مع تزايد المداهمات ضدهم.. وقائع صادمة يرويها لاجئون سوريون في لبنان

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

مع تزايد مداهمات الجيش اللبناني ضدهم في الأسابيع الأخيرة، سلط موقع بريطاني الضوء على الوقائع الصادمة التي يعيشها اللاجئون السوريون في لبنان، مجريا عدة لقاءات مع الأهالي هناك.

وأوضح موقع "ميدل إيست آي" بنسخته الفرنسية، أن عديدا من السوريين يُرحلون قسريا إلى دمشق، لينقطع التواصل معهم بعد ذلك، إثر وقوعهم في قبضة شبيحة رئيس النظام السوري بشار الأسد.

عودة قسرية

وفي 25 أبريل/ نيسان 2023، دعت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية إلى الكف فورا عن ترحيل اللاجئين السوريين قسرا إلى سوريا.

وأكدت المنظمة الدولية أن لبنان ملتزم دوليا بحماية اللاجئين وعدم إعادتهم إلى الأماكن التي قد تشكل خطرا على حياتهم وحرياتهم.

وأجرى "ميدل إيست آي" مقابلة مع "سامر"، وهو لاجئ سوري يعيش في لبنان هو وعائلته، بعد فرارهم من الحرب في سوريا.

وقال إنه منذ أن هربوا من الحرب في سوريا ولجأوا إلى لبنان، تحمل سامر وعائلته الصعاب والتهديدات، ظنا منهم أنهم على الأقل في مكان آمن.

لكن قبل أيام، رحلت القوات اللبنانية شقيقه إلى دمشق، حيث اعتُقل هناك.

فقد داهم الجيش اللبناني شقة أخي سامر، في إحدى ضواحي بيروت، واعتقله هو وزوجته وأولاده ثم أعادهم جميعا إلى سوريا، وفق ما أفاد به سامر.

وأضاف سامر - الذي يبلغ من العمر 26 عاما، واستخدم اسما مستعارا كغيره من السوريين لأسباب أمنية-  أن "أكبر خوف لدينا هو أن يختفي أخي تماما، ولا نسمع عنه مجددا".

وخلال الأسابيع الأخيرة، شن الجيش اللبناني حملات اعتقال وترحيل ضد السوريين الذين يقيمون في لبنان بشكل غير نظامي، في وقت تزايدت فيه المشاعر المعادية للسوريين، مع معاناة البلاد من أزمة اقتصادية حادة.

ونقل موقع "ميدل إيست آي" عن مصدر حقوقي أن السلطات اللبنانية اعتقلت 450 شخصا، ورحّلت 66 شخصا على الأقل، خلال الأسابيع الأخيرة.

بدورها، تقدر السلطات اللبنانية عدد السوريين الذين غادروا بلادهم في ظل الحرب الدائرة منذ عام 2011 إلى لبنان المجاورة، بحوالي مليوني شخص.

"وهذا الرقم يشكل حوالي نصف عدد سكان لبنان، فيما يبلغ عدد المسجلين منهم لدى الأمم المتحدة حوالي 830 ألف شخص"، وفق الموقع البريطاني.

فاللاجئون السوريون الذين يعيشون في لبنان يعانون من تدهور الأوضاع والمشاعر المعادية تجاههم في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد.

وفي الأسابيع الأخيرة، نفذ الجيش اللبناني عمليات مداهمات واعتقالات للسوريين غير النظاميين، وقام بترحيل بعضهم إلى بلادهم، وهو ما يشكل انتهاكا للقانون الدولي.

وبحسب مصادر إنسانية، فإن هناك مئات الأشخاص الذين تم اعتقالهم وترحيلهم بصورة غير شرعية، ما يثير قلقا كبيرا بشأن مصير اللاجئين السوريين في لبنان.

وفي سياق متصل، قام الجيش اللبناني الأسبوع الماضي بمداهمة شقة أخ سامر في إحدى ضواحي بيروت واعتقاله، بالإضافة إلى زوجته وأولاده، وتم ترحيلهم بعد ذلك إلى سوريا.

مأساة إنسانية

وشارك سامر مثل شقيقه في الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري عام 2011، والتي قادت بعد ذلك لاندلاع الحرب؛ ولذلك اعتقل شقيق سامر فور عودته إلى دمشق، ولم يُسمع عنه أي شيء حتى الآن.

وفي الوقت الحالي، يخشى سامر وعائلته العواقب الوخيمة التي ستحل بهم في حال أجبرتهم السلطات اللبنانية على العودة إلى سوريا، وفق التقرير.

ورغم أن الحكومة السورية لم تقبل بشكل رسمي عودة اللاجئين السوريين في لبنان إلى البلاد، إلا أن السلطات اللبنانية تطالب بإعادتهم، مما يتسبب في خطر يهدد حياتهم، إذا ما أعيدوا إلى سوريا قسرا.

وأكدت منظمة العفو الدولية على أن الجيش اللبناني داهم المنازل التي تسكنها عائلات سورية في مواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك برج حمود في بيروت.

"ورحَّل الجيش اللبناني إلى سوريا عشرات اللاجئين الذين دخلوا البلاد بشكل غير نظامي أو يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية"، وفق البيان.

وفي الوقت الذي تعاني فيه لبنان من أزمة اقتصادية متفاقمة اندلعت منذ خريف عام 2019، يلقي المسؤولون اللبنانيون باللوم على اللاجئين السوريين في هذه الأزمة.

حتى إن وزير الشؤون الاجتماعية، هيكتور حجار، حذر في الآونة الأخيرة مما أسماه بـ"التغيرات الديموغرافية الخطيرة التي ستجعل اللبنانيين "لاجئين في وطنهم".

وقال الوزير اللبناني إن "ملف النزوح السوري في لبنان ليس موضوعا ثانويا، بل أصبح قضية حياة وموت وخلال أقل من 10 سنوات، سنشهد تغييرات ديموغرافية خطيرة وسنصبح لاجئين في بلدنا إن لم يتم معالجة هذا الملف بسرعة كبيرة".

وأشار إلى أنه "في ظلّ كل التغييرات الإقليمية التي نشهدها، أصبحت "العودة الآمنة" أمرا طبيعيا وحتميا يجب أن نركز الآن على "العودة السريعة" وبأعداد كبيرة إلى محافظات معيّنة في سوريا أنا مستعد لزيارة سوريا والقيام بكل ما يخدم هذه القضية".

وحسب "ميدل إيست آي"، فقد اتخذت السلطات المحلية في لبنان بعض الإجراءات ضد السوريين اللاجئين على مدى السنوات الأخيرة.

وشملت هذه الإجراءات فرض حظر تجول ليلي عليهم، وهذا في الوقت الذي يصورهم فيه رواد مواقع التواصل الاجتماعي على أنهم مجرمون خطرون.

وفي السياق نفسه، تزعم وسائل الإعلام اللبنانية أن اللاجئين السوريين يتلقون مساعدات سخية من الأمم المتحدة، في حين يعاني اللبنانيون من الفقر والبؤس بسبب الهبوط الشديد لليرة اللبنانية. 

ومع ذلك، تشير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أنها قدمت مساعدات مادية ومالية لـ 43 بالمئة فقط من اللاجئين السوريين المسجلين لديها.

ومن جانبه، أكد المتحدث باسم المفوضية السامية للاجئين أن "الحد الأقصى للدعم الممنوح للعائلات الأشد فقرا لا يتجاوز 8 ملايين ليرة لبنانية شهريا"، أي ما يعادل حوالي 80 دولارا.

"الموت أفضل"

ومنذ المداهمات الأخيرة للجيش اللبناني، لم يعد الكثير من اللاجئين - الذين يعيش معظمهم في حالة فقر- يجرؤون على مغادرة منازلهم.

فقد اعترف أبو سليم، وهو سوري يبلغ من العمر 32 عاما، لموقع "ميدل إيست آي"، بأنه ينام الآن في مستودع بمكان عمله مع 20 فردا آخر، وعلل ذلك قائلا: "لأننا نخشى أن يتم القبض علينا".

وتابع أنه "قضى بالفعل ست سنوات في السجن في بلاده، ولذلك فهو يخشى الترحيل أكثر من أي شيء آخر"، مضيفا: "إذا أعادوني إلى السجن، فلن أخرج منه".

وأجرى الموقع مقابلة مع "عمار"، وهو منشق عن جيش رئيس النظام السوري، بشار الأسد، حيث أوضح أنه يعزل نفسه في منزله؛ قلقا من الحملات المحمومة ضد السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وعبّر هذا الشاب البالغ من العمر 31 عاما - وهو أب لطفل حديث الولادة- عن حزنه وأسفه، قائلا:"لماذا كل هذا الكراهية؟ ماذا فعلنا لنستحق ذلك؟ لقد فررنا للتو هربا من الموت".

وأشار الموقع إلى أن "عمارا مثله مثل العديد من اللبنانيين والسوريين الذين يهربون من الفقر، لا يزال يفكر أيضا في خيار الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، على الرغم من المخاطر المحتملة من تحطم القوارب في البحر المتوسط".

"لكن بالنسبة إلى بعضهم، فإن الموت في عرض البحر أفضل من على العودة إلى سوريا"، يضيف الموقع البريطاني.

وختم بالتأكيد على أن "هذا الوضع يشير إلى الحقيقة القاسية لحياة اللاجئين ومدى يأسهم، ما يستدعي تدخلا من المجتمع الدولي بشكل جدي وفعال".