ركل مسنة سورية.. لماذا يحمل ناشطون أحزابا تركية معارضة مسؤولية الواقعة؟

12

طباعة

مشاركة

ثلاثون ثانية مدة مقطع فيديو تظهر فيه سيدة سورية (70 عاما) تدعى "ليلى دعاس" أو "ليلى محمد" أثناء تعرضها للركل على وجهها من قبل مواطن تركي في ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا، بدعوى أنها تخطف الأطفال.

الواقعة التي تحولت إلى قضية رأي عام، لا سيما بعد إثبات زيف الادعاءات تجاه المسنة، أثارت ردود فعل غاضبة ولاقت استهجانا واسعا بين جموع السوريين والأتراك سواء المسؤولين في الدولة أو المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبرزت اتهامات قوية للمعارضة التركية بـ"اللعب بورقة اللاجئين السوريين" كعادتها، خاصة مع اقتراب الانتخابات العامة في 2023.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #ليلى_محمد، #suriyeli، #غازي_عنتاب، #StandWithLeyla، #NoToRacisim، #ŞakirÇakırTutuklansın اتهم ناشطون المعارضة التركية وإعلامها بتوفير فضاء خصب لمثل هذه الأفكار والممارسات العنصرية.

ورأوا أن ما حدث مع المسنة السورية، يعد تجسيدا لما وصل إليه السوريون في الخارج، وأنه من تبعات ما اقترفه نظام بشار الأسد، الذي أذاقهم الذل والهوان ونفذ مجازر بحقهم.

وأشادوا باهتمام الحكومة التركية بقضيتها متداولين صورا لوالي غازي عنتاب داود غُل، برفقة زوجته ووفد رفيع من الولاية، أثناء زيارته للمسنة السورية بعدما نقلت إلى المستشفى للاطمئنان على صحتها، وتقديمه اعتذارا رسميا لها باسم الدولة.

وأثنوا على إعلان سلطات مدينة غازي عنتاب، بعد ساعات من الواقعة القبض على المهاجم الذي تبيّن أن لديه سجلات جنائية متعلقة بالمخدرات والسرقة، واحتجازه من قبل مكتب المدعي العام، مؤكدين أن الدولة ستعاقب المعتدي ولن تتساهل مطلقا معه.

وفي خطوة تضامنية مع السيدة ليلى، نشر صحفيون وناشطون صورهم واضعين أيديهم على أعينهم، كما فعلت المسنة السورية بعد ضربها عليها.

وبحسب إحصائيات جديدة، أعلنتها إدارة الهجرة التركية في مايو/أيار 2022، فإن عدد اللاجئين السوريين تحت "الحماية المؤقتة" في تركيا وصل إلى 3 ملايين و762 لاجئا حتى 28 أبريل/نيسان 2022. 

ضعف التمثيل

وأشاد ناشطون بالموقف التركي الرسمي وشكروا استجابة والي غازي عنتاب ورد الاعتبار للمسنة السورية، وتقديم الاعتذار والاهتمام بها، مستنكرين ضعف تمثيل السوريين وهزل مواقف ممثليه.

وأعلن رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سالم المسلط، تواصله مع عائلة ليلى محمد التي تعرضت للاعتداء في #عنتاب، للاطمئنان على وضعها الصحي وللتأكيد على متابعة قضيتها حتى ينال الجاني جزاءه.

إلا أن ما فعله لم يكن كافيا ومرضيا للسوريين، إذ أشار رئيس حزب النهضة التركماني السوري وعضو الائتلاف الوطني وليد إبراهيم، إلى أن كل المسؤولين الأتراك في غازي عنتاب، زاروا #ليلى_محمد واطمأنوا عليها وتضامنوا معها رافضين هذه التصرفات العنصرية الفردية إلا مسؤولي المعارضة السورية. 

ونشر الصحفي السوري هادي العبدالله، مقطع فيديو له واضعا يده عينه كما فعلت المسنة كردة فعل على ركلها.

وقال: "من يستحق الركلة هو المجرم الأكبر الذي هجرها، ومن نصبوا أنفسهم قادة فصائل أو ممثلين سياسيين للسوريين ولم نسمع منهم كلمة في هذه الحادثة أو غيرها، ومن يحرض على السوريين ليل نهار.

وأكد محمد خير كنجو، أن حادثة ركل أُمنا #ليلى_محمد من أحد الوحوش البشرية الذي انعدمت من قلبه الرحمة وتجرد من كل قيم الإنسانية التي يتعامل بها البشر مع بعضهم البعض ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل عدم وجود تمثيل حقيقي للشعب السوري الثائر يطالب بحقوقهم المهدورة في كل مكان.

وأشار أستاذ العلوم السياسية الكويتي عبدالله الشايجي، إلى "ركل فاشي تركي مسنة #سورية على وجهها-اعتقل، وزارها نائب والي #غازي_عنتاب- وأطلقت حملة تضامن #ŞakirÇakırTutuklansın.، معربا عن أسفه على ذل السوريين بعد 11 عاماً من معاناتهم من النظام وروسيا وإيران والمليشيات".

وبين أن نصف السوريين بين لاجئ ونازح ومشرد، بينما يرحب الغرب بلاجئي #أوكرانيا المتحضرين الذين يشبهونهم.

صراع سياسي

وأكد ناشطون أن ما يتعرض له السوريون في تركيا من ممارسات عنصرية هو عمل منظم تحت نظر ورعاية وإدارة أحزاب المعارضة التي تلعب بجميع أوراقها القذرة ومغامراتها حتى الانتخابات المقررة صيف العام القادم، مشيرين إلى أنه حتى رئيس الجمهورية لم يسلم من خطاب التحريض والكراهية.

وبرزت اتهامات مباشرة لحزب النصر الذي يتزعمه أوميت أوزداغ المناهض لوجود السوريين في تركيا.

رئيس تحرير صحيفة "المصريون" جمال سلطان، أشار إلى أن "في تركيا صراع سياسي يوظف ورقة اللاجئين، وشبيحة ينتسبون لإعلام الثورة السورية يدعمون الحملة العنصرية بغبائهم".

وأوضح الكاتب التركي إسماعيل ياشا، أن الأمر ليس متعلقا بالانتخابات فقط ولا المنافسة السياسية.. هناك من يريد إشغال تركيا بالداخل وإبعادها عن الملف السوري، كما أن هناك قضايا أخرى متعلقة بالسياسة الخارجية كموقف أنقرة من انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو (حلف شمال الأطلسي).

ورأى الباحث السياسي محمد السكري، أن تعاطف شخصيات من المعارضة التركية العنصرية مع الحادثة "مقرف جدا"، مؤكدا أن هذا التعاطف الترندي لا يمكن أن يخفي ملامح وجوه هؤلاء الملوثة نواياهم، وسوء أخلاقهم، وافتقادهم للقيم البشرية الطبيعية، وفق قوله.

وأوضحت صبا ياسين، أن فاعل حادثة العنصرية، التي ضربت فيها المسنة السورية في تركيا هو رجل علماني يبلغ من العمر 39 سنة ولديه سجل جنائي في 9 قضايا تحريض ودعارة وفجور وسرقة كما أنه موال للمعارضة التركية ومتشبع ومشحون بالكراهية الإعلامية التي تبثها المعارضة.

وأعلن ناشطون أتراك تبرؤهم مما فعله الشاب "العنصري المحسوب على المعارضة التركية"، واستنكارهم للواقعة، وتضامنهم مع المسنة ليلى، وترحيبهم بكل اللاجئين السوريين.

ورصد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي التركي محمد كنبكلي، بعض تعليقات حسابات مشاهير أتراك على حادثة ركل المسنة.

الكاتبة التركية نازلي توركان، قالت: "أنا مسلمة #تركية ضد العنصرية ولست عرقية، نهجي هو نهج سيدي محمد ﷺ وقدوتي هو السلطان عبد الحميد".

وكتبت الصحفية التركية سارة بايدمر: "رأيت منذ قليل فيديو أدمع قلبي قبل عيني�� تعجز لغات العالم عن وصف حقارة وسفالة هذا العنصري العلماني القذر الذي ركل تلك المرأة السورية المسنّة، شُلّت قدمك المشؤمة".

وأردفت: "هذه الضربة أصابت قلوبنا قبل أن تُصيب رأسها.. بالتأكيد هؤلاء الحمقى لا يمثلون #تركيا".

وقال الصحفي التركي أيوب صوغجان: "من ركل أمنا العجوز هو شخص عنصري قذر يمثل نفسه وقلة قليلة من القذرين، كل التضامن مع أمنا ولها منا كل المحبة والاحترام".

وتابع: "لكن أيضا من يتخذ هذه الحوادث المشبوهة المقصودة حجة ليشتم تركيا وشعبها والدولة العثمانية هو قذر أيضا لا يقل قذارة عن ذاك العنصري.. كلكم سواسية"، وفق تعبيره.