عضوية الناتو.. لماذا تصعب تركيا انضمام السويد وتتعامل بمرونة مع فنلندا؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

بعد هجوم روسيا على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، تقدمت كل من السويد وفنلندا بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والذي يتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء الثلاثين.

ومن المعلوم أن تركيا، بصفتها أحد أعضاء الناتو، تعرقل قبول فنلندا والسويد في التحالف العسكري الغربي منذ شهور.

لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ألمح، في 29 يناير/كانون الثاني 2023، إلى احتمالية موافقة بلاده على انضمام فنلندا دون السويد لحلف الناتو.

وبشأن هذا الصدد، سلطت صحيفة "دويتشه فيله" الألمانية الضوء على الصراع السياسي بين تركيا والسويد، والتصعيدات المصاحبة للصراع.

فنلندا والسويد

ويعد هذا التصريح أول تلميح من تركيا يشير إلى احتمالية التفريق في المعاملة بين كل من فنلندا والسويد، اللذين تقدما بطلب مشترك للانضمام لحلف شمال الأطلسي.

وقال أردوغان: "إذا لزم الأمر، يمكننا تقديم إجابة مختلفة فيما يتعلق بفنلندا". في المقابل، فإن موافقة أنقرة على عضوية السويد في الناتو لا تزال بعيدة المنال، حسب الصحيفة. 

وبينت أن العلاقات بين تركيا والدول الاسكندنافية "متوترة" بسبب التعامل مع الجماعات التي وصفتها أنقرة بـ "الإرهابيين"، وهم أعضاء في حزب العمال الكردستاني المحظور وجماعة فتح الله غولن.

كما تتهم تركيا السويد وفنلندا بأنهما "ملاذ للإرهابيين"، إذ يقال إنهما تأويان حوالي 130 إرهابيا، تطالب تركيا بتسليمهم. وقد قدمت أنقرة بالفعل "قوائم بالإرهابيين" المشتبه بهم إلى السويد وفنلندا. 

ووفقا للصحيفة، لم يجر تحديد عدد طلبات التسليم المقدمة إلى فنلندا أو إلى السويد.

لكنها أفادت بأن الجزء الأكبر منهم موجود في السويد، مشيرة إلى أن الأكراد الذين يفرون من تركيا، تكون ستوكهولم وجهتهم الأولى.

ووفقا لإحصاءات صادرة عام 2016، يعيش حوالي 85 ألف كردي بالفعل في السويد، بينما يعيش حوالي 16 ألف كردي في فنلندا.

وقد أفادت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية في منتصف مايو/أيار 2022، بأن أنقرة طلبت -خلال السنوات الخمس الماضية- تسليم ستة من أنصار حزب العمال الكردستاني وستة من أنصار غولن من فنلندا.

بينما طلبت من السويد تسليم 16 من أنصار غولن، و11 من أعضاء حزب العمال الكردستاني.

وبشكل خاص، أثار أردوغان طلب تسليم الصحفي بولنت كينيس، العضو في جماعة غولن، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس السويدي أولف كريسترسون، في تركيا، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

وقد قوبل هذا الطلب بالرفض من قبل السلطات السويدية. وكمحاولة للتهدئة مع تركيا، سلمت السويد، أوائل ديسمبر/كانون الأول، عضوا في حزب العمال الكردستاني.

ولا توجد علاقات رسمية بين السويد وفنلندا مع حزب العمال الكردستاني، كما أنهما يصنفانه على أنه منظمة إرهابية مثل معظم الدول الغربية والاتحاد الأوروبي.

أما بالنسبة لحركة غولن  – الضالعة في محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016 - فهي لا تعد منظمة إرهابية في أوروبا.

مكافحة الإرهاب

وفي يونيو/حزيران 2022، على هامش قمة الناتو في مدريد، وقعت تركيا مذكرة مع السويد وفنلندا أعلنت فيها الدول الثلاث تكثيف تعاونها في مكافحة الإرهاب. 

وتعقب الصحيفة: "لكن على ما يبدو، أنهم اختلفوا في توصيف من هم الإرهابيون؟ وكيف نكافحهم؟".

وفي هذا السياق، يزعم الخبير السياسي بول ليفين، في مقابلة مع الإذاعة الألمانية ARD، أن "قانون الإرهاب في السويد محدد أكثر بكثير مما هو عليه في تركيا".

وأتبع: "على سبيل المثال، لا يُحظر على وجه التحديد أن تكون عضوا في منظمة إرهابية، ولكن إذا جرى إثبات أنك كنت مشاركا في التخطيط أو التنفيذ لأعمال الإرهابية، فهذا أمر آخر".

وأضاف: "تشريعات حرية التعبير في السويد ليبرالية للغاية. وهذا يعني في النهاية أن الشرطة السويدية لا يمكنها إيقاف أنصار حزب العمال الكردستاني، إذا لوحوا بأعلام حزب العمال الكردستاني في الشوارع السويدية".

ولكن للجانب التركي وجهة نظر مغايرة، فكما أوضح ليفين، مدير معهد الدراسات التركية في جامعة ستوكهولم، فإن الجانب التركي يرى أن هذا بمثابة "تسامح" مع حزب العمال الكردستاني.

وفي تصريح له، قال أردوغان أخيرا: "غالبا ما نرى أنشطة حزب العمال الكردستاني في شوارع هذه الدول. وبالرغم من تحذيراتنا المتكررة للحكومات، لم يمنعوا هذه الأنشطة حتى الآن".

وأضاف بلهجة أكثر حدة: "يظنون أن تركيا لن تحرك ساكنا كما كان في السابق. لا! إذا لم يمنعوا نشاطات حزب العمال وحركة غولن، فعلاقتنا مع السويد ستصبح أكثر توترا ".

كما قال الخبير التركي هوركان أصلي أكسوي، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP): "السويد هي العدو الرئيس لتركيا بسبب الوجود الكردي الكبير فيها".

وبالنظر إلى الانتخابات المقبلة في تركيا، يرى أكسوي أن "ما يحدث حاليا بين السويد وتركيا هو أحد تكتيكات الرئيس أردوغان، إذ يحاول تقوية قاعدته القومية والمحافظة قبل انتخابات الرئاسة القادمة" (في مايو 2023).

وأضاف أن "حادثة حرق القرآن أمام السفارة التركية في السويد، أججت غضب تركيا منها بشكل أكبر". وأتبع: "وبالنسبة لأردوغان، يعد هذا سببا آخر لمواصلة عرقلة عضويتها في الناتو".

وشهدت السويد خلال يناير 2023، تصاعدا في عمليات حرق نسخ من القرآن الكريم ارتكبها زعيم حزب "الخط المتشدد" الدنماركي المتطرف راسموس بالودان.