إعلام فرنسي: السيسي ينفذ انقلابا مؤسسيا للبقاء حتى 2030

12

طباعة

مشاركة

الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مصر الذي بدأ التصويت عليه في الخارج الجمعة 19 أبريل/نيسان 2019، والداخل السبت 20 أبريل/نيسان 2019، كان محل اهتمام العديد من صحف العالم خاصة الفرنسية منها.

البداية كانت من "راديو فرنسا الدولي" الذي قال: "61 مليون ناخب مصري مدعوون للتصويت على سلسلة من التعديلات على دستور عام 2014، أهم عنصر تم طرحه للتصويت يتعلق بتمديد ولاية الرئيس، مما يسمح لعبد الفتاح السيسي بالبقاء في السلطة حتى عام 2030 بدلاً من 2022. كما تجعل هذه التعديلات، الجيش ضامنا للدستور وتحدد حصة 25 ٪ للنساء في البرلمان".

وأشار إلى أن "معدل المشاركة هو في الواقع التحدي الحقيقي الذي يواجه السلطة المصرية، لأن النصر الساحق لنعم لا شك فيه، لكن تحاول السلطة الظهور، إن لم يكن أفضل، بنفس ما حدث خلال الاستفتاء على دستور 2014، عندما صوت 39٪ من الناخبين"، حسب ما أعلنته السلطات وقتها.

وأكد أنه "لتحقيق هذا الهدف، لم تبخل وسائل الإعلام على الإطلاق، حيث يتم بث الإعلانات والأغاني ومقاطع الفيديو بصورة مستمرة على الراديو والتلفزيون العام والخاص، فيما غمرت الشوارع لوحات إعلانية ولافتات تطالب المصريين بالتصويت من أجل الاستقرار، وشاركت شخصيات دينية إسلامية ومسيحية، وآخرون في مجالي الفن والرياضة".

قياس ديكتاتوريته

من جهتها قالت صحيفة "ليبراسيون": إن السيسي "جعل المؤسسات المصرية على قياس ديكتاتوريته"، لافتة إلى أن "نص الدستور القديم على بقاء الرئيس ولايتين فقط، لم يرض الجنرال البالغ من العمر 64 عامًا، الذي كان ملزمًا، بترك كرسيه عام 2022، فالتعديلات الدستورية هذه تسمح للرئيس بالاستمرار في منصبه حتى عام 2030".

وأكدت أن هذا البند وصفه رئيس المنتدى المصري لحقوق الإنسان معتز الفجيري خلال مؤتمر صحفي في باريس الثلاثاء 16 أبريل/نيسان 2019، بأنه "انقلاب مؤسسي" ، مبينا أن التعديلات على الدستور أيضا تعزز دور الجيش وتقوض استقلال القضاء.

أما المحامي أليكسيس بلويت من جامعة باريس فقال: "في مصر القانون دائمًا يمثل مشكلة كبيرة، هناك فكرة، وربما أسطورة، بأنه لتغيير المجتمع، يجب علينا تغيير النصوص"، ولفت إلى أنه منذ ثورة عام 2011، كان هناك بالفعل 3 دساتير جديدة.

وأضاف: "هذه المرة، تنص التعديلات على إنشاء مجلس قضائي أعلى برئاسة رئيس الدولة، الذي سيتولى إدارة تعيين القضاة، سيتم إلغاء الاستقلال المالي لمحاكم العدل، يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين النائب العام ورئيس المحكمة (الدستورية) العليا مباشرة، والمحاكم العسكرية سيكون لها اختصاص موسع".

وأكد بلويت "أنه لطالما كان القضاة المصريون قوة مضادة، لكن الأمر لم يعد كذلك: فالعدالة الجنائية، على سبيل المثال، أصبحت الآن تحت سيطرة النظام".

أما صحيفة "ليزيكو" فقالت: "بينما يحاول المتظاهرون في كل من السودان والجزائر تحريك بلادهم نحو الحكومات الانتقالية، فإن الوضع مختلف تمامًا في مصر، الشارع لا يتحرك، وصوت البرلمان بأغلبية 531 صوتًا مقابل 22 على إصلاحً دستوريً يزيد من ولاية السيسي".

ونقلت عن دينيس بوشارد، المستشار بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن "النظام في مصر يعتبر مستقرًا ولكنه قمعي للغاية أكثر بكثير من نظام مبارك، الذي سمح بمعارضة رمزية، تجاه كل من الإسلاميين والأصوات الأكثر ليبرالية، فالمنظمات غير الحكومية تشجب التعذيب والاختفاء القسري والرقابة الإعلامية".

وفي بيان  الخميس 18 أبريل/نيسان الجاري، قالت شركة "صوفان سنتر" للتحليل الأمني ومقرها نيويورك: إن "التعديلات الدستورية ستقوي قبضة السيسي على النظام السياسي في مصر، لا توجد معارضة علنية تذكر للتعديلات الدستورية، وهي نتيجة محتملة لطبيعة الحكومة القمعية".

شعبيته تتراجع

وقالت الصحيفة يسعى الرئيس إلى تعزيز قاعدته في البلاد مع لعبة التحالفات الأجنبية لمصر، يعتبر حتى الآن حليفا للغرب لتصميمه على هزيمة الإرهاب، لكنه أقل شعبية من ذي قبل، ويلاحظ بوشارد "لقد تدهورت العلاقات بين القاهرة وواشنطن، خاصة مع الكونغرس ووسائل الإعلام".

وأوضحت "ليزيكو" أن "رحلته (السيسي) الأخيرة إلى العاصمة الأمريكية، حيث التقى بالرئيس ترامب، لم تجر كما كانت متوقعة، لم يرغب السيسي في الدخول بلعبة الناتو العربي، وهو نوع من التحالف المناهض لإيران الذي تدعمه الولايات المتحدة والتي ستكون السعودية المحور الرئيسي فيه. فالتوترات مع السعودية بارزة والمشير السابق (السيسي) يلجأ الآن إلى روسيا بشأن مشترياته من الأسلحة بينما كانت الرياض قد مولته ماليا بما في ذلك لشراء فرقاطتين فرنسيتين".

عفا عليه الزمن

وفي افتتاحية حملت عنوان "مصر: الانجراف السلطوي الخطير للرئيس السيسي"، أشارت صحيفة "لوموند"  إلى أنه "دستور مُصمم خصيصًا لعبد الفتاح السيسي، حيث دعي المصريون للتصديق عليه عن طريق الاستفتاء في الفترة من 20 إلى 22 أبريل/نيسان 2019".

وأضافت: "يمهد مشروع مراجعة الدستور، الذي بدأ الحديث عنه في فبراير/شباط 2019 بالبرلمان، الطريق أمام السيسي للبقاء في مكتبه حتى عام 2030. فبعد انتخابه في عام 2014، وإعادة انتخابه عام 2018، سيمكن للسيسي، بفضل بند خاص، تمديد فترة ولايته الحالية من 4 إلى 6 سنوات ويمكنه الترشح لولاية ثالثة في عام 2024.

وأكدت على أن "الاحترام الواضح لقواعد اللعبة لا يمكنه إخفاء حقيقة الانجراف السلطوي الخطير، فبعد 8 سنوات من ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، والتي أنهت 30 عاما لحسني مبارك في السلطة ، قضى السيسي على مكتسبات دستور عام 2014 من أجل تعزيز سلطته".

ونوهت بأنه "في ظل القمع الذي تتعرض له المعارضة بكل أطيافها من إسلاميين وليبراليين، عدد قليل من الأصوات في الداخل تجرؤ على تحدي تصميم السيسي، فيما لا يزال عدد الأصوات في الخارج (المواقف الدولية) أقل تحفظا على مشروع حذرت منه منظمات حقوق الإنسان".

وأكدت أن الرئيس، المدعوم من السعودية والإمارات، يُحتفل به في جميع المدن الغربية باعتباره حصنًا ضد الإرهاب، حتى قال عنه دونالد ترامب، الذي استقبله في واشنطن بداية أبريل: إنه "رئيس عظيم".

ورأت أن "هذا الدعم الأعمى للرئيس السيسي هو أمر عفا عليه الزمن في ضوء الانتفاضات في الجزائر والسودان، وأن فشل الربيع العربي لم يقتل تطلعات غالبية الشباب في المجتمعات الشرق أوسطية والأفريقية، التي تطالب، كما في يناير/كانون الثاني 2011 بالقاهرة، بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية".