معطيات جديدة.. هل يعود نوري المالكي رئيسا لحكومة العراق المقبلة؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لم يكد يمضي أكثر من أسبوعين على إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانسحاب من المشاركة في الانتخابات العراقية، حتى أعلن ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، السعي لتحقيق الأغلبية البرلمانية والحصول على رئاسة الحكومة المقبلة.

خلال خطاب تلفزيوني في 15 يوليو/ تموز 2021، أعلن الصدر الانسحاب من الانتخابات لـ"الحفاظ على ما تبقى من الوطن، وإنقاذ الوطن الذي أحرقه الفاسدون وما زالوا يحرقونه"، مؤكدا: "أعلمكم بأنني لن أشترك بهذه الانتخابات، فالوطن أهم من كل ذلك".

حديث ائتلاف "دولة القانون" الذي يعتبر خصما للتيار الصدري اللدود، عن عودة المالكي إلى السلطة، أثار تساؤلات عدة عن المعطيات التي اعتمد عليها لإعلان ترشحه مجددا لرئاسة الوزراء، وفرص نجاحه في تولي ولاية ثالثة، بعد رئاسته حكومتين في 2006 إلى 2014.

معطيات جديدة

غياب التيار الصدري عن الانتخابات، ولا سيما أنه كان يريد الحصول على رئاسة الحكومة لأول مرة منذ عام 2003، يبدو أنه مثل فرصة كبيرة لائتلاف "دولة القانون" للحديث عن سعيه للحصول على الأغلبية البرلمانية، وتسلم المالكي رئاسة الحكومة المقبلة.

الأمر الآخر الذي قرأته وسائل إعلام عراقية، هو ما كشفته في 29 يوليو/ تموز 2021 عن عقد الصلح بين رئيسي الوزراء الأسبقين نوري المالكي، وحيدر العبادي، في اجتماع عقد بمنزل الثاني للمجلس التنسيقي للقوى الشيعية، وحضور الأول اجتماعا آخر حضره الأخير.

وحصلت خلافات بين المالكي والعبادي على خلفية تسلم الأخير منصب رئاسة الحكومة العراقية خلفا للأول عام 2014، الأمر الذي انعكس على حزب الدعوة الإسلامية الشيعي الذي يقوده الاثنان.

إذ يشغل المالكي منصب الأمين العام ويتولى العبادي رئاسة هيئته السياسية.

وخلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مايو/أيار 2018 قرر الطرفان الدخول بقائمتين منفصلتين، ليعلن العبادي بعدها الانسحاب رسميا من قيادة حزب "الدعوة الإسلامية" وعدم مشاركته في انتخاباته الداخلية التي حصلت في يونيو/حزيران 2019.

وفي فبراير/ شباط 2021، أظهر المالكي طموحه إلى حكم العراق مجددا على الرغم من التراجع الشديد في شعبيته بفعل حكمه، حيث شهدت الدولة العراقية تراجعا كبيرا على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وإهدار مئات المليارات من عوائد النفط، وانتهاء بكارثة سيطرة تنظيم الدولة على ثلث مساحة البلاد عام 2014.

وأعاد المالكي تقديم نفسه بصفته "صديقا" للرئيس الأميركي جو بايدن، كما صرح بذلك في فبراير/شباط 2021 عارضا وساطته بين طهران وواشنطن بشأن الخلافات حول الاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية الشديدة المفروضة على إيران من قبل الولايات المتحدة.

وغير بعيد عن عملية التسويق المبكرة تلك، قول المالكي خلال مقابلة تلفزيونية في فبراير/شباط 2021: إنه مؤهل لتولي منصب رئيس الوزراء مجددا وإنه في حال تكليفه بالمنصب من القوى السياسية والبرلمان فإنه "لن يتراجع عن التكليف في أشد الظروف صعوبة لمساعدة العراق".

فرصة مواتية

وتعليقا على إمكانية وصول المالكي إلى رئاسة الحكومة المقبلة، قالت مصادر سياسية عراقية طلبت عدم كشف هويتها في حديث لـ"الاستقلال": إن "اسمه بدأ يتردد داخل القوى السياسية لإعادة توليه لمنصب رئاسة الوزراء بإرادة إيرانية، خصوصا مع وصول إبراهيم رئيسي إلى رئاسة إيران".

وأفادت المصادر بأن "هناك قراءات سياسية تفيد بأن الانتخابات البرلمانية قد تؤجل إلى شهر يونيو/ حزيران 2022، وإقالة (رئيس الوزراء الحالي) مصطفى الكاظمي من منصبه وتسمية نوري المالكي رئيسا للحكومة".

وأشارت إلى أن "القوى الموالية لإيران تسعى إلى إزاحة الكاظمي من منصبه قبل الانتخابات".

وفي الوقت نفسه، يبدي المالكي حرصا شديدا للمشاركة بالانتخابات المقبلة، رغم إعلان عدم ترشحه لأول مرة منذ عام 2003.

 وقال خلال تغريدة على "تويتر" في 28 يوليو/ تموز 2021: إن "الانتخابات ستجري في موعدها المقرر في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021".

وأضاف المالكي: "موقف القوى التي أعلنت عدم مشاركتها محترم لكنه خاص بها ولا يجوز فرضه على رأي الأغلبية المتفاعلة مع الانتخابات المبكرة وفي موعدها المحدد. الانتخابات المبكرة مطلب مرجعي وشعبي وعلى الحكومة أن تهيئ الظروف الأمنية لإنجاحها".

وبعد يومين، قال المالكي في تغريدة أخرى: إن "كل القوى تحث خطاها نحو مجلس النواب القادم لتكون شريكا في إدارة الدولة، نبارك لجميع من قرر خوض غمار الانتخابات ونتمنى لهم تحقيق النتائج التي يسعون لها وندعوهم إلى منافسة شريفة أساسها التسابق والتعاون نحو تقديم الخدمة للمواطن والمساهمة في عملية بناء الدولة واستعادة هيبتها".

وعلى الصعيد ذاته، 2021 قال المتحدث باسم ائتلاف "دولة القانون" بهاء نوري خلال مقابلة تلفزيونية في 19 يوليو/ تموز 2021: إن "الائتلاف السياسي الذي يتزعمه نوري المالكي سيحقق الأكثرية البرلمانية، ونأتي أولا على جميع القوى السياسية، وذلك ضمن معطيات لدينا".

وأضاف نوري أن "أخطاء الحكومات التي جاءت بعد حكومة المالكي، الآن رفعت كفة الأخير في الشارع العراقي بشكل لا يصدق، وسيعود رئيسا للوزراء في المرحلة المقبلة، لأنه أفضل شخص قاد العراق، وقدم خدمات للبلد".

محاولات استفزازية

في المقابل، قال عضو التيار الصدري عصام حسين خلال مقابلة تلفزيونية في 29 يوليو/ تموز 2021: إن "التيار قد يعود للمشاركة في الانتخابات لمنع وصول الحرس القديم إلى السلطة مجددا، الذي قاد الحكومة من 2006 وحتى 2014، والتي نشهد تبعاتها لليوم".

وأوضح حسين أن "الكثير من القوى السياسية الشيعية كانت تعترض على قانون الانتخابات، وطالبت بتأجيل الانتخابات البرلمانية، لكن بعد إعلان انسحاب التيار الصدري، أصبحوا يطالبون بإجرائها، كون فرصهم زادت بعد غياب الصدريين عن الانتخابات".

ونقل تقرير صحفي في الثاني من أغسطس/آب 2021 عن سياسي عراقي (لم تكشف هويته) أن "هناك مسارين الآن على صعيد التعامل مع انسحاب الصدر من الانتخابات".

الأول يتمثل في دخول كتل وزعامات عراقية بارزة على مستوى الرئاسات من أجل حمل الصدر على العدول عن موقفه لا سيما أن باب الانسحاب مغلق أصلا.

وبالتالي فإن جميع من أعلن انسحابه لم يعلن رسميا الطلب من المفوضية سحب المشاركة؛ لأن ذلك يتناقض مع القانون والتعليمات، مما يعني أن أمر المشاركة في الانتخابات معلق فقط.

وأضاف أن "المسار الثاني يكاد يعمل بالضد من الأول، وهي محاولات القوى والأحزاب التي يمكن تسميتهم خصوما عقائديين كونهم ينتمون إلى نفس مدرسة الصدر، لكن الصدرين الأول والثاني لا الصدر الحالي مقتدى.

 وذلك بالقيام بمحاولات استفزاز محسوبة منهم للدعاية المبكرة أو الحديث عن حصولهم على منصب رئاسة الوزراء أو التثقيف على عودة شخصيات للصدر خصومة واضحة معهم بهدف العودة إلى تسلم منصب رئاسة الوزراء مثل نوري المالكي، كما قال.

وتابع السياسي العراقي: "هذه القوى أو الخصوم العقائديون يرون أن الفرصة باتت مواتية لهم لعزل الصدر عن جمهوره ما دام أعلن الانسحاب، بينما الجمهور الصدري ينتمي إلى فضاء أوسع وهي الحركة الصدرية التي تمثل تيارا عاما في الحياة السياسية العراقية".

وكان قرار الصدر بمقاطعة الانتخابات قد جاء عقب حريقين مروعين في مستشفيين أحدهما في العاصمة بغداد والثاني في الناصرية جنوبي العراق خلفا ضحايا بالعشرات بين قتلى ومصابين.

وكذلك جاء القرار إثر ارتباك شديد في تزويد السكان بالطاقة الكهربائية، ما جعل أصابع الاتهام تتجه مباشرة نحو التيار الصدري بالفساد والإهمال في قطاعي الصحة والكهرباء، اللذين يتولى إدارتهما بشكل رئيس في إطار نظام المحاصصة الذي يدار به العراق وتسير وفقه شؤون دولته.

ومثل ذلك ضربة قوية للتيار وزعيمه الذي لطالما سوق لصورته كزعيم إصلاحي مختلف عن زعماء الأحزاب والمليشيات الذين قادوا تجربة الحكم الكارثية، التي تسببت بتراجع كبير للعراق على مختلف الصعد وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.