بعد انقلاب الجيش.. صحيفة إيطالية تحذر من اندلاع حرب أهلية في ميانمار

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة إيطالية أن الوضع في ميانمار يزداد تعقيدا إثر اندلاع العديد من الاشتباكات في بعض مناطق البلاد بين الجيش الذي نفذ انقلابا مسلحا مطلع فبراير/شباط 2021 وجماعات عرقية مسلحة.

وقالت ''إيل كافي جيوبوليتيكو'' إن رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان"، "لم تتمكن بعد من تحقيق نتائج تسهم في خفض التوترات بالبلاد، رغم لقائها بقادة الانقلاب في الاجتماع الطارئ الذي عقد في أبريل/نيسان 2021".

انهيار وشيك

وأكدت الصحيفة أنه بعد مرور 120 يوما من الانقلاب، يهدد الوضع في ميانمار بالانزلاق إلى نزاع عسكري قد يتسبب في حرب أهلية واسعة النطاق إثر سقوط 845 قتيلا من المدنيين واعتقال أكثر من 5600، بينما يوجد ما لا يقل عن 1900 شخص مفتش عنهم حاليا من قبل القوات المسلحة لمشاركتهم في مظاهرات ضد الانقلاب.

وذكرت أنه إلى جانب المخاوف بشأن سلامة المدنيين، تشكو البلاد وضعا صحيا معقدا كما يعاني الاقتصاد صعوبات توشك على التسبب في انهياره.

 وتشرح بأنه بات من الصعب مراقبة اتجاه الوضع الوبائي في البلاد، بينما تسير حملة التطعيم بنسق بطيء بتلقيح ما يقرب 50 ألف جرعة يوميا بينما وصل إجمالي عدد الجرعات المستخدمة 3 ملايين وهو ما يعادل نسبة تطعيم 2.8 بالمئة من السكان.

اقتصاديا، أشارت الصحيفة إلى أن الانقلاب تسبب في آثار كبيرة تضاف إلى تداعيات تفشي الجائحة، وهو ما يدق ناقوس الخطر لاسيما وأنه وفقا لتقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعيش حوالي 48 بالمئة من السكان تحت خط الفقر مقارنة بنسبة 24.8 بالمئة عام 2017.

وأضافت أن النظام المصرفي يتعرض لضغوط ويواجه العديد من المشاكل على غرار نقص السيولة في البنوك، وهو ما يجبر السكان على الوقوف في طوابير منذ الصباح الباكر لسحب الأموال قبل نفاذها. 

ورغم أن مجلس إدارة الدولة (المجلس العسكري) قد أجاز اعتبارا من 28 أبريل/ نيسان 2021، إمكانية إجراء مدفوعات عبر الإنترنت، إلا أن المشاكل لا تزال قائمة، لأنه غالبا ما يتم قطع خدمات الإنترنت في البلاد من قبل المجلس العسكري، حتى لا يسمح للمتظاهرين باستخدام شبكات التواصل لتنظيم التظاهرات. 

وبينت الصحيفة أن التحكم في الإنترنت يعد وسيلة أساسية للمجلس العسكري الذي أدرج في الأيام الأخيرة، أكثر من 1200 موقع، بينها "فيسبوك" و"تويتر" في قائمة الحجب.

وأردفت أن الأزمة الإنسانية تستمر بنزوح قرابة 250 ألف شخص فروا من قمع الجيش. 

من جانبها، اشتكت المنظمات غير الحكومية من استحالة إنشاء ممرات إنسانية آمنة لإيصال المواد الغذائية والضروريات الأساسية بسبب منع الجيش وصول المساعدات للنازحين.

رياح حرب أهلية

وذكرت الصحيفة أن الجماعات المسلحة العرقية انحازت في بعض مناطق البلاد إلى طرف حكومة الوحدة الوطنية المعارضة المعلن تشكيلها في 16 أبريل/نيسان 2021 باعتبارها الممثل القانوني الوحيد للشعب، وتتألف من بعض البرلمانيين من الحزب الحاكم الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، وممثلين عن مختلف المجموعات العرقية البورمية. 

وشهدت بعض المناطق وقوع اشتباكات عديدة بين مجموعات عرقية متمردة، على غرار جيش ميانمار الوطني الديمقراطي، كانت قد اتحدت ضد الجيش تحديدا في ولاية شان.

وفي أبريل/نيسان 2021، استأنف تحالف هذه المجموعات المسلحة هجماته ضد الجيش بعد دعوته إلى وقف إطلاق النار، مما أدى إلى وقوع 11 قتيلا في الأيام الأخيرة.

بينما يشكل الشباب في ولايات كارين وتشين وكاشين فرقا صغيرة تتكون من عشرات الأفراد، لمواجهة  الجيش.

وبفضل التحالفات التي تشكلت في القرى، تحول الوضع إلى صراع حقيقي منخفض الحدة بين قوات الجيش المجهزة بأفضل العتاد والمجموعات المسلحة التي تسعى إلى إضعاف قوات الجيش، لإخراجها من مناطق النزاع. 

وأشارت وسائل إعلام عديدة إلى أن الجماعات المسلحة في هذه المناطق تقوم بتجنيد العديد من الشباب البورمي الذي لا ينوي الاستسلام لجيش الجنرال مين أونغ هلينغ والمستعد للتضحية بحياته لتحرير البلاد من استبداد الجيش، وفق قول الصحيفة الإيطالية.

جهود الوساطة

في غضون ذلك، قالت الصحيفة إن القلق بشأن مصير الزعيمة أونغ سان سوتشي يزداد، وذلك بعد عودتها للظهور علنا في 24 مايو/أيار 2021 وذلك لأول مرة بعد الإطاحة بها؛ لحضور جلسة محاكمة ضدها. 

وخلال هذا الظهور القصير، تمكنت سوتشي من التحدث لأول مرة مع محاميها ومع الرئيس السابق وين مينت، المتهم أيضا بارتكاب جرائم مختلفة.

 وفي الآونة الأخيرة، أعلن عن نقل الزعيمة سوتشي والرئيس السابق إلى مكان سري، لذلك يشعر المؤيدون لها بالقلق ويطالبون بتدخل المجتمع الدولي .

واعتبرت الصحيفة أن المجتمع الدولي وخاصة رابطة دول جنوب شرق آسيا، أخفقوا في التوسط لخفض التصعيد، كما برزت انقسامات داخلية أكدت هيمنة الاقتصاد على الشؤون السياسية لأعضائه.

وبينت أنه لم يقع احترام النقاط التي نص عليها الاتفاق مع جنرال التاتماداو خلال الاجتماع الطارئ في 24 أبريل/نيسان، خاصة المتعلقة بإجراء حوار بناء بين أطراف النزاع ووقف العنف. 

كما لم يطرأ أي تحسن على الوضع، وواصل الجيش استخدام الأساليب العنيفة والقمعية ضد المتظاهرين، وهو ما أسفر عن سقوط 100 قتيل مدني منذ الاجتماع.

وتابعت الصحيفة بالقول: إن "المجلس العسكري عرقل دخول المساعدات الإنسانية المنصوص عليها في النقطة الرابعة من الاتفاق إلى البلاد واستولى على الشحنات الموجهة لأكثر من 150 ألف نازح فروا من المناطق التي سيطر عليها بالقوة". 

كما لم تعين "آسيان" بعد مبعوثها الخاص الذي سيضطلع بمهمة التوسط في حوار بناء بين المجلس العسكري وأعضاء حكومة الوحدة الوطنية. 

ولازال من غير المؤكد لقاء وفد من "آسيان" يتألف من رئيسها إريوان يوسف، والأمين العام ليم جوك هوي، بقادة المجلس العسكري في الأيام المقبلة بالنظر إلى أن قادة الجيش كانوا قد ألمحوا إلى أن الاجتماع يمكن تأجيله في حالة حدوث مشاكل تتعلق بالتوقيت والأمن.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "بينما تستغرق الجهات الفاعلة المعنية وقتا كبيرا في تحركاتها، نفذ صبر السكان في ظل عيشهم منذ 4 أشهر في ظروف حرجة صحيا واقتصاديا وإنسانيا".