خاصة فرنسا.. لوموند: أوروبا "قلقة" من تزايد نفوذ تركيا في الساحل الإفريقي

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية إلى قلق أوروبي كبير خاصة لدى فرنسا، من ظهور تركي لافت في منطقة الساحل الإفريقي الغربي الذي يشهد العديد من الخصومات الجيوسياسية والصراعات بين قوى عظمى عالمية على النفوذ.

طموحات تركيا في المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية تزعج بشكل متزايد فرنسا والقوى الأجنبية الحاضرة بجنوب الصحراء الإفريقية.

خاصة وأن المنطقة شاسعة وتمتد عبر خمس دول معظمها ذات أغلبها مسلمة هي بوركينا فاسو، ومالي، وموريتانيا، والنيجر، وتشاد.

مجموعة الأزمات الدولية غير الحكومية "ICG" (منظمة دولية معنية بمنع حدوث وتسوية النزاعات الدموية حول العالم) تحدثت في مذكرة لها عن الظهور التركي بتلك المنطقة.

هانا أرمسترونج محللة المجموعة قالت في المذكرة الصادرة يوم 27 يوليو / تموز 2021: "حتى الآن، تبدو المصالح التركية في منطقة الساحل ذات طبيعة اقتصادية بالدرجة الأولى".

وأضافت: "لكن تقارب أنقرة الأخير مع بعض عواصم الساحل يمكن أن يغير قواعد اللعبة".

المذكرة أكدت أنه "جرى تجاوز الخطوة التركية الأولى في المجال العسكري في يوليو/ تموز 2020، بتوقيع اتفاقية دفاع ثنائية بين النيجر وتركيا".

ولفتت إلى أن "هذا التعاون الذي بقيت تفاصيله طي الكتمان، يشمل إرسال جنود أتراك لتدريب ودعم قوات النيجر في قتالها ضد منظمة (بوكوحرام)، وتأمين الحدود مع مالي وبوركينا فاسو".

"اتفاق يضع الأساس للدعم التشغيلي المباشر في الحرب ضد الجماعات المسلحة"، بحسب ماذكرته محللة مجموعة الأزمات الدولية.

باريس وأنقرة

"لوموند"، قالت: إنه في الوقت الذي عقدت فيه أنقرة اتفاقية عسكرية مع النيجر، امتد النفوذ السياسي التركي إلى مالي المجاورة.

وفي أغسطس/ آب 2020، بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا المعروف باسم "آي بي كي"، كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أول مسؤول خارجي رفيع المستوى يلتقي الحكام الجدد.

هانا أرمسترونج، قالت عن الزيارة: إنها "أسالت الكثير من الحبر"، مضيفة: " رأى البعض في تلك الزيارة علامة على الدعم التركي الذي يعتبر في حد ذاته هجوما على المصالح الفرنسية التي يمثلها، كيتا"، وفق قولها.

وتعتقد الباحثة أن "هذه الادعاءات، سواء ثبتت أم لا، فإنها تمثل نقطة تحول".

اليومية الفرنسية، أشارت إلى أنه حتى ذلك الحين، كان عدم التفاهم بين باريس وأنقرة يدور بالبحر المتوسط​​، لكن لا يستبعد أن تكون هذه الخصومات الآن أكثر حدة في جنوب الصحراء.

وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي لم تتردد أمام مجلس النواب، في 12 يناير/ كانون الثاني 2021، في الحديث عن التوغل التركي غرب الصحراء.

وقالت: "تركيا واحدة من الدول التي سعت لفرض نفسها، والتسلل إلى الفجوات، والمشوهة الدائمة لسمعتنا".

الوزيرة الفرنسية أعربت عن مخاوفها وأضافت أن منطقة الساحل أصبحت "قضية نفوذ بين القوى العظمى"، مؤكدة أن "فرنسا في وضع صعب هناك".

ولفتت إلى فشل بلادها بالمقابل، مبينة أنه "على الرغم من تسع سنوات من تدخل قوات (سيرفال) ثم (برخان) في مالي، إلا أن الهجمات المسلحة امتدت إلى بوركينا فاسو والنيجر".

"لوموند"، أشارت إلى أنه للخروج من ذلك المستنقع، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم 10 يونيو/ حزيران 2021، عن "تحول عميق" في الوجود الفرنسي.

وقرر تقليص 40 بالمئة من القوات المنتشرة في الغرب الإفريقي (5100 جندي الآن)، وتسريع تدريب القوات وجيوش الساحل وتدويل مكافحة الجماعات المسلحة.

وفي تعليقها قالت هانا أرمسترونج: إن "الأمر لا يخلو من المخاطر وأن هذا التحول في الإستراتيجية يترك مساحة ويخلق فرصا للاعبين الناشئين مثل تركيا".

وأضافت أنه "يجب علينا منع المنافسات الخارجية الجديدة من الدخول في صراعات بشأن منطقة الساحل وزيادة تفاقم عسكرة المحيط هناك".

أهداف أيديولوجية

أرمسترونج، أشارت أيضا إلى أن نفوذ أنقرة يتركز الآن "في مجالات الرعاية الصحية والحصول على المياه والتعليم".

وأكدت في مذكرتها أن المساعدات التنموية المخصصة لدول الساحل بلغت حوالي 61 مليون دولار بين عامي 2014 و2019، أي أقل بكثير من 8 مليارات ضخها الاتحاد الأوروبي بنفس الفترة.

"لكن تركيا تستثمر أيضا في البنية التحتية للطرق والمطارات والمستشفيات، كما زاد حجم التجارة مع مالي 10 أضعاف بين عامي 2003 و2019، من 5 ملايين دولار إلى 57 مليون دولار"، وفق أرمسترونج.

التي قارنت بين تلك السياسة وتلك التي تنتهجها تركيا في القرن الأفريقي، موضحة أنه "في عام 2011، قدمت أنقرة بالفعل مساعدات إنسانية للصومال، الذي كان آنذاك في أتون المجاعة".

وتابعت: "بعد 6 سنوات، جرى بناء أكبر قاعدة تدريب عسكرية لتركيا في الخارج في مقديشو، وأصبح لها روابط قوية مع شخصيات دينية مؤثرة هناك".

مجموعة الأزمات الدولية أشارت إلى أن "خصوم تركيا يعتبرون وجودها بالبلدان الإسلامية الإفريقية يعكس أهدافا أيديولوجية، تتمثل في تحسين آفاق تيار الإخوان المسلمين والإسلاميين الآخرين".

وأكدت المجموعة أن "هذه قناعة مشتركة في قصر "بوربون" مقر الجمعية الوطنية الفرنسية "البرلمان".

وفي تقرير عن عملية "برخان" نشر في أبريل/ نيسان 2021، شدد النواب على "رغبة الرئيس أردوغان في الظهور كزعيم جديد للدول الإسلامية السنية".

وذكر التقرير أنه في منطقة الساحل، "تعمل دول الخليج أيضا تدريجيا على تعزيز حضورها الاقتصادي والثقافي".

اتجاهان متنافسان

"لوموند" رصدت حضور تيارين دينيين متنافسين بأرض جنوب الصحراء، عبر أعمال تقوم بها منظمات غير حكومية ومجتمع مدني.

وأشارت إلى منافسة ما أسمته بـ"الوهابية السعودية"، والإسلام القريب من جماعة الإخوان المسلمين، واصفة إياهم بـأنهم راسخون في الميدان السياسي المستوحى من تركيا وحليفها القطري.

وجزمت بأن "كل توجه يسعى لبسط نفوذه ببناء المساجد والمدارس الدينية ودعوات الحج والتدريب الديني في الخارج".

ووفقا لمجموعة الأزمات الدولية، فإن "الرابطة الدينية التي تروج لها أنقرة تغري سكان منطقة الساحل الذين رحب العديد منهم بتركيا كلاعب رئيس لديه قواسم مشتركة معهم أكثر من أوروبا وروسيا والصين".

المجموعة قالت: إن "التقارب بين تركيا والساحل مستمر في التنامي".

في أبريل/ نيسان 2021، عقب تخصيص أنقرة 5 ملايين دولار لقوة مكافحة الإرهاب المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمسة، زار وفد من الهيئة التمثيلية لدول الساحل أنقرة.

ووفقا لبيان صدر في 10 أبريل/ نيسان 2021، تمكنت من القيام بجولة في المركز الرئيس لشركات تنشط في قطاع الدفاع التركي "بهدف اقتناء معدات لقواتها".

"لوموند" ختمت تقريرها بالإشارة إلى أن هذه المهمة تمثل "نقطة تحول حاسمة في توطيد تنويع التعاون بين مجموعة دول الساحل الخمسة وهذا الشريك المفضل (تركيا)"