هآرتس: لهذا يدعم المجتمع الدولي إثيوبيا و"يصم أذنه" عن نداءات السيسي

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة هآرتس العبرية، أن رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي يواجه أزمة دبلوماسية كبيرة في ظل سعيه لوقف الانتهاء من سد النهضة الإثيوبي، إذ "أصم كل حلفاء القاهرة آذانهم" حتى الآن عن دعواته التدخل. 

وبينما وصل فريق الوساطة المصري إلى تل أبيب وقطاع غزة لاقتراح خطط لهدنة طويلة الأمد بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، كانت هناك جبهة أخرى تحتدم في مصر.

إذ أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية اللواء تامر الرفاعي، وصول أفراد من الجيش المصري إلى السودان للمشاركة في تمرين مشترك تحت  اسم "حراس النيل". 

وبالنسبة لمصر كان هذا العرض العسكري أكثر أهمية بكثير من القتال بين إسرائيل وغزة، لأنه يمس ما تعتبره خطرا وجوديا: نية إثيوبيا البدء في المرحلة الثانية لملء الخزان المجاور لسد النهضة الإثيوبي الكبير. 

معركة التحذيرات

وتعد هذه التدريبات المشتركة الثالثة بين مصر والسودان خلال العامين الماضيين، وكان آخرها في أبريل/نيسان.

وكان السيسي قد حذر في مارس/آذار من أن "مياه النيل خط أحمر" وأن  أي اعتداء على مياه مصر سيقابل برد يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

لم تكن هذه المرة الأولى التي تهدد فيها مصر باستخدام القوة ضد السد الضخم الذي يقترب من الاكتمال.

ومنذ توقيع اتفاقية بناء السد في عام 2011، حاولت مصر إفشال الخطة باستخدام كل الوسائل الدبلوماسية المتاحة لها. 

مع ذلك لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق، حيث تنتظر القاهرة الآن المساعدة من الإدارة الأميركية الجديدة التي لم تقم بعد بترسيخ وتوضيح سياستها بشأن هذه الأزمة التي قد تتسبب في اندلاع الحرب. 

ويقدر الاقتصاديون المصريون أن مصر التي تحصل على معظم مياهها من نهر النيل يمكن أن تفقد ما يصل إلى 10 مليارات متر مكعب من المياه سنويا من أصل 50 مليار متر مكعب تلقتها حتى عام 2019. 

وتدرك مصر أنه لا يمكن وقف بناء السد، لكنها تطالب بملء خزانه على مراحل تتراوح بين 12 و 21 سنة.

وتعارض إثيوبيا هذا الطلب لأنها تسعى إلى تشغيل محطات الطاقة الخاصة بها - التي ستوفر الكهرباء لـ 60 بالمائة من سكانها الذين يفتقرون إليها حاليا - في أسرع وقت ممكن.  

وقالت أديس أبابا إن السد الذي تبلغ تكلفته 5 مليارات دولار قد اكتمل بنسبة 80 بالمائة، وأنه من المقرر أن ينتج 15.5 جيجاوات من الكهرباء سنويا، مقارنة بإنتاج إثيوبيا الحالي البالغ 4.5 جيجاوات.

ويعد هذا السد جزءا من الرؤية الوطنية لإثيوبيا التي أجبرت مواطنيها على المشاركة في تمويله.   

وفرضت الدولة "ضريبة السدود" على رواتب موظفي الخدمة المدنية من عام 2012 إلى عام 2015، كما طلب من الشركات المحلية جمع التبرعات ومن البنوك منح القروض الحكومية بشروط ميسرة تهدد السيولة والاستقرار.

وأصدرت سندات للمغتربين الإثيوبيين بسعر فائدة مغر بنسبة تتراوح بين 5 و 6 بالمائة. وأقامت مسابقات اليانصيب لتمويل السد وحتى تنظيم المسابقات الرياضية. 

لكن كل الأموال التي تم جمعها بهذه الطرق المختلفة لا تزال بعيدة عن تغطية تكلفة السد وفق التقرير. 

وكانت إثيوبيا قد اضطرت عام 2015 إلى وقف البناء بسبب نقص التمويل.

إثيوبيا نحو الملء

وفي سياق متصل قدمت الصين المساعدة لإثيوبيا، حيث تعهدت في عام 2013 بمنحها قرضا بقيمة 1.2 مليار دولار لبناء شبكة كهربائية وبنية تحتية لنقل الكهرباء من السد إلى جميع أنحاء البلاد. 

وفي عام 2019، أعلنت عن قرض آخر بقيمة 1.8 مليار دولار لنفس الأغراض. وتجنبت الصين الاستثمار المباشر في بناء السد حتى لا تضر بعلاقاتها مع مصر.

لكن يعتقد أن جزءا كبيرا من القرض الصيني تم استخدامه لإكمال بناء السد، حيث فازت العديد من الشركات الصينية الكبرى بمناقصات تتعلق بتشغيله.

وتستخدم إثيوبيا بناء السد كمحفز للعلاقات الخارجية التي ستؤمن الدعم الدولي، المالي والسياسي، وتحميها من أي حملات ضغط أو هجمات على السد. 

على سبيل المثال، فازت شركة WEBUILD الإيطالية بعقد لبناء البنية التحتية الرئيسة للسد، وفازت الشركة الألمانية Voith Hydro بعقد تركيب التوربينات لتشغيل محطات الطاقة بالاشتراك مع شركة General Electric الأميركية وشركة Alstom الفرنسية.

ويبدو أن إسرائيل ليست منخرطة بشكل مباشر في بناء السد، لكن عشرات الشركات الإسرائيلية تعمل في إثيوبيا.

ونشرت وسائل الإعلام الإثيوبية تقارير لم يتم التحقق منها تفيد بأن مهندسين وممثلين إسرائيليين يعملون في طابق كامل في وزارة المياه في البلاد وأن إسرائيل ركبت صواريخ سبايدر للدفاع عن السد من الهجمات الجوية. 

وأدت هذه التقارير إلى عدة نقاشات بين مصر وإسرائيل، اقتنعت فيها القاهرة بوضوح بالنفي الإسرائيلي، وفق التقرير.

ودفع انخراط الصين العميق في إفريقيا بشكل عام وفي إثيوبيا بشكل خاص إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى تشجيع الشركات الأميركية على الاستثمار في أديس أبابا. 

كما دفعها إلى الموافقة على قرض بقيمة 2.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لإثيوبيا في 2019.

لم يكن القصد من هذا القرض تمويل السد، ولكنه حرر الكثير من أموال الدولة الأخرى المخصصة للتطوير لاستخدامها فيه.  

كما تلقت إثيوبيا أكثر من 300 مليون دولار من الإمارات العربية المتحدة و 140 مليون دولار من المملكة العربية السعودية لتطوير البنية التحتية للطاقة الشمسية.

ووجدت مصر صعوبة في التعامل مع شبكة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية التي أقامتها إثيوبيا في السنوات الأخيرة. 

وطلب السيسي من ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدة مرات الضغط على إثيوبيا، لكن كل ما استطاع الحصول عليه هو جهد أميركي لعقد قمة حضرها مندوبون من مصر والسودان وإثيوبيا لم تسفر عن نتائج حقيقية، وفق التقرير. 

ولم يتمكن السيسي أيضا من انتزاع أي مساعدة من الصين في معركته ضد ملء الخزان، بينما تمسكت دول الخليج، الحليف المقرب لمصر بإصدار إعلانات الدعم التي يبدو أنها لا تؤثر على إثيوبيا. 

كما أفادت السعودية بأنها تخطط لبناء خط كهرباء يربط بين إثيوبيا والمملكة عبر اليمن كبديل لاستخدام النفط والغاز لإنتاج الكهرباء في دول الخليج.  

وتبرع الملياردير السعودي محمد حسين العمودي بأكثر من 8 ملايين دولار في عام 2011 لبدء بناء السد وأقنع الأمراء ورجال الأعمال السعوديين أيضا باستثمار مليارات الدولارات في التنمية الزراعية في إثيوبيا حتى تتمكن من تصدير الحبوب إلى المملكة.

وكان يستبعد أن يحصل السيسي على دعم الرئيس الأميركي جو بايدن لإجبار إثيوبيا على إبطاء عملية ملء الخزان، خاصة مع وضع واشنطن وقف التوسع الصيني في إفريقيا والعالم على أولوياتها الدبلوماسية. 

لكن التقرير  يشير إلى أن التهديدات بالتدخل العسكري ضد السد قد أجبر بايدن في نهاية المطاف على إخماد الحريق الذي قد يتحول إلى حريق كبير.