المنافسة تشتد.. "الخضر" الفرنسي يعيد حزب ماكرون إلى الخلف

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد سنة من احتكار المدن الفرنسية الكبرى، يحرز رؤساء البلديات البيئيون تقدما في مكافحة التلوث وتغير المناخ، لكنهم في المقابل، يتلقون هجمات قاسية من اليمين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (ينتمي إلى حزب الجمهورية إلى الأمام). 

وقالت صحيفة بوبليكو الإسبانية إن حزب الخضر (معارض) أصبح حديث الساعة في فرنسا، حيث إنه عمليا، لم يمر أسبوع دون التطرق إليه.

ويقول محللون إن ماكرون الذي تعهد بعد وصوله إلى السلطة عام 2017 بإجراء تغيير في الحياة السياسية كان نجاحه هامشيا في تطوير جهاز فعال لحزبه الوسطي.

غزو البلديات

في الحقيقة، غزا الخضر الفرنسيون رئاسة البلديات الرئيسة في فرنسا منذ ما يقرب من عام.

ومن بين هذه البلديات، تبرز ليون، وبوردو، وستراسبورغ، وغرونوبل، ومرسيليا.

زيادة عن ذلك، فإن قائمة المدن الكبرى التي وقعت في أيدي قوائم بيئية أو القوائم التي تمثل تحالف الأحمر والأخضر طويلة في الجولة الثانية من الانتخابات البلدية في 28 يونيو/حزيران 2020.

وقبل وقت قليل من استكمال الأشهر الاثني عشر الأولى بالنسبة لهؤلاء العمد الأخضر على رأس البلديات الكبرى، كان من الواضح جدا أن الوقت الذي أمضوه في السياسة - وكثير منهم من المبتدئين على رأس البلديات - مما أثار الكثير من الاهتمام.  

وأشارت الصحيفة إلى أن رؤساء البلديات الخضر أسالوا الكثير من الحبر بسبب الخلافات المتعددة التي وجدوا أنفسهم متورطين فيها؛ على الرغم من أنهم روجوا لإجراءات طموحة ضد التلوث ولصالح "دعم المساحات الخضراء".  

تعدد هذا الجدل من انتقاد رئيسة بلدية بواتييه بسبب معارضتها لحركة الطيران ورفض دعم ناد متخصص في هذا المجال؛ إلى النقاش الذي أثاره تقديم دعم من مجلس مدينة ستراسبورغ لجمعية إسلامية.

هذا فضلا عن انتقادات عديدة لرؤية إيكولوجيا (علم البيئة) تعتبر، وفقا لخصومها، عقابية وعقائدية، فضلا عن وصم البيئيين بالتسامح مع "التطرف". 

ونقلت الصحيفة أن العديد من هذه الهجمات، بشكل مثير للفضول، جاءت من أعضاء في حكومة ماكرون.

وتوضح أن فوز زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية لعام 2022 لم يعد فرضية بعيدة المنال.

لكن الحكومة الفرنسية تفضل شيطنة الخضر بدلا من التركيز على محاربة اليمين المتطرف. 

وفي الواقع، يمكن أن تمثل البيئة بديلا للمنافسة المتوقعة بين لوبان والرئيس ماكرون. لكن، يعوق الخضر انقسام اليسار وتمثيله عبر عديد المرشحين. 

نزاع ثقافي

نوهت الصحيفة بأن الجدل حام حول الخضر منذ الأشهر الأولى من فوزهم في العديد من المجالس البلدية.

في سبتمبر/أيلول 2020، أثار عمدة ليون، غريغوري دوسيه، جدلا عندما اعتبر أن سباق فرنسا للدراجات- وهو أحد الأساسيات التي لا يمكن المساس بها بالنسبة لعشاق الرياضة هناك - يلوث كثيرا وينقل "صورة معادية للنسوية" للرياضة.  

من جهته، هاجم رئيس بلدية بوردو، بيير هورميك، رمزا ثقافيا آخر في نفس الشهر، مثل شجرة عيد الميلاد؛ حيث اعتبر أنه يمكن الاستغناء عنها.

كما سلطت الأضواء على بلدية ليون مرة أخرى في فبراير/شباط، عندما أعلنت أنه سيتم تقديم قوائم وجبات نباتية فقط في المدارس العامة لعدة أسابيع، لأسباب لوجستية وأيديولوجية.

وفي خضم هذا الجدل، اتهم جيرالد دارمانين، وزير الداخلية وأحد صقور حكومة ماكرون، بلدية ستراسبورغ بدعم "الإسلام السياسي" و"التدخل الأجنبي" لمنحها منحة قدرها 2.5 مليون يورو لجمعية إسلامية لبناء واحد من أكبر المساجد في أوروبا. 

وعلى الرغم من أن هذه الانتقادات تهدف إلى إبعادهم عن المركزية السياسية، فإنها جعلت الخضر مرئيين أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأنهم كانوا حتى العام 2020 يديرون غرونوبل فقط، باعتبارها المدينة الرئيسة الوحيدة.

ونقلت الصحيفة عن عالم السياسة، سيمون بيرسيكو، أن "هناك الآن الكثير من الحديث عن قادة البيئة، فهم يعتبرون جهات فاعلة رفيعة المستوى".

من جهته، يقول الخبير في السياسية والأحزاب البيئية دانيال بوي: "ارتكب أعضاء حزب الخضر الذين يتقلدون مناصب في البلديات أخطاء في الاتصال، لكن العديد من هذه الخلافات تعكس صراعا أيديولوجيا".

بحسب برسيكو، فإن "صلاحيات البلديات محدودة، مما يعزز أهمية خوض المعركة الثقافية والدفاع عن رؤية مختلفة للاقتصاد أو الرياضة أو التغذية".

تسريع التحول

ونقلت الصحيفة عن نينون جينيل، رئيس ديوان عمدة ليون، قوله إن "هذه الانتقادات تظهر أن المحافظين والعالم القديم يشعرون بالخطر من وصول طبقة سياسية جديدة".

بشكل عام، ميز الجدل الأشهر الأولى لهؤلاء المستشارين المتخصصين في البيئة، لكن هذا لم يمنعهم من الترويج لسياسات شجاعة. 

ومن أجل عدم الوقوع في فخ تكريس أنفسهم فقط لزراعة الأشجار وبناء ممرات للدراجات، ترى السياسية أجاث كاجيه أنه "يجب على الخضر أيضا تعزيز سياسات الحماية الاجتماعية".

على وجه الخصوص، في غرونوبل، تبنى الخضر رسوما اجتماعية أرخص لخدمات المياه والكهرباء واشتراكات النقل العام. كما خفضوا سعر الوجبات المدرسية إلى يورو واحد في اليوم، حيث يتم تقديم الطعام العضوي والمحلي، بالإضافة إلى قائمتين نباتيتين كل أسبوع.

مع ذلك، فإن التحدي الاجتماعي الأكبر يتمثل في سياسة الإسكان. في هذا المعنى، أعلن مجلس مدينة ليون بالفعل أنه سيحد من أسعار الإيجارات اعتبارا من سبتمبر/أيلول 2021، وأنه سيبني حوالي ستة آلاف منزل مدعوم كل عام. 

نقلت الصحيفة عن المحلل بوي أنه "كما حدث أيضا في باريس مع الاشتراكية، آن هيدالغو، تعمل هذه السياسات البيئية على تحسين حياة الناس".

وعلى الرغم من أن تغير المناخ ظاهرة عالمية ليس من السهل على القادة التعامل معها، لأنها لا تحقق لهم نتائج فورية؛ فإن "السياسات المتعلقة بالنقل وغرس الأشجار فعالة على المدى القصير". 

وفي هذا المعنى، يطمح حزب الخضر إلى تحويل البلديات التي يتمركز فيها إلى واجهة لعرض لمشروعهم الوطني.

كما يسعى إلى تحويلها إلى مرآة لطموح الحزب المناخي، في مواجهة حكومة ماكرون، التي تعرضت لانتقادات بسبب نتائجها الهزيلة في هذا المجال.  

وحول فرضية تكرار نفس النجاح الذي حققوه في البلديات، نقلت الصحيفة عن بوي قوله: "إن الأمر ليس واضحا بالنسبة لي، على الرغم من أنهم ربما سيكونون قادرين على الفوز في إحدى المناطق".

ويعتبر المحلل أن القوائم الخضراء أو الحمراء والخضراء لديها خيارات للفوز في منطقة باريس، وفي منطقة باي دو لوار، وفي أوفيرني رون ألب، منطقة ليون. 

في الواقع، يمكن أن تعكس هذه الانتخابات الإقليمية حدود الخضر الفرنسيين؛ حيث إنه على الرغم من انتشارهم في المدن الكبيرة، فإن جاذبيتهم أقل بين الناخبين في المدن المتوسطة الحجم والمناطق الريفية.