متفرج مهتم.. موقع إيطالي ينتقد موقف روما من اتفاقية ليبيا وتركيا بشأن الطاقة

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

مرت ثلاث سنوات على توقيع مذكرة التفاهم بين ليبيا وتركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، في خطوة أعلنت دخول أنقرة في رقعة الشطرنج بالدولة الواقعة في شمال إفريقيا. 

وقال موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي، إن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تسلل إلى الملف الليبي ليصبح أحد اللاعبين الدوليين الرئيسيين".

وأضاف الموقع، أن أردوغان "استغل التشتت الإيطالي المعتاد وفقدان المصداقية في نظر طرابلس، وكذلك الاتهامات لفرنسا بالتقرب من الجنرال الانقلابي خليفة حفتر".

وخلال هذه السنوات الثلاث عدة أحداث كادت تنسي التوقيع على تلك المذكرة بما في ذلك تفشي جائحة كورونا ووقوع أزمات داخلية جديدة في ليبيا وكذلك اندلاع الحرب في أوكرانيا، وفق الموقع.

مذكرة جديدة

وأزالت تركيا الغبار عن الاتفاق الذي أصبح في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022، مرة أخرى عاملا يحتمل أن يؤجج صراعات أخرى، وفق قول الموقع. 

وذلك في إشارة إلى توقيع حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة اتفاقا مبدئيا مع وفد حكومي تركي بشأن التنقيب عن النفط والغاز.

وعلق الموقع بأن "توقيع هذه المذكرة الجديدة ليس بشرى سارة على الإطلاق بالنسبة لإيطاليا".

واستندت مذكرة 2019 إلى جانبين أساسيين، ترسيم حدود المناطق الاقتصادية الخالصة وتقديم الدعم العسكري لمواجهة تقدم الجنرال الانقلابي خليفة حفتر نحو العاصمة آنذاك ما أسهم في هزيمة قواته. 

ولفت الموقع إلى أنه جرى التقليل وكذلك تطبيق نسبي للجانب الاقتصادي من المذكرة في هذه السنوات. 

ويشرح بالقول: "أولا، لأن المناطق الاقتصادية الخالصة الجديدة عارضت مصالح لاعبين آخرين في شرق البحر المتوسط، كاليونان ومصر". 

ويضيف: "ثانيا، لأن حالة الحرب الدائمة التي غرقت فيها ليبيا لم تسمح بتطبيق الاتفاقيات بينما تكفلت حالة الانشغال الناتجة عن الوباء والحرب في أوكرانيا بالباقي".

في 27 أغسطس/آب، تعرضت طرابلس مرة أخرى لهجوم جديد وشهدت اندلاع اشتباكات هذه المرة تغيرت فيها الأطراف الرئيسة إلا أن السيناريوهات لم تتغير.

ودارت بين قوات موالية لحكومة الوحدة بقيادة الدبيبة التي تشكلت عام 2021 في إطار المسار الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة والذي كان من المفترض أن يؤدي إلى تنظيم الانتخابات.

بينما في الشرق، يلعب الجنرال حفتر دورا أكثر ابتعادا عن الصراع لكن بوجود حكومة أخرى تحاول استلام السلطة في طرابلس يقودها رئيس الوزراء المكلف من قبل برلمان طبرق، فتحي باشاغا. 

ويذكر "أن مليشياته حاولت دخول العاصمة أواخر أغسطس/آب، لكن التدخل التركي بالطائرات بدون طيار والقوات الموالية لأنقرة حال دون استسلام الدبيبة، لذلك طالب أردوغان بتسديد الفاتورة".

وفي 3 أكتوبر 2022، نفضت تركيا الغبار عن مذكرة عام 2019 مضيفة اتفاقيات جديدة ذات طبيعة اقتصادية. 

ظل مضمون الاتفاق سريا في الوقت الحالي، إلا أنه وفقا لما ذكرته وكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء نقلا عن الصحافة الليبية، أن المذكرة تتألف من سبعة بنود وصالحة لمدة ثلاث سنوات.

كما أنها تنص على حق تركيا في استكشاف واستغلال حقول جديدة على اليابسة وفي البحر، بالإضافة إلى ذلك، جرى وضع الأسس لاتفاقيات حول تكرير ونقل الغاز والمحروقات.

المواقف الدولية

قال الموقع، إن "مذكرة التفاهم الجديدة أعادت إحياء التوترات التي ظهرت بعد التوقيع على مذكرة عام 2019 الناجمة خاصة عن معارضة اليونان ومصر لها آنذاك". 

وذلك خشية أن تؤدي المناطق الاقتصادية الخالصة الجديدة التي أقيمت بين أنقرة وطرابلس إلى عزل البلدين، فضلا عن قرب الترسيم من مياه جزيرة كريت اليونانية. 

لذلك أبرمت أثينا والقاهرة بعد بضعة أشهر اتفاقهما الخاص لترسيم حدود المناطق الاقتصادية الخالصة الخاصة بهما في شرق البحر المتوسط، يشير الموقع الإيطالي.

أعاد وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس التذكير بالاتفاق بين اليونان ومصر، مشددا على أن مذكرة التفاهم بين "تركيا وليبيا باطلة".

وأردف: "أي إشارة أو تحرك لتطبيق المذكرة المذكورة سيكون بحكم الواقع غير شرعي"، بحسب تعبيره.

من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن "حكومة وحدة طرابلس المنتهية ولايتها لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقيات دولية أو مذكرات تفاهم".

وفي نفس السياق، يشير الموقع الإيطالي إلى أن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي قدم دائما دعما كبيرا إلى فتحي باشاغا وحكومته التي يعدها الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا.

لذلك فإن أثينا والقاهرة على استعداد للرد على الخطوة التركية التي جرى اتخاذها مع حكومة الوحدة في طرابلس، يعلق الموقع.

وانتقد الموقع الإيطالي موقف روما في الوقت الحالي قائلا إنها تجلس في موضع "المتفرج المهتم". 

وحذر بأنه من المحتمل "أن يخاطر بلدنا بفقدان العديد من العقود والعديد من المواقف السياسية والاقتصادية القائمة في ليبيا". وقال إن "إيطاليا تمر بمرحلة حساسة من الانتقال السياسي بعد الانتخابات بين حكومتين".

حكومة ماريو دراغي المستقيلة وحكومة جديدة من المرتقب أن يشكلها اليمين المتطرف عقب فوزه بالانتخابات المبكرة في 25 سبتمبر/أيلول. 

"لذلك في هذه الأيام تكتفي روما بمراقبة الوضع عن كثب لكن من الواضح أن الحكومة المستقبلية ستهتم بالمسألة بسرعة"، يؤكد إنسايد اوفر.

ويضيف "بالنسبة إلى نشاط أنقرة، يمكن لإيطاليا استغلال الشكوك الدولية حول شرعية الاتفاقيات المبرمة مع الجانب الليبي واستغلال العناصر الأخرى لاستعادة مساحة في الملف انطلاقا من احتمال التطبيق العملي الضئيل لمذكرة تفاهم 3 أكتوبر".

وبحسب الموقع، "التنقيب عن حقول جديدة سيكون في الواقع صعبا حتما سبب الوضع في الميدان، خاصة أنه في ظل سيطرة ضئيلة للقوات الموالية لحكومة طرابلس على ليبيا، لن يكون لدى الأتراك مساحة كبيرة للمناورة التي تنعدم في شرق البلاد، حيث تتخذ حكومة باشاغا معقلا لها".

ويزعم الموقع أن النقطة الأساسية تتعلق بكون مذكرة التفاهم تأتي بهدف الدعاية لأردوغان في ضوء الانتخابات الرئاسية لعام 2023. 

ويشرح بأنه "في الداخل التركي، لا يحظى التدخل في ليبيا بشعبية على الإطلاق، إذ يتساءل الكثيرون عن الفائدة من إنفاق الطاقة والموارد لمساعدة طرابلس"، وفق قوله. 

"لذلك فإن هدف الرئيس التركي هو التوصل إلى اتفاق كبير للغاية على الورق لتقليل الانتقادات وكسب تأييد الناخبين". 

ويفترض "بأن عدم إمكانية التطبيق العملي المحتمل، يمكن أن يمثل إخفاقا لمصالح الرئيس التركي على المدى الطويل".

وخلص إلى القول إنه "يمكن لإيطاليا أيضا أن تأخذ هذا في الحسبان عند محاولة اقتطاع مساحة مهمة جديدة في ليبيا لكن يجب عليها الاستعجال".