وكالة أميركية تحذر: أعداد هائلة من الوفيات في الصين إثر عودة كورونا

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

عادت جائحة كورونا إلى الواجهة مرة أخرى في الصين، بعد إصابة أعداد هائلة من المواطنين، وفق تقرير لوكالة أسوشييتد برس الأميركية.

وقالت الوكالة إن الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا (كوفيد 19) في بكين، عادت للواجهة بعد أسابيع فقط من عدم إبلاغ الصين عن أي وفيات، رغم تأكيد الأرقام الرسمية بأن هناك زيادة في عدد الإصابات.

وتأتي هذه الزيادة في الوقت الذي خففت فيه الحكومة الصينية العديد من إجراءات احتواء فيروس "كوفيد 19"، والتي توصف بأنها القيود "الأكثر صرامة في العالم".

ففي 14 ديسمبر/كانون الأول 2022، توقفت الصين عن رصد الإصابات التي لا تظهر عليها الأعراض، مشيرة إلى قلة الفحوص بين المصابين بدون أعراض، ما يجعل تحديد الحصيلة الكلية بدقة مستحيلا، حسب الوكالة.

ورغم التوقف عن رصد هذا النوع من الإصابات، هناك عدة أدلة تؤكد وجود أعداد هائلة من المصابين بالفيروس، منها منشورات المواطنين الصينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وإغلاق بعض الأعمال التجارية.

وزيادة على الغموض المتعلق بالمصابين، فإن أعداد الوفيات بسبب الفيروس غير محددة بدقة كذلك، غير أن الوكالة الأميركية تنقل عن مصادرها أن الوفيات في الصين تضاعفت بشكل عام، وتعزو ذلك إلى انتشار الجائحة مرة أخرى.

وقد تحدث أهل أحد المتوفين إلى "أسوشيتد برس"، قائلا إن سبب وفاته إصابته بفيروس كورونا، وإن آخرين حُرقت جثثهم معه، بعد أن توفوا لذات السبب.

ووفق أهل المتوفى، الذي كان مُعَينا مِن قبل السلطات الصينية لحرق جثث ضحايا الجائحة، فقد توفي في قسم الطوارئ بأحد المستشفيات شرقي الصين، بعد أن أصيب هو أيضا في أوائل ديسمبر 2022.

عجز القطاع الطبي

وأضافت الوكالة، نقلا عن مصادرها الذين رفضوا ذكر أسمائهم، أن هناك الكثير من المصابين في قسم الطوارئ، الذين ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا، مضيفة أنه لا يوجد عدد كافٍ من الممرضات لرعايتهم.

ولدى حضور مراسل "أسوشيتد برس" لإحدى أماكن استقبال المتوفين (البيوت الجنائزية)، رأى حوالي 12 جثة أحضرت على عجلات، في غضون ساعة واحدة فقط.

وذكرت ستة مصادر مختلفة أنهم شاهدوا داخل المستشفى ضحية أخرى لكورونا، عانت من صعوبة في التنفس قبل وفاتها.

لكن أدرجت السلطات الصينية سبب الوفاة على أنه "التهاب رئوي"، رغم أن نتيجة اختبار كورونا الخاصة بها كانت إيجابية.

وقال ثلاثة موظفين في المحلات التجارية القريبة من البيت الجنائزي، إن هناك زيادة ملحوظة في عدد الأشخاص الذين يُحضرون إلى هناك في الأيام الأخيرة.

وحسب تقدير أحد الموظفين، فإن حوالي 150 جثة يجرى حرقها يوميا، في ارتفاع واضح عن الأرقام الطبيعية، التي تبلغ بالكاد بضع عشرات في اليوم.

وعزا أحد الموظفين هذه الزيادة إلى فيروس كورونا، بينما قال آخر إن الوفيات عادة ما تزداد مع حلول فصل الشتاء.

وجدير بالذكر هنا أن الحكومة الصينية لم تعلن عن أي حالة وفاة بفيروس كورونا منذ 4 ديسمبر 2022.

وبشكل عام، فإن حصيلة ضحايا الجائحة في الصين لا تزال منخفضة وفق الأرقام الرسمية، بوجود 5235 حالة وفاة فقط، مقارنة بـ 1.1 مليون في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أنه لا يمكن مقارنة هذه الإحصاءات بشكل مباشر، لاختلاف المعايير التي تتبناها الدول في تحديد سبب الوفاة.

فالحكومة الصينية، تحصي أولئك الذين توفوا بشكل مباشر بفعل فيروس كورونا، بينما تستبعد مَن "تفاقمت" ظروفهم الصحية بسبب إصابتهم بالوباء.

أما في العديد من البلدان الأخرى، تنص المعايير على أن أي حالة وفاة يكون فيها الفيروس التاجي عاملا أو مساهما فيها، فإنه يجرى احتسابها على أنها وفاة بسبب بالجائحة.

وبينما يقول الخبراء إن هذه المعايير هي تقليد قديم في القطاع الطبي الصيني، أثيرت علامات استفهام حول ما إذا كانت الحكومة الصينية تسعى لتقليل أرقام ضحايا الجائحة في بلادها.

إجراءات عاجلة

واتخذت الحكومة عدة إجراءات للسيطرة على أعداد المصابين والوفيات، منها اعتماد الدراسة عبر الإنترنت في مدارس مدينة شنغهاي بدءا من 19 ديسمبر 2022.

وفي 16 ديسمبر 2022، أمرت الحكومة الصينية السلطات المحلية في المناطق الريفية بزيادة المراقبة والرعاية الطبية للعمال العائدين إلى مناطقهم، مع اقتراب موسم العطلة الشتوية في الصين.

هذا علاوة على إلزام ارتداء العائدين إلى بلدانهم وقُرَاهم كمامات، وتجنب الاتصال بكبار السن؛ بهدف السيطرة على الفيروس في تلك المناطق ذات الموارد الطبية المحدودة.

وتؤكد الوكالة الأميركية أن هناك مخاوف من زيادة عدد المصابين، بالتزامن مع سفر عشرات الملايين عبر القطارات والحافلات والطائرات إلى قُرَاهم، في رحلة قد تكون الوحيدة طوال العام إلى مسقط رأسهم.

فالموارد الطبية في المدن الصغيرة والمجتمعات الريفية، التي تضم حوالي 500 مليون من سكان الصين البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، متخلفة كثيرا عن تلك الموجودة في المدن الكبيرة مثل بكين وشنغهاي، وفق التقرير.

إذ تشمل البنية التحتية الطبية الريفية 17 ألف مستشفى على مستوى المقاطعات، يفتقر الكثير منها حتى إلى سرير واحد للعناية المركزة، إضافة إلى 35 ألف مركز صحي محلي، و599 ألف مستوصف.

ولذلك، تعمل الصين على زيادة عدد العيادات المختصة بالحُميّات في المناطق الريفية لعلاج المصابين بأعراض فيروس كورونا.

وفي الوقت الحالي، تعمل حوالي 19400 عيادة أو غرفة فحص في البلدات الصينية، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية.

بدوره، قال عضو لجنة الصحة الوطنية الصينية، ني تشونلي، إنه بحلول مارس/ آذار 2023، سيكون لدى حوالي 90 بالمئة من المراكز الصحية على مستوى البلدات عيادات للحميات.

وحث المسؤول الصيني على تخزين الأدوية وأدوات إجراء اختبار كورونا، التي أصبح الكثير منها نادرا حتى في المدن الكبرى.

وشدد تشونلي على أن هذا "سيعزز بشكل فعال قدرة مؤسسات الرعاية الصحية الأولية على استقبال المرضى المصابين".

وتعتقد "أسوشيتد برس" أن رفع بعض قيود السفر أثار الارتياح، لكنه في الوقت نفسه أثار القلق بشأن مستوى التأهب لموجات أخرى من الجائحة.

ويقول خبراء الصحة إن الصين ستواجه ذروة العدوى في الشهر أو الشهرين المقبلين، ولذلك تحاول إقناع كبار السن المترددين وغيرهم بأخذ جرعات اللقاح.

وتأتي تلك التغييرات في أعقاب الإحباط المتزايد من سياسة "صفر كوفيد"، التي جرى إلقاء اللوم عليها في إعاقة التقدم الاقتصادي، وخلق ضغوط اجتماعية هائلة.

فبدءا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اتخذت الحكومة الصينية بعض الخطوات للتخفيف من القيود الاجتماعية التي صاحبت تفشي الفيروس، في أواخر عام 2019.

إذ لم تعد الفحوصات إجبارية، وسُمح للأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة بالتعافي في منازلهم، بدلا من الذهاب إلى مراكز الحجر الصحي.

وإزاء ذلك، يرى الخبير الصحي السابق بالمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، تسنغ جوانج، أن الصين لم تكن مستعدة تماما لفتح المجال العام.

"فمن وجهة النظر الطبية، كان على الصين ألا ترفع القيود بهذا الشكل، لكن من الواضح أن القرار كان مدفوعا بعوامل اقتصادية واجتماعية في المقام الأول"، يختم جوانج.