خطوة متقدمة.. لماذا تبنت السلفادور البيتكوين كعملة قانونية؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في خطوة متقدمة، أعلن رئيس دولة السلفادور نجيب أبو كيلة، أنه تم اعتماد أكبر عملة مشفرة، البيتكوين كعملة قانونية في بلاده الواقعة في أميركا الوسطى، لتصبح بذلك أول دولة تقبل "رسميا" العملة الرقمية كعملة قانونية.

وأوضح أبو كيلة في 9 يونيو/حزيران 2021 أن القيمة السوقية للبيتكوين تبلغ 680 مليار دولار. فإذا تم استثمار 1 بالمئة منها في السلفادور، فسيؤدي ذلك إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 25 بالمئة. إضافة إلى وجود احتمالية لزيادة مستخدمي البيتكوين إلى 10 ملايين مستخدم جديد".

وتقول صحيفة الإندبندنت البريطانية في نسختها التركية: "حقق حزب أبو كيلة في الانتخابات الرئاسية لعام 2019 انتصارا ساحقا، وأصبح أول رئيس سلفادوري يفوز دون دعم الأحزاب الرئيسة في الثلاثين عاما الماضية".

ومع أنه وعد بإنهاء عنف العصابات في البلاد، وفصل مؤخرا خمسة من قضاة المحكمة العليا والمدعين العامين، إلا أنه يواجه اتهامات بالسلطوية والفساد.

الصورة العامة

وقال الكاتب حسام الدين أصلان: يعيش ما لا يقل عن 20 بالمئة من سكان السلفادور البالغ عددهم 6.5 مليون نسمة، خارج البلاد ويعمل معظمهم في الولايات المتحدة الأميركية.

بمعنى آخر، قد يتسبب ذلك في تأخر المدفوعات بضعة أيام. لذا من المتوقع أن تكون البيتكوين حلا لمشاكل تحويل الأموال هذه.

ونوه قائلا: لكن خلفية القضية مظلمة تماما، حيث تتلقى السلفادور 6 مليارات دولار من التحويلات المالية سنويا.

ولتحويل مثل هذا المبلغ يتطلب الأمر استخدام خدمات تحويل الأموال، والتي غالبا ما تفرض رسوما عالية مقابل الخدمة بما يصل إلى 20 بالمئة. 

وتشكل العمولة المحصلة من التحويلات المرسلة من السلفادوريين المغتربين حوالي 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. 

وهكذا يعمل أبو كيلة على تحصيل عمولات التحويلات التي يتلقاها أكثر من مليون أسرة منخفضة الدخل، أي ما يعادل مليارات الدولارات منها كل عام. 

ومع البيتكوين لا نعلم من سيحصل عمولات التحويل وخدمات السمسرة. لكن، ووفقا لأبو كيلة فإنها "ستبقى للشعب".

وصرح جاك مالرز، مؤسس منصة "Strike" لمدفوعات البيتكوين، أنه عمل في كتابة تشريع سلفادوري من شأنه أن يضفي الشرعية على العملة ويساعد مع الدولة لتطوير البنية التحتية للعملات المشفرة.

لكن، ومع انتشار العملة المشفرة، تتزايد المخاوف بشأن الضرر الذي قد يتسبب به ذلك، يلفت الكاتب.

وأوضح ذلك بالقول: فعلى الرغم من أن اقتصاد العملة المشفرة في أميركا اللاتينية أحد أكثر الأسواق تداولا، فقد أظهرت المنطقة ثاني أقل معدل نمو في العام الماضي. 

لكن مشاكل التحويل ومشاكل الوصول إلى الخدمات المصرفية والحاجة إلى التحويلات تدفع جميع شركات أميركا اللاتينية - فضلا عن الأفراد - إلى تداول العملات المشفرة. 

وهناك العديد من الشركات التي تتجنب ضرائب الاستيراد باستخدام العملة المشفرة.

ومع ذلك لا أحد يثق بالسوق المتقلبة ولا يزال الكثير من الناس غير مدركين تماما لوجود هذه البدائل أو لمخاطرها، فهناك قصور في الوعي. 

وأصبح تبني العملات المشفرة في أميركا اللاتينية عشوائيا، ليس بسبب الفوضويين التكنولوجيين والاقتصاديين في العصر الحديث، بل لأن الشعب يرغب في تأمين حريته المالية بأي وسيلة كانت، يقول الكاتب التركي.

ويضيف: إن العملات المشفرة لها تاريخ طويل من القرصنة وتنطوي على مخاطر أخرى. إذ يمكن أن يؤدي التداول واسع النطاق لها في السلفادور، إلى أن تتحول الأخيرة إلى أرض خصبة لابتلاع الضرائب وغسيل الأموال، مما يجعلها ساحة الأعمال غير المشروعة للمافيا والعصابات المنظمة بما لا مفر منه.

الوجه الآخر

واستطرد أصلان: قوبل إعلان أبو كيلة عن قرار تشريع البيتكوين بحماس كبير في سوق التشفير الدولي. 

ومع أن بعض السلفادوريين متحمسون لفكرة تبني البيتكوين كعملة قانونية، إلا أن القلق يساور الآخرين خوفا من أن تصبح مجرد أداة لفساد السلطات.

وأردف: في هذا السياق، عانى الاقتصاد السلفادوري من أعمق انهيار له منذ 40 عاما في العام 2020، في حين زاد العجز المالي بأكثر من 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب الإغلاق التام وحظر التجول. 

وهو الأمر الذي دفع بالحكومة إلى البحث عن مصادر تمويل جديدة.

ولهذا يخطط أبو كيلة لبناء مركز تعدين البيتكوين من خلال استخدام الطاقة المتجددة من البراكين في البلاد. 

وتابع قائلا: خسرت السلفادور 36.6 بالمئة من صافي احتياطياتها الدولية بين مارس/آذار 2020 وذات الشهر من عام 2021، في حين رفعت الدولتان المجاورتان لها: غواتيمالا وهندوراس احتياطاتها. 

ومن ثم، استنفذت احتياطيات العملة الأجنبية بما أن الحكومة سحبت الأموال قبل أن يكون هناك ما يكفي لتجديد الاحتياطيات من خلال الاستثمارات المباشرة أو التحويلات. 

والحقيقة أن أبو كيلة ليس لديه مكان آخر يكسب منه المال لإدارة البلاد سوى التحويلات. 

وعلى الرغم من وجود حوالي 6 ملايين شخص يعيشون في السلفادور، فهناك حوالي 9.5 مليون اتصال محمول، وهو ما يعني أن 34 بالمئة من السكان فقط لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت وقلة قليلة فقط تستخدم التكنولوجيا الحديثة، وفقا للكاتب.

وأضاف: وعلى الناحية الأخرى، كشفت منصة البيانات "Statista" عن عدد مستخدمي العملات المشفرة. 

ومن اللافت للاهتمام أن أكثر الدول تقدما من مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كانت تتذيل القائمة، فيما كانت أميركا اللاتينية هي التي تتصدر القائمة كأكثر الدول التي تملك أكبر عدد من مستخدمي العملات المشفرة في العالم، من بينها البرازيل وكولومبيا والأرجنتين والمكسيك وتشيلي. 

توجه اضطراري

ويشير أصلان إلى أنه بعد إعلان السلفادور عن قرارها هذا، أراد السياسيون من باراغواي وبنما والبرازيل والمكسيك والعديد من البلدان إصدار نفس القوانين لتقليل الاعتماد على الدولار، وإبطاء التضخم، وزيادة المشاركة المالية.

 فوفقا لمقال في ساوند ساند كولورز: "أرسلت الدول اللاتينية في العام 2020 ما قيمته 25 مليار دولار من العملات المشفرة وحصلت على 24 مليار دولار، وهو ما يعادل 9 في المئة من جميع العملات المشفرة في العالم". 

ويضيف: وعلى الناحية الأخرى، لا يمكن لما لا يقل عن 50 بالمئة من سكان أميركا اللاتينية الوصول إلى البنوك وفقا للبنك الدولي. 

وهو ما يجبر الكثير من الناس على البحث عن طرق أخرى لحماية أموالهم. ففي أميركا اللاتينية، يستخدم 113 مليون شخص بطاقات الائتمان. بينما يتوقع أن 387.2 مليون شخص لديهم اتصال بالإنترنت. 

ويتابع موضحا: لذلك، يعد استخدام الإنترنت أسهل وأكثر شيوعا من الحصول على حساب مصرفي. وبالتالي، يتزايد فرص وصول الأشخاص إلى العملات المشفرة بدلا من فتح حساب مصرفي.

 خاصة وأنه يصعب على العديد من الأشخاص في دول أميركا اللاتينية الحصول على حساب مصرفي لأنهم لا يعملون بدوام كامل بما أن هذا ضروري لفتح حساب. 

وحتى لو كانوا يعملون بدوام جزئي في شركة مثل شركة أوبر، لا يمكنهم الحصول على أموالهم إذا لم يملكوا حسابا مصرفيا. 

وبما أنهم يحتاجون إلى الاحتفاظ بأموالهم في مكان ما، يتحولون إلى العملات المشفرة. 

كما ويستثمر الناس أموالهم في العملات المشفرة لأنها تحمل قيمة أفضل من العملة المحلية، ويبحثون عن منصات تقيهم الأضرار الناجمة عن التضخم الذي يؤثر بشكل مباشر على العملة المحلية. 

ويختم أصلان مقاله وهو يلفت قائلا: شيوع تكنولوجيا البيتكوين في دول أميركا اللاتينية ناجم عن الضرورة، أكثر منها ترفا. 

كما أن تبني البيتكوين عملة رقمية يتعلق بتحصيل العمولة كاملة من التحويلات أكثر منها توفير راحة تكنولوجية للشعب.