"عبادة الزعيم".. هذه أيديولوجية الحزب الشيوعي الصيني الجديدة

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة روسية  الضوء على الحزب الشيوعي في الصين ونهجه الأيديولوجي وموقف سلطات بكين وتأثيرها على المواطنين، وأفكار الرئيس شي جين بينغ.

وقالت الكاتبة ليديا ميسنيك، في مقال نشرته صحيفة "غازيتا دوت رو": "قد تصبح السيطرة الأيديولوجية على المجتمع الصيني أكثر صرامة من ذي قبل، فوفقا لتوجيه جديد للحزب الشيوعي، ستركز الحملة على عقيدة (أفكار جين بينغ)، التي يضعها الرئيس بنفسه".

وذكرت ميسنيك أن "الحزب الشيوعي قد يشدد سياساته الأيديولوجية القاسية بالفعل، فوفقا لدليل العمل الأيديولوجي والسياسي للحزب الشيوعي الجديد، سيكون هدفها ما يقرب من مليار ونصف المليار من سكان جمهورية الصين الشعبية".

ونقلت قناة "سي إن إن" الأميركية، نص قيادة الحزب: "العمل الأيديولوجي والسياسي رد فعل رائع للحزب، سمة مميزة، وميزة سياسية بارزة، وهي بمثابة مسار الحياة لجميع أعماله".

وأشار الحزب إلى أن مثل هذه السياسة لها "أهمية كبيرة بالنسبة لمصير الحزب في المستقبل، واستقرار البلاد على المدى الطويل، وتماسك الأمة ووحدتها". 

طرق السيطرة

وتركز هذه الحملة السياسية على الترويج لأفكار جين بينغ حول الاشتراكية بسمات صينية تهيئ لنشأة عصر جديد، وهي عقيدة سياسية تمت كتابتها في ميثاق الحزب لعام 2017، ومنذ ذلك الحين، تمت دراستها من قبل كوادر الحزب في الاجتماعات، وفي تطبيقات الهاتف المحمول المصممة خصيصا لذلك.

واستنادا إلى التوجيه الجديد، يعتزم الحزب تعزيز "الإحساس بالتوافق السياسي والأيديولوجي والنظري والعاطفي" في المجتمع الصيني مع هذه الفلسفة.

وأضافت ميسنيك أن وزارة التربية والتعليم في البلاد أشارت إلى أن حملة اليوم تكتسب زخما لنشر هذه العقيدة "في الكتب المدرسية وفي الفصول الدراسية وفي أذهان الطلاب".

وأعلنت الوزارة بالفعل أنه سيتم إضافة "أفكار جين بينغ" في الكتب المدرسية للتدريس في المدارس الابتدائية والثانوية في جميع أنحاء البلاد.

وفي إطار ذلك، تم إطلاق دورات تمهيدية حول هذا الموضوع في عشرات الجامعات خريف 2020، وبهدف دراسة الأيديولوجية، تم إنشاء مراكز بحث خاصة ليتم تحليل هذا العمل فيها.

كما قال رئيس كلية الصحة والسلامة للدراسات الشرقية، أندريه كارنيف، لموقع "غازيتا دوت رو": "سيحاول الحزب إقناع السكان بصحة موقفه من خلال نتائج أنشطته - ولهذا لديه - حجج وأوراق رابحة، فيمكنهم إثبات نمو الاقتصاد، ونجاح الصين في مكافحة جائحة كورونا".

وأكد الخبير كارنيف أنهم سيحاولون إقناع المواطنين بأن الحزب الشيوعي "يفعل كل شيء بشكل صحيح، والأهم من ذلك أنه يفهم إلى أين سيقود البلاد".

وعلقت ميسنيك أنه خلال العقد الذي سبق وصول جين بينغ إلى السلطة، كان وجود الحزب الشيوعي الصيني في الثقافة الشعبية والفن ضعيفا للغاية.

فيما لفت عالم الصينيات نيكولاي فافيلوف إلى أنه "بعد وصول جين بينغ إلى السلطة لوحظ هبوط خطير للغاية في إحياء دور الحزب، حيث أصبح الحزب الشيوعي الصيني قوة مرئية، وقد بدأ في تجديد تأثيره على العمليات الأيديولوجية".

وسابقا، كانت السيطرة على الإنترنت تستخدم فقط لوقف الإرهاب والتطرف والانفصالية وغيرها من الأنشطة غير القانونية، ولم يكن لها أي تأثير على الإطلاق على سلوك المدونين على الإنترنت، في حين أن الإنترنت هو العامل الحاسم في زعزعة استقرار المجتمع اليوم، فقد لاحظ علماء الجيولوجيا ذلك مرات عديدة وبالأخص شبكات التواصل الاجتماعي.

ووفقا لفافيلوف، في هذه الحالة سيكون من الأصح الحديث عن إحياء وجود الحزب الشيوعي في حياة الصينيين، وإحياء علاقاته العامة بشكل مرئي.

وأشارت ميسنيك إلى أن شخصية جين بينغ ذاتها هي "عنصر مهم في الأجندة الأيديولوجية الجديدة". 

فيما أكد  فافيلوف أن "الأيديولوجية الجديدة مرتبطة بعبادة القائد وبهذا الفراغ".

تهديد التغريب

علقت ميسنيك أن الحزب الشيوعي يحاول بنشاط مقاومة "تغلغل" الأفكار الغربية في المجتمع الصيني، وهذا، على وجه الخصوص، يفسر منع الوصول إلى مختلف موارد الإنترنت والشبكات الاجتماعية في الصين.

وأشار السياسي كارنيف إلى أن الصين "تتعرض لانتقادات بسبب جوانب مختلفة من سياستها الخارجية والداخلية، لذلك ترى القيادة الصينية أنه من الضروري توحيد توجهات المواطنين بحيث تدعم بشكل أكبر الأهداف التي حددتها الحكومة".

وقبل وصول جين بينغ إلى السلطة، غطى الغرب المجتمع الصيني بالكامل تقريبا، وتم الترويج لطريقة الحياة الغربية بنشاط في الثقافة الشعبية، ولم يخلق الحزب الشيوعي حواجز أمام هذا، كما ذكر فافيلوف.

ووفقا له، وعلى خلفية نمو جمهورية الصين، الوعي بدور بكين كواحدة من القوى العظمى في المستقبل، وزيادة الضغط على الصين من الغرب، يلزم اتخاذ إجراءات أكثر حسما من قبل إدارة الدعاية باللجنة المركزية لإحياء الاعتراف في المجتمع بالعينات الثقافية الصينية كأولوية على العينات الغربية.

وكما ذكرت الكاتبة أن "هذا يعني أننا نتحدث عن الحماية الأيديولوجية من التغريب الشامل للصين، وعن الاعتراف داخل المجتمع الصيني بأولوية الأيديولوجية الصينية على الغرب، هذا محسوس بشكل خاص خلال فترة المؤتمر العشرين القادم عام 2022 والقرارات الأساسية في السياسة الصينية بشأن احتمال انتخاب شي جين بينغ لولاية ثالثة".

وقال رئيس كلية "اتش اس اي" للدراسات الشرقية، كارنيف إن "تصعيد وجهة نظر واحدة إلى الجميع على أمل أن يلتزموا بها فقط، أمر غير ممكن في مجتمع المعلومات الحديث".

وأضاف "من الواضح أن الحزب الحاكم يريد أولا وقبل كل شيء أن يكون لدى الناس إجماع حول دعم الحزب الشيوعي في القضايا الرئيسة".

واستدرك: "لكن عليك التمييز بين الدعم الذي يظهر للجمهور وما تتم مناقشته في المطابخ، في غرف التدخين، في الاتصالات غير الرسمية".

وختم كارنيف قائلا: "الصين يجب أن تعتمد سياسة أكثر صرامة على موارد الإنترنت، لكن لكل عنصر من عناصر التحكم سيبتكرون طرقا جديدة للمناقشة والانتقاد، وستكون هناك منافسة مستمرة".