"تكتل عربي بديل".. هذه أسلحته لمواجهة التحالف الخليجي الإسرائيلي

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة تركية إن منطقة الشرق الأوسط شهدت تطورات مهمة نهاية يونيو/حزيران 2021، بينها زيارة رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي إلى بغداد في 27 منه، والتي أظهرت أن الفاعلين الإقليميين والعالميين "يملكون دوافع قوية في مساعي بحثهم عن نظام إقليمي جديد".

ونشرت صحيفة "ستار" مقالا لرئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة ماردين أرتوكلو نجم الدين أجر قال فيه: إن "زيارة السيسي التاريخية إلى بغداد تحمل أهمية كبيرة من حيث اكتساب التكتل العربي البديل -الذي كان في طور التشكيل خلال العامين الماضيين- زخما كبيرا، خاصة وأن هذه الزيارة جاءت بعد انقطاع من القاهرة دام 30 عاما".

وأردف: "وفي هذا فإن التنافس القديم بين العراق ومصر على قيادة العالم العربي، يجعل هذه الزيارة أكثر جدوى ويحملها معاني أعمق. أما مشاركة العاهل الأردني الملك عبد الله في القمة الثلاثية بين قادة العراق ومصر والأردن فقد جعلت مشروع الكتلة العربية البديلة أكثر وضوحا".

ثمن باهظ

لقد كان الثمن الباهظ الذي اضطرت مصر والعراق والأردن لدفعه جراء سياسات التكتل الإماراتي السعودي الذي يتجاهل المصالح الوطنية والمخاوف الأمنية للاعبين المهمين في المنطقة هو الدافع الرئيس لتقارب هذه الدول، بحسب ما يراه الكاتب.

وأوضح: "بينما تعاني العراق مشاكل في تحقيق الأمن والاستقرار، وتعمل جاهدة لوقف الدمار الذي تسببت به الحروب والصراعات المستمرة منذ أكثر من 30 عاما، كانت حروب الوكالة التي دارت رحاها على الأراضي العراقية بين إيران والتكتل الإماراتي السعودي من أهم أسباب عدم تمكن العراق من تحقيق الاستقرار".

واستدرك أجر قائلا: "من ناحية الأخرى، يسبب النفوذ الإيراني المتزايد إزعاجا للحكومة والشعب العراقي على حد سواء، لذلك، يعلق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أهمية كبيرة على التقارب مع مصر والأردن لإيقاف الحروب بالوكالة التي اتخذت من العراق ساحة لها، ولموازنة نفوذ إيران المتزايد في البلاد وتطوير البلاد اقتصاديا". 

وألمح إلى أنه يمكن لتقارب العراق مع مصر والأردن أن "يوفر فرصا مهمة لإعادة إعمار العراق وتنميته، خاصة وأن الدور المتوقع لشركات المقاولات المصرية في إعادة إعمار البلاد سيقدم مكاسب لكلا البلدين، كما أن هذا التقارب سيوفر فرصة مهمة للعراق لتصدير نفطه عبر الأردن بما أنه طالما سعى لإيجاد طريق آمن لتصدير موارده الهيدروكربونية".

إن قبول حكومة الكاظمي لزيادة عائدات النفط كأجندة مهمة في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية للعراق، يعقد البحث عن طرق تصدير آمنة، ولهذا يخطط العراق لمد النفط المستخرج من البصرة إلى خليج العقبة الأردني بخط أنابيب طوله 1700 كم، وتصدير مليون برميل من النفط يوميا عبر هذا الخط، وفقا للكاتب التركي.

إقصاء الأردن

ويرى أجر أن "أهم ما يزعج الأردن، استبعاده من قبل التكتل الإماراتي السعودي في الفترة الأخيرة من القضية الفلسطينية تحت مسمى (التطبيع) مع إسرائيل، خاصة وأن أهمية الأردن في القضية الفلسطينية تراجعت كثيرا بعد اتفاقيات التطبيع بين دول الخليج وإسرائيل".

وتابع: "حتى إنه بدأ الحديث بالفعل عن نقل حقوق الأردن التي تحددها الاتفاقيات الدولية في فلسطين إلى الإمارات". 

وأوضح أجر أن "الأردن قد حصل على حق رعاية الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية (وادي عربة) الموقعة بين الأردن وإسرائيل عام 1994. كما منح حق الوصاية والدفاع عن القدس والأماكن المقدسة هناك عام 2013، بموجب الاتفاقية الموقعة بين العاهل الأردني الملك عبد الله والرئيس الفلسطيني محمود عباس".

غير أن استبعاد الأردن من القضية الفلسطينية يضر بالمصالح الوطنية للبلاد، فهو يقلل الأهمية الدبلوماسية على الساحة الدولية ويضعف شرعية المملكة في السياسة الداخلية خاصة وأن جزءا كبيرا من سكانها من ذوي أصول فلسطينية، ما يعني أن الشرعية تعتمد بشكل كبير على السياسة التي يتبعها بشأن القضية الفلسطينية، بحسب الكاتب.

واستدرك: "أما مصر فهي بلا شك الدولة الأكثر تأثرا ومعاناة من سياسات التكتل الإماراتي السعودي، ويمكن القول بأن أكبر الصعوبات والتحديات التي تواجهها مصر اليوم على الصعيدين الداخلي والخارجي، كانت نتيجة غير مباشرة لهذه السياسات".

وأضاف: "فقد أظهر التكتل الإماراتي السعودي بسياساته التي اتبعها مؤخرا أنه لا يولي مصر التي تعتبر المركز الديموغرافي والعسكري والفكري والثقافي التقليدي للعالم العربي، الاهتمام اللازم لمصالحها الوطنية وحساسيتها الأمنية، وطبيعي أن يتسبب هذا في انزعاج القاهرة الشديد".

الصراع السياحي

واعتبر أجر أن "سياسات تشجيع العمالة المحلية التي تبنتها دول الخليج في الفترة الأخيرة، تهدد وظائف العمالة المصرية التي يبلغ عددها حوالي ثلاثة ملايين، ويرسلون 30 مليار دولار (ما يعادل 1/10 تقريبا من الدخل القومي لمصر) من التحويلات إلى بلادهم كل عام".

وتابع: "كما أن المدينة السياحية العملاقة التي بدأ السعوديون في بنائها على البحر الأحمر ومن المقرر الانتهاء منها قريبا، يمكن أن تلحق أضرارا اقتصادية كبيرة بتهديدها عائدات السياحة في الأردن وفي مصر التي يبلغ دخل السياحة السنوي فيها حوالي 10 مليارات دولار".

كذلك تنزعج القاهرة جدا من محاولات التكتل الإماراتي السعودي القضاء على النفوذ المصري التقليدي في البحر الأحمر مع الحرب الأخيرة في اليمن، والاستيلاء على جزيرتي تيران وصنافير، وفقا للكاتب التركي.

وأردف: "أما دعم التكتل الإماراتي السعودي وإسرائيل لإثيوبيا من خلف الكواليس فقد أصاب القاهرة بخيبة أمل كبيرة، فعندما يعمل سد النهضة الذي بنته إثيوبيا بكامل طاقته، فإن اقتصاد البلاد سيكون في مأزق كبير بما أنه سيقيد استخدام مياه النيل الذي تغطي مصر 90 بالمئة من احتياجاتها المائية منه".

وأشار إلى أن "تراجع دور مصر المحوري في القضية الفلسطينية وأمن إسرائيل بعد التطبيع ومشروع الممر المائي البديل لقناة السويس الذي تعمل عليه دول الخليج بالتعاون مع إسرائيل، والذي سيبدأ من البحر الأحمر ويصل إلى المتوسط ​​عبر إسرائيل، لأمران آخران يؤرقان مصر، خاصة وأن هذا الممر سيقلل من أهمية السويس، وسيخفض عائدات النقل عبر القنوات في البلاد".

سياسات مغامرة

وقال أجر: "لقد تكبدت هذه الدول الثلاث خسائر اقتصادية وأمنية وسياسية كبيرة؛ جراء السياسات الطامعة والمغامرة للتكتل الإماراتي السعودي والتقارب الخليجي الإسرائيلي، حيث ضعفت الشرعية المحلية للدول الثلاث وتراجعت مكانتها الدبلوماسية على الساحة الدولية".

وإدراكا منها لهذه التطورات السلبية، تسعى الدول الثلاث إلى إقامة توازن جديد في المنطقة يهتم بمصالحها الوطنية ويضع في الاعتبار مخاوفها الأمنية.

ومع أن التكتل العربي البديل قد يؤدي إلى انقسام في العالم العربي، إلا أنه مشروع قد يؤدي إلى انتقال مركز ثقل العالم العربي من الرياض ودبي إلى القاهرة، وهو ما يعني ظهور خط جيوسياسي جديد يمتد من بلاد ما بين النهرين إلى البحر الأحمر وشرق البحر المتوسط، بحسب الكاتب التركي.

وعقب قائلا: "وفي حال تحقق التكتل العربي البديل، فإن هذا قد يعني تحالفا جديدا قادرا على التنافس عسكريا وديموغرافيا واقتصاديا وفكريا مع التحالف الخليجي الإسرائيلي، وبالتالي، قد نواجه ثلاثة تكتلات في المنطقة: تكتل طهران ودمشق وحزب الله، والتكتل الإماراتي السعودي، والتكتل المصري العراقي الأردني". 

وختم الكاتب مقاله مشيرا إلى أن "التحالف الخليجي - الإسرائيلي قوي بما يكفي لمنع مصر والأردن والعراق من تشكيل تحالف من شأنه أن يفسد الوضع الإقليمي الذي يعمل لصالح الخليج وإسرائيل حاليا، لكن صعوبة التوفيق بين جميع مصالح مصر والعراق والأردن الاقتصادية والأمنية والسياسة الخارجية تشكل إحدى العقبات المهمة أمام تحالفها".