منذ قدوم بايدن.. مجلة إيطالية: لهذا عاد الاهتمام الأميركي بالملف الليبي

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكدت مجلة إيطالية أن الولايات المتحدة بقيادة جو بايدن تبعث بإشارات اهتمام متجدد بالملف الليبي وتخطط لإعادة فتح سفارتها خلال فترة قصيرة لاستئناف الأنشطة الدبلوماسية هناك.

قالت مجلة "فورميكي" إنه بعد مرور سبع سنوات من إغلاق سفارة طرابلس وتسع على وقوع "مأساة" مقتل القنصل الأميركي ببنغازي كريس ستيفنز، التي لا تزال مفتوحة، يبدو أن اهتمام واشنطن بليبيا قد عاد.

تغيير الإدارة

أوضحت أن هذا التوجه الدبلوماسي لا يشير إلى مشاركة واسعة، ولكنه تغيير بحكم السياسة فرضه وصول إدارة بايدن إلى الحكم، وذلك بعد أن كان الاهتمام بهذا المسرح ضئيلا مع سابقه دونالد ترامب ومرتبطا بمكافحة ديناميكيات الإرهاب. 

وأشارت إلى أن ذلك يتضح بتعيين رئيس البعثة الدبلوماسية الأميركية إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، الذي يمارس نشاطه من تونس.

وجاء نورلاند خلفا لآخر مبعوث أميركي وهو جوناثان وينر في عهد  الرئيس السابق باراك أوباما. وأيضا ظهر الاهتمام في زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى جوي هود (خلال مايو/أيار 2021)، وهو أكبر مسؤول يزور طرابلس منذ 2014.

نوهت المجلة بالقول إن جهود حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة أسهمت في هذا التطور، والتي بدورها قطفت ثمار اتفاق وقف إطلاق النار بين طرابلس وبرقة تحت رعاية الأمم المتحدة التي أشرفت أيضا على منتدى الحوار الليبي في جنيف لتعزيز الاستقرار. 

في الأثناء، نشر الأميركيون فريقا في العاصمة الليبية للعمل على الإجراءات اللوجستية المعقدة لإعادة فتح السفارة، تشير المجلة.

أضافت أن هناك تغييرا آخر حول الملف الليبي يتعلق بالموقف تجاه الجهات الخارجية المتداخلة فيه، والتي تجري معها الإدارة الجديدة مفاوضات على عكس إدارة ترامب التي قد اختارت تقريبا عدم مناقشة المسألة علنا مع الأطراف الأجنبية الداعمة لطرفي الصراع.

في هذا الإطار، أوضحت المجلة أن الدور الذي لعبته تركيا وقطر في الدفاع عن حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، وخاصة الدعم الذي وفرته الإمارات ومصر وروسيا لمليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر للسيطرة على العاصمة يعتبر من المشاكل المعقدة بالنسبة طرابلس. 

 كما تعقد انعكاساتها على المسائل الأمنية الداخلية إمكانية الوجود الدبلوماسي على الأرض بالنسبة لواشنطن.

وتضيف المجلة أن الأمم المتحدة التي باتت تحظى بدعم نشط من البيت الأبيض، تأسفت في كثير من المناسبات على مواصلة تلك الدول انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا. 

من جانبها، أظهرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) اهتماما كبيرا بعملية "إيريني" الأوروبية التي تحاول بقيادة الأميرال الإيطالي فابيو أغوستيني مراقبة تلك الانتهاكات. 

في نفس السياق، ترى المجلة أن التنسيق بين أوروبا والقيادة الأميركية بإفريقيا يشكل رسالة إضافية تؤكد زيادة الاهتمام والنشاط الأميركية بشأن ليبيا لما يعنيه ذلك من متابعة الملف لا من منظور أحادي وإنما من منظور يرتبط بالمنطقة المطلة على البحر الأبيض المتوسط بأكملها.

أزمة المرتزقة

تتابع المجلة بالقول إن تحركات المرتزقة من تشاد والسودان وسوريا تفسر هذه المخاوف. 

كما أن تداعيات الأزمات المؤسسية مثل أزمات تشاد ومالي، أو الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في تونس وأيضا وجود "مجموعات جهادية" تعقد السياق الأمني ​​الإقليمي.

 بالإضافة إلى أن الوجود الروسي في جبهة برقة المهدد ​​للهياكل الإستراتيجية لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة في حوض البحر الأبيض المتوسط، عناصر تؤخذ الآن في اعتبار واشنطن  حيث عادت مسألة التحالفات إلى مركز الأولوية مع بايدن.

اعتبرت المجلة أن هذه المسألة ليست سهلة بالنظر إلى المعارضة الداخلية في الكونغرس وبين الناخبين. 

وذكرت أن الجمهوريين في مجلس النواب أجروا ستة تحقيقات في طريقة تعامل إدارة باراك أوباما مع مقتل  السفير ستيفنز الذي يعتبر جرحا مفتوحا لدى الأميركيين الذين يرون أن ليبيا لا تعد أحد الالتزامات الضرورية لبلدهم. 

قال متحدث باسم وزارة الخارجية لشبكة "إن بي سي": "نعتزم استئناف العمليات في ليبيا بمجرد أن يسمح الوضع الأمني ​​بذلك وقد اتخذنا الإجراءات الأمنية الضرورية". 

وأضاف أن "ذلك يتطلب تخطيطا لوجستيا وأمنيا حذرا، فضلا عن التنسيق بين الأجهزة لتلبية متطلبات السلامة والجوانب القانونية".

أفادت المجلة أن المبعوث الأميركي نورلاند يمارس نشاطه من تونس، ويسافر إلى طرابلس تحت حراسة  أمنية شخصية من البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية، ولا يتحرك إلا عند الضرورة القصوى. 

في حين أعاد الاتحاد الأوروبي ودول أخرى فتح مقراتهم الدبلوماسية في ليبيا في الأشهر الأخيرة، على رأسهم إيطاليا المتقدمة دائما بخطوة، حيث لم تغلق السفارة مطلقا وتخطط لإعادة فتح قنصلية بنغازي وأخرى في فزان.

وتقول المجلة إن المسألة الأمنية تشغل إدارة بايدن وأولوياتها الإستراتيجية التكتيكية. وترى أن العمل خارج مقر سفارة على الأراضي الليبية يضعف موقع الإدارة الأميركية الجديدة ويحرمها من الصورة الكاملة للوضع على الميدان. 

كما أن هناك أيضا أصواتا انتقادية من داخل وزارة الخارجية حول هذا الموضوع، لاسيما وأن عدم الوجود قد يتسبب في مشاكل خاصة من ناحية الصعوبات في الحوار والتنسيق مع الهياكل الحكومية الليبية. 

وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية قائلا "إنه أمر محرج أننا لسنا هناك، إنه أمر سيء للسياسة الخارجية وللأمن القومي للولايات المتحدة، كما أنه وضع سيء للبلد المضيف و لكامل المنطقة".

أردفت المجلة بالقول إنه سيتعين على الولايات المتحدة الآن دفع شركائها، بما في ذلك الإمارات، والخصوم لوقف التدخل في ليبيا، وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار التابع للأمم المتحدة.

 لكن سيصبح ذلك أكثر تعقيدا دون الوجود على الميدان خاصة وأن البيت الأبيض كان قد أوضح أنه يعتزم استثمار وقت وجهد أقل في الشرق الأوسط للتركيز على مواجهة الصين. 

هل سيكون الملف الليبي على رأس الأجندة الأميركية لإعادة التوازن لصالح بعض الحلفاء؟ هل سيكون انتشار مرتزقة فاغنر الروس كافيا لواشنطن لرفع مستوى الأولوية الإستراتيجية في الملف الليبي؟ أسئلة تفيد إجابتها إيطاليا، التي تعرض سياستها الخارجية من ليبيا، تختم المجلة.