صحيفة إيطالية: لهذا لا تهتم الطبقة الحاكمة في لبنان بالإصلاحات

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة إيطالية أن أزمة نقص البنزين ضاعفت من معاناة لبنان الذي يشكو تداعيات غياب حكومة تدير دواليب الدولة منذ ما يقرب من عام، بالإضافة إلى انهيار سعر صرف الليرة وبلوغه أدنى المستويات.

وقالت "إيل بوست" إن لبنان يمر مرة أخرى بفترة صعبة للغاية نتيجة آثار الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ عامين، إضافة لتداعيات تفشي وباء كورونا الذي أصيب به نصف مليون لبناني، وانعكاسات الانفجار الكبير الذي ضرب قبل عام مرفأ العاصمة بيروت حيث لا تزال إعادة الإعمار مستمرة.

تدهور قياسي

وذكرت الصحيفة أن الليرة اللبنانية سجلت تدهورا قياسيا جديدا ببلوغ قيمتها عشر ما كانت عليه قبل عامين، في حين انخفضت موارد الدولة وهو ما أدى إلى التخطيط في رفع الدعم عن المحروقات الذي تسبب بدوره في ارتفاع أسعار البنزين وشحه، ونتيجة لذلك تشهد محطات التزود بالبنزين طوابير طويلة تمتد على مسافة كيلومترات.

وكتبت مراسلة "واشنطن بوست" من لبنان، سارة دعدوش، أنه في بلد تكاد تكون فيه المواصلات العامة ومسارات الدراجات شبه معدومة، في غياب البنزين، قرر الكثير من الناس ببساطة عدم الذهاب إلى المدرسة أو العمل.

وأضافت دعدوش أن "الوقود نفد عن سيارة صديق لها وبدل البحث عن محطة بنزين، ترك سيارته بجانب الطريق ولا يعلم حتى الآن متى سيتمكن من العودة واستعادتها".

فيما ذكرت شبكة "الجزيرة" القطرية أن انقطاع التيار الكهربائي قد زاد أيضا، حيث تعمل محطات الطاقة المحلية في الغالب بالوقود الأحفوري، وفي بعض الأحيان تنقطع الكهرباء لمدة تصل إلى 12 ساعة.

وأردفت الصحيفة الإيطالية أن البنزين لا يعد الشيء الوحيد المفقود في الأسابيع الأخيرة في لبنان، وذلك في إشارة إلى ما أوردته وكالة رويترز عن قرار المستشفيات تأجيل العمليات الجراحية المعقدة والاقتصار على تقديم الرعاية لحالات الطوارئ فقط؛ بسبب نقص المعدات الطبية.

وفي نفس السياق، تسير حملة التطعيم ضد فيروس كورونا التي بدأت في فبراير/شباط 2021، بنسق بطيء للغاية، وهو ما دفع العديد من الأشخاص إلى تفضيل شراء جرعات اللقاح من السوق السوداء أو اللجوء إلى الأحزاب السياسية، التي تدير حملات تلقيح خاصة بها بشكل مباشر في بعض الحالات، وفق قول الصحيفة. 

وكشف مصدر من وزارة الصحة اللبنانية لوكالة "فرانس برس"، أن 60 ألف جرعة من إجمالي 900 ألف جرعة ممنوحة، وقع استخدامها من قبل أطراف سياسية.

حكم طائفي

ولفتت الصحيفة إلى أن عديد المتابعين أكدوا مرارا أن الشأن السياسي وأشكال الحكم الطائفية في لبنان تعد المصدر الرئيس لمشاكل البلاد. 

منذ عام 1943، مع ولادة لبنان الحديث، شغل أعلى المناصب في المؤسسات الثلاثة الرئيسة (الرئيس ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء) ممثلين لأكبر ثلاث طوائف دينية وطنية، وهي المسيحية الموارنة والشيعة والسنة. 

كما انقسم البرلمان على أسس طائفية، وينص على وجود ممثلين لعشر طوائف دينية.

مع نهاية الحرب الأهلية عام 1990، حافظ القادة السياسيون لكل طائفة على سلطتهم من خلال نظام المحسوبية، بهدف حماية مصالح الطوائف التي يمثلونها.

هذا النظام "سمح للأوليغارشية المتنافسة بتحويل الروابط السياسية واحتكار المناصب في المؤسسات الحكومية إلى امتيازات اقتصادية للنخب اللبنانية، على حساب السياسات الاقتصادية الهادفة إلى تحسين ظروف السكان "، على حد قول الصحفيين جمال إبراهيم هيدا وعديل مالك في مقال نشر بصحيفة "واشنطن بوست" منذ فترة.

بمعنى آخر: "لم يبد القادة اللبنانيون أبدا اهتماما بتنفيذ الإصلاحات التي يحتاجها البلد، لأن ذلك كان سيؤدي إلى إضعاف سلطتهم"، تشرح الصحيفة.

وأشارت إلى أن هذا تجلى أيضا في السنة الأخيرة التي وصفتها بـ"الصعبة للغاية".

نظريا، استقالت الحكومة بعد الانفجار في مرفأ بيروت، وفي الواقع، لا تزال تقوم بتسيير الأعمال، وذلك نتيجة عدم توافق رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس البلاد ميشال عون على تقسيم الوزارات.

ونوهت الصحيفة أن الوضع يمكن أن يشهد انفراجا بالحصول على مساعدات جديدة من الخارج أو بقرض من صندوق النقد الدولي، الذي يشك في قدرة الطبقة الحاكمة اللبنانية على الوفاء بالوعود وسداد الديون.

وأوضح مارك أيوب، الباحث في الأمن والطاقة بالجامعة الأمريكية ببيروت، لـ"الجزيرة" أن "أي موقف يمكننا اقتراحه يتعارض مع مصالح الطبقة الحاكمة"، مضيفا "نريدهم أن يتوقفوا عن الاستفادة من شيء واحد استفادوا منه منذ 20 عاما".