تحالفات جديدة.. هذه خطط المعارضة التركية قبل انتخابات 2023

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يستمر رسم السيناريوهات السياسية في تركيا لانتخابات 2023 بين أحزاب المعارضة بالسرعة القصوى، مستخدمة جميع إمكانيات "الهندسة السياسية".

وبينما تتنافس تلك الأحزاب فيما بينها على "من سيكون صانع الألعاب" من ناحية، تحاول الحفاظ على رغبتها في "الحفاظ على الوحدة بأي ثمن" ضد التحالف الحاكم (حزبي العدالة والتنمية، والحركة القومية) من ناحية أخرى.

وكشفت صحيفة صباح التركية: "حاليا تقوم هذه الأحزاب بالنقاش فيما بينها بشأن تنفيذ خارطة الطريق التي رسمتها على شكل ثلاثة سيناريوهات رئيسة".

التحالف الائتلافي

ويقول نبي ميش الأستاذ في جامعة صكاريا ورئيس قسم الدراسات السياسية في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا): "تم بالفعل فتح المفاوضات لتقسيم الحقائب الوزارية أو مناصب نواب الرؤساء لكل حزب في تحالف الأمة وكذلك حزب الشعوب الديمقراطي".

وفقا لنموذج الائتلاف هذا، هناك محاولة لوضع خطة وخارطة طريق يشارك فيها كل حزب في التحالف بالحكومة في حالة الفوز بانتخابات 2023. 

ويردف في مقال له بالصحيفة: أعلن عن أن التحالف سيدخل الانتخابات بعد عرض حقائب وزارية على بعض قادة الأحزاب ومناصب نائب الرئيس على بعضهم الآخر.

ويقال أن علي باباجان، وميرال أكشنار، وكليتشدار أوغلو، وقره موللا أوغلو، وداود أوغلو (جميعهم قادة أحزاب معارضة)، وإدارة حزب الشعوب الديمقراطي ترحب بهذا السيناريو.

ويستدرك الكاتب قائلا: لقد كان حزب الشعوب الديمقراطي هو من بدأ مفاوضات التحالف الائتلافي بشكل علني.

فلم يعد حزب الشعوب الديمقراطي، الذي "دعم" تحالف الأمة في الانتخابات المحلية والعامة والرئاسية السابقة، يرغب في العمل مع ذلك التحالف ودعمه من "تحت الطاولة" بعد الآن. وهو يشترط أن تكون العلاقة علنية ويأخذ على دعمه مقابلا.

ففي نهاية مايو/أيار جرى الكشف عن أن المدراء التنفيذيين في حزب الشعوب الديمقراطي كانوا يتفاوضون منذ فترة طويلة على تخصيص منصب نائب رئيس ووزارتين لهم، بناء على اقتراح صلاح الدين دميرطاش، وهو سياسي وحقوقي تركي من أصول كردية مسجون لدى السلطات.

وبإعلان كل من دورسون تشيتشيك وغورسيل تيكين من حزب الشعب الجمهوري دعمهما هذه الفكرة، أصبحت القضية على جدول أعمال الرأي العام تمهيدا لجعل قواعد أحزاب المعارضة الشعبية تتقبل الفكرة وتعتاد عليها، بحسب ما يراه الباحث.

وتستند سياسة "التحالف الائتلافي" للمعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري في أصلها على محاولة تقليد سيئة لنظام "الرئاسة الائتلافية" في البرازيل، حيث ترسم الساحة السياسية هناك صورة متمزقة ومنقسمة بسبب سياسات التحالف هذه، وفق الكاتب.

ويتابع: فيما يهدف المرشحون إلى الحصول على دعم الأحزاب والسياسيين البارزين من خلال عرض الحقائب الوزارية عليهم.

 

وفي الواقع، لقد تركوا بعض الحقائب شاغرة لعرضها على الأحزاب الأخرى خارج التحالف والتي يمكنها أن تدعمها بعد الانتخابات، كخطة مضادة في حال عدم الحصول على أغلبية كافية في البرلمان.

وبسبب هذه المقاربة السياسية أصبحت الأحزاب ضعيفة للغاية. فلم تعد تهمهم أحزابهم الخاصة كثيرا بما أنهم يجرون مفاوضات التحالف مع المرشحين والأحزاب الأخرى.

وأصبح السياسيون الآخرون المشاركون في المفاوضات يديرون تحالفاتهم باستخدام علاقاتهم الخاصة بمعزل عن أحزابهم. وفقا للكاتب التركي.

وأردف: "يستند نموذج التحالف الائتلافي للمعارضة إلى مساع تهدف إلى العودة إلى سياسات تركيا الفاشلة والحكومات غير المستقرة في السبعينيات والتسعينيات".

وتجمع هذه المساعي في ظلها من يضعون صنع مستقبل سياسي لهم في الأولوية بدلا من صنع مستقبل البلاد. 

ويقول: ومن الحقائق التي لا جدال فيها أن هذه الأحزاب، التي لا تتشابه فيما بينها وتتحد في معارضة (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان فقط، لا يمكنها أن تحكم البلاد بهذا النموذج".

وبما أنهم يعرفون هذا بأنفسهم وسيجدون صعوبة في إقناع ناخبيهم، فإنهم يخدعون قاعدتهم ويقولون إن التحالف الائتلافي سيكون عبارة عن "حكومة انتقالية"، بحسب تعبيره.

الحكومة الانتقالية

ويستطرد ميش: أما السيناريو الثاني الذي تتناقش أحزاب المعارضة فيما بينها عليه فهو نموذج "الحكومة الانتقالية".

يستند هذا الخطاب على افتراض معين. فلطالما أعلنت أحزاب المعارضة أنها إذا فازت في الانتخابات، فإنهم سيحولون نظام الحكم في تركيا إلى نظام برلماني معزز.

وهكذا، يقولون أنه سيتم إجراء استفتاء لتغيير الدستور من أجل التحول إلى نظام برلماني معزز بعد الانتخابات.

وهم يزعمون أنهم سيجرون انتخابات مرة أخرى وفق النظام البرلماني المعزز بعد الاستفتاء.

وبحسب هذا الافتراض، سينبغي إجراء ثلاث انتخابات على الأقل خلال سنوات قليلة، وفق الكاتب.

ويرى أنه لا يوجد جانب منطقي أو معقول حول هذا السيناريو، حيث إن خطاب "الحكومة الانتقالية" فارغ تماما، كما يستحيل على المعارضة ألا تعرف استحالة فعل شيء كهذا.

وفي تقديره، "لا يمكن الانتقال إلى نظام برلماني معزز إلا بتعديلات دستورية" ولتغيير الدستور دون طرحه للاستفتاء، يجب أن تحصل المعارضة على موافقة من 400 نائب على الأقل.

كما يجب أن يكون لها ما لا يقل عن 360 مقعدا في البرلمان لإحالة الأمر للاستفتاء.

بالنظر إلى دعم الناخبين الحالي لتحالف الشعب، يبدو من المستحيل على المعارضة الفوز في الانتخابات، ناهيك عن الحصول على صوت الأغلبية التي تحتاجها لتغيير الدستور.

وبالنظر إلى أن أحزاب تحالف الشعب تؤيد نظام الحكم الحالي، فإن سيناريو الحكومة الانتقالية للمعارضة يصبح مجرد خطة تهدف لخداع الناخبين، وفقا لرأي الكاتب.

ويضيف: ولسوء الحظ، لا تملك المعارضة سياسة أو مقاربة أو أجندة محددة لحكم البلاد، لكنها تسخر كل طاقاتها لإسقاط أردوغان.

وواصل: "لا يبدو أنها تحتاج لطرح برنامج لمستقبل الوطن والأمة، فهي تتحرك على أساس أن "ليسقط أردوغان بأية طريقة كانت وسننظر في الباقي لاحقا".

البحث عن تحالف ثالث

وفي حديثه عن السيناريو الثالث يقول ميش: على الناحية الأخرى تعمل المعارضة على تحليل إيجابيات وسلبيات تشكيل تحالف ثالث.

تستند هذه الفكرة إلى الاستفادة من أصوات حزب الشعوب الديمقراطي في تحالف الأمة دون دفع أثمان.

فهم يفترضون أنه يمكنهم التخلص من "عبء حزب الشعوب الديموقراطي" من خلال نموذج تحالف ثالث. 

ويضيف: إنشاء تحالف ثالث لن يكون بسبب انقسام بين الأطراف، بل هي خطة.

يهدف هذا النموذج إلى تشكيل تحالف بين حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي، وتحالف آخر بين الحزب الجيد وحزب الدواء أو "المستقبل". وما زالت المناقشات حول هذا الأمر جارية.

ويوضح ذلك بالقول: هناك توقعات بأنه عندما يتم توحيد المعارضة بمثل هذا الخطة، فقد يكون من الأسهل الاتحاد في مرشح سقف مشترك إذا كانت هناك جولة ثانية في الانتخابات الرئاسية.

لكن يتوقع أن يكون دخول المعارضة للانتخابات النيابية بتحالفين مختلفين مفيدا لتحالف الشعب أيضا.

وفي ظل سياسة السيناريو هذه، فإن مسألة من سيكون صانع الألعاب مهمة.

فلن يكون من السهل تنفيذ هذه السيناريوهات التي تبدو جيدة على الورق عندما تبدأ المفاوضات الحقيقية.

وقد اختبرت المعارضة ذلك في قضية "مرشح السقف" في الانتخابات السابقة، بحسب الكاتب التركي.

ويختم ميش مقاله قائلا: نعلم أن الناخبين الأتراك يهتمون بالاستقرار في الإدارة، كما أن رأي الناخبين بمن يمكنه حل المشكلات في تركيا لا يزال حاسما في الانتخابات.

ويرى أنه ليست هناك حاجة إلى منجمين لمعرفة أن هذا البلد سوف يتراجع مع نموذج التحالف الائتلافي. 

وواصل: لذا يتطلب الأمر شجاعة كبيرة لمواجهة الناخبين بسيناريوهات الحكومة الانتقالية التي تتطلب ثلاثة انتخابات متتالية على الأقل.

أما اعتقاد المعارضة بإمكانية فوزها بسياساتها المبنية على السيناريوهات غير الواقعية فتلك قضية نقاش أخرى، وفق رأيه.