"حفلة طائرات".. إلباييس: هكذا يعيش أطفال غزة خلال جحيم القصف الإسرائيلي

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إلباييس الإسبانية إن "النزاع الأخير بين الفلسطينيين وإسرائيل" كان له تأثير مفزع على حياة القصر في قطاع غزة، إذ أصبحوا يعانون آثار "الحرب".

وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي استمر 11 يوما، بدءا من 10 مايو/أيار، قتل ما لا يقل عن 66 طفلا.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن الكثيرين من هؤلاء الأطفال ولدوا قبل سبع سنوات، عندما اندلعت "آخر الصراعات" في قطاع غزة، والآن، أصبحوا جزءا من ذاكرة جماعية للمعاناة. 

 

في هذا المعنى، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قبل وقت قصير من بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين (20 مايو/أيار)، أنه "إذا كان هناك جحيم على الأرض، فهو حياة الأطفال في غزة".

وأوردت الصحيفة أن "ربع القتلى الفلسطينيين في التفجيرات الأخيرة، البالغ عددهم 243، هم من القصر". لكن، يعاني جميع أطفال غزة من تأثير العدوان الإسرائيلي سنة 2014.

خوف ومعاناة

وتعليقا على هذا الوضع، يقول إغناسيو كاساريس، البالغ من العمر 56 عاما، وهو رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة: "لم يعد الأطفال يريدون الذهاب إلى الحمام بمفردهم. إنهم يخافون من كل شيء".

ويشرح قائلا: "أوضح لي المتعاونون المحليون أنه في الليل، تحتار العائلات بين النوم مع جميع أطفالهم معا، لمواجهة نفس المصير في حال حدوث هجوم، أو الانقسام إلى مجموعات، بحيث يتم إنقاذ جزء على الأقل من الأسرة".

ونقلت الصحيفة أن كاساريس هو عمليا المواطن الإسباني الوحيد غير المقيم بشكل دائم في القطاع، والذي عاش حرب سنة 2014 من الداخل.

كانت مهمته في المنطقة على وشك أن تنتهي في العاشر من شهر مايو/أيار، عندما بدأت القنابل الإسرائيلية تتساقط على قطاع غزة.

بعد ثلاثة أيام من القصف، اضطر إلى الخروج من مكتبه بعد تلقيه إشعارا إسرائيليا بالقصف الذي دمر برج الشروق القريب منه وسط مدينة غزة.

ونوهت الصحيفة بأن فادي الشيخ وعائلته، لم يتلقوا (خلال العدوان) أي تنبيه قبل حدوث التفجير الأخير، الذي أودى بحياة 42 شخصا في حي الرمال بغزة. 

يتذكر أستاذ اللغة الإنجليزية، ما حدث فجر يوم 17 مايو/أيار، عندما تم تسجيل الهجوم الأكثر دموية منذ التصعيد، قائلا: "قضيت عدة ليال نائما مع زوجتي وطفلين في ممر شقتنا، المكان الوحيد الذي لا توجد فيه نوافذ، متجمعين معا".

ويتابع: "اصطحبنا إلى نفس المكان المستندات وبعض الملابس في حال اضطررنا للهروب". 

في الأثناء، يحاول ابنه الأكبر، نبيل، البالغ من العمر تسعة أعوام، أن يصف كيف هز الانفجار المنزل بأكمله، بينما لا تزال شقيقته جود، البالغة (6 أعوام)، تومئ برأس معبرة عن خوفها.

وأوردت الصحيفة أن الشيخ، على غرار كاساريس، يحذر من أن "وباء كورونا العالمي يهدد بضرب السكان المدنيين بقوة". 

وعلى وجه الخصوص، جعلت التفجيرات مركز الرمال الصحي عديم الفائدة، وهو المختبر الوحيد في الجيب الذي أجرى اختبارات فيروس كورونا.

من ناحية أخرى، أجبر المعلم على تدريس الفصول إلكترونيا لأكثر من شهرين، ولم تركز الرسائل بينه وبين الطلاب خلال الأسبوعين الأخيرين من الشهر على قواعد اللغة الإنجليزية، ولكن على القنابل.

وأشارت الصحيفة إلى بعض الرسائل التي يستعرضها الأستاذ بقلق والتي بالكاد تخفي روح الدعابة الساخرة ذعر المراهقين. 

وصرح المعلم قائلا: "لا أعرف كيف سيخرج الأطفال من وضع كهذا". ومن بين هذه الرسائل، تبرز رسالة مجاهد، البالغ من العمر 14 عاما، والتي قال فيها: "لدينا اليوم حفلة مع الطائرات". 

وفي رسالة أخرى، كتب: "عيد فطر سعيد، جاؤوا لزيارتنا"، وهي عبارات حاول مجاهد أن يصف من خلالها مخاوفه بسخرية.

وعلق المدرس قائلا: "عانينا الكثير على مر السنين من التعتيم الإعلامي الذي فرضته وسائل الإعلام الغربية عن أوضاع الفلسطينيين. نأمل، على الأقل، بعد الكثير من الدمار والموت أن يركز العالم مرة أخرى على غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية". 

تشرد دون خدمات

وأشارت الصحيفة إلى أن مدرسة أبو حاسي التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة تحولت إلى موطن لحوالي مائتي عائلة فقدت منازلها. 

في أحد فصول الدراسة التابعة لنفس المنظمة، يعيش الآن أكثر من عشرين فلسطينيا مشردا، تفصلهم ستائر قديمة، وينامون على السجاد والبطانيات التي قدمها سكان المنطقة القريبة من المركز.

وتكشف إحدى الأمهات عن وضع الأطفال في هذا الملجأ، الذين يركضون حول الفصل حافيي القدمين، قائلة: "يتبول الكثيرون في الليل. كما أصبح آخرون غير قادرين على الكلام". 

وقالت امرأة ثانية: "لا يعاني أي منهم من إصابات، لكن جميعهم يعانون من عواقب نفسية". وتتفق كلاهما على أن "الأطفال خائفون من كل شيء". 

وذكرت إحدى هذه الأمهات أن "الفلسطينيين كانوا بالفعل في وضع سيء قبل الحرب، خاصة في ظل البطالة وانتشار فيروس كورونا".

من جهتها، تتوسل إحدى الأمهات الأصغر سنا قائلة: "من فضلكم لا تنسونا". 

وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 70 ألف مدني قد لجؤوا خلال العدوان إلى مراكز الأونروا، على الرغم من أن بعض المدارس التي وفرت المأوى للعائلات الأقرب إلى الحدود الإسرائيلية قد تم إفراغها بالفعل بعد وقف إطلاق النار.

أشارت الصحيفة إلى أن الكهرباء تصل إلى المنازل لمدة أربع ساعات في اليوم فقط، قبل انقطاع التيار الكهربائي لستة ساعات على الأقل. 

من هنا، عادت غزة إلى الظلام، وأيضا إلى شرب المياه الملوثة. 

وفي ظل انقطاع الكهرباء، توقفت محطات تحلية المياه التي تزود حوالي 400 ألف شخص عن العمل، وكذلك محطات المعالجة التي تمنع التدفق العكسي لمجارير الصرف الصحي التي تحول دون تسميم طبقات المياه الجوفية.

ونقلت الصحيفة عن العائلات التي فقدت منازلها شهادات عن وضعهم المأساوي وحالة الذعر التي تنتاب أطفالهم. 

وأشار أحد الآباء إلى أنه "يتعين عليه أن يحمل أطفاله بين ذراعيه حتى يتمكنوا من النوم". 

ولفت أحد الفلسطينيين، محاطا بأطفاله الأربعة، إلى أنه "لم يتمكن من تغيير ملابسه، هو وعائلته، لأكثر من أسبوع". 

ويواصل قائلا: "حمامات المدرسة مكتظة بالعديد من الأشخاص. إذا كانت هناك غرفة واحدة على الأقل في منزلي، فلن نكون هنا. لا أريد أن أعيش هذه المعاناة مع أطفالي".