استعدادا للأسوأ.. هل تدخل المستشفيات الخاصة بتونس على خط أزمة كورونا؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

عاشت صحيفة "لوموند" الفرنسية يوما بين التونسيين تستطلع أوضاعهم في ظل أزمة تفشي كوفيد-19 "كورونا" في البلاد التي تواجه صعوبات شديدة في مواجهة الجائحة.

الصحيفة تحدثت عن تقديم مؤسسة "القديس أوغسطين" الصحية في تونس العاصمة، استشارات مجانية وعمليات جراحية لأشد التونسيين فقرا يومي 2 و3 أغسطس/ آب 2021، لتخفيف الضغط على المستشفيات العمومية.

اليومية الفرنسية وصفت الوضع في المصحة بـ"الهدوء المستتب" الذي يسود أقسام الطوارئ في العيادة، مشيرة لوضع امرأة تغفو في مقعد منتظرة استشارتها في غرفة استقبال بها قليل من المرضى.

واعتبرت أن المشهد الهادئ بالمصحة يتباين تباينا غريبا مع صور المستشفيات العامة المتكدسة إثر تفاقم أعداد المصابين بـ"كورونا" التي جرى تداولها في تونس يوليو/ تموز وأغسطس/ آب 2021.

لفتت "لوموند"، إلى أن مصحة القديس أوغسطين، ساعدت المؤسسات العامة التي اضطرت إلى تأجيل بعض العمليات الجراحية لأجل رعاية مرضى كورونا.

الطبيب في المصحة شفيق صميدة يقول: "لقد كانت وسيلة للمشاركة وربما أيضا لتشجيع بقية القطاع الخاص على اتخاذ المبادرات".

ومنذ بداية الجائحة، انتقد تونسيون المؤسسات الصحية الخاصة لتركها المستشفيات العمومية للتعامل مع موجات العدوى بفيروس كورونا وحدها.

صميدة، الذي يعتقد أن المسؤوليات مشتركة مع وزارة الصحة التونسية يعترف قائلا :"من الواضح أننا لم نكن على مستوى الأزمة".

اعتبارا من 12 أغسطس/ آب 2021، جرى تسجيل 21 ألفا و220 حالة وفاة بسبب الجائحة في تونس، بمعدل إيجابي قدر بـ23 بالمئة.

إنقاذ سريع

الصحيفة الفرنسية من معايشتها الأزمة أكدت أنه جرى نقل 42 مريضا لمصحة القديس أوغسطين للتداوي وإجراء الجراحة في ذروة موجة كورونا في يوليو/ تموز 2021.

وأكدت أنه "حاليا لا يزال منهم فقط 15 مريضا، إذ انخفض عددهم لدور الطبيب صميدة الذي كرس نفسه للمرضى الذين أتوا لإجراء عمليات جراحية مجانية".

في المرحلة الأولى لاستقبال المرضى بالمصحة، جرى ختان المولودين حديثا من الذكور، الذين يمكن التعرف عليهم من اللباس التقليدي المسمى بـ"الجبة" ومن أقدامهم المصبوغة بالحناء.

يقول الطبيب صميدة عن ذلك: "كثيرون أخروا عملية الختان بسبب كورونا".

وأوضح للصحيفة أنهم "لم يرغبوا في المخاطرة بنقل أطفالهم إلى المستشفيات التي يوجد فيها حالات مصابة بالفيروس".

أمل بوعلي (36 عاما)، جاءت للمصحة من حي التضامن الشعبي في تونس، لإجراء عملية ختان ابنها، وتقول: "رأيت إعلان المصحة بـ(فيسبوك)، وفي البداية لم أصدق لكن جرى الاعتناء بنا".

في غرفة مجاورة، يوجد ناصر زبير، وهو مستلق على سريره وزوجته بجانبه وبينما بترت ساقه بسبب التهاب في الشرايين لم يجر علاجه.

يشرح ناصر حاله ويقول للصحيفة: "أعيش في الضاحية الجنوبية للمروج، وعادة ما أرتاد مستشفى (الرابطة) العمومية، لكن يصعب الآن التخطيط لعمل جراحة، فهناك الكثير من الناس".

مليكة العربي (56 عاما)، وأم لخمسة أطفال، جاءت لإجراء عملية جراحية للفتق في المصحة المذكورة، تقول: "آمل أن يساعدونا أيضا في تقديم الأدوية والمتابعة".

في المجمل، ذكرت "لوموند"، أنه جرى نقل 40 مريضا إلى المصحة للعلاج مجانا في أوائل أغسطس/ آب 2021.

ويأمل الطبيب صميدة أن تعطي مبادرته دفعة جديدة للتعاون الذي كان صعبا في السابق بين وزارة الصحة والقطاع الخاص.

ويقول: "اقترحت خلال الموجة الأولى من كورونا أن تضع كل عيادة سريرين للإنعاش تحت تصرف الوزارة، لتجنب المشاهد التي شاهدناها بعد ذلك عند وصول الذروة".

ويشير إلى مشاهد "سيارات الإسعاف التي تجوب المستشفيات لتبحث بيأس عن أماكن للعناية المركزة"، ويؤكد أن "المناقشات مع السلطات في هذا الإطار باءت بالفشل".

الوضع السياسي

وعلقت الصحيفة بالقول: إنه "مقترح لم يساعد الوضع السياسي على تحسينه"، لافتة إلى تعيين "خمسة وزراء صحة تلوا بعضهم البعض في تونس منذ بداية الوباء في مارس/ آذار 2020".

وأشارت إلى أن الحكومة التونسية دعت أخيرا إلى توفير تسع عيادات خاصة في 18 يوليو/ تموز 2021، عندما وصل نقص الأكسجين إلى نقطة حرجة في المستشفيات العمومية.

رئيس نقابة العيادات الخاصة بوبكر زخامة، يقول: "تمكنا من توفير مصحات بمنطقة الساحل وصفاقس وتونس الكبرى، لكن الأمر لم يدم طويلا".

ويضيف: "جرى علاج 15 مريضا فقط لمدة 4 أيام تقريبا، لأن العديد من المستشفيات كانت قادرة في ذلك الوقت على تلقي الأكسجين بفضل التعبئة الدولية والتبرعات".

وأكدت الصحيفة أن "ماحدث خطوة متأخرة"، وبحسب الطبيب صميدة، "يجب التجهز للجائحة بشكل أفضل في المستقبل".

وألمحت "لوموند" إلى أن صميدة، "في ذروة الوباء، كان عليه هو نفسه إدارة معدل اشتغال يقارب 80 بالمئة من الأسرة في وحدة العناية المركزة في مصحته".

وأكدت أنه "حاليا، تواجه البلاد عددا كبيرا من الحالات، ولكنها تسرع حملة التطعيم، إذ تلقى التونسيون نحو 5 ملايين جرعة في غضون أسابيع قليلة بفضل التبرعات الخارجية والاتفاقيات الثنائية".

حملة التطعيم لمن هم فوق سن الـ40 نجحت، في 8 أغسطس/ آب 2021، إذ جرى تطعيم 500 ألف تونسي في يوم واحد ما يعني 4 بالمئة من السكان".

وجرى التخطيط لحملة جديدة في 15 أغسطس/ آب 2021، خاصة بالشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عاما.