صحيفة تركية: "لعنة النفط" تنزل العقوبات على إيران وفنزويلا

12

طباعة

مشاركة

فنزويلا وإيران من كبريات الدول في العالم التي تتمتع باحتياطات نفطية كبيرة ويعتمد اقتصادها الأساسي عليها، ومع ذلك هي محرومة من التمتع بها نظرا للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها. المشكلة ليست فقط في النفط ولكن أيضا في مسألة التبعية والخضوع.

وأوضح دكتور العلوم السياسية والاقتصاد الباحث التركي، إردال طاناس كاراجول، في مقال له على صحيفة "يني شفق"، أن تلك الدول تعتمد بدرجة أساسية على الاقتصاد الريعي، أي الحصول على عائدات النفط دون أن يكون هناك مصادر أخرى للدخل وهو قصور كبير في اقتصاداتها.

وقال الكاتب، إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أيّد في البداية، اتّباع نهج بطيء ومنح إعفاءات لحلفاء وشركاء تجاريين مثل الصين والهند وتركيا. والآن استبعدت الولايات المتحدة نحو مليوني برميل من النفط يوميا من الإمدادات العالمية بفعل العقوبات على قطاعي النفط في إيران وفنزويلا.

وذكر الكاتب بأنّ مهلة الإعفاء التي قدمتها واشنطن لثمان دول لاستيراد النفط من إيران لحين الوصول إلى بديل، انتهت في الثاني من مايو/أيار. وعليه؛ فإنّ الدول بما فيها تركيا، ممنوعة من استيراد النفط من إيران، بموجب العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، إذ منحت الولايات المتحدة إعفاءات مؤقتة -6 أشهر- على واردات النفط.

معادلة بترول جديدة

وعاد الباحث ليوضح أن إيران تتمتع بأكبر احتياطات النفط في العالم، لكن بعد اليوم وجراء العقوبات الأمريكية، لن تكون قادرة على تصدير النفط، وسيتم حرمانها من عائداته، التي تعد العمود الفقري لاقتصادها.

من ناحية أخرى، فإن فنزويلا التي لديها أكبر احتياطيات في العالم وهي الأولى في العالم، محاطة بمحاولة انقلاب مدعومة من الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة التي تدعم هذه الانقلابات التي تفشل تباعا في الأشهر الأخيرة. وما زالت فنزويلا محرومة من عائدات النفط بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

وتشهد البلاد توترا منذ 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، إثر زعم زعيم المعارضة، خوان غوايدو، أحقيته في تولي الرئاسة لحين إجراء انتخابات جديدة.

وأعلنت الحكومة الفنزويلية، الثلاثاء الماضي، إفشال محاولة انقلاب نفذتها مجموعة صغيرة من العسكريين مرتبطة بالمعارضة. وبالتزامن مع محاولة الانقلاب، ظهر غوايدو، في مقطع مصور محاطا بجنود مدججين بالسلاح، وإلى جانبه زعيم المعارضة السابق، ليوبولدو لوبيز، عند قاعدة جوية بالعاصمة كراكاس، وأعلنت كل من كوبا وبوليفيا وقوفهما إلى جانب الحكومة الفنزويلية ضد محاولة الانقلاب التي قامت بها مجموعة من العسكريين مرتبطة بالمعارضة.

وهنا يتابع الكاتب، بمعنى آخر، إيران وفنزويلا من بين الدول الأربع الأولى في العالم التي لديها الاحتياطيات النفطية الأكبر في العالم محرومة من عائداتها، وبالتالي هي مجبرة على الخروج من أسواق الطاقة العالمية.

ومن الواضح أن هذه الدول لن تكون قادرة على المشاركة في معادلة الطاقة مع الهياكل والسياسات السياسية الحالية، وفق السياسات التي تتبعها الإدارة الحالية للولايات المتحدة الأمريكية.

لصالح السعودية والإمارات

ومع تراجع إيران وفنزويلا، أصبحت السعودية والإمارات العربية المتحدة أكثر الدول ظهوراً في الأسواق العالمية. ومن أجل القضاء على التقلبات في أسعار النفط وتقليل ردود الفعل في الأسواق الدولية بسبب تعطيل إيران لصادراتها النفطية، يضيف الكاتب، تتفاوض أمريكا مع هذه البلدان من أجل زيادة صادراتها، الأمر الذي أعلنته السعودية قبل أيام بشكل صحيح وتعمل بالفعل على ذلك.

وتحت عنوان "يوجد بترول.. يوجد همّ"، تساءل الكاتب؛ "هل النفط ملعون؟" وهو أحد الأسئلة المطروحة على البلدان التي لديها احتياطيات نفطية.

تحتل فنزويلا المرتبة الأولى بين الدول التي لديها احتياطيات نفطية في العالم، ويبلغ احتياطها 300 مليار برميل، وأوضح دكتور الاقتصاد أنه وعلى الرغم من أن فنزويلا تتقدم السعودية وكندا وإيران في احتياطاتها النفطية، إلا أنها تعاني من مشاكل اقتصادية.

وتابع المقال، في فنزويلا الغنية بالنفط، لا تعمل محطات الطاقة، لذلك يجب على الناس البقاء في الظلام. وبسبب الوضع الفوضوي الناجم عن عدم الاستقرار السياسي وعدم وضوح الرؤية، "من الضروري التأكيد على أن الفقراء للغاية يغادرون البلاد للاستقرار في الخارج"، بحسب المصدر ذاته.

وشدد كاراجول على أن هناك محاولات انقلابية في فنزويلا مستمرة، مضيفًا، على الرغم من البترول والثورة الهائلة هناك، فإن البلاد تعاني من يأس اقتصادي كبير وفوضى سياسية. وذات الأمر منعكس على إيران، إذ لا يمكن لإيران أن تتخلص من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وفي نفس الوقت تواجه العديد من المشكلات في القطاعات الاقتصادية.

ويسأل الكاتب هل الهدف من الإجراءات المطبقة على هذين البلدين -فنزويلا وإيران- هو الحصول على بترولهما وفق الطريقة الأمريكية، أم النيل من استقلال الدولتين؟ وما يعرف بالتبعية السياسية؟! إذ أصبحت الدول الغنية بالنفط تعاني بالفعل من التبعية والمشاكل الاقتصادية.

تصبح هدفا

وكان وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، قال، إن التدخل العسكري الأمريكي في فنزويلا "وارد إذا تطلب الأمر". تصريح المسؤول الأمريكي جاء غداة "محاولة انقلاب فاشلة"، نفذتها مجموعة صغيرة من العسكريين ضد حكومة الرئيس نيكولاس مادورو.

وصرّح بومبيو أن "ترامب واضح للغاية وثابت على مبدئه، العمل العسكري وارد، هذا ما ستفعله الولايات المتحدة إذا تطلب الأمر ذلك". واستطرد قائلًا: "لكن الولايات المتحدة تفضل انتقالًا سلميًا للسلطة في البلاد، يغادر بموجبه مادورو، وتجرى انتخابات جديدة". وبهذا الصدد، قال بومبيو بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها بالفعل إدارة ترامب لوقف دعم كوبا لمادورو، "هناك المزيد سنواصل العمل عليه".

هنا يوضح الكاتب هذه المسألة بقوله: في هذه البلدان الغنية بالنفط والغاز الطبيعي، فإن تنويع الاقتصاد أي تنمية القطاعات الأخرى، ليس أولوية ولا يوجد أي تمويل أو توفير من هذه المصادر إلى المستقبل، يعني أن الدول هذه تعتمد بشكل أساسي على ما يعرف بالاقتصاد الريعي.

عندما تنشأ أزمة أو عقوبات أو مشكلة سياسية محتملة في هذا القطاع، فإن هذه البلدان هي وحدها التي تعاني من الأزمة الاقتصادية بسبب الاعتماد الكبير على عائدات الطاقة.

واستدرك الكاتب: "إن البلدان الغنية في مجال الطاقة، التي لها مصادر دخل كبيرة متنوعة، تصبح أهدافًا أيضًا عندما تغدو قوة اقتصادية، وعندما تشارك هذه الموارد والمكاسب الاقتصادية مع مواطنيها، ونرى أن هذه الدول أصبحت هدفا كما في فنزويلا".

وفي هذا الصدد، فإن الآثار السياسية والاقتصادية للبلدان التي تعتمد على إيرادات الطاقة الفردية مثل النفط والغاز الطبيعي تنطبق أيضا على جميع المنتجين الذين لديهم احتياطيات نفطية كبيرة.