جان كريستوف دوراند.. رجل فرنسا في البلاط الملكي البحريني ومستشار حكامها

داود علي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أحد أبرز مظاهر التغول الفرنسي في البحرين ومنطقة الخليج بشكل عام، الاقتصادي البارز، جان كريستوف دوراند، المستشار الحالي للعائلة المالكة البحرينية، والرئيس التنفيذي السابق لبنك البحرين الوطني، والمدير السابق لبنك (BNP Paribas).

وعززت باريس من نشاطها في منطقة الخليج، ومنها البحرين، خاصة مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتصاعد المنافسة التركية الفرنسية في عدة جبهات.

وتعمل فرنسا تحت مظلة رئيسها إيمانويل ماكرون، على إقرار سياسة خارجية أكثر توسعا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويلعب الاقتصادي دوراند دورا بارزا في ذلك.

نفوذ كبير 

جان كريستوف دوراند، المستشار الاقتصادي الفرنسي للعائلة المالكة في البحرين، ومن أقرب المقربين لولي العهد ورئيس الوزراء، سلمان بن حمد آل خليفة. 

ويعتمد الأمير سلمان على دوراند في خطته الشاملة لتغيير الوجه الاقتصادي للمملكة، وتوسيع دور الصندوق السيادي الذي يرأسه بنفسه، بحكم خبرته الواسعة كمدير سابق لبنك "BNP Paribas" الفرنسي.

وبحسب تقرير موقع "إنتيليجنس أونلاين" في 3 يناير/ كانون الثاني 2023، يسعى ولي العهد البحريني لاستخدام صندوق الثروة السيادية، لإجراء إصلاحات في اقتصاد المملكة.

وتشمل هذه الإصلاحات، إعادة ضبط الصندوق عبر إصلاح إدارته الداخلية وإجراء تغييرات مختلفة على كبار موظفيه.

وسيلعب الاقتصادي الفرنسي دورا أساسيا، بحكم خبرته في الإستراتيجية المالية للبلاد وكمستشار لعائلة آل خليفة الحاكمة على مدار ثلاثة عقود مضت.

وذكرت المجلة الفرنسية أن "مهمة دوراند ستكون استشارية بجوار سلمان بن حمد الذي يمضي قدما في إصلاحات الصندوق السيادي الذي يمتلك محفظة من حوالي 50 شركة تشمل المحركات الرئيسة لاقتصاد البلاد".

ومنها على سبيل المثال "ألمنيوم البحرين"، ثاني أكبر مصهر للألمنيوم في العالم خارج الصين، وشركة الاتصالات السلكية واللاسلكية "Batelco" وشركة تصنيع السيارات "مكلارين" بنسبة 56 بالمئة.

كل تلك الخطط سيكون دوراند جزءا منها، لما يمتلكه من خبرة وثقل ونفوذ.

وشغل دوراند منصب الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الوطني خلال السنوات الماضية، وتحديدا منذ عام 2016، لكنه ترك منصبه في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وتفرغ دوراند لمهمة أكثر ثقلا داخل أروقة البلاط الملكي البحريني كمستشار مقرب لولي العهد.

وكان أيضا يشغل مقعدا أساسيا في مجلس إدارة شركة طيران الخليج الوطنية البحرينية منذ يونيو 2017.

ولمعرفة مدى أهمية الرجل للعائلة المالكة، فإن شركة "ممتلكات" تمتلك 44 بالمئة من أسهم بنك البحرين الوطني إلى جانب شركة طيران الخليج بالكامل، اللذين يمثلان حوالي 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وجزءا من الأصول الإستراتيجية لآل خليفة.

حتى إنه في عام 2016، عمل دوراند مستشارا للرئيس التنفيذي لشركة "ممتلكات" آنذاك محمود هاشم الكوهجي، قبل أن يحظى باهتمام ولي العهد الذي منحه مقعدا في مجلس إدارة العديد من الشركات الإطارية لـ"ممتلكات"، من بنك البحرين الإسلامي مرورا بشركة الاتصالات السلكية واللاسلكية Batelco وشركتها الفرعية الأردنية "أمنية".

ولا يزال يشغل تلك المناصب حتى يومنا هذا، وقد كوفئ على خدمته بجواز سفر بحريني.

رجل فرنسا 

لعب دوراند دورا بارزا في إستراتيجية ولي العهد البحريني، فوجهها بهدوء كما فعل مع الوفد البحريني في منتدى "مستقبل الاستثمار" لعام 2018 في الرياض.

واغتنم الفرصة لتعزيز مصالح مجموعة "BNP Paribas" المصرفية الفرنسية التي توسعت عبر دول مجلس التعاون الخليجي.

وتولى دوراند منصب الرئيس التنفيذي الإقليمي للشرق الأوسط وإفريقيا في مجموعة "BNP Paribas" بعد انضمامه إليها عام 1989، وأشاد به آل خليفة خاصة بعدما دفع المجموعة الفرنسية لاستخدام المنامة كمقر إقليمي لها بدلا من دبي، خلافا لمعظم البنوك والمستثمرين الأجانب الآخرين.

وكان دوراند منذ عام 1996 عضوا في الفرع المحلي لمجلس "مستشاري التجارة الخارجية الفرنسيين"، كما عين رئيسا للمجلس بين عامي 1997 و2012. 

ومنذ عام 2015، أدار غرفة التجارة والصناعة الفرنسية في البحرين ومنحه دوره كمصرفي لمعظم المجموعات الفرنسية الرئيسة التي تأسست في دول مجلس التعاون الخليجي فهما عميقا للأسواق الإقليمية، وقدرة على تعزيز المصالح الفرنسية هناك.

وغالبا ما شارك دوراند في الرحلات الرئيسة المتبادلة بين المنامة وباريس، من رحلة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى باريس عام 2019 إلى مختلف وفود جمعية أرباب الأعمال الفرنسية "ميديف الدولية" في المنامة، الأمر الذي جعله مستشارا رئيسا لدى كل من فرنسا والبحرين في آن واحد.

ورغم أن فرنسا أخيرا حدت من مؤسساتها الاقتصادية في البحرين بعدما قررت إغلاق القسم الاقتصادي للسفارة الفرنسية، لكنها تركت رجالها هناك يعززون مصالحها وفي مقدمتهم دوراند.

لذلك كان من الطبيعي في 17 فبراير/ شباط 2022، تصدر دوراند قائمة الحضور في الاحتفال بمرور الذكرى الخمسين على إقامة العلاقات الدبلوماسية الفرنسية البحرينية، والذي استضافه مقر إقامة جيروم كوشار سفير باريس لدى المنامة.

معلومات شخصية

ولد جان كريستوف دوراند عام 1958 في باريس، وتخرج في المدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية عام 1980، وهي واحدة من أرقى وأعرق المعاهد العلمية الاقتصادية في فرنسا، حيث تأسست عام 1907 بالعاصمة، وتمرس فيها كبار الاقتصاديين.

عام 1982 أرسلته وزارة التعاون الفرنسية إلى الكاميرون، ليكون مراقبا على الدعم التمويلي للشركات الفرنسية هناك، والمشورة بشأن المشاريع الصناعية الكبرى (خاصة في مجال الكهرباء والطيران والنفط والاتصالات).

لكن علاقة دوراند بالبحرين بدأت مبكرا قبل سنوات طويلة، وتحديدا عام 1989، عندما شغل منصب مسؤول الاستثمار في بنك "اند سويس" الذي كان رائدا في تمويل المستثمرين من القطاع الخاص والمؤسسات في الإمارات وقطر والكويت وعمان، وكانت المنامة هي المقر الإقليمي للبنك.

في 1996، استطاع دوراند بناء شبكة علاقات واسعة في المجتمع المصرفي البحريني، وأبعد من ذلك عندما تقرب من عائلة آل خليفة، تحت مظلة الملك (آنذاك)، عيسى بن سلمان. 

وجاء العام 1998 ليبدأ دوراند في صعود جامح عندما أصبح المدير الإقليمي لبنك "BNP Paribas" في البحرين.

استمر دوراند في منصبه حتى عام 2016، لكنه صنع تاريخا ونفوذا اقتصاديا لفرنسا غير مسبوق في البحرين، حيث جعل البنك مهيمنا على كثير من الأنشطة والمشروعات، وجعل المنامة هي المركز الإقليمي والشرق أوسطي للبنك، بل ووسع أنشطته نحو القارة السمراء، وتحديدا في كيب تاون العاصمة الجنوب إفريقية. 

السنوات الطويلة والقرب من مركز السلطة في البلاد، جعله موثوقا لدى حكام المملكة، وفي عام 2016 أوكلوا إليه مهمة الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الوطني، وهو أول بنك محلي، ولديه فروع في السعودية والإمارات.

وسجل البنك في عام 2021 إيرادات بقيمة 490 مليون دولار، وأصولا بقيمة 12 مليار دولار.

تلك الإنجازات التي حققها وكلمته الموثوقة لدى حكام البحرين، وارتباطه بالإدارة الفرنسية والرئيس ماكرون، جعلته المصنف رقم 81 لأقوى الرؤساء التنفيذيين في الشرق الأوسط خلال العام 2022.