"الثعلب في الكرم".. لماذا سمحت حماس بعودة محمد دحلان إلى غزة؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

كيف سمحت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" لمحمد دحلان العدو اللدود السابق لها بالعودة إلى قطاع غزة؟ بالنسبة للقيادي المفصول من حركة التحرير الوطني "فتح"، فإن الجواب واضح، وهو أنه يسعى لخلافة رئيس السلطة الحالي محمود عباس. 

لكن من ناحية أخرى، فعلاقات دحلان الممتازة مع مصر والإمارات ساعدته باتخاذ خطوات للتخفيف من الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، واضطرت "حماس" إلى "ابتلاع الضفدع"، وفق ما تقول مواقع عبرية.

الثعلب في الكرم

وأشار منتدى الفكر الإقليمي العبري إلى أنه في 13 أبريل/نيسان، نشر موقع متراس الفلسطيني مقالا تحدث عن نشاطات دحلان في القطاع.

فبعد 14 عاما على خروجها منه، وعلى إثر تفاهمات عام 2017، عادت مطلع هذا العام إلى قطاع غزة، وبشكل متتابع، شخصيات وكوادر فلسطينية محسوبة على تيار دحلان.

 من بين هؤلاء، رشيد أبو شباك، وماهر مقداد، وتوفيق أبو خوصة، وغسان جاد الله، وهي أسماء ارتبطت في ذاكرة الغزيين بأحداث الاقتتال الداخلي عام 2007. 

ويقول المنتدى إن دحلان هو أحد القادة المرتبطين بـ"حرب الفتنة"، في إشارة إلى أحداث الانقسام التي جاءت بعد شهور على فوز حركة حماس بالانتخابات البرلمانية بنتيجة ساحقة دون أن يتم تمكينها من الحكم.

وقال موقع متراس إن جذور العداء بين الطرفين تكمن في الفترة التي شغل فيها دحلان منصب رئيس جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة من عام 1995 إلى 2000.

وعمل جهاز الأمن الوقائي التابع لدحلان على ملاحقة واعتقال أعضاء وقيادات وناشطين من حماس، وفتش عناصر الجهاز منازلهم ومساجدهم وجمعياتهم الخيرية التي أقاموها  كما اندلعت اشتباكات مسلحة في بعض الأحيان بين عناصر الطرفين.

وبعد فوز حركة حماس في انتخابات عام 2006، اعتبرت الحركة أن دحلان مسؤول عن الاشتباكات المسلحة وعمليات الخطف والاغتيالات في وضح النهار وعن مختلف أشكال الاضطهاد لأعضائها.

وعقب سيطرة حماس على السلطة في قطاع غزة، انتقل دحلان إلى الضفة الغربية ومن ثم إلى دولة الإمارات. 

الوضع الاقتصادي

ويشير موقع متراس إلى إنشاء وتشكيل "اللجنة الوطنية الإسلامية للتنمية والتضامن الاجتماعي" كبداية للتغيير في العلاقات بين حماس ودحلان، وهي مؤسسة خيرية تمولها الإمارات.

وجرى التعاون بتلك اللجنة من قبل حركتي حماس والجهاد الإسلامي مع ممثلي دحلان.

 وفي وقت لاحق جاءت جليلة زوجة دحلان إلى القطاع من أجل العمل على عدة مشاريع إنسانية ممولة من دولة الإمارات.

ولفت المنتدى العبري إلى أن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تجد حماس نفسها فيه بسبب الإغلاق الذي تعيشه منذ عام 2007 والأضرار التي خلفتها جولات الحرب مع إسرائيل دفعتها للسماح لرجال دحلان بالعودة إلى القطاع مقابل استمرار المساعدات الإنسانية.

ومن جهته أدلى دحلان بتصريحات سياسية معتدلة حول ضرورة السماح لحماس والجهاد الإسلامي بالانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية.

وفي السنوات ما بين 2016-2019 أفرجت حماس عن بعض مؤيدي وأنصار دحلان لكنها نفت أن يكون ذلك جزءا من الصفقة مع الرجل.

وأشار" أمير تاوبر " وهو باحث فلسطيني مستقل إلى أن السلطة الفلسطينية لم تكن راضية عن هذه التطورات، فعلى إثر ذلك سافر محمود عباس إلى تركيا وقطر، الدولتين الخصمين لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وهناك على ما يبدو قدم أدلة على وجود تفاهم بين حماس ودحلان، وكان ذلك في عام 2017  بعد انتخاب السنوار قائدا لحركة حماس في غزة.

وبعد فرض السلطة الفلسطينية عقوبات على القطاع، وقعت حماس ودحلان اتفاقيات إضافية تسمح لناقلات الوقود القطرية بدخول القطاع عبر معبر رفح، وزادت من المساعدات الإماراتية، واستمر هذا التعاون فيما بينهما.

وفي مارس/آذار2021، أعد دحلان شحنة من 40 ألف جرعة من اللقاح الروسي ضد فيروس كورونا وأرسلها إلى قطاع غزة.

دوافع دحلان

ويشير الكاتب إلى أن دوافع دحلان واضحة، فهو يريد العودة إلى صدارة الساحة السياسية ويخلف الرئيس عباس، ويتساءل موقع متراس عن دوافع حماس من ذلك التعاون؟

ويجيب أنه من المرجح أن تكون الأزمة الإنسانية الطويلة في قطاع غزة قد دفعت حماس إلى "ابتلاع الضفدع" والتفاوض مع دحلان.

إذ كانت حماس تأمل في استغلال علاقات دحلان مع جمهورية مصر العربية لتخفيف الحصار الذي وجدت نفسها فيه.

 ومن ناحية أخرى، فإن دحلان يعتبر حليفا للإمارات العدو اللدود للإخوان المسلمين التي تنتمي إليها حماس.

ويتساءل الموقع عما إذا كانت حماس تثق بالفعل في دحلان، وما إذا كانت نتائج الانتخابات الفلسطينية ستسمح للحركة بمنع القيادي في فتح من تحقيق طموحه في السلطة.

عن ذلك من الممكن قول بعض الأشياء: أولا، لا توجد مؤشرات على إجراء الانتخابات الفلسطينية في المستقبل المنظور ومن غير المحتمل أن تسمح إسرائيل بانعقادها في القدس، وذلك ليس خوفا من فوز حماس ، كما حدث بالفعل في عام 2006، وفق ما يدعي المعهد.

وتابع: "حتى لو افترضنا أن الانتخابات ستجرى ، فإن قائمة دحلان ستضعف حركة فتح على الأرجح ولن تشكل تهديدا لحكم حركة حماس في قطاع غزة".

ولفت الباحث تاوبر إلى أن نهج دحلان تجاه الجيوب العميقة للإمارات سيسمح له بمواصلة العمل في خط التماس بين القطاعين العام والتجاري في قطاع غزة .

ومع ذلك، فإن دحلان هو موضع كراهية الكثيرين سواء من حركة فتح أو حماس، والذين يرونه انتهازيا فاسدا وخائنا، "ومن الصعب تصديق أنه سيتمكن من إكمال رحلته إلى القمة والقيادة العليا إلا بمساعدة وتمويل ودعم الدول الأجنبية".

صداقات جديدة؟

وفي سياق متصل، تساءل موقع  واللا العبري: هل تحول العداء بين حماس ومحمد دحلان إلى صداقات؟ زاعما أن الأخبار كانت حتى وقت قريب تبدو خيالية.

إذ يقف دحلان واثنان من رفاقه في فتح الذين كرههم أعضاء حماس منذ عقود والذين طردوا من غزة، في طابور إلى جانب كبار أعضاء التنظيم والجهاد الإسلامي وبجانب أحد أمراء الإمارات الشيخ هزاع بن زايد (لم يذكر تاريخ اللقاء).

 وكان من بين الحاضرين في الاجتماع صلاح البردويل وجمال أبو هاشم وروحي مشتهى من حماس وخالد البطش من الجهاد الإسلامي وماجد أبو شمالة وأشرف جمعة من معاوني دحلان.

ولفت الموقع العبري الى أن هذه الصورة ليست مصادفة. فمنذ عدة أشهر ، يعمل دحلان في قطاع غزة جنبا إلى جنب مع حماس والجهاد، حيث يقدم المساعدة للعائلات المحتاجة والجرحى وعائلات شهداء الحرب الثالثة، بما في ذلك عائلات ضحايا حماس.

تأتي هذه المساعدة في إطار "اللجنة الوطنية الإسلامية للتضامن الاجتماعي" التي تجتمع بين الحين والآخر في قطاع غزة وتوزع الأموال على جميع المحتاجين.

وفقا لوثائق وبيانات كبار أعضاء اللجنة ، فإن كل التمويل يأتي من الإمارات العربية المتحدة، التي تعتبر معادية لحماس ومقربة من مصر وتحاول إلحاق الأذى بجماعة الإخوان المسلمين.

وأشار الصحفي الإسرائيلي "آفي يسخروف" إلى أن البيانات التي جاءت إلى موقع واللا العبري  وحتى أن الأخبار تكشف صورة أكثر تعقيدا.

إذ تعمل الإمارات على تحويل مبالغ طائلة من الأموال إلى محمد دحلان، الذي يحولها إلى نفس اللجنة  لزيادة نفوذها في قطاع غزة.

بالإضافة إلى ذلك، انضم دحلان إلى أعضاء حماس في غزة بشكل أساسي لتشكيل تحالف ضد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

ولفت يسخروف إلى أن مصادر فلسطينية تزعم أن العلاقة بين مصر ودحلان وبين إسرائيل وذات الشخص تثير الدهشة أيضا.

 وبحسبهم فإن القاهرة تعلن الحرب على حماس لكنها تتجاهل أفعال دحلان الذي يعمل مع الحركة.

كما يزعمون أن إسرائيل تسمح لممثلي دحلان بالتحرك بحرية من الضفة الغربية إلى غزة والعودة، بمعرفة واضحة بما يفعلونه.