"لا تريبون": هل أدار السيسي ظهره للأسلحة الفرنسية؟

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، بدأ يدير ظهره للأسلحة الفرنسية، على الرغم من تجاهل باريس لانتهاكات حقوق الإنسان في البلد، أو أنّ توهج العلاقات التي سادت بين باريس والقاهرة منذ عام 2014، قد انتهى.

هذا ما ذهبت إليه صحيفة "لا تريبون" الفرنسية، في تقرير لها، تساءلت فيه إنْ كانت مصر قد قاطعت فرنسا، بعد فرقاطات شركة تايسين كروب مارين سيستم (TKMS) وطائرات هليكوبتر "ليوناردو".

الدعم السياسي من باريس للقاهرة وزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أواخر شهر يناير/ كانون الثاني للعاصمة المصرية، لم يكن دافعا لمصر حتى توافق على الصفقة المعروضة عليها من قبل "إيرباص" لطائرات الهليكوبتر، لشراء نحو 20 إلى 30 قطعة من الهليكوبتر "إن أش-90"، وهي مروحية ذات محركين متوسطة الحجم متعددة المهام وقادرة على العمل أيضا في البيئات البحرية.

الصحيفة أشارت إلى وجود مفاوضات منذ مطلع أكتوبر/ تشرين تشرين الأول الماضي، بين اتحاد صناعات "إن أش إندوستريز"، المملوك لإيرباص ومصر، لشراء عدد كبير من المروحيات، التي تتوافق بشكل خاص مع الطرادات والفرقاطات والسفن التي اشترتها مصر من فرنسا.

ثلاث صفقات رئيسية

وأوضح التقرير الذي ترجمته "الاستقلال"، أنه بعد كل هذه المحاولات قررت السلطات في القاهرة استبدال "إن أش-90" بمروحية "أجستاو ستلاند إيه دبليو 149"، التي تصنعها "ليوناردو"، وهي مجموعة إيطالية متعددة الجنسيات ذات تكنولوجيا عالية تعمل في مجال الفضاء والدفاع والأمن.

وأشارت الصحيفة إلى أن المجموعة الإيطالية، التي تعد جزءا من اتحاد مجموعة "إن أش أندوستري" مع  "إيرباص هيلكوبتر" الفرنسية الألمانية و"فوكر تكنولوجي" الذي تم إنشاؤه في إطار برنامج "إن أش-90"، كانت قادرة على اللعب على كلا الجانبين.

وأوضحت الصحيفة أن مصر أبلغت فرنسا الأسبوع الماضي باختيارها مورد أسطول طائراتها الهليكوبتر، حيث يبدوا أن العلاقات الدافئة التي سادت بين فرنسا ومصر منذ عام 2014 قد انتهت اليوم.

وأكدت الصحيفة أن فرنسا، التي تتفاوض على ثلاث صفقات رئيسية مع مصر -طرادات جويند وطائرات رافال ومروحيات إن أش-90- ما زالت تواصل مساعيها، ونقلت عن مصدر مطلع أنه بعد الكثير من التردد، قدمت للمصريين "عروضا مفيدة للغاية فيما يتعلق بالتمويل وضمان القروض".

ولفت التقرير إلى أنه من جهتها أعربت الشركات الصناعية عن استيائها من العروض المالية التي اقترحتها فرنسا، التي لا يمكن أيضا قبولها من جانب المصريين خاصة فيما يتعلق بفرقاطات "ميكو إيه 200" التي تنتجها "تايسين كروب" (TKMS) الألمانية.

وكانت الصحيفة ذكرت في وقت سابق أن الشركة الألمانية راغبة في إتمام العقد مع القاهرة بشكل سريع، لكن ما زالت شركة "نافال جروب" الفرنسية، التي وقعت اتفاقاً مع القاهرة بخصوص فرقاطات "جويند 2500"، لكن تبقى مسألة التمويل عقبة تمنع ذلك.

ويرغب الجانب المصري في تسهيلات مالية تصل إلى تمويل فرنسي كامل للصفقة بنسبة 100% بدلاً من 60% سابقاً تُسدّد على مراحل، وهو ما لقي معارضة من البنوك الفرنسية التي سبق وأن موّلت العديد من الصفقات المصرية.

وأكدت "لا تريبون" أنه وفقا لمقربين من الملف في إطار المفاوضات الجارية، باريس على "صلة وثيقة" بالقاهرة والصناعيين وهناك "اتصال يومي" بالقوات المسلحة المصرية، حيث تأمل حكومة ماكرون في التوصل إلى نتيجة سريعة وإيجابية. ورغم ذلك غابت صفقة طائرات الهليكوبتر، خلال المحادثات التي أجرتها وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورنس بارلي، الثلاثاء الماضي مع نظيرها المصري الفريق أول، محمد زكي، وتناولت عدد من الملفات الأخرى.

الوافد الجديد

وبينت الصحيفة أنه على الرغم من زيارة رئيس أركان البحرية المصرية لباريس قبل عشرة أيام، فإن الملف الخاص ببيع جويند 5 و6 يظل في طريق مسدود، ومن ناحية أخرى، وبحسب مصادر متطابقة، تمكنت "نافال جروب" أخيرًا من توقيع عقد صيانة لأول أربع طرادات اشترتها مصر، في يوليو/ تموز الماضي بقيمة 150 مليون يورو.

واعتبرت الصحيفة أن فرنسا نجحت مؤخراً في إزالة عقبة كبرى، ووفقا لمعلومات حصلت عليها، رفعت الولايات المتحدة الحصار، الذي فرضته من خلال لائحة ITAR (قانون التصدير الدولي المُطبق من قبل اللوائح الدولية لحركة الأسلحة الذي ينص بشكل أساسي على عدم تصدير الأسلحة بدون ترخيص)، عن فرنسا لتصدير صاروخ جو - أرض ميتور إلى مصر.

وقال التقرير إن هذا الخبر جيد جدا أيضا لشركة "إم بي دي إيه"، التي تواجه بالفعل عقبات لتصدير صاروخ سكالب "Scalp" للبحرية المصرية، لأن القاهرة ترغب في تجهيز جميع أسطولها من "رافال بي"، بما في ذلك اثني عشر مقاتلة بميتور، منوهة بأنه مع ذلك، لا يزال التوقيع على هذه الصفقة بعيد بحسب أحد المراقبين في الشأن المصري.

انتهاكات باسم الصداقة

وكثيرا ما شجبت المنظمات الدولية تصدير الأسلحة الفرنسية لمصر، ففي يناير/ كانون الثاني نشرت "هيومان رايتس ووتش" تقريرا حول كيفية مساهمة الأسلحة الفرنسية في الانتهاكات بمصر، وأنه باسم الصداقة بين البلدين، باعت باريس للقاهرة العديد من الأسلحة، متجاوزة الولايات المتحدة لتصبح المورّد الرئيسي للأسلحة إلى مصر بين 2013 و2017.

وذكرت أنه في عام 2017 وحده، زودت فرنسا مصر بمعدات عسكرية وأمنية بأكثر من 1.4 مليار يورو، وشملت سفنا حربية وطائرات مقاتلة ومركبات مدرعة، في حين وفّرت الشركات الفرنسية بموافقة الحكومة أدوات للمراقبة والسيطرة على المواطنين.

ولفتت إلى أنه من خلال هذه الصفقات تقوم فرنسا مباشرة بتسهيل الانتهاكات ونقض التزاماتها الدولية التي تنظم مبيعات الأسلحة، وتحظر توريد السلاح لدول حيث قد تُستخدم لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة.

ورغم تأكيد السلطات الفرنسية أنها لم ترخص إلا المعدات العسكرية كجزء من "مكافحة الإرهاب" في مصر وليس للعمليات الأمنية، أظهرت التقارير الأخيرة لـ "منظمة العفو الدولية" و"الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان"، استخدام قوات الأمن المصرية المركبات المدرعة التي وفّرتها فرنسا لتفريق اعتصامات سلمية في أنحاء البلاد.

ودعت المنظمة الرئيس الفرنسي بالوفاء بالتزاماته تجاه احترام حقوق الإنسان، وقالت إنه على فرنسا تعليق جميع مبيعات المواد المتعلقة بالأمن أو تقديمها كمساعدات إلى مصر حتى تتوقف الحكومة عن انتهاكاتها الحقوقية الخطيرة، وعلى حكومة ماكرون أن تبدأ مراقبة فعالة للاستخدام النهائي لمعداتها لضمان عدم تورط فرنسا في جرائم خطيرة.