رغبة إيرانية وانفتاح سعودي.. فما الذي يمنع تطبيع العلاقات بين الجارتين؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من الكشف عن حدوث مفاوضات سعودية إيرانية بوساطة عراقية، ما زالت عقبات تقف حائلا دون وصول العلاقة إلى التطبيع بينهما بعد قطيعة منذ عام 2016 على خلفية إعدام الرياض رجل الدين الشيعي نمر النمر، أعقبها حرق سفارة الأخيرة بطهران.

وفي 18 أبريل/ نيسان 2021 نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني "كبير"، ومصدرين في المنطقة، أن مسؤولين سعوديين وإيرانيين أجروا محادثات مباشرة في محاولة لتخفيف التوتر بين البلدين، وأن الاجتماع عقد بناء على طلب من العراق، وبعدها أقر الطرفان بذلك.

"تقدم ملحوظ"

آخر تطورات تلك المحادثات، أوضحها المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، بقوله: إن "المباحثات بين إيران والسعودية جرت في إطار ودي وبحسن نية".

وأشار إلى أنه "جرى إحراز بعض التقدم الملحوظ في هذه المفاوضات".

ربيعي، خلال مؤتمر صحفي في 6 يوليو/ تموز 2021، أكد أن الجانبين ناقشا القضايا الخلافية بطريقة ودية، وأن بعض الخلافات يتطلب حلها بعض الوقت.

وأكد أن بلاده تقيم هذه المحادثات بشكل إيجابي وتعمل على استمرارها لتقليل الخلافات.

المتحدث الحكومي الإيراني جدد في حديثه "استعداد طهران الدائم لمواصلة هذا الحوار بجدية، بالاعتماد على النوايا الحسنة المتبادلة، وتأمين مصالح الجانبين وتبديد هواجسهما".

وخلال اليوم ذاته، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة: إن بلاده ترحب بالحوار مع الرياض للحصول على نتائج جيدة.

زادة، في مؤتمر صحفي أوضح أن طهران لديها نظرة إيجابية حيال التفاوض مع الرياض.

وفي السياق ذاته، سبق للرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي، أن أعلن في يونيو/ حزيران 2021، أنه لا مانع من إعادة فتح السفارة السعودية لدى طهران، بعد سنوات على إغلاقها.

رئيسي، قال لوكالة "فارس" الإيرانية: "نرحب بتعزيز العلاقات مع دول العالم كافة، ودول الجوار على رأس أولوياتنا، ونولي اهتماما كبيرا لعلاقات جيدة مع دول الجوار".

وأضاف: "لا نمانع من عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وإعادة فتح السفارتين لدى البلدين".

تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين عن المحادثات مع السعودية والتقدم الحاصل فيها، لم يقابلها تصريح من أي مسؤول سعودي يؤكد أو ينفي ما ذهب إليه الإيرانيون.

عقبات عديدة

ما يطيل زمن المحادثات بين البلدين ويؤخر إعادة تطبيع العلاقات، وجود عقبات عديدة.

المحلل السياسي الإيراني أمير موسوي، يرى أن القضايا المتعلقة بين البلدين، مثل إعادة العلاقات الدبلوماسية، كادت أن تحسم، لكن هناك خلافات بشأن القضايا الإقليمية.

موسوي، يقول في حديث صحفي يوم 9 يوليو/ تموز 2021: إن اليمن أهم القضايا قيد المناقشة.

ويضيف أن إيران تسعى لتقريب آراء كلا الطرفين (السعوديين واليمنيين)، وأن اللقاءات مستمرة في العاصمة العمانية مسقط "ونأمل أن يتم حلها".

ويتابع المحلل السياسي: إضافة إلى اليمن، فإن تشكيل الحكومة اللبنانية أحد القضايا المطروحة للنقاش بين إيران والسعودية.

ويعتقد أنه لا توجد مشكلة جدية في هذا الصدد، وإذا اتفق الطرفان على موضوع اليمن، ستحل هذه القضية أيضا".

"الضمانات"، نقطة خلافية أخرى يذكرها موسوي، إذ تسعى السعودية لإدخال أطراف دولية لضمان تنفيذ الاتفاقات مع إيران.

وفي المقابل، ترغب إيران بدخول دول من المنطقة لضمان تنفيذ الاتفاقات، مثل سلطنة عُمان أو قطر أو العراق.

المحلل السياسي الإيراني، يرجح أن يتمكن الطرفان من التوصل إلى نتيجة خلال جولة أو جولتين من المحادثات في وقت لاحق.

الخبير السياسي محمد ملازهي، يرى في حديث صحفي في 9 يوليو/ تموز 2021، أن أهم القضايا التي تستغرق وقتا طويلا لحلها مسألة "جبهة المقاومة".

ويوضح أن إيران ترى أن دعمها ضروري لمواجهة إسرائيل، في حين تعتقد السعودية أنها تتضرر من "المقاومة" في بعض المناطق كاليمن وسوريا.

ويضيف: "يبدو أن الاتفاق على إنهاء الحرب في اليمن هو نقطة الانطلاق لحل بقية المشاكل بينهما".

لكنه يرى أنه من الصعب التوصل لاتفاق شامل على المدى القصير؛ نظرا لـ"العقلية الجيوسياسية" السائدة في السعودية عن الشيعة من جهة.

من جهة أخرى،  وفق ملازهي، "عدم تخلي إيران عن مكاسبها والقوات التابعة لها بالمنطقة مثل حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق".

مفاوضات فيينا

لكن ثمة زاوية أخرى تراها الكاتبة، هدى رؤوف، تؤخر حسم التوصل إلى اتفاق بين السعودية وإيران.

إذ تعتقد أن الأمر له ارتباط بما يجري من محادثات غير مباشرة في العاصمة النمساوية فيينا بين أميركا وإيران.

الكاتبة عبر مقال لها نشرته صحيفة "إندبندنت" العربية في 8 يوليو/ تموز 2021، ترصد شروط السعودية لتطبيع العلاقات مع إيران.

وتؤكد أنها تتمحور حول امتثال إيران لالتزاماتها بالاتفاق النووي.، ومعالجة المخاوف حول أوجه القصور في هذا الاتفاق.

وتضيف أيضا "الاستقرار الإقليمي والصواريخ الباليستية وغيرها من القضايا".

الرغبة الإيرانية في التفاوض قابلها انفتاح سعودي بناء عليه تمت المفاوضات في العراق في شهر أبريل/ نيسان 2020.

 وعقدت الجولة الثانية في مايو/ أيار 2021، في بغداد أيضا، ومع استئناف المفاوضات بين الطرفين.

لكن هناك بعض التحديات التي يمكن أن تؤثر سلبا على العلاقات الإيرانية في المنطقة، وعلى مسار مفاوضاتها مع السعودية، وفقا للكاتبة.

وترى أنه بالنسبة للحكومة الجديدة في إيران، فإن مفاوضاتها الجارية مع أميركا لاستئناف "خطة العمل الشاملة المشتركة" قيد التباحث.

وتشير لعقد 6 جولات من المحادثات بشأن الاتفاق النووي في فيينا، ومعارضة السعودية باستمرار تجديد خطة العمل الشاملة المشتركة وتحفظها على برنامج إيران النووي.

وتردف: ربما إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، يمكن أن يسهل التفاوض مع السعودية برغم تولي رئيس متشدد في إيران.

وتلمح  إلى أنه في حالة عدم إحياء "الخطة"، ستكون الأمور أكثر تعقيدا وسيكون من الصعب توقع اختراق على المدى المتوسط.

ومع ذلك، تضيف الكاتبة: تحاول إيران أن توحي بنتائج إيجابية بشأن التفاوض مع السعودية، بالتصريح بأن المفاوضات تسير بشكل إيجابي.

ومن المتوقع أن تنتقل المفاوضات بين الرياض وطهران إلى مسقط في سلطنة عُمان لتناول الملفات الإقليمية بين الطرفين.

وترجح هدى رؤوف، أن تشمل الأجندة الأوسع للملفات الإقليمية، والتي ستعقد في سلطنة عُمان، تناول الأمن البحري، وفتح التجارة مع دول الخليج، وإطارا لحوار إقليمي منتظم.

وربما محاولات تقليل عسكرة سياسة إيران الخارجية في كل أنحاء الشرق الأوسط، وفق الكاتبة التي تساءلت: "لكن إلى أي مدى سيتفق أو يختلف الطرفان على هذه القضايا؟".

وتجيب قائلة: "سيتضح ذلك من خلال مفاوضات مسقط المقبلة، ومدى مصداقية إيران في الخروج من عزلتها الإقليمية وأن تكون سببا في دعم الاستقرار الإقليمي وليس زعزعته".

وفي 27 أبريل/ نيسان 2021، بدت الرغبة السعودية على لسان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مقابلة بثتها وسائل الإعلام الرسمية السعودية.

ابن سلمان، قال: إن "المملكة تطمح إلى إقامة علاقة "طيبة" مع إيران باعتبارها دولة جارة وتريد أن تكون "مزدهرة".

وأكد أن هناك "إشكاليات" بين الطرفين وتعمل السعودية مع شركائها على حلها.

وأوضح: "إشكاليتنا هي تصرفات إيران السلبية التي تقوم بها سواء عبر برنامجها النووي".

وأضاف: "أو دعمها للمليشيات الخارجة عن القانون في بعض دول المنطقة أو برنامجها للصواريخ الباليستية".