المشروع 141.. هذه خطة الصين لإنشاء قواعد عسكرية حول العالم

قسم الترجمة | منذ ١٠ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية عن ما أسمته "مخطط الصين الذي تديره على مستوى عالمي" بهدف التجسس على حكومات معينة.

وفي هذا المعنى، ظهرت في أجزاء مختلفة من إفريقيا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط دلائل على وجود مراكز التجسس الصينية ضمن هذا المخطط. 

وقالت الكونفدنسيال إن الصين وكوبا توصلتا إلى اتفاق لبناء منشأة تنصت إلكترونية في الجزيرة الكاريبية على بعد نحو 160 كيلومترا من فلوريدا مقابل عدة مليارات من الدولارات، وفق ما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في 8 يونيو/حزيران 2023.

وتعليقا على ذلك، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن المعلومات "غير دقيقة"، دون أن يتحدث عن تفاصيل.

تجسس قرب أميركا

لكن، بعد أن روج خصومه في الحزب الجمهوري لرسالة مفادها أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "ناعمة مع الصين" وأنها كانت تسمح باختراق الحزب الشيوعي الصيني على بعد كيلومترات قليلة من الولايات المتحدة؛ أراد المسؤول الأميركي إيضاح بعض التفاصيل. 

وفي هذا السياق، أطلق البيت الأبيض قنبلته الخاصة بعد يومين. ومن هنا، جرى التأكيد على أن قاعدة التجسس الصينية في كوبا لم تكن جديدة، وتعمل منذ عام 2019 على الأقل، أي خلال رئاسة دونالد ترامب.

علاوة على ذلك، لم تكن مؤسسة واحدة فقط، بل أربع منشآت يشترك في تشغيلها مسؤولون صينيون وكوبيون. 

وأوضحت الصحيفة الإسبانية أنه في خضم هذه المعلومات المتشابكة، هناك تفاصيل أساسية لم يلحظها أحد تقريبا.

وفقا لمسؤولين أميركيين، نقلا عن وسائل الإعلام المختلفة، فإن خطط الصين في كوبا هي جزء مما يسمى المشروع 141، وهي مبادرة من قبل الجيش الصيني لتوسيع وجودها العالمي وشبكات الدعم اللوجستي الخاص بالعملاق الآسيوي.

يسعى هذا المشروع إلى إنشاء ما لا يقل عن خمس قواعد عسكرية في الخارج و10 مراكز دعم لوجستي بحلول عام 2030، ليس فقط في جزر الكاريبي، ولكن أيضا في أجزاء مختلفة من إفريقيا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط.

ونقلت الصحيفة أن هناك العديد من المواقع التي يهتم الصينيون بتحويلها إلى مراكز تجسس متقدم، عبر تركيز أجهزة تنصت فيها.

وتحديدا، يبحث الصينيون عن مواقع المساعدة الأرضية بهدف دعم العمليات التي تجرى أساسا في الفضاء.

كما يبحثون عن موانئ الإغاثة، وهي أماكن يمكنهم الوصول إليها وإعادة الإمداد فيها. وبالمثل، يسعون إلى الحصول على المزيد من القواعد العسكرية التقليدية التي تعد أكثر رسوخا. 

وفي هذا المعنى، أكد مسؤول كبير في إدارة بايدن لصحيفة واشنطن بوست أن ما ينفذه الصينيون في كوبا "يحاولون فعله" في عشرات الأماكن الأخرى حول العالم. 

ونقلت الصحيفة أن الكشف عن مشروع 141 وقع عن طريق الخطأ في وقت سابق من هذا العام في تسريبات خاصة لجاك تيكسيرا عبر برنامج ديسكورد.

وجاك تيكسيرا أحد عناصر الحرس الوطني في القوات الجوية الأميركية، يبلغ من العمر 21 عاما، سرب معلومات سرية في أبريل/نيسان 2023، عن وزارة الدفاع "البنتاغون" أغضبت الولايات المتحدة وحلفاءها.

أظهرت إحدى الوثائق تقدير المخابرات العسكرية الأميركية للتقدم الذي أحرزته الصين في إنشاء قواعد في الخارج.

لم يُظهر الرسم البياني فقط المنشآت النشطة بالفعل أو قيد الإنشاء، ولكن أيضا تلك الدول التي كانت الحكومة الصينية في مفاوضات متقدمة معها أو التي أبدت اهتماما بها.

ومع ذلك، كانت الوثيقة غير مكتملة، فقد غطت إفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ، لكنها لم تظهر حقيقة هذا التوغل في القارة الأميركية.

قواعد حول العالم

في عام 2017، افتتحت الصين، من خلال حفل ضخم، قاعدتها العسكرية الوحيدة المعترف بها في الخارج إلى غاية الوقت الراهن.

تقع هذه القاعدة في دولة جيبوتي الإفريقية الصغيرة، والتي تعد أيضا مركزا لقاعدة فرنسية وأخرى أميركية.

علاوة على ذلك، اكتشفت المخابرات الأميركية أعمال بناء متقدمة في مكانين آخرين: كمبوديا والإمارات العربية المتحدة. 

في البلد الأول، وقعت الصين اتفاقية سرية مع الحكومة الكمبودية عام 2019 لتتمكن من استخدام قاعدة ريام البحرية في خليج تايلاند لأغراض عسكرية.

وفي منتصف عام 2022، أعلن أن هذه الاتفاقية قد تطورت إلى توسيع القاعدة التي نظمها الجيش الصيني، الذي يحتكر الآن الاستخدام الحصري للقسم الشمالي من المنشأة.

أما الإمارات العربية المتحدة، فهي تقلق واشنطن أكثر من غيرها، بالنظر إلى العلاقات الوثيقة التي حافظت عليها تقليديا مع الولايات المتحدة.

وفي هذا البلد الذي يتمركز فيه أكثر من خمسة آلاف من الأفراد العسكريين الأميركيين في قاعدة الظفرة الجوية، يُسمح للسفن الحربية الصينية بالرسو في ميناء المياه العميقة لجبل علي.

وعندما جرى الكشف عن أعمال البناء الصينية لأول مرة خلال سنة 2021، تحركت الدبلوماسية الأميركية لمطالبة القيادة الإماراتية بوقف هذا التعاون مع الصين.

لكن على الرغم من الضمانات التي قدموها، اكتشفت أجهزة المخابرات الأميركية خلال عام 2023 أن الأعمال قد بدأت من جديد، وفقا لإحدى الوثائق التي تسربت على موقع ديسكورد. 

وأوردت الصحيفة أن أكثر الدلائل اللافتة للنظر على التجسس الصيني هي تلك التي تحدث في غينيا الاستوائية؛ حيث كانت خطط التوغل الصيني مجرد إشاعات إلى حد وقت قصير. 

ولكن، وفقا لوثيقة البنتاغون التي سربت على موقع ديسكورد، فإن المحادثات مع حكومة عشيرة أوبيانغ قد تقدمت بشكل جيد. علاوة على ذلك، "من المحتمل أن تكون هناك صفقة تمت بموجبها الموافقة على بناء منشأة".

وبحسب الصحفي من غينيا الاستوائية، موكاشي ماسوكو، المنفي في إسبانيا، "منذ أكثر من ثلاث سنوات، كانت سلطات ذلك البلد تتفاوض مع الصين لبناء قاعدة عسكرية في منطقة لم تحدد بعد". 

ويشرح ماسوكو لصحيفة الكونفدنسيال أن "نظام غينيا الاستوائية واقع بين المطرقة والسندان، ولا يعرف أيّ قرار يتخذ".

من ناحية، يدرك أن قبول هذا الاقتراح من جانب الصين سيضع النظام في موقف حساس أمام مطالب الغرب، ولكن، من ناحية أخرى، لديه التزامات اقتصادية عديدة - أي ديون - مع بكين، يجب عليه سدادها. 

ويعلق الصحفي: "تحديدا، تعد هذه النقطة الأخيرة عنصر ضغط من الصين لتحقق أهدافها. خلال السنوات الأخيرة، استثمرت بكين ملايين الدولارات في قروض لبناء مفترض لأعمال اجتماعية بشروط السداد، إلا أنها تبقى صفقات يجهلها الشعب".  

ونوهت الصحيفة بأن ماسوكو لا يبالغ، ففي سنة 2021، وصلت ديون غينيا الاستوائية للصين إلى نسبة عالية بلغت 49.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وأشارت إلى أن منطقة جنوب المحيط الهادئ تقع تحت مجهر الصين أيضا. فقد توصلت بكين إلى "اتفاقيات أمنية" مع سلطات جزر سليمان، التي تقع في المنطقة المذكورة.

لكن، تخشى المعارضة المحلية أن تكون هذه الاتفاقات مقدمة لوجود عسكري صيني دائم في البلاد. 

كما أصلحت أيضا مطارا قديما يعود إلى الحرب العالمية الثانية في كيريباتي حتى يتمكن من استيعاب انتشار عسكري حديث، وحاولت إبرام صفقات مع حكومتي فيجي وفانواتو بنجاح نسبي.

عموما، تخشى الولايات المتحدة من أن ينتهي الأمر بالعدوانية التي يخطط لها النظام الصيني، عبر انتشارها في جوارها، بالوصول إلى زوايا أخرى من الكوكب قد تكون مبررة أو غير مبررة.

لكن، من المؤكد أن الصين، كقوة عالمية، تطالب بحقها في أن تكون قادرة على إظهار مخالبها، بحسب تقدير الصحيفة الإسبانية.