محاولات رموز النظام السابق للعودة إلى السلطة في اليمن.. من يدعمها؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

كيف يتسلل رجالات "صالح" من جديد إلى السلطة في اليمن؟ تحت هذا العنوان جاء تقرير صحيفة الإندبندنت النسخة العربية ناقلا عن مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي قوله: إن "حزب المؤتمر لم يغادر السلطة حتى نتحدث عن عودته إليها من جديد، فالرئيس عبد ربه منصور هادي وعدد من الوزراء ومحافظي المحافظات ينتمون للحزب ذاته، وهؤلاء هم من يدير دفة البلاد منذ مغادرة صالح الحكم في 2011، وبمساعدة دول التحالف العربي".

مضيفا: "وعلى وجه الدّقة السعودية، حاول هادي استقطاب أكبر عدد من القيادات الحزبية المعروفة، وجلبها معه إلى مقر إقامته المؤقت بالعاصمة الرياض، بل ذهب هادي إلى أبعد من ذلك، حين التقى منتصف أغسطس/آب 2018، قيادات مؤتمرية في العاصمة المصرية القاهرة من أجل إعادة ترتيب أوراق الحزب ولملمة الشتات ونبذ الخلافات"، وفق ما جاء في كلمة ألقاها هادي أمام الحضور حينذاك. 

رعاية سعودية

رعت السعودية المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، التي اندلعت إثر مظاهرات مطالبة برحيل النظام السابق، في فبراير 2011، وقضت المبادرة بتسليم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، السلطة لنائبه هادي، ومنح صالح وحوالي 500 شخصية من معاونيه، الحصانة والضمانة من الملاحقة القانونية، وكان مجلس النواب قد صادق على القانون الذي يمنح صالح حصانة كاملة، ويمنح معاونيه حصانة سياسية.

وفي حين كان يفترض أن تسهم تلك الحصانة بإنهاء الأزمة، وبمغادرة صالح المشهد السياسي، إلا أن صالح استطاع إعادة التموضع مستفيدا من تلك الحصانة، فعمل على التحالف مع جماعة الحوثي، التي انقلبت على الحكومة الشرعية وسيطرت على مؤسسات الدولة.

استفاد معاونو صالح، أيضا، من تلك الحصانة، فخلال الفترة التي تلت إقرار قانون الحصانة، تحالف حزب المؤتمر بشكل سري ثم علني مع جماعة الحوثي، ما فاقم من الأزمة في البلاد، قبل أن ينفض ذلك التحالف جراء مقتل صالح على يد الحوثيين في ديسمبر/كانون الأول 2017.

مثلت تلك الحصانة، بالإضافة إلى غياب مؤسسات الدولة، بسبب الانقلاب،  قارب نجاة لمعاوني صالح، حيث تمكن عدد منهم من العودة للسلطة، وهذه المرة عن طريق هادي، إذ قام هادي بتعيين عدد من رموز النظام السابق، ودفع بهم لواجهة العمل السياسي، مع أن بعضهم متهم بارتكاب جرائم بحق المتظاهرين السلميين من شباب ثورة فبراير/شباط.

الثورة المضادة

دفعت تلك التعيينات كثيرين للتساؤل: هل يعقل أن يكون هادي مازال مسكونا بفكرة أن رموز نظام صالح هم رجال الدولة؟ وإن كان ذلك دقيقا، فلماذا إذن قام بتأييد ثورة الشباب الذي نادت برحيل النظام ورموز النظام السابق؟ أم أن هناك إعادة إنتاج وتدوير لرموز النظام، عبر تعيينات تفرضها ضغوط سعودية أو إماراتية، كجزء من فصول الثورة المضادة التي تزعمتها الرياض وأبو ظبي.

المحلل السياسي ياسين التميمي، قال لـ "الاستقلال": تشير تلك القرارات والتعيينات، على استماتة الثورة المضادة بفرض سياستها في إعادة رموز النظام السابق  إلى رأس السلطة، والانتقام من فكرة الثورة، مضيفا: "عملت الرياض وأبو ظبي على إعاقة أي فرص وعرقلة أي جهود لبناء الدولة، عبر أدواتها في الداخل والخارج، وهي إلى جانب ذلك تعمل على إظهار الشرعية بمظهر العاجز والفاشل الذي لا يقدر على عمل شيء".

"قالع العداد"

رعت السعودية عقد جلسة البرلمان الأولى منذ 4 سنوات، في مدينة سيئون، بمحافظة حضرموت، وفي الجلسة الأولى تم اختيار سلطان البركاني، كرئيس لمجلس النواب، بعد تزكيته من قبل الأعضاء ، إثر انسحاب المنافسين الآخرين.

وكان البركاني الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يعد أبرز رموز نظام صالح، صاحب عبارة" قلع العداد" الشهيرة، الذي طالب فيها، قبل اندلاع ثورة الشباب في فبراير/شباط 2011، بإلغاء الدورتين السابقتين للرئيس صالح، وتعديل الدستور بحيث يتاح لصالح ترشيح نفسه لدورات قادمة.

البركاني قال في لقاء سابق مع تلفزيون السعيدة: "إن بقاء الرئيس في السلطة وحل مشكلة الدورتين مسألة رئيسية، سنعدل المادة 12 من الدستور، الخاصة برئاسة الجمهورية، ونلغي نظام الدورتين، لم نعد نرى ضرورة لحكاية الدورتين، وعلي عبد الله صالح يحظى بإجماع محلي ودولي"، حسب قوله.

وأضاف: "ليس المراد تصفير العداد (في إشارة لعدم احتساب الدورات السابقة)، بل المطلوب قلع العداد وإلغاءه، المطلوب التأبيد لا التمديد، إذا كان هذا خيار الشعب".

تصريحات البركاني تلك أثارت استياء الشارع اليمني، وشكلت مع بقية مطالب الشعب بداية للمطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية، التي تطورت لتشكل النواة الأولى لثورة الشباب في فبراير/شباط 2011، لكن يحسب للبركاني، أنه كان بين القلائل من حزب المؤتمر جناح صالح، الذين رفضوا التحالف مع الحوثي، وقد عرف بهذا الموقف منذ اجتياح الحوثي للعاصمة صنعاء.

التحالف الوطني

تم في العاصمة السعودية الرياض تشكيل "التحالف الوطني للقوى السياسية" وهو أكبر تكتل سياسي، في تاريخ اليمن، حيث جمع 18 حزبا ومكونا سياسيا، كما أنه أول تكتل جمع بين الحزبين الكبيرين المتنافسين، المؤتمر والإصلاح، وقد تم إنشاؤه، لتكوين جبهة سياسية موحدة تسهم في دحر الانقلاب واستعادة الشرعية، بحسب البيان.

تم إشهار ذلك التحالف في جلسة مجلس النواب، في مدينة سيئون، بمحافظة حضرموت، وقد اختير عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام، الدكتور رشاد العليمي رئيسا لهذا التحالف، ويعد العليمي أحد رجال صالح ورموز نظامه ، وقد شغل عدة مناصب أهمها نائب رئيس الوزراء ، ووزير الداخلية، قبل ثورة فبراير/شباط 2011.

فكرة التحالف

وضم "التحالف الوطني" أبرز الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، وهي أحزاب المؤتمر والإصلاح والاشتراكي والتنظيم الناصري، بالإضافة إلى الحراك الجنوبي السلمي، وحزب الرشاد، وحزب العدالة والبناء، وحركة النهضة، كذلك حزب التضامن الوطني، واتحاد القوى الشعبية، والتجمع الوحدوي، وحزب البعث العربي الاشتراكي، وحزب البعث العربي الاشتراكي القومي، وحزب السلم والتنمية، وجبهة التحرير، وحزب الاتحاد الجمهوري، وحزب الشعب الديمقراطي، والحزب الجمهوري.

السعودية هي من رعت فكرة التحالف، حسب حديث ياسين التميمي لـ "الاستقلال"، قائلا: "الرياض هي من طرحت في وقت مبكر، الفكرة التي ظل الرئيس هادي يقاومها لفترة طويلة"، مضيفا: "التحالف يمثل في ذات الوقت حالة تباين في وجهات النظر بين الرياض وأبو ظبي، بسبب رفض أبو ظبي لأي دور يقوم به حزب الإصلاح، ضمن التحالف المعلن، أو خارجه".

البنك المركزي

في مارس/آذار الماضي أصدر هادي قرارا جمهوريا بتعيين حافظ معياد محافظا للبنك المركزي.، الذي كان قد عين من قبل هادي أيضا في أغسطس/آب الماضي رئيسا للجنة الاقتصادية ومستشارا لرئاسة الجمهورية.

وحافظ معياد أحد رجالات صالح، وذراعه المالي، حيث كان يرأس أكبر بنوك اليمن، البنك الزراعي (كاك بنك)، قبل أن يتم تعيينه رئيسا للمؤسسة الاقتصادية اليمنية، التابعة لوزارة الدفاع، في 2010، من قبل صالح.

عرف معياد وفق اتهامات صادرة عن الثوار، بتحريضه على المتظاهرين في ثورة فبراير/شباط، وتمويله لـ "بلاطجة (بلطجية)" هاجموا ساحة التغيير وتسببوا بسقوط قتلى وجرحى، وإلى عهد قريب كانت أبو ظبي تحتضن معياد، إلى جانب نجل الرئيس السابق أحمد علي، وعدد من رموز النظام السابق.