تركيا زادت قوتهم وعززت هويتهم.. ماذا نعرف عن التركمان في لبنان؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

أدى تزايد نفوذ تركيا والخطوات التي اتخذتها في الشرق الأوسط إلى إظهار التركمان بشخصية مهيمنة أكثر من حيث الهوية، وفق ما خلصت إليه صحيفة تركية.

وتقول صحيفة "يني شفق" في مقال للكاتبين التركيين "أحمد فاروق اسا"، و"عبدالله ألتاي" إن تركيا زادت من نفوذ التركمان في المنطقة كسفراء متطوعين لها.

الوجود التركماني

واستدرك الكاتبان؛ هنالك أكثر من 50 ألف تركماني يعيشون في لبنان، ويقيمون في أربع أماكن رئيسة: عكار والبقاع وطرابلس وبيروت.

وكان وصول التركمان إلى المنطقة متزامنا مع استيطان الأتراك في الأناضول، حيث أثر وصول السلاجقة إلى هذه المنطقة وتقدمهم نحو فلسطين على الوجود التركماني في لبنان.

وأضافا: يعود انتقالهم في لبنان إلى شكل الحياة المستقرة إلى 50 عاما مضت، وهو ما أدى إلى تسريع عملية انفتاح التركمان، الذين عاشوا في السابق كمجتمع أكثر انغلاقا، ليُفتَحَ المجال لتشكل هياكل مجتمعية متعددة في البلد المذكور. 

وأشار الكاتبان إلى أن زيادة العلاقات والاندماج جعلا من التركمان في لبنان مجتمعا أكثر انفتاحا، مما أدى إلى تسريع وتيرة التأثيرات الخارجية والتفكك الثقافي، وكان أولاها انحلال اللغة التركية، التي تعد الناقل للثقافة.

وذكرا أنه: "يمكننا تقسيم التركمان في لبنان إلى الأربع مناطق الرئيسة المذكورة، كما أن منطقتي البقاع وعكار خصوصا يعيش فيها غالبيتهم".

وأردفا: "في عام 1950 غادر الآلاف من الأتراك من أصل عربي مدينة ماردين وتوجهوا إلى لبنان بسبب الأزمات الاقتصادية والبطالة في تركيا، ليستقرَّ العديد من هؤلاء المهاجرين في بيروت".

وكانت هذه المجموعة تتكلم العربية ولهذا تكيفوا بسرعة مع الحياة في لبنان، نتيجة لحصولهم على الجنسية اللبنانية، وقدرتهم على تطوير العلاقات مع تركيا بالإضافة إلى قدرتهم على التوحد.

وأيضا بسبب سياسات تركيا في المنطقة مع دعم المؤسسات التركية لهم، ومن هنا أصبحوا أقوى في السنوات الأخيرة وباتوا فعالين نسبيا في بيروت.

وأضافا: جاء التركمان الذين يعيشون في طرابلس، ثاني أكبر مدينة من حيث الكثافة السكانية في لبنان، إلى المنطقة خلال الفترة العثمانية.

فبعد خروج جزيرة كريت من هيمنة الدولة العثمانية، جرى جلب التركمان إلى هذه المنطقة عن طريق السفن من أجل حمايتهم من هجمات الإغريق. 

وتابعا: يعيش تركمان عكار، الذين جرى اكتشاف وجودهم بالصدفة منذ حوالي 35 عاما، بالقرب من الحدود السورية.

ثم انضم لهم بعض التركمان السوريين الذين جاءوا إلى أقاربهم في هذه المنطقة بعد ثورات الربيع العربي التي انطلقت عام 2011.

ونتيجة اندماجهم في المجتمع وفي نظام التعليم بدأ التحدث باللغة التركية يتلاشى تدريجياً بين تركمان عكار.

وأما بالنسبة للتركمان الذين يعيشون في وادي البقاع، فإن التحدث باللغة التركية والتقاليد التركية القديمة منتشرة أكثر من المناطق الأخرى.

وتعد البقاع هي أكثر مكان يعيش فيه التركمان. فبعد عام 2013، جاء الآلاف منهم في سوريا إلى المنطقة.

وأردف الكاتبان: "يختلف التحدث باللغة التركية والحفاظ على التقاليد في التواصل الأسري وفقا لبعض المتغيرات في المكان الذي يعيش فيه التركمان، والاندماج بشكل خاص في نظام التعليم هو واحد منهم".

بالإضافة إلى ذلك، فإن العناصر العرقية في البيئة التي يعيش فيها المرء هي أيضا مؤشر مهم، إذ أصبح التركمان الذين يعيشون في منطقتي عكار وطرابلس متشابكين مع الأغلبية السنية القاطنة في هذه المناطق حيث تكيفوا مع لغة المنطقة.

غير أن التركمان الذين يعيشون في منطقة البقاع أظهروا ردود فعل أكثر تحفظا في الحفاظ على اللغة والثقافة والتقاليد وظلّوا مجتمعا منغلقا أكثر بسبب السكان المسيحيين والشيعة من حولهم.

وأضاف الكاتبان: "إن الهوية الثقافية هي ثراء يحتوي على معطيات قديمة ونادرة، ويجب دعم الخطوات التي اتخذتها أخيرا المؤسسات التركية مثل معهد يونس إمره وتيكا والسفارة لحماية هذا الثراء ونقله إلى مستوى أعلى".

ردود فعل سياسية 

واستدركا أنه؛ في لبنان، إذ توجد رسميا 18 مجموعة دينية وحيث الطائفية قوية للغاية، يعاني التركمان أيضا من ظروف سياسية نتيجة لهذا الانقسام العرقي والديني. 

ويُظهِر التركمان، الذين تحتل هويتهم السنية الصدارة، ردود فعل سياسية مماثلة للجماعات الأخرى في لبنان، حيث يتم تمثيل الجماعات الدينية في البرلمان اللبناني وفقا للحصة الممنوحة لها. 

وأضافا: في التقسيم التمثيلي بين المسيحيين والمسلمين بمعدل 64-64، يكون للمسلمين توزيعات حصص داخل أنفسهم. ويمثل السنة 27 مقعدا، وتتاح للتركمان الفرصة لانتخاب نواب ضمنها.

وأردف الكاتبان: في هذه البنية العالمية، حيث ترى كل جماعة دينية دولة كبيرة راعية لها، أدى تزايد نفوذ تركيا في المنطقة في السنوات الأخيرة والخطوات التي اتخذتها في الشرق الأوسط إلى زيادة روابط التركمان مع أنقرة ومهدت الطريق أمام الرأي العام التركي للتعرف عليهم عن كثب.

وقد مكنت هذه الروابط التركمان من إظهار هويته بشكلٍ مهيمنٍ أكثر وزادت من نفوذهم في المنطقة كسفراء متطوعين لتركيا. ويمكن أيضا تقييم زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى قرية الكواشرة في عام 2010 وآثارها في هذا السياق.

ولفت الكاتبان التركيان النظر إلى أنَّ الاهتمام الوثيق بالسفارة التركية في هذه المناطق والمشاريع التي بدأتها المؤسسات التركية قد زاد من التقارب بين أنقرة والتركمان.

كما أنه أظهر تركيا في مظهر "الوطن الأم" للمجتمعات القاطنة في المنطقة، وفق الكاتبين. وتابعا: "على الرغم من وجود تقارب، فإن معرفة التركمان بتركيا وببعضهم البعض كانت محدودة".

وللتغلب على هذه المشكلة، فإن جزءا معينا من الحصة اللبنانية في المنح الدراسية المقدمة للطلاب الأجانب مخصصة للتركمان". 

وأضافا: "حقيقة أن المنظمات غير الحكومية والمؤسسات التركية تزيد من الخطوات المتخذة في حل مشاكل البنية التحتية في المناطق الموجود فيها التركمان، مما يؤدي لتعزيز العلاقة بينهم وبين تركيا".

وبذلك يعمل التركمان الذين يعيشون في لبنان كسفراء طوعيين لتركيا في المنطقة. وهذه المجتمعات، التي تتردّد إلى السفارة بشكل متكرر، تدعم أنقرة ضد أي محاولات مناهضة لها، وذلك وفقا لتقييم الكاتبين. 

وختم الكاتبان التركيان المقال قائلين: قد تكون مشاركة التركمان اللبنانيين في أنشطة "الشراكة التكميلية" تحت اسم دبلوماسية التراث من خلال دمج شباب العالم التركي مع مبادرات منظمة الدولة التركية إحدى الخطوات التي يجب التأكيد عليها في هذا السياق. 

وبحسب تقييمهما، فإنَّ إجراء البحوث الإستراتيجية حول اللغات والمجتمعات، والاقتصاد، والتمويل، والطاقة، والعلاقات الدولية، والأمن، والنقل، والتكنولوجيا، والتعليم، والثقافة، والفن، واللغة، والدين، والفلسفة، وعلم الاجتماع، والسياسة، والتاريخ، وعلم الآثار، والبيئة في مجالات المبادرات على المستوى الدولي سيزيد من هذه الثروة.