رغم أنها جزء من المشكلة.. هل إيران قادرة على إنقاذ لبنان من أزماته؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة الإندبندنت البريطانية، عن علاقة النظام الإيراني بحزب الله اللبناني، وتساءلت عن إمكانية أن تنقذ طهران لبنان من وضعه الحالي.

وقالت النسخة الفارسية من الصحيفة في مقال للكاتب بديع يونس: "تعد هذه الجماعة إرهابية، ويعتبر لبنان جزيرة منعزلة بسبب تحكم هذا الحزب في كل شيء". 

تناول الكاتب العديد من القضايا كالظهور الإعلامي الأخير للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، "بعد تعافيه من فيروس كورونا، والذي دب الرعب في القلوب".

ومطلع يونيو/حزيران، تداولت وسائل إعلام عبرية أنباء متضاربة بشأن وفاة نصر الله، قالت فيها إنه "يحتضر أو مصاب بمرض خطير على أقل تقدير".

ونهاية مايو/أيار، ظهر نصر الله في خطاب وكان مريضا ويسعل باستمرار، "في الأثناء كان يوجه تهديدات إلى إسرائيل"، وهو ما أثار انتباه الجماهير، "وبات وضعه الصحي حديث الناس على مواقع التواصل".

ويقول الكاتب: آخر ظهور إعلامي لحسن نصرالله، لم يكن حدثا عاديا، وخاصة بسبب انتشار أخبار متضاربة عن وضعه الصحي بعد إصابته بفيروس كورونا.

بلا شك فالأخبار التي انتشرت مؤخرا بخصوص وفاته عارية تماما من الصحة، وللسبب نفسه كان يريد أن يطمئن محبيه أنه في صحة جيدة هذه المرة وحتى أقوى من السابق بعد ظهوره بوجه شاحب كئيب بخصوص العدوان في غزة (10-21 مايو/أيار 2021). 

الشعور بالقوة

وحسب الصحيفة، فكان حديث نصر الله متشددا للغاية ومثيرا للرعب، ومما لا يدع مجالا للشك أن وضعه في الوقت الحالي أفضل بكثير بالمقارنة مع الشهور الأخيرة في فترة رئاسة دونالد ترامب.

ويقول الكاتب "حسن نصرالله يشعر أنه أقوى من السابق، بأخذ موقف طهران الحالي في مباحثات فيينا (بشأن الاتفاق النووي) في الاعتبار، بالإضافة إلى سياسات الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه إيران".

هناك أمران في حديث حسن نصرالله مثيران للاهتمام: الأول "هو أن بإمكان إيران بيع النفط لنا بالليرة اللبنانية".

والليرة اللبنانية في حالة انهيار وسط أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة في لبنان، وبناء على ذلك فإن دعم طهران لبيروت "سيكون على حساب الشعب الإيراني"، وفق الكاتب.

والثاني أكثر إثارة من الأول، حيث قال نصر الله في خطابه "سنجلب هذا الدعم، والحكومة اللبنانية لن تستطع أن تحول دون هذه الخطوة"، ومن هنا يلزم أن نضع هذين الأمرين في موضع تحليل واستكشاف، يقول الكاتب.

وقال الكاتب: "تحولت مشكلة المحروقات في لبنان إلى حقيقة مسلم بها بسبب تهريبها في السنوات الماضية، وكل الشواهد والأدلة تؤكد على دور حزب الله في هذه الأزمة".

 وكان يتم تهريب البترول بشكل غير قانوني عن طريق تحكم الحزب في المعابر الرسمية، منها إلى سوريا.

 ثم يتساءل الكاتب: هل إيران في الوقت الحالي في وضع أفضل من حيث تصدير البترول؟ وهل ستظل تدعم لبنان مرة أخرى وتفضل مصالح حزب الله على حساب مصالح الشعب الإيراني؟

ويضيف: "هل حزب الله وإيران تالية سيسمحان بتشكيل "حكومة حقيقية" في لبنان؟ لو كان في بيروت حكومة شعبية، لما كانت مليشيات مثل الحزب تحكم هذه الدولة، ولما كان هناك أسلحة غير مرخصة توجد في يدها".

ويرى أن إيران تعيش نفس الأوضاع، حيث يتحكم الحرس الثوري في حياة الشعب ومعيشته وظروفه وحقوقه، وكذلك مصيره، ومن ثم أوجد حزب الله الوضع نفسه في لبنان.

وتابع يونس: بخلق أزمة المحروقات، يريد أن يقدم حزب الله، النظام الإيراني كمنقذ للبنان، وبقطع علاقات بيروت الخارجية وتحويلها إلى جزيرة منعزلة، تؤمن جميع احتياجاتها عن طريق الجمهورية الإسلامية وتظل مرتبطة بها أكثر فأكثر.

أزمات لبنان

وأردف الكاتب: "أي كتاب تقرؤوه عن لبنان وخصائصها، لا بد أن يشير في مقدمته إلى موقعها الجغرافي الخاص، وحضارتها المتميزة، التي جعلتها تتحول إلى "بوابة بين الشرق والغرب". 

هذه الدولة على مدار تاريخها معروفة بإمكانية ربطها للعالم العربي بالغرب على الدوام، ولكن اليوم يبدو أنها فقدت هذه السمة، ربما بسبب أفعال وقرارات بعض المكونات الأساسية التي خطفت سلطة صنع القرار، وتحكمت في سياستها الخارجية، ومن ثم فقدت الموقف المناسب. 

لم يعد لبنان يعرف بـ "سويسرا الشرق"، لأنه فقد مفتاح بوابته ناحية أوروبا والولايات المتحدة، كما يرى الكاتب.

وكخطوة أولى، خرج لبنان من نطاق ارتباطه بالدول العربية بناء على القرار المتخذ من قبل حزب الله.

 وعلى الرغم من أن لبنان يعتبر عضوا في الجامعة العربية، لكنه تجنب الموافقة على موقف الدول العربية المتعلق بنزاعات المنطقة (في أكثر من حدث سابق). 

وعلى هذا الحال، يدرك العرب وضع لبنان جيدا، وبهدف إنقاذه أوجدوا حلا دبلوماسيا لإخراجه من هذه الأزمات، لكن وزير الخارجية اللبناني السابق جبران باسيل، الذي كان مدعوما من قبل حزب الله، وتابعا له، لم يكن مستعدا لقبول هذا الاقتراح.

على نفس الحال، وسع حزب الله  تدخله في نزاعات المنطقة على عكس قرارات الحكومة اللبنانية.

 ويستكمل هذا الحزب تهديده لأمن المنطقة، وخلق حالة من عدم الاستقرار في الدول الواقعة في مجال نفوذ إيران، ومن ضمنها لبنان.

في شهر مارس/آذار 2016، قررت الجامعة العربية أن حزب الله يعتبر أحد أهم المؤسسات السياسية والعسكرية للحكومة اللبنانية وتم إعلانه "منظمة إرهابية". 

لم يكن هذا القرار بلا سبب، وتم اتخاذه في الوقت الذي كانت مليشيات حزب الله إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا، وبدؤوا الحرب ضد المتظاهرين السوريين. 

بالإضافة إلى ذلك، حسن نصر الله زعيم هذه الجماعة، كان ينتقد الدول العربية في كل أحاديثه، وخاصة دول الخليج العربي، وكان يشن هجوما عليها.

جاء ذلك في الوقت الذي كانت تؤمن حياة مئات الآلاف من المواطنين اللبنانيين وعائلاتهم من قبل هذه الدول، وكانت تفتح أحضانها دائما لاستقبال اللبنانيين المتجهين إليهم لإيجاد فرص عمل، وبغرض الحياة هناك، وفقا لما ذكره الكاتب.

تدخلات وتداعيات

أردف يونس: بتدخل حزب الله في نزاعات اليمن، وقف إلى جانب الحوثيين، وشارك في الحرب ضد المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والتحالف العربي، وبالتدخل في شؤون العراق وسوريا، عارض جميع قرارات الجامعة العربية.

 وبإرسال حزب الله المدربين العسكريين والخبراء إلى اليمن، عمل على تدريب مليشيات الحوثي عسكريا على عدة أمور من بينها إطلاق الصواريخ الباليستية. 

وعلى هذا الحال، لو لم تكن الحكومة اللبنانية متمثلة في حزب الله، ولم يسيطر هذا الحزب على كل المؤسسات المتخصصة بصنع القرار في المجال الإقليمي والدولي، لم يكن الشعب اللبناني ليواجه مثل هذه الأزمة والتحديات الداخلية.

ولكن تمكن هذا الحزب من الدولة بشكل فعلي، وتغيرت خصائص لبنان من حيث الأبعاد السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.

يعيش الشعب اللبناني في الداخل، في دولة منعزلة تحت حكم حزب واحد، ويواجه أزمات اقتصادية، سياسية، أمنية غير مسبوقة، ناتجة عن الفساد، وعدم وجود حكومة مستقلة، وفق الكاتب.

ويرى الكاتب أنه "ليس هناك شك في أن الخطوة الأولى لإنقاذ لبنان هي إخراج المؤسسات الحكومية من تحت سيطرة حزب الله، لكي يستطيع اللبنانيون أن يعملوا على تشكيل حكومة؛ ويتم إنقاذ الدولة من الفقر المدقع، وتبدأ في إصلاحات من كافة الجوانب بمشروع يوازي هذا التناقض".

ولن يستطيع العالم العربي والمجتمع الدولي أن يثق في بيروت ويعطيها مليارات الدولارات طالما لم يتوقف تدخل حزب الله في سوريا، والعراق، واليمن.

ويقول الكاتب إن تلك الأطراف تنتظر من لبنان تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تشمل منع دخول أسلحة إلى حزب الله وتوقف عمليات الحزب في الدول العربية، الأوروبية، الإفريقية. 

اختتم مقالته قائلا: لو كان النظام الإيراني -باستخدام حزب الله- هو السبب في كل مآسي لبنان، فلا يمكن أن يكون هو نفسه المنقذ له. 

ويواصل: "في النتيجة، كلام حسن نصرالله من حيث المنطق والاستدلال، ومن حيث المحتوى، فارغ وبلا فائدة".