مؤرخ تركي: هذه حقيقة ما جرى في "مذابح الأرمن"

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

قال الكاتب والمؤرخ التركي، زكريا كورشون، في مقال نشرته صحيفة "يني شفق" التركية، إن ثمة مسائل في أبريل/نيسان من كل عام لا يمكن إغفالها، ومن تلك المسألة "مذبحة الأرمن" و"قوات الأنزاك"، وهما مسألتين تاريخيتين لكنهما مرتبطتان ببعضهما البعض، حتى وإن كان الحديث مستمرا إلى اليوم عن إحداهما دون أي ذكر للأخرى.

وشدد صاحب كتاب "تاريخ النزاعات العثمانية البريطانية في الخليج"، على ضرورة تذكر معركة جناق قلعة، وبداية المعارك البرية فيها ووضع جنود الأنزاك الذين واجهوا الجنود العثمانيين لأول مرة في ما يعرف بـ"يوم الأنزاك".

وهو يوم وطني تحوّل إلى حجر أساس في الذاكرة الشعبيّة والسياسية لدى الأستراليين و النيوزلنديين على السواء. يُحتفى به على نطاق واسع، وبات "أنزاك" يُعرف بيوم "تكريم من خدموا وماتوا في الحروب والصراعات"، لكنه في الأساس، تسميةً وممارسةً، وُجد لتكريم أعضاء فيلق الجيش الأسترالي والنيوزيلندي (ANZAC: Australian and New Zealand Army Corps) الذين قاتلوا في غاليبولي ضد الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى.

والمسألة الثانية، بحسب الكاتب، هي مزاعم الإبادة الجماعية التي فرضها علينا الأرمن وأصدقاؤهم المزيفون، وزاد قائلا، "في كل عام، نهتم بذكرى الحدثين ونعتبر أنه على الأتراك الاهتمام بأدق تفاصيليهما".

معارك جناق قلعة

وتابع كورشون مقاله قائلا، "الأرمن في شتات وكذلك البرلمانيين من دول مثل فرنسا، التي لديها الرغبة في ضغط وحشر تركيا في الزاوية كما أعضاء برلمان من دول الاتحاد الأوروبي، الذي قدمت  تركيا الكثير من الجهود للانضمام إليه. وربط المؤرخ بين ذكرى الحدثين وبين تاريخ الإجراءات التي يتخذها الغرب تجاه تركيا كل عام في شهر أبريل/ نيسان.

واعتبر أن الغرض من هذه الإجراءات واضح، فقبل مئة عام، حين باتت الأناضول موطنًا للأتراك، لم يرد الغرب أن يعم الأمان، بل أرادوا إثارة الفتنة بين شعوب تركيا التي تعيش مع بعضها منذ نحو ألف سنة. وأحد الأسباب الأساسية الذي يدفعهم لذلك هو سيطرة تركيا على المضيق (إسطنبول).

وبدأ أستاذ التاريخ السياسي والعلاقات الدولية في جامعة "محمد الفاتح" بإسطنبول، بسرد ما جرى في 24 من أبريل/نيسان، وهي معارك جناق قلعة، مشددا على أنها معارك مفصولة تقنيًا عن طريق البحر والأرض، لكنها في الأساس سنة كاملة من النضال.

على الرغم من قواتها البحرية القوية التي رغبت في ابتلاع الإمبراطورية العثمانية، ما كان أمام الدول الحاكمة سوى التراجع عن المضيق في 18 مارس/ آذار أمام المقاومة الهائلة للمدفعية العثمانية، رغم الإمكانيات المحدودة، لكن المهاجمين لم يتخلوا عن محاولاتهم لغزو إسطنبول، وانتظروا زمنًا مناسبًا لذلك، تكون قد تغيرت فيه التقنية والإستراتيجية.

وواصل الكاتب، في ليلة 24 إلى 25 أبريل، أجبروا على العودة إلى المضيق عن طريق خلع أكبر قدر ممكن من الأراضي مع القوات البرية القوية، وهنا، يركز المؤرخ ععلى التصميم الذي أظهره الجنود والقادة العثمانيون أمثال جواد باشا من قبل والجنرال شفيق، وأيضا الجنرال مصطفى كمال.

معركة جناق قلعة هي في الواقع انتصار صراع كبير بدأ في 25 فبراير/ شباط 1915 وانتهى في 9 يناير/ كانون الثاني 1916، هذا النصر هو انتصار العثمانيين، بغض النظر عن الأمة التي تعيش على هذه الأراضي سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة. وشدد الكاتب على أنه لا جدوى من تقسيم هذا النصر بين أبطال البحر وأبطال الأرض أو بين العرقيات المختلفة، "فليس لنا الحق في إيذاء الأرواح التي قاتلت في سبيل أرضنا، وعلينا أن ننتبه لذلك جيدًا، خاصة في الكتب والأفلام المصنوعة"، بحسب كورشون.

هجوم مساجد نيوزيلاندا

من جهة أخرى، قال المؤرخ "لا وجود لقصص جنود الأنزاك المساكين الذين تم خداعهم من قبل مختلف القوى، وتم خداعهم بالقول إن هزيمة الأتراك سهلة وعبور المضيق أمر في المتناول".

واستنادا على رأي المؤرخ التركي جنكيز أوزكان، قال الكاتب، يجب إخراج التصريحات التي تتعلق بقضية الأنزاك من التصريحات المنسوبة لمصطفى كمال أتاتورك التي لا أصل لها، وفقًا لرغبات الغزاة، ويعد اسم خليج أنزاك أيضًا غرابة أخرى في تاريخنا.

وشدد الكاتب على أن المسألة هنا ليست حرب ونصر، بل أيضا حرب نتيجة، مشيرًا إلى أن المسألة لا تتعلق فقط بالسياحة في مجال الحرب ولكن أيضًا في تشكيل عقلية الأمة بعدها، وهي تعد نوعا من أنواع غسيل الدماغ.

لا ينبغي علينا أن نخلط بين وجود شخص أو منظمة مضطربة في إسطنبول مع أداء رئيسة وزراء نيوزيلندا بعد هجوم شخص مضطرب على المسجد؛ إذ يلفت الكاتب إلى أن المهاجم، على الرغم من إعجابه وموقفه الثابت من الإرهاب، فهو يؤمن بصحة أجداده القادمين إلى جناق قلعة، وقد كتب شيئا من هذا على سلاحه الذي قتل به المسلمين في المسجدين.

مذابح الأرمن

ثم ينتقل الكاتب إلى المسألة الأخرى التي تطرق لها في بداية مقاله وهي مزاعم مذابح الأرمن، فقال إنه في الحرب العالمية الأولى، أخذت القوات التي بنيت جبهات الدردنيل ومحاولة غزو إسطنبول في الاعتبار الأرمن الذين يعيشون في إسطنبول والأناضول وأرادوا الاستفادة من جزء منهم على الأقل؛ لذلك قاموا بتسليحهم وجعلهم مستعدين للتمرد.

بعد يومين من الهجمات الأولى لقوات الحلفاء على جناق قلعة، في 27 فبراير/ شباط، حذرت هيئة الأركان العامة العثمانية جميع وحداتها؛ لأن المعلومات التي تم الحصول عليها والأسلحة التي تم التقاطها أظهرت أن الأرمن كانوا في عملية تمرد. ولهذا الغرض، طلب القائد الأعلى للوحدات العسكرية اتخاذ إجراءات فورية.

التطورات أمام جناق قلعة أبعدت انتباه المتمردين لفترة من الوقت، يتابع الكاتب، إذا نظرنا إلى الوراء، كان من المفهوم أن أعضاء اللجنة الأرمنية يستعدون الآن لإجراءات مفصلية في الحرب، ثم أصدرت الحكومة تعميماً في 24 أبريل/ نيسان 1915، عندما كانت دول التحالف تستعد للهبوط بقواتها، أمر التعميم  بإغلاق عدد من المنظمات الأرمنية والاستيلاء على وثائقهم واحتجاز قادتهم.

هذا هو التاريخ الذي أعلن فيه الأرمن عن يوم الإبادة الجماعية، وهو التاريخ الذي تم فيه اعتقال القادة الذين أعدوا التمرد من أجل الاستقلال. ومع ذلك، فإن القضية التي نوقشت هي قانون التهجير الصادر في 27 مايو/ أيار 1915.

الكاتب شدد على أنه من المهم جدًا أن يعلن الأرمن الاستقلال يوم الإبادة الجماعية وأن يغلقوا المنظمات التي وعدتهم بالاستقلال بدلاً من هذا التاريخ.

وختم بالقول؛ للأسف، المسألة الأرمنية مسألة واضحة ولا لبس فيها، ولم يكن هناك داع أساسًا لارتكاب مجزرة في ذلك الوقت. وبعبارة أخرى، حتى الفوضى التي ارتكبها الأرمن ضد الحكومة آنذاك لم تستطع أن تحقق منها شيئاً.