صعبة للغاية.. هؤلاء أبرز مرشحي المعارضة في انتخابات الرئاسة التركية

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة تركية الضوء على مرشحي الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2023، وسط صراع محموم داخل الأحزاب والشخصيات المعارضة للظفر بالتزكية.

ونشرت صحيفة "ستار" مقالا لرئيس شركة "أوبتيمار" للبحوث حلمي داشديمير قال فيه: "كانت الانتخابات الرئاسية في تركيا عملية صعبة للغاية، سواء تمت من خلال مجلس الأمة الكبير (البرلمان) أو عن طريق الانتخابات المباشرة".

وأضاف: "حتى أننا شهدنا العديد من الحالات التي لم ينتخب فيها أحد في الفترات التي أجريت فيها أثناء الانتخابات في البرلمان، وأحيانا، هدد الجيش بعض المرشحين مثل السياسي علي فؤاد باشغيل حتى لا يترشح للرئاسة".

وأردف: "في الحقيقة، كانت أزمة 367، وعملية 17-25 (ديسمبر/كانون الأول 2013، بشأن الخلاف مع تنظيم غولن)، عقب أحداث غيزي محاولات لعرقلة أردوغان في طريقه".

كذلك "كانت محاولة الانقلاب عام 2016، وهنا يمكننا أن نقول: إن أصحاب المصلحة في تحالف الأمة يرفعون أصواتهم مطالبين بإجراء انتخابات مبكرة لنفس السبب".

جذور الحاضر

وقال داشديمير: "قبل عام واحد فقط، كان زعيم حزب الحركة القومية (دولت باهتشلي) قد قال بصفته شريكا في تحالف الشعب: سيكون مرشحنا للرئاسة رجب طيب أردوغان"، قاطعا بذلك الطريق أمام "أي خلاف أو التباس أو مشكلة محتملة، ومظهرا موقفه بوضوح".

وأضاف: "أما في تحالف الأمة، فإن كل من يرى نفسه مؤهلا للرئاسة لا يفتأ يجس نبض التحالف ليعرف مدى القبول الذي سيلقاه، فمثلا هناك أكرم إمام أوغلو الذي يحاول باستمرار إرسال رسائل متعلقة برئاسته ويعمل خلف الكواليس لأجل ذلك، مهملا وظيفته كرئيس بلدية إسطنبول الكبرى".

وهناك علي باباجان، الذي يتجاوز حدوده أحيانا للتقرب من قاعدة التحالف الذي يوجد فيه.

واستدرك داشديمير قائلا: "وقبل أن نحلل وضع مرشحي (تحالف الأمة) المحتملين للرئاسة وهم: أكرم إمام أوغلو، ومنصور يافاش، وميرال أكشنار، وعبد الله غول، وعلي باباجان، وكمال كلتشدار أوغلو، دعونا نتذكر الأحداث التي مرت بها السياسة التركية في التاريخ الحديث".

قبل القرار البرلماني الذي مهد الطريق لانتخاب الرئيس من قبل الشعب مباشرة بدلا من البرلمان، حدثت اختلافات أثناء التصويت في مجلس الأمة، وفي النهاية وضع بعض المحامين شرط الحصول على 367 مقعدا في البرلمان بشكل غير قانوني للاعتراف بالنتائج، وفقا للكاتب التركي.

وتابع: "وبعد أن أعلن رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء آنذاك، أردوغان أن غول سيكون مرشح الحزب، تم انتخاب الأخير في البرلمان كرئيس، وبات من الواضح أن أردوغان هو من سيترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2014".

ومع أن غول توقع أن يرشحه أردوغان لرئاسة الوزراء، إلا أن موقفه خلال أحداث غيزي بارك وعملية 17-25، دلا على أنه أصبح رجل الغرب وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليه، ووصل أردوغان وغول بذلك إلى مفترق الطريق.

وقام غول، الذي كان بالفعل قد بدأ في تشكيل هيكل مواز خلال فترة رئاسته، بتسريع عمله مع باحثيه وبعض الأكاديميين والبيروقراطيين.

وعلى الناحية الأخرى، حاول فريق داود أوغلو التلاعب بالعملية السياسية من خلال البحوث والصحف والتعليقات التلفزيونية، أملا منهم في تعيينه على رئاسة حزب العدالة والتنمية بعد أردوغان، وفق داشديمير.

وقال داود أوغلو في المؤتمر الاستثنائي الثاني لحزب العدالة والتنمية: "هذا ليس مؤتمر وداع، بل هو مؤتمر وفاء".. لكن الوداع وقع، و"دون وفاء".

الخيارات المحتملة

وفي إشارة للمرشحين المحتملين في تكتل المعارضة، قال داشديمير: "لنعد الآن إلى موضوعنا الرئيس وننتقل للحديث عن أول المرشحين المحتملين: إمام أوغلو الذي أعمى عينيه فوزه بمنصب رئيس البلدية في يونيو/حزيران 2019، إذ أصبح يشتغل بالسياسة العامة بدلا من القيام بواجبه كرئيس بلدية الأمر الذي تسبب حتى في انزعاج الناخبين الذين صوتوا له". 

وأضاف: "ويعتقد أولئك الذين يدعمون إمام أوغلو أن طريق الرئيس أردوغان في السياسة العامة انفتح بعد أن أصبح رئيسا للبلدية، لكن لا يمكن مقارنة إمام أوغلو بأردوغان؛ إذ سجن أردوغان بسبب قصيدة قرأها ودفع ثمن أفكاره؛ لذلك نال تعاطفا أكبر من الناخبين".

كما أن أردوغان أوجد حلولا لمشاكل إسطنبول الرئيسة، كالمياه خلال فترة رئاسته القصيرة للبلدية، أي كان ناجحا جدا كرئيس للبلدية.

فيما "لا يبدو أن إمام أوغلو يحقق أي نجاح ملحوظ في الوقت الحالي، ومع أنه يمكن اعتباره أحد أفضل المرشحين بعد كلتشدار أوغلو، من حيث القبول الذي تظهره قاعدة حزب الشعوب الديمقراطي له بين مرشحي المعارضة السياسية، إلا أن هذا يتراجع شيئا فشيئا بحسب استطلاعات الرأي"، يقول الكاتب.

وأردف: "ثانيهم، منصور يافاش الذي يراقب التوازنات بحذر والمعروف بصعوده الهادئ والثابت، وهو فاعل لا ينسى كونه سياسي أنقرة وأصوله في حزب الحركة القومية، وهو يجذب انتباه اليسار بعض الشيء برسائله وخطاباته التي تدعم الجماعات المهمشة التي تحتج في جامعة بوغازيتشي".

ولفت داشديمير إلى أن "البعض يفضل يافاش على إمام أوغلو بسبب هدوئه وثقله، ومع أن شعبية إمام أوغلو تتراجع في استطلاعات الرأي، وترتفع شعبية يافاش، إلا أن خلفيته السياسية في الحركة القومية تجعل من الصعب عليه أن يجذب قاعدة حزبي الشعوب الديمقراطي والشعب الجمهوري".

وتابع قائلا: "ثالثهم: ميرال أكشنار التي تصوغ حبكتها السياسية ببراعة، فقد ترونها وهي توجه رسائل إلى قاعدة الحركة القومية ثم وفي يوم آخر تتحدث بلغة تستلطف فيها قاعدة الشعوب الديموقراطي، وهي تأمل بإفساح المجال لداعمي مجتمع الميم ومطالبي الحرية لصلاح الدين دميرطاش بجذب قاعدة الشعوب الديمقراطي والفصائل اليسارية الهامشية".

رابعهم، غول وباباجان، و"ينبغي تقييم هذين معا، خاصة وأنهما كانا معا في ميادين السياسية لفترة طويلة، وهنا يمكن القول أنهم يتفقان في علاقاتهما الجيدة مع النظام العالمي، خاصة مع المحور البريطاني الأميركي".

وأضاف: "يملك غول صورة إيجابية للغاية في نظر الناخبين الأكراد من الشعوب الديمقراطي، أما باباجان فهو يبني سياسته تجاه قاعدة الشعوب الديمقراطي على خطاب ليبرالي يعطي الأولوية للشباب، وهو للأسف يمكن أن ينزل بمستواه في هذا الخطاب ليحظى بالقليل من التصفيق".

ونوه داشديمير قائلا: "بيد أن هناك مسألة مهمة نسيها (باباجان)، وهي أن الناخبين الشباب ليسوا على فكر واحد أو حتى قريب، كما أنه ورغم عمره الصغير مقارنة بقادة الأحزاب الأخرى، إلا أنه لا يملك تصور الشباب وهو غير ديناميكي، ولا يعطي هذا الانطباع أيضا لسبب أو لآخر".

واستطرد: خامسهم "محرم إنجه الذي يبدو أن مستقبله السياسي يعتمد على تقدم كلتشدار أوغلو كمرشح أو عدمه، غير أن طريقه قد ينفتح في حال تم اتباع إستراتيجية تقديم مرشح لا يؤكد على حزب الشعب الجمهوري كهوية أو إستراتيجية تقديم عدة مرشحين". 

وتجدر الإشارة إلى أنه في حال كان إنجه قد أسس حزبه بعد انتخابات 24 يونيو/حزيران 2018، لحصل الآن على نسبة أصوات تصل إلى 15 بالمئة، ولأصبح أحد أقوى المرشحين للمعارضة. كما لم يكن ليعتمد مستقبله ومصيره السياسي على ترشح كلتشدار أوغلو، بحسب ما يراه الكاتب التركي.

المرشح الأبرز

واعتبر داشديمير أن كلتشدار أوغلو هو المرشح الأبرز بين المرشحين الحاليين بالنظر إلى مرشحي المعارضة، ومع أنه ارتقى لرئاسة الحزب بعد مؤامرة الكاسيت (التسجيلات المصورة) ضد سلفه دينيز بايكال عام 2010، إلا أن كلتشدار أوغلو فضل عدم الخوض في بعض القضايا مثل الترشح للرئاسة.

وقال: "يرجع ذلك إلى عوامل عديدة، أهمها اعتقاده بأنه لن يكون قادرا على الاحتفاظ بمنصبه كرئيس للحزب في حال خسر الانتخابات، لذلك كان يفوض شخصيات أخرى لمثل هذه الأمور. وبالطبع حرص على ألا تكون هذه الشخصيات من الشعب الجمهوري، حتى لا تكون في وضع منافس له في المستقبل". 

لهذا وقع الاختيار سابقا على أكمل الدين إحسان أوغلو، كذلك، عندما طرح اسم غول كمرشح على الطاولة، قبل كلتشدار أوغلو المشروع دون اعتراض، وعندما تعذر تنفيذ المشروع بسبب اعتراض إنجه، حاول تشويه سمعة الأخير ثم مهد الطريق أمامه للابتعاد عن الحزب، بحسب الكاتب.

وأردف داشديمير: "كلتشدار أوغلو قادر على كسب أصوات قاعدة الشعوب الديمقراطي في سياق القواعد الكردية والعلوية بسبب مسقط رأسه ولاية تونجلي، وقد كان كلتشدار أوغلو هو من مهد الأرضية لعمل الشعوب الديموقراطي مع الشعب الجمهوري، لذلك يمكن لناخبي حزب الشعوب الديمقراطي أن يصوتوا بسهولة لصالحه".

ولفت إلى أن كلتشدار أوغلو كان من قام بإدارة "التكتل المعارض للنظام الرئاسي" بعد 15 تموز، وأنه كذلك دعم الحزب الجيد بتقديم عدد من نوابه إلى الحزب أثناء تأسيسه ثم بعدم تقديم مرشحين في 10 محافظات في الانتخابات المحلية، تاركا تلك المناطق للحزب الجيد". 

ويعلق داشديمير: "لذلك، فإن أعضاء الحزب الجيد مدينون بذلك لكلتشدار أوغلو، تماما كما تدين كل من أحزاب السعادة والمستقبل والدواء بوجودهم له". 

وختم الكاتب مقاله مشيرا إلى نسب الأصوات التي يحصل عليها التحالفات قائلا: "يمكن القول أن الرئيس أردوغان يمتلك حاليا نسبة تصويت تتراوح بين 46 و47 بالمئة، وفقا للبحوث التي أجريناها، وبينما تبلغ نسبة المترددين حوالي 10 بالمئة، تشكل المعارضة حوالي 48-49 بالمئة من إجمالي الأصوات، أما ما يجمعهم فهو معارضة أردوغان".

وتابع داشديمير: "خلاصة القول، يملك كلتشدار أوغلو الفرصة ليصبح المرشح الأفضل لتكتل المعارضة، لكن هل سيتمكن من الحصول على نسبة أصوات تتجاوز الخمسين بالمئة؟ من يدري؟ سننتظر ونرى، فإن غدا لناظره قريب".