موقع إيطالي: تداعيات كارثية محتملة لبناء ميناء صيني في سيراليون

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع إيطالي أن مشروع التوسع الصيني في إفريقيا امتد أيضا إلى جمهورية سيراليون وذلك بعد أن وقعت شركة صينية صفقة مع حكومة البلد الإفريقي من المحتمل أن تحدث ضجة كبيرة.

قال موقع معهد تحليل العلاقات الدولية إن الاتفاق، البالغ قيمته 55 مليار دولار، يهدف إلى بناء ميناء صناعي لسفن التونة وقوارب الصيد الكبيرة وسيمكن الصيادين الصينيين من تخزين وتصدير الأسماك إلى السوق الخارجية.

تحذيرات بيئية

من جانبها، حذرت المنظمات غير الحكومية وأبرز الجمعيات المدافعة عن البيئة، من التداعيات الكارثية لهذا المشروع بيئيا واجتماعيا، فضلا عن تهديده لموارد الإقليم والتوازن الدقيق للمنطقة. 

تقع جمهورية سيراليون على الساحل الجنوبي الغربي لغرب إفريقيا وتطل على المحيط الأطلسي، وعلى ساحلها تقع المنطقة التي سيقام عليها المشروع الصيني، والممتدة بين شاطئ بلاك جونسون والمحمية الوطنية بغرب البلاد.

وهي حديقة حيوانات وطنية ذات أهمية بيئية كبيرة تضم العديد من الأنواع الحيوانية النادرة والمهددة بالانقراض مثل ظباء الدويكر والبانجولين. 

كما أن الخليج المقابل غني بأنواع كثيرة من الحيتان والدلافين والسلاحف.

أفاد الموقع الإيطالي بأن العديد من الأنواع الحيوانية البرية والبحرية تتعايش في هذه المنطقة وهو ما أسهم على مر السنين في توازن نظام إيكولوجي (العناصر الفيزيائية والبيولوجية المجتمعة في البيئة) هش بفضل  تدخل بشري نادر.

ولا يزال الإنسان لحسن الحظ يتدخل في الإقليم باستخدام أدوات صيد تقليدية ذات التأثير البيئي المنخفض. 

يتحول جزء من هذه المنطقة إلى بحيرة في موسم الجفاف، مما يوفر للعديد من الأنواع البحرية موطنا مثاليا للتكاثر.

بموجب الاتفاق الموقع بين الطرفين، سيتم بناء ميناء صناعي ضخم لصيد الأسماك مخصصة للتصدير على مساحة تبلغ حوالي 150 هكتارا من الشاطئ، رغم النداءات و الانتقادات الصادرة عن الجمعيات البيئية الرئيسة والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية حول تداعيات بيئية وسياسية خطيرة محتملة. 

بيئيا، أوضح الموقع الإيطالي أن بناء المشروع الجديد سيؤثر كارثيا على الغابات المطيرة وتوازن نظامها البيئي.

كما من شأنه أن يعرض الإقليم لنوعين على الأقل من المخاطر، وهما استنزاف الثروة السمكية والتسبب في التلوث، إلى جانب انعكاسات كبيرة على النظام البيئي البحري وخمسة أنظمة بيئية مختلفة على الأقل.

أورد الموقع الإيطالي أن المشروع الأولي تضمن أيضا إنشاء مصنع لإنتاج طحين السمك (نفته الحكومة لاحقا)، الضار للغاية بالبيئة بسبب إنتاج المواد الكيميائية السامة في عمليات التصنيع بالإضافة إلى ما يؤديه من انخفاض كبير في الثروة السمكية.

وبين أن استهداف هذه الثروة يعتبر مشكلة وطنية بالنظر إلى الهيكل الاجتماعي والاقتصادي لجمهورية سيراليون والعادات الغذائية لسكانها.

 إذ توفر الأسماك ما يقرب 80 من البروتينات الغذائية بالاعتماد على أدوات الصيد التقليدية، غير الضارة بالبيئة والموفرة لمواطن شغل لآلاف العائلات التي تعيش على الساحل والتي قد تفقد مصدر دخلها الرئيس بسبب بناء الميناء. 

كما ستمتد آثار الاتفاق إلى قطاع السياحة الهام وواسع الانتشار على المستوى المحلي.  

جوانب مدمرة

أما من الناحية السياسية، شدد الموقع على ضرورة تسليط الضوء على بعض القضايا الحاسمة، من بينها ضعف حماية حقوق الملكية وأيضا الامتثال للقواعد التنظيمية في تحقيق المشاريع من هذا النوع لفائدة أقلية من الأشخاص.

 شكليا، تضمن الحكومة النقطة الأولى التي تم تجاهلها في توقيع المشروع، على الرغم من أن نصف الأراضي المخصصة لبناء الميناء هي في الواقع مملوكة للسكان المحليين. 

وقد اتخذت عمليات الاستحواذ على أراضيهم شكل "مصادرة" مقابل تمكينهم بتعويضات أقل بـ30 بالمئة من قيم السوق.

علق الموقع بالقول إن أي إجراء من هذا النوع من قبل السلطات المحلية كان ممكنا لصالح المصلحة العامة الغائبة في المسألة الحالية. 

علاوة على ذلك، لم تستجب حكومة سيراليون إلى دعوات المنظمات غير الحكومية المحلية الرئيسة، التي طلبت نشر تقييم الأثر البيئي والاجتماعي (إلزامي بموجب القانون لمشاريع من هذا النوع) ومسودة الاتفاقية الثنائية وهو ما غذى  فرضيات الفساد العديدة التي طرحها مختلف الفاعلين الدوليين.

اعتبر الموقع أن ما يحدث ناجم عن مجموعة من الظروف المؤسفة، مثل تفشي وباء كوفيد 19 وتغير المناخ وخاصة الوضع الاقتصادي الصعب، مما أدى إلى انكماش حاد في مصادر التمويل.

 وهو ما جعل سيراليون تعول على وعود التنمية الاقتصادية للمستثمرين العالميين الأساسيين.

أفاد الموقع بأن إستراتيجية التوسع العالمية للصين تندرج في هذا الإطار، وقد أثبتت  مع مبادرة الحزام والطريق أنها لاعب مهم يسعى من خلال أدوات إسناد القروض وبناء البنى التحتية الإستراتيجية، إلى احتلال مكانة بارزة على الساحة الدولية.

نوه بأن المبادرة الصينية مثمرة خاصة في إفريقيا، وذلك بسبب الهشاشة الاقتصادية، كما مثلت القارة دائما ممولا مهما، من خلال نهب موادها الخام التي لا حصر لها، للتوازنات الاقتصادية العالمية، وإذ تتغير الجهات الفاعلة تظل الديناميكيات كما هي.

حذر الموقع من آثار هذا الاتفاق على المدى القصير أيضا، بإلحاق الضرر على البيئة وعلى السكان الأصليين، الذين سيضطرون إلى ترك منازلهم للبحث عن ملاذ في مكان آخر. 

وأضاف بأنه من المحتمل أن يفقد الصيادون المحليون مصدر رزقهم الرئيس وستؤثر نفس الأزمة على العاملين في قطاع السياحة. 

وتابع بأن هذه التداعيات ستؤدي إلى ارتفاع كبير في نسبة البطالة وفي أعداد النازحين داخليا.

 وهو ما من شأنه أن يتسبب في تفاقم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية الحرجة التي تشكو منها البلاد.

أردف الموقع الإيطالي بأن حل هذه المعضلات يتطلب إجراءات طويلة الأمد تهدف بشكل أساسي إلى إعادة التوازن للوضع الاقتصادي والسياسي في سيراليون واحتواء القوة الصينية في المنطقة. 

كما يتعين على اللاعبين الدوليين الأساسيين "تصدير" نظام من القواعد والممارسات الموجهة نحو الاعتراف بحقوق الإنسان وإعادة توازن القوى، في أرض لا يزال نظام الأوليغارشية فيها يبدو قويا للغاية، وفق قول الموقع.

في الختام، دعا الموقع إلى ضرورة التدخل على المدى القصير وحشد الجهود اللازمة لعرقلة هذه الخطوة، بالإضافة إلى دعم المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية الرئيسة.

كما دعا إلى الترويج إعلاميا لحملاتها التي من خلال هتافها "بإنقاذ شاطئ بلاك جونسون"، تحاول توجيه الانتباه العالمي إلى ما يحدث في سيراليون.