تراجع الشرعية.. ما دلالات احتضان "الحوثي" لأخطر المعارضين السعوديين؟

داود علي | منذ ١٧ يومًا

12

طباعة

مشاركة

"أتيتك طوعا وحبا ومواليا ووفيا ومبايعا لك على السمع والطاعة"، تغريدة نشرها المعارض السعودي، علي هاشم سلمان الحاجي، في 26 مارس/ آذار 2024، على منصة “إكس”، وجهها لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي.

ووصل الرجل الشهير باسم "علي هاشم"، إلى اليمن وأعلن مبايعته له. وفي نفس اليوم، نشر مقطع فيديو جرى تداوله بشدة على منصات التواصل الاجتماعي من داخل منزل وهو يحمل جواز سفره السعودي، حيث ألقاه في سلة مهملات، وأعلن أن "الحوثيين أعطوه الجنسية اليمنية". 

وأكدت صفحات وحسابات تابعة للحوثي أن المعارض السعودي علي هاشم، وفد إلى صنعاء بعد انشقاقه منذ سنوات عن المملكة وإعلان معارضته لولي العهد محمد بن سلمان.

نشاط كبير

ولهاشم مسيرة طويلة ومواقف جعلته من أكثر المعارضين عداء للنظام السعودي، الذي يطارده ويضيق على عائلته بلا تهاون.

لكن الجديد أن وصول المعارض السعودي لليمن واحتضان الحوثي له يحمل كثيرا من الدلالات، تمثل تهديدا خطيرا لمنظومة الحكم السعودي واستقرار المملكة، التي تخوض حربا منذ سنوات على حدودها الجنوبية، ضد المليشيا الممولة من إيران.

وصاحب ظهور هاشم في صنعاء كثير من الجدل، خاصة أنه أعلن التخلي عن جواز سفره السعودي، وقال إنه سيستقر في اليمن ليواصل مشواره في معارضة نظام بلاده.

ثم أعلن اشتراكه في "دورة ثقافية" لمليشيا الحوثي، فيما ضج ناشطو وقيادات الحركة بالترحيب به بشكل لافت.

وكان هاشم الذي وصل قادما من جنوب لبنان، صرح بأن وصوله جاء تحقيقا لأمنية الأمين العام لحزب الله “السيد حسن نصر الله”.

ولا ينسى لهاشم دوره في المؤتمر الكبير الذي نظمه حزب الله في يناير/ كانون الثاني 2022، عندما استضاف معارضين سعوديين.

وحضر المؤتمر آنذاك رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين في معقل الحزب بضاحية بيروت الجنوبية.

وجاء المؤتمر لإحياء ذكرى إعدام رجل الدين الشيعي، نمر باقر النمر، الذي أعدمته المملكة بتهمة الإرهاب عام 2016.

ووقتها ألقى هاشم كلمة كمعارض سعودي، وقال في تصريحات إن هدف المؤتمر هو "إسقاط النظام السعودي".

العدو الأول 

ونشر موقع "الحرة" الأميركي في 25 أغسطس/ آب 2022، تقريرا عن علي هاشم الحاجي، وعده “عدو النظام السعودي الأول”. 

وذكر أنه ينحدر من محافظة الأحساء، ذات الأغلبية الشيعية، وقد صدر بحقه حكم بجرائم الإرهاب وتمويله عام 2017، وذلك بعد عام من مغادرته السعودية.

وتوجه هاشم إلى العراق ومنها إلى سوريا قبل أن يستقر به المقام في الضاحية الجنوبية للبنان في كنف حزب الله وزعيمه حسن نصر الله. 

وخلال إقامته في لبنان، نشر في 3 أغسطس/ آب 2022، تغريدة أورد فيها "بسبب معارضتي لحرب اليمن ومطالبتي بحقوق الشيعة في السعودية، تم وضع أطفالي قيد الإقامة الجبرية وإيقاف جميع خدماتهم والتضييق عليهم".

وأضاف "النظام السعودي يظن بأن أفعاله ستردعني عن نشاطي، لا والله إني اليوم أقوى وأكثر إصرارا للسعي في إسقاط نظام آل سعود".

ثم نشر بعدها مباشرة تسجيلا صوتيا قال فيه: "أي أحد يلمس شعرة من أفراد عائلتي، قسما بجلالة ربي لن يبقى موظف في السفارة السعودية على قيد الحياة، وسأقدم على عمل لم يسبقني عليه أحد، وسأبيد كل شخص فيها".

لم يكتف هاشم بعدها بإعلانه الوقوف خلف التسجيل الصوتي، ومعارضته الشديدة للنظام، بل تعمد نشر فيديوهات متعددة تظهر مشاركته في مؤتمر لمعارضين سعوديين في بيروت.

إضافة إلى تأييده لحزب الله من خلال صورة وقف فيها على آلية عسكرية وخلفه علم للحزب، كاتبا "الصورة فيها كثير معانٍ ..المشكلة أنك سعودي صعب تفهم".

مرحب بهم 

لم يكن هاشم وحده الذي فتح له "الحوثي" أبواب صنعاء، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، أعلن الناطق العسكري للحوثيين يحيى سريع، بأن المعارضين للنظام السعودي “مرحب بهم” لديهم.

وشدد سريع على أن مناطق سيطرتها مفتوحة لهم، وذلك عندما رحب آنذاك بالمعارض السعودي، دخيل القحطاني، وهو ضابط سابق في سلاح الجو الملكي، ويقدم نفسه بصفته رئيسا ومؤسسا لـ"حركة تحرير جزيرة العرب"، والتي أعلن تدشينها من صنعاء.

ومنذ انطلاق عملية "عاصفة الحزم" بقيادة المملكة في مارس/آذار 2015، لدعم الحكومة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، ضد انقلاب المليشيا، أعلنت الحركة استقبال عدد من المعارضين السعوديين.

أبرزهم شيخ الطائفة الإسماعيلية في اليمن والسعودية، هادي القحص اليامي، والذي أعلن وصوله عام 2016.

ويذكر هنا أنه في عام 2017، أعلنت القوات الحكومية بمأرب إلقاء القبض على خلية مكونة من 4 سعوديين دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية، ويمنيين اثنين من الحوثيين كانوا يسهلون عملية الانتقال لصنعاء، وذلك في إحدى النقاط بالمحافظة، قبل أن تسلمهم لقيادة التحالف.

تمرد منتظر 

وفي مقابلة مع موقع "المسيرة" التابعة للحوثيين، في 20 مارس 2024، قال الناشط الحقوقي السعودي المعارض، علي آل أحمد، وهو مقيم في الولايات المتحدة الأميركية، إنه "يتوقع أن تحمل الأشهر القادمة إشارات تمرد واسع في الداخل السعودي بما فيها المؤسسة العسكرية". 

وأضاف أن "المرحلة القادمة ستكون مهمة في تاريخ جزيرة العرب، لأنها تحمل إشارات تمرد واسع في الداخل السعودي بما فيها المؤسسة العسكرية، وذلك بعد فشل غزو اليمن وقهر إرادة شعبه".

وأكمل: “ربما نرى هزيمة داخلية كبيرة لمحمد بن سلمان، وتقلص سيطرته على البلاد”، معربا عن اعتقاده بأن "النظام السعودي لن ينهار حاليا، لكن هناك تراجع كبير في شرعيته وقبوله محليا".

ويشير احتفاء الحوثيين بالمعارضين السعوديين واحتوائهم، إلى أنه تدشين لمرحلة جديدة من الرعاية والتدريب، سيكون لها ما بعدها. 

وفي 7 أبريل/ نيسان 2024، نشر الكاتب اليمني ياسين التميمي، مقالا لموقع "عربي 21" تحت عنوان: "الدلالات الخطيرة لوجود معارضين سعوديين في صنعاء". 

ومما دونه فيه: "سيكون لدى الحوثي مساحة كافية لابتزاز الجار الشمالي، وتهديده وإبقائه تحت رحمة المزاج السياسي والطائفي، وستعمل طهران ما بوسعها لتكريس سلطة ندية، مع قدرة على توظيف هذه الندية في كسر المقابل الإقليمي السعودي لها في المنطقة". 

وقال: "تعاني السعودية اليوم من ارتدادات الصفقة البائسة التي أبرمتها مع الحوثيين بضغط أميركي كبير، وأدت إلى تمكين الحوثيين من مصادرة الصلاحيات السيادية للدولة اليمنية، وأهمها منح وثائق الهوية والسفر، فهذا المعارض يتباهى بحصوله على جواز سفر ينهي القيود كافة التي وضعت أمام مهمته السياسية المعارضة للحكم في المملكة".

كما ذكر: "لذلك ستصبح صنعاء ملاذا ليس فقط للمعارضين السياسيين من السعودية وغيرها من دول المنطقة، ولكن أيضا ستتحول إلى غرفة عمليات متكاملة لإدارة مشهد الفوضى بالمملكة والمضي في خطة تمكين الأقليات الشيعية في المنطقة، ومنحها عمقا جغرافيا للتصرف والتأثير".

وأضاف: "هو أمر لا يمكن التعاطي معه بتأثير حقيقي، إلا عبر القوة العسكرية أي أن تضطر السعودية إلى خوض جولة حرب جديدة مع طرف سيتمتع هذه المرة بخطوط إمداد مفتوحة مع العالم كله وليس فقط مع إيران".