن جنوب إفريقيا -التي كانت حتى وقت قريب أكثر ميلا نحو الولايات المتحدة والغرب- قد مالت نحو الصين وروسيا، وفق المقال.

ويشمل ذلك إجراءها لتدريبات عسكرية مشتركة مع روسيا والصين، في جنوب إفريقيا ومجالها البحري.

البنية العامة

وأوضح كابيلا أنه يمكن تلخيص البنية العامة لدول البريكس في عدة نقاط أبرزها كما يلي:

الأعضاء الأصليون في البريكس هما الصين وروسيا كدولتين رئيستين، وكلاهما معاد للولايات المتحدة. لكن الاقتصاد الروسي في طريقه للفشل، والاقتصاد الصيني يتباطأ، مسجلا مسارا تنازليا.

الهند والبرازيل، بصفتهما العضوين المؤسسين الآخرين في مجموعة البريكس، تتمتعان باقتصادات مزدهرة.

كما أن لدى الهند شراكة إستراتيجية قوية مع الولايات المتحدة، وفي المقابل، فإن علاقتها مع الصين وروسيا في تراجع ملحوظ. وتربط البرازيل أيضا علاقات جيدة مع أميركا.

أما جنوب إفريقيا، التي انضمت لاحقا إلى البريكس، فإنها بعد سنوات من العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة، اختارت أخيرا الميل نحو الصين وروسيا.

وشمل ذلك التدريبات العسكرية المشتركة مع الصين وروسيا في جنوب إفريقيا، التي تتمتع بموقع جغرافي إستراتيجي مهم.

وبالحديث عن الشرق الأوسط، الذي لم يكن ممثلا في السابق في مجموعة البريكس، فإن لديه أربع دول في المجموعة وهي: مصر، والسعودية، والإمارات، وإيران.

وتتمتع مصر والإمارات بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة، لكن السعودية تقربت في الآونة الأخيرة من الصين وروسيا، مدفوعة بغضبها من أميركا.

أما إيران فإنها في مرمى الولايات المتحدة منذ عقود، حيث يجمع الطرفين علاقة عدائية.

وأخيرا، وقّعت الصين وإيران شراكة تحالف إستراتيجي ضخمة، مدتها 25 عاما، وهما دولتان في موقف صدامي واضح مع الولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، فقد سلحت الصين كلا من إيران والسعودية بترسانات من الصواريخ. وباستثناء مصر، فإن جميع الدول الثلاث المتبقية في منطقة البريكس من الشرق الأوسط، غنية بالنفط.

أما الأرجنتين، فهي دولة رئيسة في أميركا الجنوبية، القارة التي تمتلك أكبر دولتين فيها عضوية البريكس حاليا. ويعد انضمام إثيوبيا مفاجئا، على الرغم من أنه يقال إن لديها اقتصادا جيدا.

فشل متوقع

وتابع كابيلا: "كان الهدف الإستراتيجي للصين وروسيا المتمثل في توسيع مجموعة بريكس هو تحويل هذا التكتل بطريقة أو بأخرى إلى ثقل موازٍ لهيمنة الولايات المتحدة على مستوى العالم، تحت ورقة التوت المسماة التعددية القطبية".

وتتمثل نواياهم من الناحية الاقتصادية في تشجيع "التخلص من الدولرة" في الاقتصاد العالمي، للحد من الهيمنة الاقتصادية العالمية للولايات المتحدة، حسب المقال.

وأشار الكاتب إلى أن "الهدف الأساسي للصين وروسيا، المتمثل في مناهضة الولايات المتحدة، سيتعارض مع أهداف الهند والبرازيل في نهاية المطاف، وربما مع أهداف الوافدين الجدد مثل مصر والإمارات".

ومن الناحية التحليلية، فإن السؤال الحاسم الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت الأهداف الصينية والروسية المتمثلة في تحويل البريكس إلى "قطب مضاد" للولايات المتحدة في عالم متعدد الأقطاب، والتخلص من دولرة التجارة العالمية، هي أهداف قابلة للتحقيق.

ويجيب الكاتب بـ"لا مدوية". وأضاف: "في الختام، يمكن للمرء أن يتوقع أن مجموعة البريكس -وعلى الرغم من التوسع المضاعف في عضويتها- فإنها تحمل في طيّات توسعها بذور الانقسام".

وتابع: "مع المعايير الجيوسياسية التي تتكشف، والتي لا تشير إلى مسار تصاعدي لا للصين ولا لروسيا، فمن المحتم أن تظل هذه المجموعة مجرد جدار آخر غير مترابط، علما بأن كلمة بريكس تعني في الإنجليزية: أحجار".