اتحاد الناشرين الإماراتيين.. لهذا يجب الحذر عند شراء الكتب التي يصدرها

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

شهدت العاصمة المصرية القاهرة في مطلع يوليو/ تموز 2021، إقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب، في الدورة 52 منه تحت عنوان "في القراءة حياة"، وشاركت فيه 25 دولة عربية وأجنبية، من ضمنها الإمارات العربية المتحدة. 

كان الممثل الرئيس للإمارات، جمعية اتحاد الناشرين الإماراتيين، التي انخرطت في أنشطة المعرض، لكن الصادم هو اكتشاف محتوى يحمل دعوة للتطبيع مع إسرائيل بين طيات منتجات الجمعية أو الاتحاد الإماراتي. 

ومنذ أن وقعت الإمارات اتفاقية "أبراهام" التطبيعية مع دولة الاحتلال في 13 أغسطس/ آب 2020، انخرطت مؤسساتها في سياق مؤيد ومبشر بالتطبيع.

من هذه المؤسسات: وزارات "التربية والتعليم" و"الثقافة والشباب"، بالإضافة إلى جمعية الناشرين الإماراتيين، التي وصلت إلى تصدير التطبيع للخارج وتوجيهه إلى الأجيال العربية الناشئة. 

محتوى تطبيعي 

في 15 يوليو/ تموز 2021، نشر حساب مصري باسم "كان ياما كان"، على موقع "فيسبوك" واقعة أثناء زيارة القائم على الحساب إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب.

قال القائم على الحساب: "أثناء تصفحي للكتب وجدت ما نكرهه جميعا، هناك دار تدعو في كتبها للتطبيع، وفي كتاب اسمه (الطفل الذي اكتشف الصفر) مكتوب فيه نصا: (وقد أخبرني صديقي اليهودي المزارع الطيب)".

وأضاف: "يسرد الطفل ما تعلمه من هذا الجار (اليهودي)، فعليا هذا السم اللي عايزينا أن نربي أولادنا عليه". 

وذكر: "قررت الرحيل دون شراء أي إصدار.. فاحذروا دار اتحاد الناشرين الإماراتيين".

واستطرد: "مع الدعوة للتطبيع التي تتبناها دولتهم (الإمارات) طبيعي مش (لن) يقول "الإسرائيليين" لكن سيغير نظرة الطفل أن اليهود حلوين (جيدين) ثم يتقبلوا أن لهم جنسية ودولة عادي". 

واختتم: "هناك قصص مترجمة في عالمنا العربي، ويكون أسماء أبطالها جورج وكل الأسماء التي تدل على أن أصحابها من غير المسلمين، وتقبل بشكل طبيعي، ولا يوجد ما يمنع من قبولها، لكن ما يحدث في بلادنا العربية يجعلني أحذر من هؤلاء المعتدين".

وجمعية الناشرين الإماراتيين هي المسؤولة عن الكتب التي تتضمن أنشطة تطبيعية، وتأسست في 25 فبراير/ شباط 2009.

مدون، عبر أنها تعمل على تطوير قطاع النشر داخل دولة الإمارات العربية المتحدة بما يخدم الدولة فكريا وثقافيا، وتهدف إلى تمثيل الناشر الإماراتي محليا وإقليميا، وتقدم كافة الدعم اللازم لمشاركته في المحافل الثقافية العربية والعالمية.

ويذكر أن الدورة 52 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، التي شاركت فيها الجمعية الإماراتية، تضم 756 جناحا، ويبلغ عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والأجنبية بها 823 دار نشر، وتقام بمشاركة 25 دولة من مختلف أنحاء العالم.

ولم تغفل جمعية الناشرين الإماراتيين ذلك المحفل الكبير للانخراط فيه، وتقديم المحتوى الذي يدعو إلى التطبيع والمثير للجدل.

مناهج التعليم

المنهج الذي اتخذته جمعية الناشرين الإماراتيين، جاء متسقا مع توجهات أبوظبي بعد اتفاق التطبيع، إذ بدأت فورا بالانتقال إلى مراحل جديدة من التعامل مع الاحتلال، حيث أعلنت إقدامها على تغيير المناهج الدراسية حول الإسرائيليين والشعب اليهودي. 

وفي 16 أغسطس/ آب 2021، صرح رئيس لجنة الدفاع والداخلية في المجلس الاتحادي الإماراتي، علي النعيمي، أن بلاده ستغير الخطاب الديني والمناهج التعليمية حتى يشعر الإسرائيلي بالطمأنينة والانتماء.

وخلال مقابلة النعيمي مع قناة الغد الفضائية الممولة إماراتيا، قال: إنهم "يريدون أن يشعر المواطن الإسرائيلي بأنه مكون طبيعي من مكونات المنطقة، ويشعر بأن له قبولا"، وفق تعبيره.

وفي 21 يونيو/ حزيران 2021، تداول ناشطون بموقع التواصل "تويتر" صورا تظهر إدخال السلطات الإماراتية عبر وزارة التعليم، تعديلات كبيرة على المناهج التعليمية للصفوف المختلفة.

وتصور المناهج الجديدة إسرائيل على أنها "دولة مستقلة" معترف بها تدعو للتسامح مع المحتلين.

الصور المتداولة للمناهج الإماراتية أظهرت إدراج فقرات خاصة لتحسين صورة الاحتلال الإسرائيلي، وإعطاء صورة "خاطئة" عنه للأجيال الناشئة لترسيخها في أذهانهم.

وفي 15 سبتمبر/ أيلول 2020، نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، تقريرا أفاد بأن الإمارات بدأت في إدخال التطبيع مع إسرائيل واتفاق السلام في مناهجها، ضمن مساقات الدراسات الإسلامية لذات العام.

وأضافت أن "المناهج الجديدة ركزت على الحديث عن أهمية مبادرات السلام واتفاق أبراهام، وذلك في المراحل التعليمية من الأولى وحتى الثانية عشرة".

كما نقلت الصحيفة تقريرا صادرا عن معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي، أن "التعديلات الجديدة تدعم جهود المصالحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين". 

وأوردت على لسان الرئيس التنفيذي للمعهد ماركوس شيف أنه "من اللافت كيف استطاعت الإمارات وبعد فترة قليلة بعد إعلان نيتها التوقيع على اتفاق سلام، بأن تطرح مناهج جديدة تضم مبادرات السلام مع إسرائيل".

إجراءات التحصين

عضو اتحاد الكتاب المصريين الكاتب المصري سمير المحلبي، علق على واقعة اتحاد الناشرين الإماراتيين قائلا: إن "معرض القاهرة الدولي للكتاب، من أكبر وأقدم المعارض في الشرق الأوسط، وأكثرها رونقا وحضورا، حيث بدأ عام 1969 أي منذ ما يزيد عن نصف قرن، وهو جزء أصيل من قوة مصر العلمية والثقافية".

وأضاف المحلبي لـ"الاستقلال": "المعرض يحمل دلالة أن القاهرة ستظل لها الريادة الأدبية والثقافية في المنطقة، لذلك من غير الطبيعي أن يتضمن مواد أو محتوى مغايرا للثقافة العربية، وهوية المواطن العربي، الذي يرفض التطبيع بأشكاله، ويتبنى القضية الفلسطينية كقضية وطنية أساسية".

وتابع: "يجب أن توجد رقابة صارمة فيما يخص الجوانب المتعلقة بالهوية الوطنية والعربية، وأن يجري تقييد أي نوع من المحتوى الذي يحث على ثقافة التطبيع وتقبل الاحتلال لأرض عربية".

وشدد على أن "اتحاد الكتاب المصريين، ونقابة الصحفيين، وكل المؤسسات النقابية والفكرية المصرية ترفض التطبيع شكلا ومضمونا، بل وتحاربه وتتصدى لمن يروج له، فهذا أمر راسخ بخلاف التوجهات السياسية للأنظمة والحكومات".

وذكر أن "أخطر ما يمكن فعله في حق الأجيال القادمة، هو أن يمر قطار التطبيع عبر مناهج التعليم، والكتب والقصص المقدمة للنشء الصغير".

وأردف: "هذه مراحل تكوين الهوية الدينية والوطنية والثقافية للطفل، والأمم الكبرى تحرص على ترسيخ كل المفاهيم الأساسية للأطفال في هذه المرحلة، فيعرف ما هو الوطن، ومن العدو، ومن الصديق، وما هي الأمة العربية، وكذلك فلسطين، ومن الذي يحتلها، ولماذا؟".

واستطرد: "إذا ما حدث تشويش في تلك المرحلة فإننا نخرج أجيالا ممسوخة لا هوية لها ولا فكر، ومن يقبل أن تحتل أرض عربية شقيقة، سوف يتقبل أو يتماهى مع احتلال أرضه، وهذه مسألة لا تقبل النقاش أو المماطلة".

وأكد الكاتب المصري أن "الإمارات دولة لا توجد بينها وبين إسرائيل حروب، ولم يسقط منها شهداء في مواجهة العدوان الإسرائيلي على بلادنا، على عكس مصر التي خاضت العديد من الحروب والمواجهات، وجزء من تراثها القومي والوطني متعلق بالحرب ضد (تل أبيب)، ولا يمكن إغفال ذلك".

فإذا ما انخرطت الإمارات في التطبيع حديثا، فلا يمكن لها أن تخترق مجالنا الفكري والثقافي بهذه الطريقة الفجة عن طريق اتحاد الناشرين الإماراتيين، وفق المحلبي.