قمة في الرياض تسلط الأضواء على "آسيا بدون الصين".. ما القصة؟

منذ ٦ أشهر

12

طباعة

مشاركة

لوضع خارطة طريق للتعاون بين الطرفين، احتضنت العاصمة السعودية الرياض في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، اجتماعا ضم 13 زعيما من دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان).

وسلط موقع "المونيتور" الأميركي الضوء على دلالات هذا التجمع، مشيرا إلى أنه "يأتي في خضم الحرب بين إسرائيل وغزة، وبيئة إقليمية أمنية متزايدة الغموض".

وقال الموقع إن "دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة الآسيان تجمعهما العديد من القواسم المشتركة الإستراتيجية، في عصر يتسم بتراجع العولمة وعدم الاستقرار الجيوسياسي وعدم اليقين على الجانب الاقتصادي".

وأفاد بأن هذه القمة تعد جزءا من مجموعة ناشئة يطلق عليها إستراتيجية "آسيا بدون الصين"، والتي تركز على إنشاء نقاط ربط إضافية وتعزيز العلاقات التجارية بعيدا عن الصين، وذلك من أجل تقليل المخاطر السياسية المرتبطة بالمواجهة بين واشنطن وبكين.

وتضم دول مجلس التعاون، السعودية والكويت وقطر والإمارات وسلطنة عمان والبحرين، فيما تعد "آسيان" ثالث أكبر تكتل اقتصادي في آسيا، تأسست عام 1967، وتضم إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاند والفلبين وبروناي وفيتنام ولاوس وميانمار وكمبوديا.

تنويع الشراكات

ويرى الموقع أن "استضافة الرياض للقمة تحمل رمزية قوية، حيث تواصل السعودية تعزيز مكانتها كاقتصاد عالي النمو وذي إمكانات كبيرة داخل مجموعة العشرين".

وفي العصر الحالي الذي يتسم بتراجع العولمة وعدم الاستقرار الجيوسياسي والاقتصادي، تجد دول الخليج والآسيان أن هناك قواسم مشتركة أكثر إستراتيجية تجمعهما.

وأشار إلى أن "داخل مجلس التعاون الخليجي، تعمل السعودية والإمارات على تنويع شراكاتهما بعيدا عن الغرب، وتتجهان أكثر نحو الشرق، حيث مركز النظام العالمي الناشئ".

وفي الآسيان، تتخذ إندونيسيا وفيتنام مسارات خاصة بهما، في هذه الحقبة التي تتسم بالمنافسة الشديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي والآسيان حوالي 6 تريليونات دولار.

هذا مع إمكانية الوصول إلى ما يقرب من 53 تريليون دولار إذا تبنت إستراتيجية النمو الأخضر، واستفادت من ديناميكية سكانها، واحتضنت التوسع الحضري السريع، وعززت التكامل الإقليمي.

ويتخطى حجم التجارة الحالي بين مكونات هاتين القوتين الاقتصاديتين الكبيرتين 110 مليارات دولار، مما يوفر حوافز قوية لكلتا الكتلتين لمواصلة التكامل الآسيوي.

وفي كلمة ألقاها في بداية القمة، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إن الصادرات من دول مجلس التعاون إلى دول الآسيان تشكل 9 بالمئة من إجمالي الصادرات الخليجية، في حين تشكل الواردات من دول آسيان إلى الخليج 6 بالمئة من إجمالي الواردات.

وقد تستكشف الكتلتان شراكات تجارية أوسع، مما يعد بتعاون كبير في الأشهر والسنوات القادمة، حسب المونيتور.

الموقف من الصين

علاوة على ذلك، فإن دول الخليج والآسيان تقيم موقفها الإستراتيجي تجاه الصين، بسبب التحديات المرتبطة بفك الارتباط مع الولايات المتحدة، أو تقليص العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، أو التوترات الجيوسياسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وهذا بدوره يجعل الدول الحدودية الآسيوية "أقل يقينا بشأن مستقبلها"، وفق الموقع الأميركي.

وأوضح المونيتور أن "إستراتيجية آسيا بدون الصين بدأت تتشكل تدريجيا".

وتهدف هذه الإستراتيجية إلى تعزيز التكامل الأوسع بين منطقة الخليج ورابطة الآسيان؛ لتعزيز التعاون خارج إطار الصين، والحد من المخاطر السياسية المرتبطة ببكين.

وتسعى الإستراتيجية إلى بناء نظام جماعي من العلاقات التجارية، فضلا عن اتباع طريق ثالث في "الحرب الباردة" المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، والتي تشكل آسيا والنظام الدولي الأوسع، حسب التقرير.

ويرى الموقع أن "أحد أهم عناصر قمة الخليج-الآسيان هو توقيتها"، قائلا إن "حقيقة أن الكتلتين مازالتا تجتمعان رغم الحرب المستمرة بين إسرائيل وغزة تشير إلى أن دول الخليج مصرة على عدم التشتت بفعل التطورات، وترغب في مواصلة مسارها الإستراتيجي وسط تصاعد التوترات الإقليمية".

وقال إنه "في خضم جهودها لتصبح قوى اقتصادية عابرة للقارات، أعطت دول مجلس التعاون الأولوية لتوسيع العلاقات التجارية والدبلوماسية مع الدول الآسيوية".

وبالتالي، ترى دول الخليج أن عقد قمة مع الآسيان "فرصة لا تقدر بثمن؛ لوضع هذه الأهداف موضع التنفيذ"، وفق الموقع.

وأشار إلى أن "من بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي ورابطة الآسيان، تقف السعودية وإندونيسيا كمحركين رئيسين للجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات بين الكتلتين".

وشهدت التجارة الثنائية بين إندونيسيا والمملكة ارتفاعا مطردا على مدى السنوات العديدة الماضية، بمتوسط معدل نمو سنوي قدره 5 بالمئة بين عامي 2018 و2022.

كما تتمتع إندونيسيا أيضا بعلاقات تجارية مزدهرة مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، ففي 2022، بلغ حجم تجارة إندونيسيا مع دول المجلس 16 مليار دولار، بزيادة قدرها 25 بالمئة عن العام 2021.

وبعيدا عن الاقتصاد والتجارة، تبرز كل من السعودية وإندونيسيا كقوتين صاعدتين رئيستين ضمن مجموعة العشرين، وتتقاسمان وجهات نظر مشتركة حول الاختلالات في النظام العالمي والحاجة إلى نظام حضاري أكثر تمثيلا ومتعدد الأقطاب، وفق المونيتور.

وأضاف أن "قمة دول الخليج والآسيان تعتمد أيضا على الممر الاقتصادي الذي أُعلن عنه أخيرا بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)".

وأوضح أن "دول الخليج تهدف إلى وضع نفسها كنقطة اتصال بين آسيا وأوروبا فيما يتعلق بالطاقة النظيفة والتجارة والتحول الرقمي".

وتابع أنه "من خلال المزيد من التكامل بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة الآسيان، تأمل دول الخليج في إنشاء روابط اقتصادية قوية تعمل على توسيع فوائد الممر الاقتصادي المقترح إلى مناطق أبعد من الهند من ناحية الشرق".

واستطرد: "هذا فضلا عن وضع دول مثل السعودية والإمارات بقوة كحلقتي وصل بين التجارة الكبيرة العابرة للقارات والتي تمتد من طوكيو إلى برلين".

وختم الموقع بالإشارة إلى أن "رابطة الآسيان ومجلس التعاون الخليجي يلعبان دورا محوريا في تعزيز العلاقات التجارية، وتشجيع المزيد من التكامل بين الدول المطلة على آسيا، في الوقت الذي يظهر فيه تدريجيا نظام آسيوي قاري جديد".

الكلمات المفتاحية