بعد فشل فرنسا.. الأناضول: تركيا الأجدر بإصلاح سياسة الغرب في إفريقيا

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تطرقت وكالة "الأناضول" التركية إلى إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 10 يونيو/حزيران 2021 انسحابه من عملية "برخان" التي كانت مستمرة منذ 1 أغسطس/آب 2014.

وأشارت الوكالة الرسمية في مقال للكاتب أوركون إيلماجيغيل إلى أن "فرنسا كانت قد هددت مالي بسحب جنودها من البلاد، بعد حدوث الانقلاب العسكري الثاني خلال 9 أشهر، زاعمة أنها لم تتلق مساعدة كافية من الدول التي كانت مشاركة معها في العملية، ومستغلة إياها في سياستها الداخلية بالقول بأنها تخوض صراعا دوليا مع الجماعات المتطرفة".

فشل ذريع

وعملية "برخان" أطلقتها فرنسا بالاشتراك مع تشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي وموريتانيا. 

وأوضح الكاتب أن "ذلك بدأ عندما دعا رئيس مالي آنذاك ديونكوندا تراوري، فرنسا، بما أنه يعتبرها حليفا تاريخيا ضد التهديد المتزايد للقاعدة وتنظيم الدولة بالمنطقة في يناير/كانون الثاني 2013، وفي فبراير/شباط من العام نفسه، ذهب الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند إلى مالي وأعلن دعوته للاتحاد ضد تهديد (الإرهاب الإسلامي) على حد تعبيره".

وأردف: "متحدثة بلغة الإسلاموفوبيا ومستفيدة من عدم الاستقرار الذي يحيط بالسياسة والجيش المالي، عززت فرنسا وجودها، ليس في السياسة الداخلية فحسب، وإنما في المناطق الجغرافية التي كانت تمثل مستعمراتها سابقا، وهكذا زادت فرنسا من قوتها العسكرية في المنطقة ووسعت أنشطتها لتشمل حزام الساحل في وسط إفريقيا".

وأوضح قائلا: "نشرت باريس أكثر من 5 آلاف جندي لها على طول حزام الساحل ضد القاعدة وبوكو حرام وتنظيم الدولة في المنطقة عام 2014، وأصبحت العملية عبر الحدود التي امتدت على مساحة تبلغ 9 أضعاف حجم فرنسا، وتحركت فيها القوات الجوية والبحرية والبرية معا، أحد رموز قوة فرنسا في وسط إفريقيا".

ويرى إيلماجيغيل أن "إنهاء ماكرون للعملية بعد مرور 8 سنوات على إطلاقها، يظهر أن فرنسا فشلت فشلا ذريعا من الناحية العسكرية، وأن ذلك مؤشر على أن باريس لم تعد قادرة على السيطرة والتحكم في المنطقة وتشكيلها سياسيا كما كانت تفعل من قبل". 

وأضاف: "كان ماكرون قد أبلغ عن نيته في خفض قواته في المنطقة بالفعل للدول المعنية في قمة القادة المنعقدة بباريس مطلع 2021 مع رؤساء دول تشاد ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا، والتي شاركت في العملية ويشار إليها باسم مجموعة دول الساحل الخمس".

ولفت قائلا: لقد أعطى الانقلاب العسكري في مالي الذي يقال بأنه حدث بعد التوصل إلى اتفاق مع بعض التنظيمات الإسلامية بشأن إدارة مناطق معينة، فرصة لماكرون لإنهاء العملية العسكرية ـ التي لم يكن لينجح فيها في الأصل ـ من خلال تسييسها".

وبحسب تصريحات الرئيس الفرنسي، فإن القوى السياسية والعسكرية للدول الأخرى المشاركة في العملية "لم تتمكن من الوفاء بالتزاماتها".

وبالنظر في الخلفية التاريخية لسياسات فرنسا في الأراضي الاستعمارية السابقة، يمكننا أن نفهم أن هذا الموقف ليس جديدا على الإطلاق.

فمثلا لم يتسبب الصراع في البلاد، والذي أسفر عن مقتل رئيس تشاد في 18 أبريل/نيسان 2021، بالقلق لفرنسا بقدر ما فعل الانقلاب العسكري في مالي، ولم يؤد إلى اتخاذ مثل هذه القرارات الكبيرة، وفقا للكاتب.

وأضاف: "وبالمثل، اكتفت باريس بمراقبة الانقلاب العسكري الأول في مالي والذي حدث قبل 9 أشهر، من بعيد ولم تزد على التوصية بتشكيل حكومة انتقالية. وفي الواقع، لم يغير ماكرون السياسة التي اتبعتها الدولة الفرنسية على مدى قرون، والتي تتغذى على اتهام الدول الإفريقية بأنها مصدر وأساس المشاكل دائما".

وشرح ذلك بالقول: إذ علق انسحابه العسكري الذي كان يخطط له بالفعل، على شماعة عدم كفاءة إدارات الدولة في إفريقيا، وليس على فشل عملياته التي أطلقها ضد "الإرهاب".

وبالنظر إلى أن ما يقرب من 500 مدني فقدوا أرواحهم في منطقة الساحل منذ بداية عام 2021 وحده، يمكن القول بأن عملية برخان كانت أحد الأسباب التي عملت على تأجيج الفوضى في المنطقة أكثر منها إرساء جذور السلام.

عقلية استعمارية

واستطرد إيلماجيغيل: وعلى الناحية الأخرى، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي بأن "أهدافهم لم تتغير" في المنطقة وأنهم سيتبعون سياسة مختلفة فقط، كما صرحت بأنهم لن يسحبوا القوات في حزام الساحل بالكامل.

وفي هذا السياق، يعمل قصر الإليزيه على خطاب وسياسة من شأنها أن تجعل حضور فرنسا في المنطقة "أكثر مصداقية وقوة" على الساحة الدولية.

لهذا سيتم تسليط الضوء على بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) باعتبارها هيكلا أقوى، الأمر الذي سيؤدي إلى تقويض قدرة الدولة في المنطقة على اتخاذ قرارات مستقلة.

واعتبر الكاتب أن "إضعاف تشاد بالاشتباكات الأخيرة، وعدم الاستقرار في مالي، والمشكلات الأمنية والاقتصادية التي جعلتها الدول الغربية مستحيلة في النيجر وموريتانيا، تجعل من حزام الساحل منطقة مفتوحة أمام النفوذ الأجنبي".

وأضاف: "وفي ظل تزايد النفوذ الروسي والصيني في القارة، أعلنت فرنسا أنها أوقفت المساعدة المالية البالغة 10 ملايين يورو لجمهورية إفريقيا الوسطى بسبب تزايد نفوذ روسيا في البلاد".

وبينما تظهر جميع التطورات أن البلدان المنتشرة في إفريقيا لاستغلالها تشكل عقبة رئيسة أمام استقلال القارة سياسيا، حيث يتم تجاهل المشاكل في سياسات الفقر والزراعة والطاقة التي تبرز في القارة السمراء.

وختم إيلماجيغيل مقاله مشيرا إلى أنه "من الأهمية بالنسبة للسياسة الإفريقية أن تقوم القوى الإقليمية مثل تركيا، التي يمكنها التغلب على هذه السياسة الغربية والتي أصبحت تشكل قضية أمن بالنسبة للقارة بأكملها، بتبني دور فعال وبناء في المنطقة، وتقيم علاقات مع إفريقيا لتحقيق مكاسب متبادلة". 

وتابع: "بينما أصبحت الهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية لدول مثل فرنسا والتي تكتسب قوتها من ماضيها الاستعماري في المنطقة، موضع تساؤل يوما بعد يوم، يبدو أنه لا مفر من إنشاء منصة دولية يتم فيها مناقشة المشاكل الحقيقية لإفريقيا".

الكلمات المفتاحية