أزمة للجميع.. "فورميكي" ترصد مخاطر حكم طالبان على روسيا وإيران وأوروبا

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

فتحت مجلة إيطالية ملف الحروب التي عاشتها أفغانستان على مدار 4 عقود، مؤكدة أنها تثير الأشباح والمخاوف لدى أكثر من جيل من الشعب الروسي.

الأستاذ بالأكاديمية الرئاسية الروسية جيوفاني سافينو، رصد في مقال بمجلة "فورميكي" مخاوف الروس الذين يرعبهم خوض موسكو مغامرة خارجية جديدة في خضم تفشي وباء "كورونا"، والأزمة الاقتصادية. 

ولهذا السبب، يقول الخبير الإيطالي إن إعادة سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول "لا يعد خبرا سارا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

"بالابانوف" الدموي

واستدل في رأيه بأحد أشهر الأفلام الروسية بالعشرين عاما الأولى من القرن الـ21، للمخرج الروسي أليكسي بالابانوف بعنوان "Cargo 200"، والذي جرى تصويره عام 2007 وتعود أحداثه لعام 1984. 

الكاتب الإيطالي تحدث بالتحديد عن مشهد يرمز إلى ما يعنيه التدخل في أفغانستان بالنسبة للسوفييت.

المشهد يصور وصول طائرة "إليوشن 76" روسية يجري تفريغها لشحنة توابيت من الزنك لجنود روس قتلوا في أفغانستان.

"بينما يصعد جنود آخرون بسرعة لإرسالهم إلى حرب حاسمة من أجل التوازن الدقيق للاتحاد السوفييتي"، وفق تعبير كاتب المقال.

ويعتقد أنه "عندما يتعلق الأمر بأفغانستان، فإن ذاكرة الكثير من الروس تستحضر على الفور صور فيلم "بالابانوف" الدموي.

وكذلك ذكريات وشهادات أولئك الذين نجوا من المغامرة السوفييتية الأخيرة التي استمرت 10 سنوات (1979- 1988). 

الكاتب أشار إلى أنه "غالبا ما يجرى الحديث عن أوجه التشابه بين الحرب الأفغانية والحرب الفيتنامية التي استمرت 20 عاما تقريبا، دون الأخذ في الاعتبار الاختلافات الكبيرة". 

"عاد قدامى المحاربين الأميركيين من الأدغال إلى مجتمع مهتز ولكنه مستقر، حذرين ولكنهم كانوا قادرين على كي الجروح ومعالجة الصدمات الناجمة عن الحرب في فيتنام". 

"في المقابل، عاد الجنود السوفييت من الجحيم الأفغاني ليغرقوا في فوضى تفكك الاتحاد السوفييتي، وانهيار القيم والعادات التي كانت تعتبر القاعدة حتى عام 1991، وفق تعبير الخبير الإيطالي.

سافينو، لفت إلى أن "استعادة طالبان السيطرة على البلاد، يأتي بعد 40 عاما من غزو القوات السوفييتية لأفغانستان، وبعد 20 عاما من غزو أميركا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) لها".

وجزم بأن هذا "يكشف فشل جهود، موسكو ثم واشنطن، في قيادة أفغانستان إلى استعادة طريق الحياة الطبيعية باستخدام التدخل العسكري"، وفق تعبيره.

تأثيرات خطيرة

وأوضح الخبير الإيطالي أن "عواصم جمهوريات آسيا الوسطى ليست بمعزل عن التأثر بانعكاسات ما يحدث في أفغانستان".

أولى التأثيرات الخطيرة لتقدم الحركة وسيطرتها على المقاطعات الأفغانية وفق سافينو، ظهرت في فرار آلاف الأشخاص، وتدفق موجات كبيرة من المهاجرين عبر الحدود إلى أوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان".

ووصف ذلك بـ"العبء الهائل على بلدان آسيا الوسطى التي تعيش مشاكل اجتماعية واقتصادية تفاقمت بسبب تفشي وباء (كورونا) الذي حد من  التحويلات المالية من المقيمين القرغيزيين والطاجيكيين في روسيا".

على مستوى السياسة الخارجية، أشار الخبير الإيطالي إلى أن موسكو تواجه نفس المعضلة مع طالبان، متسائلا: فهل تدعم حكومة كابول المنهارة أم تناشد المجتمع الدولي للتدخل المشترك؟". 

وبحسب كاتب التقرير، يبدو الخيار الأخير مستبعدا للغاية بالنظر إلى الانسحاب الأميركي. 

واستدرك بالقول: ذلك ربما "يتكرر في المستقبل بطريقة ما، خاصة وأنه إذا كانت واشنطن بعيدة عن الحدود الأفغانية، فإن موسكو وبكين قريبتان جغرافيا". 

كما أن "إيران جارة كابول واستقبلت لعقود مئات الآلاف من اللاجئين، في حين أن الاتحاد الأوروبي ربما يجد نفسه في وضع مشابه لعام 2015، إثر تدفق آلاف الفارين من سوريا".

يرى الخبير الإيطالي أن "المشكلة تكمن في نوع التدخل الذي يجب تصوره لأفغانستان، لاسيما بعد فشل الخيارات العسكرية خلال 40 عاما، ما أدى إلى تفاقم الوضع". 

وأضاف أن "التدخل يتطلب أيضا محاورين، خصوصا وأن موسكو تحاول منذ فترة طويلة التفاوض مع طالبان والحكومة الأفغانية".

في رؤيته فإن "تطمينات طالبان بعدم التدخل في دول آسيا الوسطى وروسيا حيث يعيش 30 مليون مسلم، لا تأخذ في الاعتبار الديناميكيات الناتجة عن انتصار الحركة بين التنظيمات الإسلامية بمنطقة أوراسيا من القوقاز إلى شينجيانغ الصينية". 

ويشرح الخبير الإيطالي أن "موسكو حاليا غير قادرة، على ضمان تدخل أحادي الجانب في أفغانستان خصوصا وأنها متورطة على جبهات مختلفة، من سوريا إلى إفريقيا، وحتى إقليم قرة باخ، وإلى الوضع المعقد في بيلاروسيا".

 "لذلك فتح جبهة جديدة يعني توظيف موارد بشرية وعسكرية واقتصادية أكثر، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى إحداث أزمة لم يسبق لها مثيل بالنسبة لبوتين"، وفق كاتب المقال.

في ختام مقاله أكد أن "الروس غير مستعدين لاستقبال حمولة توابيت أخرى ثقيلة عائدة من الجبال والأودية الأفغانية في صمت".