"ناشيونال إنترست": أمن الأردن تحت رحمة القوى الأجنبية.. كيف؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، مقالا للكاتب سيث فرانزمان، سلط فيه الضوء على الضغوط التي يتعرض لها الأردن، لتمرير "صفقة القرن"، مؤكدا أن أمن الأردن بات تحت رحمة القوى الأجنبية.

وتوقع الكاتب في مقاله، تداعيات كبيرة على الأردن في ضوء الكيفية التي ستطرح بها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطتها للسلام (صفقة القرن)، وكذلك ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيبدأ في ضم أجزاء من الضفة الغربية.

محور للأمن

وأشار  إلى أن دور الأردن هو مفتاح نجاح أي خطة واستقرارها في المنطقة، رغم أن المملكة دولة صغيرة ذات اقتصاد يعاني، موضحا أن هذا البلد هو محور الأمن بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والسعودية والعراق وسوريا.

وبحسب فرانزمان، فإن من أهم التحديات التي تواجهها المملكة الأردنية وجود أكثر من مليون سوري فروا إلى الأردن خلال النزاع السوري، و660 ألفا مسجلين كلاجئين لدى المفوضية.

وأشار إلى أن الأردن لديه ثاني أكبر عدد من اللاجئين في العالم، من حيث نصيب الفرد.

وتابع الكاتب "اللاجئون فقراء، ويعيش 80 بالمئة منهم تحت خط الفقر، ومعظمهم في المناطق الريفية و 51 في المائة من السكان أطفال. وكثير منهم لا يعيشون في مخيمات اللاجئين، وهذا يعني أنهم موجودون في جميع أنحاء شمال الأردن وفي العاصمة عمان".

ومضى يقول: "على الرغم من فتح النظام السوري لجنوب سوريا العام الماضي، ووجود عرض ظاهري بالعفو عن المعارضين السوريين، وإعادة فتح الحدود، فإن اللاجئين لا يعودون. وبدلا من ذلك، ما زالوا يحتاجون إلى كميات كبيرة من المساعدة".

وأشار إلى أن المفوضية قدمت إلى 132 ألف شخص في الأردن في مارس/آذار 2019 مساعدات نقدية، منهم، 124 ألف سوري ، موضحا أن هذا يتطلب تمويلا يصل إلى أكثر من 500 مليون دولار سنويا من الأمم المتحدة.

ومضى يقول "في الفترة الممتدة حتى السبعينيات، كان الأردن لاعبا رئيسيا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. من السيطرة على الضفة الغربية حتى عام 1967، وحتى حملتها على الجماعات الفلسطينية المسلحة في عام 1970، استضافت المملكة أيضا ملايين اللاجئين الفلسطينيين. منذ الثمانينات تغيرت الأمور. وقع الأردن وإسرائيل معاهدة سلام في عام 1994 كجزء من عهد أوسلو عندما بدا أن دولة فلسطينية ستخرج إلى حيز الوجود".

وأضاف "منذ أن تولت إدارة ترامب السلطة ، كان ملك الأردن ودونالد ترامب على اتصال دائم. وسافر الملك عبد الله إلى واشنطن للقاء مسؤولين أمريكيين في يناير/ كانون الثاني 2017، وأخبر الولايات المتحدة أن هزيمة داعش وحل النزاع السوري قضيتان رئيسيتان للأردن".

ترامب يقلق الملك

ونبه الكاتب إلى أن الملك كان قلقا أيضا من خطط ترامب نقل سفارة بلاده للقدس وفيما يخص حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حتى أنه التقى بترامب في أبريل وسبتمبر 2017، مشيرا إلى أن الأردن رفض قرار نقل السفارة الأمريكية في ديسمبر 2017 ، ووصفه بأنه "باطل".

وأضاف "فرانزمان" قائلا "تم عقد المزيد من المحادثات الأردنية الأمريكية. كما عقدت محادثات في يونيو 2018 ومارس 2019 لدراسة خطة السلام في البيت الأبيض".

ومضى يقول "يبدو أن الأردن سعى باستمرار إلى علاقة عمل وثيقة مع الولايات المتحدة، وحث على توخي الحذر فيما يتعلق بقرارات الولايات المتحدة بشأن القدس، خلال سعيه للتأثير على أي خطة سلام أمريكية. تحقيقا لهذه الغاية ، توقفت إدارة ترامب عن طرح خطة السلام، في انتظار انتهاء الانتخابات الإسرائيلية في 9 أبريل/نيسان 2019".

وبيّن أنه "قبل 3 سنوات عندما ذهبت إلى الأردن، كانت المملكة لا تزال في أوج أزمة اللاجئين وكانت مركزا لبرنامج أمريكي للمساعدة في تدريب المتمردين السوريين المعتدلين. وتم اختتام هذا البرنامج في يوليو/تموز 2017. خلال الفترة التي شرعت فيها الولايات المتحدة في تدريب مجموعات سورية، انتقلت أيضا إلى التنف، وهي منطقة صحراوية في سوريا بالقرب من الحدود الأردنية العراقية. منذ ذلك الحين ، كان لهذه القاعدة مستقبل غير واضح".

وأردف يقول "في أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن يعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستنسحب من سوريا، زار الجنرال جوزيف فوتيل القاعدة. وسعت روسيا والنظام السوري إلى تصوير الوجود الأمريكي في تنف على أنه احتلال غير قانوني للأرض السورية ومكان للمعاناة للاجئين السوريين الذين فروا ليصبحوا تحت المظلة الأمنية الأمريكية التي تمتد حول تنف".

وتابع الكاتب "في الوقت نفسه، يعتقد بعض صناع السياسة في الولايات المتحدة أن تنف تساعد على منع النفوذ الإيراني".

واستطرد قائلا: "المفهوم هنا هو أن القاعدة ، بحكم وجودها ذاته ، تمارس نفوذا حولها ، وبالتالي يمكنها المساعدة في عرقلة الممر الإيراني إلى البحر".

وأشار إلى أن "المليشيات التي تدعمها إيران في العراق والجماعات المدعومة من إيران في سوريا، تستخدم العراق الحدود السورية كمعبر".

وبحسب الكاتب، فقد ضربت الولايات المتحدة مليشيات سورية تقترب من التنف. والآن بعد أن صنفت فيلق الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، أصبحت تنف والأردن أكثر أهمية للسياسة الأمريكية في المنطقة.

وزاد: "تقول تقارير في وسائل الإعلام الإيرانية إن الأردن لن يتولى السيطرة على قاعدة التنف، إذا انسحبت الولايات المتحدة. في الوقت الحالي، تستعد واشنطن لترك قوات في سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة في مارس/آذار.

عملية موازنة

وأوضح الكاتب، أن القضية التي تواجه الأردن هي الآن عملية موازنة، حيث يريد الأردن الحفاظ على علاقات وثيقة مع زعيم السلطة الفلسطينية محمود عباس ولا يريد أي حالة من عدم الاستقرار في الضفة الغربية.

وبحسب فرانزمان، فإن الأردن يريد أيضا بناء توافق بين دول الجنوب العربي، بما في ذلك الإمارات والمملكة والبحرين والكويت ومصر، كما يسعى إلى الاستفادة من هذه المجموعة ليس فقط لمناقشة إعادة انضمام سوريا إلى جامعة الدول العربية، ولكن أيضا للتحدث بحرية عن دفء العلاقات بين الخليج وإسرائيل.

وأشار إلى أن الأردن، كان قد انتقد سلطنة عُمان في المنتدى الاقتصادي العالمي للبحر الميت حتى يوم 7 أبريل/نيسان، بحجة أن إسرائيل تحتل أراضي عربية في الضفة الغربية بينما تسعى عُمان إلى توثيق العلاقات مع إسرائيل.

ومضى الكاتب يقول "إن اهتمام الأردن الرئيسي ليس فقط الموازنة بين السياسة الأمريكية وما بعد النزاع السوري والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بل إنه يريد أيضا إيجاد طريقة للمضي قدما فيما يتعلق باللاجئين السوريين".

وأشار إلى وجود يتعلق بصعوبة عودة الكثيرين منهم، بعد أن تبينوا خداع النظام السوري في مبادراته لإعادتهم، حيث تم اعتقال من عادوا وتم نقل شبان للتجنيد القسري.

 وأضاف "القضية الأكبر في السنوات القادمة ستكون إذا اختار السوريون البقاء على المدى الطويل، فسيخلقون جيلا جديدا من الشباب. بوجود حوالي 10 ملايين أردني، يشكل السوريون أكثر من 10 بالمئة من السكان".

وأكد الكاتب "واجه الأردن بالفعل أزمة أصغر بعد أن قطعت الولايات المتحدة المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين. ولديه مخاوف من أن تخفض المفوضية أو غيرها من المنظمات".