مجلة أمريكية: ابن سلمان مشكلة واشنطن الكبرى بالشرق الأوسط

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، مقالا للباحث في مركز "أولويات الدفاع" الأمريكي دانييل ديبيتريس، تناول فيه تصرفات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي كان آخرها اختراق هاتف جيف بيزوس مؤسس شركة "أمازون"، في محاولة لابتزاز الملياردير.

وقال الباحث الأمريكي، إن "الولايات المتحدة لديها في الشرق الأوسط  مشكلة كبيرة هي: ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان"، لافتا إلى أن ولي العهد السعودي الشاب، الذي امتدحه الكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز" توماس فريدمان وكأنه نسخة عربية من نيلسون مانديلا، عاد إلى الأخبار مرة أخرى. وكما أصبح الأمر شائعا لابن سلمان، فإن الأخبار كلها سلبية.

ابتزاز بيزوس

وأشار الباحث إلى "تقرير الأسبوع الماضي عن قيام السعودية باختراق هاتف جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون، ومحاولتها في وقت لاحق ابتزاز الملياردير لإسكات الانتقادات للمملكة، والتي تتكرر مثل رواية تجسس لتوم كلانسي. لكن بالتأكيد، كانت حقيقية".

وأضاف: كتب المقرران الخاصان للأمم المتحدة أغنيس كالامارد وديفيد كاي في بيان مشترك في 22 يناير/ كانون الثاني الجاري، "إن المعلومات التي تلقيناها تشير إلى احتمال تورط ولي العهد في مراقبة بيزوس، في محاولة للتأثير عليه، إن لم يكن إسكات، تقارير واشنطن بوست عن المملكة".

وبيّن تقرير المقررين أن "الادعاءات تعزز التقارير الأخرى التي تشير إلى وجود نمط من المراقبة التي تستهدف المعارضين المتصورين والمعارضين ذوي الأهمية الإستراتيجية الأوسع للسلطات السعودية، بما في ذلك المواطنين وغير المواطنين".

ولفت الباحث إلى أنه "في الأيام التي تلت ذلك، كشف هذا النمط عن نفسه. بعد يومين من نشر نتائج الأمم المتحدة، نشر سبنسر أكرمان، صحفي (ديلي بيست) الأمريكية، تقريرا عن مخطط آخر".

إسكات المعارضين

وأشار إلى أن "عميلا سعوديا سافر إلى الولايات المتحدة بصحبة والد المعارض السعودي عبدالرحمن المطيري (27 عاما) لإسكاته والضغط عليه للعودة إلى المملكة". وتابع: "أحبطت هذه المؤامرة من عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي الذين اعترضوا الرجلين في مطار لوس أنجليس الدولي وأعادوهما في رحلة العودة".

ومضى الباحث يقول: "نفى الديوان الملكي السعودي بشدة أن يكون له أي علاقة باختراق هاتف بيزوس. ووصفت السفارة السعودية في واشنطن مزاعم بيزوس بأنها سخيفة. وقد استخدم وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود الكلمة نفسها عندما سئل عنها خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس".

وأردف "بالطبع، يمثل هؤلاء المسؤولون نفس الدولة التي أصرت مرارا وتكرارا على أن حملة القصف السعودية التي استمرت 5 سنوات في اليمن قد بذلت جهودا لتجنب قتل الإصابات – في تفسيرات تتحدى مصداقية أدلة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ولجنة خبراء الأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة، ومنظمتي العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش".

وبحسب الباحث الأمريكي، فإن "هذا هو نفس البلد الذي حاول التعتيم على العالم من خلال الادعاء بأن الكاتب الصحفي في واشنطن بوست جمال خاشقجي غادر القنصلية السعودية في إسطنبول بسلام وسلمية". وتابع: "الحقيقة، بالطبع، هي أن خاشقجي قد تم ذبحه حتى الموت على أيدي عملاء سعوديين نُقلوا إلى تركيا على وجه التحديد بغرض إسكاته عن انتقاد ولي العهد".

وأشار إلى أنه "بعد عملية القتل، قدرت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) بثقة عالية أن محمد بن سلمان أمر بالقتل، ورفضت الرياض بشدة أي تورط رسمي في مقتل خاشقجي، مرة أخرى على الرغم من كل الأدلة التي تم الكشف عنها خلال العام الماضي".

تجارب شبيهة

وقارن الباحث أسلوب السعودية ببلدان أخرى بالشرق الأوسط، فقد قال: إن "استهداف المنشقين بالعنف، وإلقائهم في السجن بتهم تافهة، والكذب بشأنه، والتستر على الانتهاكات، ليس بالأمر الجديد في الشرق الأوسط، حيث تشارك كل حكومة في المنطقة في بعض أشكال القمع الداخلي".

وفي الملف المصري، أوضح أن "رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، نفذ حملة قمع داخلية قاسية لا معنى لها من شأنها أن تجعل حكم حسني مبارك الذي دام 30 عاما يبدو وكأنه فترة من الليبرالية الناشئة مقارنة بما تم من اعتقال 60 ألف شخص بسبب شكل من أشكال المعارضة السياسية منذ الانقلاب ضد نظام محمد مرسي".

أما عن سوريا، قال الباحث: إن "نظام الأسد لا يحتمل أي معارضة، مفضلا قصف مدن بأكملها للتراب بدلا من تنفيذ أي إصلاح سياسي ذي معنى يمكن أن يؤدي إلى إضعاف سلطته".

وتطرق إلى ما يجري في إيران، بالقول: إن "إيران خبيرة في تفريق المظاهرات، حيث قتلت مئات الإيرانيين في أواخر العام الماضي خلال الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود".

وأشار إلى ما يشهده العراق، حيث قال ديبيتريس: إنه "خلال الأشهر القليلة الماضية، قتلت الحكومة العراقية المئات من المحتجين المحبطين من سياسات البلاد المتشددة والظروف المعيشية المزرية".

وأردف "لا ينبغي لنا أن نتوقع أن تتصرف السعودية بشكل مختلف عن القوى الاستبدادية الأخرى بالمنطقة. في الواقع هذه هي الحقيقة: السعودية ليست حالة خاصة".

وتابع الباحث "منذ أن صعد محمد بن سلمان إلى دور وزير الدفاع في عام 2015 (وربما قبل ذلك)، كان السعوديون يتمتعون بنفس القدر من التأثير المزعزع للاستقرار على النظام الإقليمي كما فعلت إيران".

واستطرد "تتدخل إيران في سوريا والعراق ولبنان واليمن وعدد من البلدان الأخرى التي تمتلك فيها طهران حصة. جميع هذه البلدان الأربعة أرضية للتنافس أيضا بالنسبة للسعودية، التي قصفت اليمن وحولتها إلى دولة من العصر الحجري بسبب الطيارين السعوديين الذين لا يستطيعون إطلاق النار مباشرة، أو لا يهتمون بشكل كبير بالخسائر المدنية".

وزاد الباحث "لا يستطيع حتى أكثر الدبلوماسيين السعوديين موهبة، أو خبير العلاقات العامة الذي تعاقد معه السعوديون، المجادلة بشكل شرعي بأن إغراق أشد البلدان فقرا بالعالم العربي في العوز والفقر والمرض هو نعمة للاستقرار".

موقف واشنطن

ولفت إلى أن "إدارة ترامب على وجه التحديد وواشنطن، بشكل عام، كانت تمشي على قشر البيض مع النظام الملكي السعودي لفترة طويلة جدا".

وأضاف "يحجم المسؤولون الأمريكيون عن الإساءة إلى البلاط الملكي، خائفين من خروج السعودية من المعسكر الأمريكي وتحويل ولائهم إلى روسيا والصين. في الحقيقة هذه المخاوف مبالغ فيها إلى حد كبير، لأن فلاديمير بوتين وشي جين بينغ شريكان متقلبان".

وزاد الباحث قائلا: "بالطبع، لا يوجد أحد يوصي بتمزق في العلاقات الأمريكية السعودية. إن مسار العمل هذا سيؤدي إلى نتائج عكسية، لأسباب ليس أقلها أن واشنطن والرياض تشتركان في المصالح في مجال مكافحة الإرهاب والطاقة".

واستدرك "لكن سيكون الأمر منعشا إذا فهم شخص ما في البيت الأبيض الديناميكية الأساسية للعلاقات الأمريكية السعودية. الرياض ليست الشريك الرئيسي في هذه العلاقة. السعودية تحتاج إلى الولايات المتحدة أكثر بكثير مما تحتاج الولايات المتحدة السعودية".

واختتم الباحث الأمريكي مقاله بالقول: "إلى أن يتم قبول هذه الفرضية في الدوائر الأمريكية، فإن واشنطن تخاطر بسوء الفهم لمدى الحد الأدنى من مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ومدى التهور والافتقار للحكمة بقفزها دائما إلى الدفاع عن المملكة".