"فورين بوليسي": العقوبات القصوى على إيران غير مجدية.. لماذا؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تقريرا للكاتبة إليزابيث روزنبرج، تحدثت فيه عن جدوى العقوبات الأمريكية المشددة الأخيرة على إيران، مشيرة إلى ردود الفعل المحتملة للدول التي تستورد النفط من إيران بعد قرار ترامب وقف الاستثناءات عنها.

وقالت الباحثة الأمريكية، إن "العقوبات القصوى التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران مؤخرا غير مجدية"، لافتة إلى أن "عقوبات ترامب ستلحق الضرر بالولايات المتحدة على السواء".

وأضافت، أن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قد وضع حدا لإمكانية رفع العقوبات المفروضة على طهران، مما يُعد خطوة هامة اتجاه زيادة الضغط الاقتصادي على طهران، وتهدف السياسة الجديدة، حال دخلوها حيز التنفيذ في الثاني من مايو القادم، إلى إجبار الصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتركيا على التوقف عن شراء النفط الخام من إيران، وحرمان البلاد من مصدرها الرئيسي من العملة الصعبة.

أكدت الكاتبة أنه "على المدى القريب ستنجح العقوبات الجديدة في تقليل صادرات النفط الإيرانية إلى حدها الأدنى، مما سيضطر المشترين الرئيسيين للنفط الإيراني إما أن يطلبوا استثناءات من الولايات المتحدة، أو أنهم يغضبوا، ثم ما تلبث عاصفة غضبهم أن تهدأ".

وأشارت إلى أن "هذه الدول لن تدخل في صراع صفري وذلك بسبب عدم توافر البدائل المتاحة لهم بأسعار يستطيعوا تحملها، ومن المحتمل أن تتراجع الولايات المتحدة، ولكن من المحتمل أن يذهبوا إلى آخر النفق، مضطرين إلى خرق العقوبات الأمريكية بشكل سري".

ووفقا للكاتبة الأمريكية، فإن الرئيس ترامب، سوف يلوح بعلامة النصر، وسيكون محقا في ذلك، حيث أنه استطاع تسليح النظام المالي العالمي، وقدرة الولايات المتحدة على وضع النظام التجاري العالمي تحت رغباتها، جاعلة منه الخادم غير الراغب لسياسات الأمن القومي الأمريكي.

وخلصت إليزابيث روزينبرج إلى أن طهران تغلي وتهدد بالانتقام، مما يجعلها أقرب ما تكون إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أُبرم في عام 2015، عما كانت عليه في أي وقت مضى، في الوقت الذي تشعر البلدان الأوربية، من مؤيدي الاتفاق النووي، بالغضب، مما سينتج عنه تقلص استعدادهم المحدود للتعاون مع الولايات المتحدة في القضايا الأمنية.

وشددت الكاتبة على أن "كل ما سبق هي نتائج ترغب في تحقيقها إدارة ترامب، بغض النظر عن الأضرار الهائلة التي ستلحق بالعمال الفقراء في كافة ربوع العالم، الذين سيتحملون وطأة الارتفاع الهائل في أسعار الطاقة".

تغيير النظام الإيراني

ولفتت الكاتبة إلى أن الإدارة الأمريكية في النهاية، من خلال تشديد إحكام القبضة على الأزمة الاقتصادية الإيرانية، تهدف إلى عزل ايران، وممارسة ضغوط هائلة لتحريض الشعب الإيراني على تغيير النظام.

وذكرت أن "البيت الأبيض يهدف إلى الحصول على التزام إيراني كامل بإنهاء دعمها للإرهاب، والكف عن نشر الصواريخ التي تزعزع الاستقرار في المنطقة، ووقف انتهاكات حقوق الانسان، إلى جانب رغبات التوسع الإقليمي الإيراني الذي يقوض الاستقرار، والحد من طموحاتها النووية، وفي النهاية، تريد الولايات المتحدة من إيران أن تتبنى معايير الشفافية و الليبرالية السياسية و السلام".

وبيّنت الكاتبة، أنه يوجد أناس كثر، داخل و خارج إيران، يأملون أن يروا قيادة جديدة في طهران، تكون اكثر التزاما بسيادة القانون وحرية المجتمع المدني، إلا أنه لا يوجد ما يؤكد أن سياسة الإدارة الأمريكية، من خلال ممارسة الضغوط الاقتصادية على طهران ستؤتي النتائج المرجوة والأهداف المخطط لها.

وتابعت: "أن ما تهدف إليه الإدارة الأمريكية لهو هدف ذو معنى، أن تم حصار مؤقت لصادرات النفط الإيرانية، ولكن الشيء المؤكد أن هذا الانتصار المزيف سيكون له تبعات وأثمان خطيرة."

ووفقا لما خلصت إليه الكاتبة، فإن صادرات النفط الإيرانية سوف تأتي بنتائج خطيرة عندما يتخلى معظم اللاعبون الكبار عن هذه الصادرات في الشهر الأول، إلا أن صادرات النفط الإيرانية ستعاود التسلل إلى السوق الدولي للطاقة عندما يقوم صغار تجار النفط بسحب النفط الخام الإيراني إلى الأسواق وتستمر في التدفق.

وزادت: "كما سيقوم تجار النفط الصغار، والذين لا يعتدون بالعقوبات الأمريكية بنقل النفط الخام الإيراني إلى مصافي التكرير، كما ستقوم الشركات التجارية والبنوك ذات الحجم الصغير بتغطية صفقات صادرات النفط الإيراني، التي سيدعمها صانعو القرار في البلدان التي تلجأ للمقايضة، ومن المرجح أن تكون الشركات الهندية و الصينية و التركية هم المرشحون الأكثر احتمالا لهذا النوع الجديد من التجارة."

وأقرت الكاتبة في مقالها أنه لا يمكن للولايات المتحدة معاقبة كل دولة تخرق العقوبات الاقتصادية على إيران وصادرات النفط بها، بغض النظر عن مدى رغبتها في تفعيل حصاراها الاقتصادي على طهران، كما أنه لا يمكن للولايات المتحدة الاعتماد المتواصل على سياسة تبادل المعلومات المخابراتية الدولية التي اتبعتها في الفترة من 2012/2015 خلال مدة العقوبات الاقتصادية الضخمة على إيران.

وتابعت: "فمع استمرار تدفق النفط الإيراني الى الأسواق، يرى المراقبون أن العقوبات الأميركية ليست محكمة الغلق والتشديد ، مما قد يشجع الآخرين علي خرق تلك العقوبات، مما سيجعل سياسة ترامب تجاه ايران أقل فاعلية.

واختتمت الكاتبة بقولها، إن "الكثيرين يتوقعون أن تعاني إيران من خلال نظام العقوبات المكثف بدلا من الاستسلام، فإن الحرب غير التقليدية قليلة التكلفة، ودأبت إيران دائما على تمويل وكلاء الإرهابيين قبل شبكة أمان اجتماعي واسعة واستثمارات محلية. سوف يستمر جنرالات إيران الثوريون في تهديد إسرائيل وغيرها في الشرق الأوسط".

جرّ طهران للصراع

علي الجانب الإيراني، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن أفرادا في الإدارة الأمريكية، بجانب دول في الشرق الأوسط يحاولون جر الولايات المتحدة الأمريكية الى صراع مع طهران.

وأضاف ظريف في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، أن "من بين هؤلاء الذين يشك بهم، أنهم يهدفون إلى زيادة التوتر بين إيران والولايات المتحدة، مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، بالإضافة الى إسرائيل والسعودية والإمارات".

وأضاف: "هؤلاء جميعا قد أظهروا نواياهم تجاه جر الولايات المتحدة إلى صراع مع طهران، لا أعتقد أن الرئيس ترامب يريد أن يفعل ذلك، وكان قد وعد بعدم جر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى. لكنّي أعتقد أن سياسته في الضغط الأقصى على إيران من أجل إخضاعها للرغبات الأمريكية حتى تستسلم للضغوط، لكن مصيرها الفشل".

وكانت حربا كلامية قد اشتعلت بين وزارتي الخارجية الأمريكية والإيرانية فيما يخص المقترح الذي تقدم به جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني بخصوص تبادل السجناء.

 وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "يمكن للنظام الإيراني أن يُظهر جديته فيما يتعلق بالقضايا الدبلوماسية، بما في ذلك الإيرانيون الذين تم اتهامهم أو إدانتهم بارتكاب انتهاكات جنائية لقوانين العقوبات الأمريكية، من خلال إطلاق سراح الأبرياء من الولايات المتحدة على الفور".

ودعا إيران إلى إطلاق سراح جميع الأشخاص الأمريكيين المحتجزين والمفقودين ظلما، بما في ذلك شيويه وانغ وروبرت ليفينسون وسياماك نمازي ونزار زكا، من بين آخرين.