"محاربة الإسلام السياسي".. ما أهداف الهند من تعزيز علاقتها مع الشرق الأوسط؟

12

طباعة

مشاركة

بعد حضور مصر احتفالات الذكرى الـ73 للدستور الهندي، في نهاية يناير/كانون الثاني 2023، توثقت العلاقات بين البلدين بشكل أكبر. 

وهو ما سلط الضوء عليه موقع "دويتشه فيله" الألماني، مشيرا إلى أن الهند دعت مصر لتكون ضيفا دائما على مجموعة العشرين لعام 2023.

ولفت الموقع إلى محاولة الهند تقوية علاقاتها أيضا بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. كما أنها طورت علاقاتها العسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي وإيران. 

مصالح رباعية

ورغم عدم عضويتها في مجموعة العشرين، يشير الموقع الألماني إلى حضور مصر الدائم بانتظام اجتماعات الدول الأعضاء.

وحدث ذلك بعد دعوة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، لحضور احتفالات ذكرى الدستور الهندي.

وبهذا الشأن، قال وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جيشانكار، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن "مصر ستضيف قيمة كبيرة إلى اجتماعات مجموعة العشرين".

ونقل الموقع الألماني سخرية صحيفة "ذا واير" الهندية من الظهور المشترك للسياسيين الهنديين والمصريين في الاحتفال.

وكتب: "يحتفل مودي بالدستور الهندي بحضور ضيف قضى على التجارب الديمقراطية الأولى لبلاده بعد ثورات الربيع العربي". واستدركت: "ومع ذلك، فإن العلاقات بين البلدين تقوى بمرور الأيام".

وحول الجوانب التي تجمع البلدين، ذكر الموقع الألماني أن "رفض الطرفين للإسلام السياسي يعد عاملا مشتركا بينهما".

وبين أن هذا الموقف يربط الهند كذلك بشريكين آخرين في العالم العربي، هما الإمارات والسعودية.

وفي هذا السياق، أصدرت الدول الثلاث -الهند والسعودية والإمارات- بيانا مشتركا، أفاد بأن "باكستان تستخدم الإرهاب كأداة للسياسة الخارجية". وأكد الموقع أن هناك مصالح أخرى تجمع الدول الأربع (إضافة إلى مصر).

فبحسب توضيح يوهانس بلاجمان الخبير الهندي في المعهد الألماني للدراسات العالمية ودراسات المناطق "GIGA": "توسع الهند اقتصادها بشكل منهجي، وتعتمد على واردات الطاقة خصوصا".

وأردف: "تعد دول الخليج مهمة جدا بالنسبة للهند، ويعود ذلك لاعتمادها بشكل كبير عليها في استيراد النفط والغاز". 

ووفقا لدراسة أجرتها وكالة الطاقة الدولية "IEA"، فإن 60 بالمئة من واردات النفط الهندي تأتي من السعودية والإمارات والعراق، و59 بالمئة من وارداتها من الغاز تأتي من (باقي) دول الخليج.

بشكل عام، يرى الموقع الألماني أن دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت أهم شريك تجاري للهند. 

وبينما جاءت بضائع بقيمة 103 مليارات دولار إلى الهند من تلك الدول، صدرت نيودلهي بدورها منتجات بقيمة 41.5 مليار يورو إلى شبه الجزيرة العربية.

ومن جانب آخر، يرتبط الجانبيين ارتباطا وثيقا من خلال هجرة اليد العاملة. ففي عام 2018، قُدر عدد العاملين بحوالي 8.5 هندي في دول الخليج.

كما أعربت الإمارات الآن عن رغبتها في إصدار 140 ألف تأشيرة دخول إضافية للهنود ذوي المهارات الخاصة بحلول عام 2030، وفقا للموقع الألماني.

التوسع الهندي

ومن الناحية الجيوسياسية، يشير بلاجمان إلى أن "الهند تحاول وضع نفسها في مواجهة الصين". 

وأكد أن "العلاقات بين البلدين متوترة، حيث دخل الطرفان في أعمال شغب في المنطقة الحدودية في جبال الهيمالايا العام الماضي (2022)". وأضاف أنه "في عام 2020، أسفرت اشتباكات مماثلة عن حوالي عشرين قتيلا".

وتابع: "جغرافيا، هذه الاشتباكات توضح للهند مدى أهمية خلق توازن للهيمنة الصينية من الناحيتين العسكرية والاقتصادية". 

في مقابل ذلك، ذهب الخبير السياسي تشيلامكوري راجا موهان، إلى أن الهند لا يمكنها مواكبة الصين، وفق ما نقل موقع مركز الدراسات الإستراتيجية الدولية للإعلان "CSIS" في واشنطن.

وأضاف: "عندما ترى الهند أنها أضعف القوى العظمى وأقوى القوى الوسطى، فمن المنطقي أن تكون متواضعة، وأن تبني أوسع شبكة من الشراكات الممكنة، وتركز على التعامل مع القوة الصينية المتنامية في الشرق الأوسط". 

ويؤكد موقع "دويتشه فيله" أن "الهند ستواصل توسيع اتصالاتها في الشرق الأوسط". وكانت آخر نتيجة لهذا الجهد هي مجموعة "I2U2" التي تأسست في خريف عام 2021. 

إذ تشير الـ"I2" إلى الهند وإسرائيل، والـ"U2" إلى الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.  ومن المتوقع أيضا أن تنضم مصر والسعودية إلى المجموعة، بحسب الموقع.

ووفقا للبيان المشترك الأول الصادر في يوليو/تموز 2022، تهدف هذه المجموعة إلى إنشاء استثمارات مشتركة ومبادرات جديدة في مجالات المياه والطاقة والنقل والسفر عبر الفضاء والصحة والأمن الغذائي.

أما بالنسبة للهند، فيقول الموقع الألماني: "تعد الشراكة التي طُورت أخيرا مع إسرائيل ذات أهمية عسكرية كبيرة".

وفقا لتقرير نشره موقع "المونيتور" الأميركي، فإن "تجارة الأسلحة الإسرائيلية الهندية ستصل إلى ما يعادل 122 مليار يورو على مدى السنوات الخمس المقبلة".

وأشار إلى أن "الهند تمثل في الوقت الحالي 46 بالمئة من صادرات الأسلحة الإسرائيلية". ولفت إلى أن هذا التعاون "لا يثير مخاوف الشركاء العرب".

إذ وقعت الإمارات ما يسمى باتفاقيات أبراهام مع إسرائيل في عام 2020.  كما عملت مصر والسعودية منذ فترة طويلة على تسوية علاقاتهما مع تل أبيب، بحسب الموقع.

وبشأن موقف نيودلهي من القضية الفلسطينية، قال يوهان بلاجمان: "لقد تخلت الهند منذ فترة طويلة عن التزامها السابق بقضية الفلسطينيين". 

وأكد أنها الآن "تنظر إلى الصراع في الشرق الأوسط من منظور براغماتي". ورغم هذا، يرى موقع "دويتشه فيله" أن "إيران قد تكون عقبة أمام تلك التعاونات بين الهند وجانب الشرق الأوسط".

وأوضح: "فهي تمثل تهديدا دائما لإسرائيل، كما أن العلاقات بين الإمارات والسعودية متوترة مع الدولة الواقعة على الجانب الآخر من الخليج، وهو ما أدى مرارا وتكرارا إلى حدوث مواجهات".

وبالرغم من ذلك، ينهي الموقع تقريره بالتأكيد على العلاقة الجيدة بين الهند وإيران بشكل خاص. ويشرح تشيلامكوري راجا موهان على موقع "CSIS" أن الهند لديها عدة أسباب تدفعها لذلك. 

وبين أن أكثرها أهمية يتمثل في أن "إيران تسمح للهند بالوصول السياسي إلى أفغانستان". وتابع الخبير: "قبل كل شيء، تعد طهران شريكا مثيرا للاهتمام بشكل عام من وجهة النظر الهندية".

وأوضح أن "سكانها وموقعها الجغرافي السياسي ومواردها النفطية تجعلها مهمة، كما ترغب أي دولة في إقامة علاقات جيدة معها".