الغارديان: بايدن "تراجع عن وعده" بإيقاف انتهاكات السيسي في مصر

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة الغارديان البريطانية عن "خيبة أمل" حقوقية من تراجع الرئيس الأميركي جو بايدن عن وعده بإيقاف انتهاكات نظام عبد الفتاح السيسي لحقوق الإنسان في مصر.

وقال رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين شريف منصور، واصفا اعتقال ابن عمه رضا عبد الرحمن من قبل قوات الأمن المصرية في أغسطس/آب 2020 بأن "الأمر محاولة لتخويفه (منصور) وإسكاته".

وعبد الرحمن مسجون بدون محاكمة منذ تسعة أشهر. ومنذ ذلك الحين علم منصور، وهو ناشط حقوقي مقيم في واشنطن، أنه ووالده مدرجان في نفس لائحة الاتهام، وأنهما متهمان بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر "أخبار كاذبة".

ومنصور هو واحد من عدد متزايد من الناشطين والمعارضين والمحللين الغاضبين من العلاقات الدافئة المفاجئة للإدارة الأميركية مع مصر.

تهديدات جدية

ويشيرون إلى تهديدات المسؤولين المصريين المتصاعدة ضد المنتقدين الذين يعيشون في المنفى في الولايات المتحدة، بما في ذلك اعتقال أفراد عائلاتهم أو معارفهم في مصر، حيث إن كثيرا منهم مسجونون مثل عبد الرحمن بتهم ملفقة.

وجرى اعتقال واستجواب اثني عشر فردا من عائلة منصور من قبل رجال الأمن المصري منذ اعتقال عبد الرحمن.

وقال منصور: "يسألون عنا وعما تحدثنا عنه مع أهلنا، إنهم  يطلعون على هواتفهم - وإذا لم يقدموا كلمات مرور يتعرضون للضرب من أجل العثور على أي شيء يربطهم بنا، بما في ذلك محادثات على موقع فيسبوك".

وأضاف: "لهذا لم نتواصل: لقد توقفت عن التحدث مع عائلتي حتى لا أعطيهم أي سبب لمضايقتهم". 

وأجرى جو بايدن ورئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، أول مكالمة رسمية بينهما في أواخر مايو/أيار، بعد أربعة أشهر من تولي الأول منصبه.

وكمرشح، وعد بايدن بأنه لن يكون هناك "شيكات على بياض" للرجل الذي وصفه سابقه دونالد ترامب ذات مرة بأنه "الديكتاتور المفضل لدي". 

مع ذلك، عندما تحدث الزعيمان، ناقشا حقوق الإنسان من منظور "حوار بناء" و"أعادا تأكيد التزامهما بشراكة أميركية مصرية قوية ومثمرة"، وفقا للبيت الأبيض.

جاء ذلك في أعقاب الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس، بما في ذلك زيارة علنية نادرة أجراها مؤخرا رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، إلى تل أبيب والقدس ورام الله وغزة.

وسافر وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي إلى القاهرة، وهي الزيارة الأولى لوزير خارجية إسرائيلي منذ 13 عاما. 

وفي هذا السياق قالت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "ذكرت الأزمة الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والقصف الإسرائيلي لغزة بواقع واضح وحاضر للغاية: أن القاهرة ودورها مهم جدا في العلاقات مع الإسرائيليين والفلسطينيين".

وتوجت إدارة بايدن محادثاته الدافئة مع السيسي بقرار منح 1.38 مليار دولار (مليار جنيه إسترليني) كمساعدة عسكرية سنوية لمصر.

خيبة أمل

وفي سياق متصل أعرب تحالف من جماعات حقوق الإنسان عن "خيبة أمل شديدة" من قرار الإدارة الأميركية.

وقالوا: "شن الرئيس بايدن حملة" ضد مزيد من الشيكات على بياض "للنظام المصري، لكنه منح نفس المبلغ الذي قدمته الولايات المتحدة سنويا منذ عام 1987 على الرغم من سجل مصر المتدهور في مجال حقوق الإنسان،  وهو ما يعد شيكا آخرا".  

وأوضح منصور "لقد تخلت إدارة بايدن عن الخطاب الذي دعا مصر علنا ​​لاحترام حقوق الإنسان من خلال الموافقة على هذا الحوار البناء". 

 

وأضاف "دمي يغلي عندما أسمع هذا المصطلح من نواح كثيرة. ليس فقط لأنه تكرار لما سمعناه كمصريين من الولايات المتحدة حول علاقتها بحميع الديكتاتوريين السابقين، ولكنه يؤكد أيضا مدى سذاجة هذه الإدارة عندما يتعلق الأمر بمصر". 

ومنذ وصوله إلى السلطة عبر انقلاب عسكري في عام 2013، أشرف السيسي على أوسع حملة قمع ضد المعارضة وحرية التعبير في تاريخ مصر الحديث.

ولا يزال عشرات الآلاف خلف القضبان بسبب آرائهم السياسية أو لأنشطة عادية مثل تعليق على موقع فيسبوك؛ فيما أكدت منظمة العفو الدولية أن السجون المصرية وصلت إلى ضعف طاقتها.

وتتبعت مبادرة الحرية وهي منظمة حقوقية مقرها واشنطن أسسها الناشط المصري الأميركي محمد سلطان، الأعداد المتزايدة من الاعتقالات لأفراد عائلات المصريين الذين يتحدثون بصراحة في الخارج.

وقالت المبادرة إن التهديد بالمكالمات الهاتفية وحتى الترهيب الجسدي يستخدم الآن بانتظام ضد المعارضين المصريين في جميع أنحاء العالم.

وقال علي حسين مهدي المؤثر والمعارض المقيم الآن في المنفى في الولايات المتحدة: "قالوا إنهم يمكن أن يوظفوا شخصا هنا لملاحقتي". 

ووصف مهدي كيف تم اعتقال أفراد عائلته في وقت سابق من هذا العام كوسيلة لمنعه من التحدث علانية ضد الحكومة المصرية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث لا يزال والده رهن الاعتقال. 

وتصاعدت التهديدات ضد مهدي إلى مكالمات هاتفية تهديدية من شخص يزعم أنه عميل للمخابرات المصرية بعد أن تحدث علانية عن اعتقال أفراد عائلته.

وصمة عار

ووصفت مبادرة الحرية ما أسمته "تكتيكات أخذ الرهائن" لخمسة مواطنين أميركيين تم احتجاز عائلاتهم في مصر من أجل إسكاتهم في الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك، جرى تسجيل أكثر من عشرة حالات لمواطنين أو مقيمين أميركيين احتجز أقاربهم في مصر في العام 2020، على الرغم من أن المبادرة تعتقد أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.

وأضافت المبادرة أنه تم تحذير أحد المواطنين الأميركيين من التحدث إلى المشرعين عند إطلاق سراح أقاربه من الاحتجاز في مصر، وقالوا إن ذلك سيؤدي إلى إلحاق الأذى بهم. 

 يأتي ذلك رغم أن القانون الأميركي يضم  آليات للحد من التعاون مع الدول التي تهدد المواطنين والمعارضين الأميركيين في الخارج.

يشمل ذلك قانونا يمنع الولايات المتحدة من تمويل قوات الأمن الأجنبية التي تنتهك حقوق الإنسان؛ وقانون ماغنيتسكي العالمي الذي يسمح للحكومة بمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان ومنعهم من دخول الولايات المتحدة.

إضافة إلى "حظر خاشقجي"، الذي يحد من تأشيرات الدخول لأولئك المنخرطين في أنشطة مناهضة للمعارضة، والذي استهدف بشكل مباشر في البداية منفذ عملية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018.

ولم يرد البيت الأبيض في البداية عند الاتصال به للتعليق على هذه المسألة، لكن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين قال أمام جلسة استماع في الكونغرس في يونيو/حزيران 2021: "أعتقد أننا شهدنا بعض التقدم في بعض مجالات" حقوق الإنسان في مصر.

وتابع: "عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير والقضايا المدنية في المجتمع، هناك مشاكل كبيرة للغاية نحتاج إلى معالجتها مباشرة مع شركائنا المصريين، ولذلك نأمل ونتوقع رؤية تقدم هناك".

لكن ناشطين يقيمون في الولايات المتحدة أعربوا عن خيبة أملهم من إحجام المشرعين عن فرض عقوبات على المسؤولين المصريين الذين يقولون إنهم أكثر من مؤهلين  لاتخاذ إجراءات عقابية. 

وقال منصور: "حقيقة أن مصر تشعر أنها تستطيع الإفلات من احتجاز المواطنين كرهائن، حتى الآن، سيظل ذلك وصمة عار على إدارة بايدن".