بعد انتخابات الرئاسة الصورية.. كيف يتعامل المجتمع الدولي مع الأسد؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

باب واسع من التساؤلات أثارتها الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام السوري وأعيد فيها انتخاب بشار الأسد، عن مصير القرارات الدولية بخصوص سوريا ولا سيما قرار رقم (2254) ومساعي الأمم المتحدة لإعداد دستور جديد للبلاد عن طريق اللجنة الدستورية.

في 28 مايو/ أيار 2021، أعلن رئيس مجلس الشعب السوري التابع للنظام حمودة صباغ أن رئيس النظام بشار الأسد فاز بولاية رابعة بعد حصوله على 95.1 في المئة من الأصوات، في الانتخابات التي أجراها النظام وانتقدتها بشدة المعارضة ودول غربية.

تحدي النظام السوري للمجتمع الدولي وضرب قراراته عرض الحائط، هل يدفع الأمم المتحدة ومجلس الأمن ودول الاتحاد الأوروبي نحو تغيير سياستها في التعامل مع الأسد، وتغيير السياسة الحالية التي يراها مراقبون بأنها كانت سببا في مماطلة النظام وعدم استجابته للقرارات؟

ورقة للتفاوض

تعليقا على هذه التساؤلات، قال الباحث في مركز "جسور" للدراسات وائل علوان إن "ملف الانتخابات الرئاسية صحيح أنها كانت بتنفيذ النظام، لكنها استثمار روسي لإمضاء هذه الانتخابات وإعادة تأهيل ورقة الأسد كورقة للتفاوض مع الغرب في ملفات كثيرة جزء منها داخل سوريا وأخرى خارجها".

وأوضح علوان لـ"الاستقلال" أن "روسيا عجزت عن الوصول إلى أي تفاوض أو مساومات حقيقية حول تدخلها في الانتخابات بالتعديل أو التغيير أو التأجيل، فهي لم تتلق أي عروض حقيقية للتدخل في ذلك، الأمر الذي دعاها لإمضاء هذه الانتخابات لاستخدام الكثير من تفاصيل الحل السياسي في سوريا كأوراق مفاوضات بينها وبين الغرب".

وبخصوص الجدوى من اللجنة الدستورية بعد الانتخابات، قال علوان: "من المتوقع أن يزداد صلف النظام وازدياد تعطيل ومحاولة عرقلة المسار السياسي بشكل عام بتوجيه من روسيا، من أجل الضغط لمفاوضات حقيقية دولية وليست مفاوضات ضمن المسار السياسي، أي اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض مع النظام".

ويرى أن "المعول عليه وصول الدول الفاعلة في سوريا- المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة في مقابل روسيا وحلفائها- إلى صيغ تحقق القبول من الجانبين لشكل الحل النهائي لسوريا وهذا الأمر غير حاصل اليوم".

وتوقع الباحث أن يستمر النظام في العرقلة لئلا يكون هناك أي نتاج في اللجنة الدستورية، فضلا عن أن المسار السياسي بشكل عام واللجنة الدستورية خصوصا هو ملء فراغ قد يكون جانب منه هو الإلهاء، وجانب آخر هو خلق فرص لحالة فراغ سياسي موجود على طاولة المفاوضات الدولية".

وتابع: "لذلك سواء انعقدت اللجنة الدستورية أم لا، فهي ليست ذات جدوى بشكل حقيقي طالما أن هذا الفراغ السياسي مستمر".

ويعتقد أن "موضوع اللجنة هو الإلهاء، حاله حال جميع المسارات السياسية في جنيف وأستانة وسوتشي، وكل هذه محصلتها صفر، لأن الواقع الميداني كان يتغير بشكل مستمر، ثم إن التفاهمات الدولية والإقليمية هي التي جعلت الخريطة تستقر لأكثر من عام".

ورأى الباحث أن "المعارضة تدرك عدم وجود جدوى حقيقية من المسارات السياسية، لكنها تدرك أيضا أنها المجال الوحيد القادرة على المناورة فيه على أقل تقدير إعلاميا".

 فهي لا تمتلك اللجوء إلى بدائل كثيرة عن المشاركة في اللجنة الدستورية، ولا يوجد هناك فرص أخرى إن عطلت المعارضة هذه المسارات السياسية، بل إن تعطيلها ربما يعطي فرضا كبيرة لروسيا ممارسة استفزازات وضغوطات سياسية وميدانية أكبر، وفق ما يرى.

وخلص علوان إلى أن "الانتخابات لن تؤثر كثيرا في الموقف الدولي، والتعامل الدولي مع النظام هو في الأساس مرتبط بتحقيق الأخير شروطا عدة وربما تكون صعبة جدا على دمشق وتحاول سوريا الالتفاف عليها".

وبين أن موقف المجتمع الدولي من نظام الأسد غير حاسم  فهو يقرن المواقف بشروط.

وضع ثابت

وعن موقف واشنطن من الانتخابات، قال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية (لم يكشف عن هويته) إن الانتخابات في سوريا ليست حرة ولا نزيهة، داعيا المجتمع الدولي إلى رفض محاولة نظام الأسد الحصول على الشرعية من دون حماية الشعب السوري واحترام التزاماته بموجب القانون الدولي واحترام القانون الإنساني وحقوق الإنسان.

ونقلت قناة "الحرة" الأميركية عن المسؤول تصريحات في 27 مايو/ أيار 2021، قال فيها إن "الولايات المتحدة تدعم بشكل تام القرار 2254 الذي يدعو إلى إجراء انتخابات حرة وعادلة بموجب دستور جديد، تجري تحت إشراف الأمم المتحدة ويشارك فيها النازحون واللاجئون والموجودون في الشتات".

وأكد المسؤول الأميركي قائلا: "لا نرى في الأسد شريكا، والانتخابات صورية ولا تعطينا ثقة أكبر بأنه يريد أن يكون شريكا في السلام، ولكننا سنواصل السعي لدفع العملية قدما بحسب القرار 2254".

وفي الوقت الذي أكد فيه عدم وجود نية للتطبيع مع نظام الأسد، حذر المسؤول الأميركي حلفاء بلاده من التفكير بإمكانية تعرضهم لعقوبات عبر التعامل مع نظام الأسد والتفكير مليا بالوحشية التي مارسها ضد الشعب السوري خلال العقد الماضي".

من جهته، توقع المعارض والإعلامي السوري أيمن عبد النور خلال تصريحات صحفية في 28 مايو/ أيار 2021 أن "الانتخابات لن تغير علاقات الأسد بالمجتمع الدولي وسط أصوات عربية تنادي بإعادة العلاقات معه".

وأضاف عبد النور أن "وضع النظام القانوني سيظل نفسه كما كان قبل الانتخابات، ولن يغير من العلاقات الدبلوماسية مع الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وحتى الأمم المتحدة".

وحض وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا المجتمع الدولي على أن "يرفض من دون لبس هذه المحاولة من نظام الأسد ليكتسب مجددا الشرعية من دون أن يوقف انتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان ومن دون أن يشارك في شكل ملحوظ في العملية السياسية التي سهلتها الأمم المتحدة بهدف وضع حد للنزاع".

وخلال إحاطة لمجلس الأمن الدولي في 26 مايو/ أيار 2021، قال المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إن "الانتخابات الرئاسية ليست جزءا من العملية السياسية" لحل النزاع والتي "تشمل انتخابات حرة ونزيهة بدستور جديد وتدار تحت إشراف الأمم المتحدة".

المسمار الأخير

أما المختص بشؤون الشرق الأوسط الباحث السياسي كريم بيطار، فقد علق على موقف المجتمع الدولي بالقول: "وصفوا الانتخابات عن حق بأنها صورية ومهزلة.. لكن بجانب هذا الوصف، فإن تأثيرهم محدود جدا، باستثناء ربما الاستمرار في إثارة قضيتهم على الساحة الدولية، وإشراك بقية القوى العظمى" المنخرطة في النزاع".

وأضاف البيطار خلال تصريحات صحفية في 28 مايو/ أيار 2021، قائلا: مع أن المعارضة ما زالت بعيدة عن رؤية الضوء في نهاية النفق، إلا أنه يتعين على الأسد، في مرحلة ما أن "يبدي المزيد من المرونة"، موضحا "قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن عاجلا أم آجلا ستتغير اللعبة".

وخلص البيطار في حديثه عن إعلان رئيس النظام السوري فوزه المتوقع في الانتخابات إلى أنه: "يمكنك أن تربح الحرب باستخدام القوة الغاشمة، كما فعل الأسد في سوريا، لكن لا يمكن أن تحكم دولة باستخدام القوة الغاشمة".

وعلى الصعيد ذاته، قال الباحث في معهد "نيولاينز" نيكولاس هيراس خلال تصريحات صحفية في 28 مايو/ أيار 2021 إن "الأسد يرسل إشارة لكل من المعارضة السورية وخصومه الأجانب بأن أحلامهم في الإطاحة به قد ماتت".

وسلطت الحملة الانتخابية للأسد، وفق هيراس، الضوء على دور الأسد "كرجل انتصر في الحرب ولديه أفكار هائلة لإعادة إعمار سوريا، عدا عن كونه الوحيد القادر على إعادة النظام بعد فوضى النزاع" الذي استنزف مقدرات البلاد واقتصادها، وأودى بحياة أكثر من 388 ألف نسمة.

ويعتبر أن "الانتخابات بتفويضها الأسد بنسبة 95,1 في المئة من الأصوات، شكلت المسمار الأخير في نعش الجهد الدبلوماسي الدولي لتحقيق الإصلاح" في سوريا.

ويعتبر أن روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وجهتا "رسالة كبرى لواشنطن وشركائها بأنه لا مستقبل لسوريا بدون الأسد".

وخلال كلمة متلفزة في 28 مايو/ أيار 2021، اعتبر الأسد أن الانتخابات شكلت "ظاهرة تحد غير مسبوق لأعداء الوطن بمختلف جنسياتهم وولاءاتهم وتبعيتهم"، مضيفا "هو أقوى مستويات الشدة في إرسال الرسائل المناسبة لأشخاص جلسوا في الغرف المظلمة يحوكون الدسائس و يرسمون الخطط".

وأضاف متوجها إلى السوريين الموالين للنظام: "لقد قلبتم الموازين ونسفتم قواعد اللعبة وأكدتم بما لا يدع مجالا للشك أن قواعدها توضع هنا، وتصنع هنا، وتحدد هنا، بأيدينا". وختم بالقول "الرسالة للأعداء وصلت، والمهمة الوطنية أنجزت".

وخلال السنوات الأخيرة، راهن المجتمع الدولي على تسوية سياسية تحدث تغييرا في بنية النظام قبل الانتخابات، بعدما تخلت قوى غربية وعربية عدة عن مطلب تنحي الأسد.