رغبة سعودية ويمنية.. هل تصنف "الحوثيين" جماعة إرهابية؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في جلسة استثنائية عقدت في مدينة سيئون بحضرموت، ناقش مجلس النواب مشروع قرار مقدم من الحكومة يقضي بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وبعد مناقشة مستفيضة، وانقسام واسع بين أعضاءه، أحال البرلمان مشروع القانون، إلى لجنته الدستورية لدراسته ومراجعته ورفع النتائج للمجلس.

مشروع القرار المقترح نص على اعتبار جماعة الحوثيين وكل من ينتمي إليها بجميع تكويناتها ومسمياتها من مرجعيات دينية واجتماعية ومجالس سياسية ومشرفين ومدنيين وعسكريين، جماعة إرهابية، واعتبار كل ما صدر عن الجماعة من تعيينات وتكليفات أو أحكام باطل، ولا تترتب عليه آثار سواء بحق الدولة أو الأفراد.

بحسب وكالة الأنباء اليمنية سبأ، نص مشروع القرار على "اعتبار كل ما أقدم عليه الحوثيون منذ انقلابهم واستيلائهم على الدولة، أعمالا إرهابية مجرمة وفقا للدستور اليمني والقوانين السارية، ويجب تحقيق أقصى العقوبات عليها، وفقا لجرائم العقوبات اليمني، كتهمة تندرج تحت بند الخيانة الوطنية والتخابر مع إيران وتلقي الدعم من جيشها المتمثل بالحرس الثوري،  والانقلاب على مخرجات الحوار الوطني الذي كان الحوثيون أحد الموقعين عليه".

البرلمان دعا في وقت سابق، الحكومة الشرعية إلى قطع كافة  أشكال العلاقات مع الدول الداعمة لجماعة الحوثي، مؤكدًا أن استمرار تلك العلاقات يشكل ضررًا بالغًا على الشعب اليمني.

رغبة سعودية ونقاش أمريكي

في 30 أبريل/نيسان 2019، طالبت السعودية مجلس الأمن، باعتبار الحوثيين منظمة إرهابية، وإدراجها في قوائم الإرهاب الدولية، وفي الكلمة التي ألقاها بمجلس الأمن الدولي في نيويورك، طالب مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي المجلس بأن يتحلى بالجرأة ـ حسب قوله ـ ويقوم بتسمية الأطراف المعرقلة لعملية السلام في اليمن.

مطالبة السعودية لم تكن الأولى من نوعها فقبل نحو شهر طالبت مجلس الأمن بالبدء في مناقشة "تصنيف مليشيات الحوثي المدعومة من إيران ومليشيات حزب الله بكونهما تنظيمين إرهابيين مع إنشاء لجنة عقوبات تعنى بذلك"

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكيَّة، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تبحث تصنيف جماعة الحوثي في اليمن كجماعة إرهابية، كجزء من حملة أمريكية لإنهاء الحرب في اليمن، ومواجهة إيران.

وقال مسؤولون أمريكيون للصحيفة، إن هذه الخطوة إن تمت من قبل الخارجية بشكل رسمي، ستفرض عزلة أكبر على الحوثيين، إلا أنها تدفع بمخاوف أن يؤدي القرار الأمريكي، إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن المتأزمة بالفعل، ولا تضع نهاية للحرب الأهلية.

ولفتت الصحيفة إلى أنه تم مناقشة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية منذ عام 2016 على الأقل، لكن الموضوع عاد لمناقشته بشكل كبير من قبل البيت الأبيض، الأشهر الأخيرة، حيث يسعى البيت الأبيض للتوصل إلى موقف صارم تجاه الجماعات المرتبطة بالإيرانيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

تداعيات القرار

في حال تم اعتبار الحوثيين جماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، فإنه، بحسب الواشنطن بوست، "من المرجح أن يؤدي التصنيف إلى تجميد الأصول المالية لحركة الحوثي، التي تسيطر على المؤسسات الحكومية في المناطق التي تحتلها. كما سيتم فرض حظر السفر والعقوبات الأخرى على من يعتقد أنهم يقدمون "دعما ماديا" للجماعة المسلحة".

لكن جايسون بلازاكيس، الذي أشرف في السابق على مكتب وزارة الخارجية حول تسميات الإرهاب، قال إن مثل هذا التحرك ضد الحوثيين "سيكون رمزياً في معظمه، كون الحوثيين لا يستخدمون النظام المالي الدولي، ولن يتأثر سوى عدد قليل من الحوثيين بفرض حظر على السفر إلى الولايات المتحدة".

لكن بلازاكيس، الذي يعمل الآن أستاذا بمعهد ميدلبوري للدراسات الدولية في مونتيري، قال إن "التصنيف سيسمح لحكومة الولايات المتحدة بمقاضاة الأفراد الذين يعتقد أنهم يساعدون الجماعة. إدارة ترامب تدرس أيضا خطوات أخرى، دون وصف الإرهابيين، يمكن للولايات المتحدة أن تتخذها لمعاقبة الحوثيين".

انقسام برلماني

مشروع القانون الأخير لم يلق إجماعا من قبل أعضاء مجلس النواب، فنائب رئيس المجلس عبد العزيز جباري، دعا إلى التريث قبل إقراره، قائلا: "القانون لن يخدم عملية السلام، وسوف يقطع أي فرص للمفاوضات معها (جماعة الحوثي) مستقبلا، ولن تكون هناك صفة قانونية لإجراء محادثات مع جماعة إذا تم اعتبارها إرهابية، مضيفا "لا يعني هذا أنها ليست ميلشيا مسلحة انقلبت على الدولة بقوة السلاح، وارتكبت جرائم لا حصر لها بحق الشعب اليمني".

على النقيض تماما، النائب محمد الحزمي يرى وجوب إقرار القانون، قائلا "القانون لا يمنع من التفاوض معها مستقبلا، مستشهدا بحركة طالبان المصنفة أمريكيا وعالميا كحركة إرهابية، ولكن يتم التفاوض معها اليوم"، مضيفا: "كانت هناك منظمات تصنف في القانون الدولي والإثيوبي إرهابية، لكن تم التفاوض معها، ليتم تحديث القانون وتعديله".

الحل الدبلوماسي

الباحث المتخصص في العلاقات الدولية علي الجراش، تحدث إلى "الاستقلال" قائلا: "يجب تجريم تلك الجماعة واعتبارها إرهابية، وأي آمال بإجراء مفاوضات ناجحة معها مستقبلا، إنما هي أوهام، فالجماعة لها سجل من التحايل والخداع، ولم تخضع يوما أو توفي بأي اتفاقات أو معاهدات".

الجراش أضاف: "لا توجد معاهدة واحدة التزمت بها الجماعة منذ مؤتمر الحوار الوطني وحتى اتفاق السلم والشراكة إلى اليوم، ما يعني أن أي مفاوضات أو محادثات قادمة معها لن تكون مجدية".

وأوضح أن "الجماعة تستفيد من كل تلك المفاوضات على عدة مستويات، فهي تمنحها وقتا يمكنها من إعادة ترتيب صفوفها مع أي جهود دبلوماسية، ومحادثات ستوكهولم الأخيرة خير دليل، حيث تحايلت عليها الميلشيا ولم تنفذها حتى اللحظة، مع أنها وقعت على مخرجات المفاوضات، واستعدت لتنفيذها، ما يعني أن الحل الأوحد مع هذه الجماعة هو اعتبارها جماعة إرهابية، وحل المسألة معها عسكريا".

عبد العزيز المفلحي مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي، أكّد أن "تصنيف المليشيات الحوثية وقياداتها كجماعة إرهابية هو مطلب شعبي قبل أن يكون مطلباً حكومياً" قائلا في تصريح صحفي سابق، إن "استخدام الانقلابيين للسلاح ضد اليمنيين يمثّل كارثة حقيقية وعملاً إرهابياً.

المفلحي لفت إلى أن "الحوثيين يردّدون ثقافة الموت كما هو الحال لدى المنظمات الإرهابية، ولذلك يجب حظر نشاطهم باعتبار أن جرائمهم تهدّد الأمن والسلم العالميين"، مضيفا أن "الأدلّة المتوفرة تكشف تطابق نهج المليشيا الانقلابية مع الأعمال الإرهابية لمنظّمات مثل القاعدة، وتنظيم الدولة، فضلاً عن استهدافهم للسفن والبوارج البحرية، ما يؤكّد أن لديهم مخططاً لنقل عملياتهم إلى دول عدة خارج اليمن".

الحكومة الشرعية

وفي سياق الحديث عن حاجة الحكومة لإصدار قانون يعد الحوثيين كجماعة إرهابية، يقول الكاتب مراد محمد، في حديث لـ"الاستقلال": "من الناحية الفعلية الحكومة الشرعية لو ركزت على تفعيل مؤسساتها وتعزيز تواجدها العسكري في أماكن معينة، قد يكون هذا مفيدا أكثر من تصنيف جماعة الحوثي إرهابية، فما الذي بيد الحكومة عمله حاليا، لا سيما وهي في المنفى".

وكان مجلس الأمن قد فرض عقوبات على كل من زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي والقيادي في الجماعة أبو علي الحاكم، في القرار الأممي رقم 2216، غير أن ذلك القرار لم يحدث أثرا فاعلا في تقويض نشاط الجماعة وأنشطتها العسكرية وتحويلاتها المالية.