صحيفة إسبانية: حي "الشيخ جراح" رمز المقاومة الفلسطينية في القدس

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إسبانية إن الاحتجاجات على إخلاء العديد من العائلات في حي "الشيخ جراح" بالقدس الشرقية أدت إلى تصعيد جديد للعنف، خاصة أن طرد 7 عائلات من هذا الحي مثل شرارة لتصعيد جديد بين إسرائيل وفلسطين.

وأوضحت صحيفة "الإسبانيول" أن "ما بدأ في شكل سلسلة من أعمال الشغب ضد خطط الإخلاء في الشيخ جراح تحول في وقت لاحق إلى حلقة حرب جديدة، انتهت بإطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل، وردت الأخيرة بغارات جوية وأرضية على القطاع".

وأشارت إلى سقوط عشرات الشهداء بينهم أطفال، إضافة إلى مئات الجرحى، بعد الهجوم الإسرائيلي المكثف من البر والجو منذ 15 مايو/أيار 2021.

حي تاريخي

وأوردت الصحيفة أن "الشيخ جراح" عبارة عن حي من البيوت المبنية من الحجر الرملي، ومحاط بالقنصليات الأجنبية والفنادق الفخمة، ويقع على بعد حوالي 500 متر من باب العامود في البلدة القديمة.

ويحمل الحي اسم الطبيب الشخصي لصلاح الدين الأيوبي، الفاتح المسلم الذي استعاد القدس من الصليبيين عام 1187.

ونقلت الصحيفة أنه لفهم الدور الأساسي لحي الشيخ جراح في هذه الموجة الجديدة من الصراع، يجب أن نعود إلى عام 1948، عندما تم تقسيم القدس، بعد الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، إلى قسمين: القدس الشرقية، التي يسيطر عليها العرب، والقدس الغربية التي يسيطر عليها الإسرائيليون.

وفي ذلك الوقت، بقي الجزء الشرقي في يد الأردن حتى عام 1967، عندما سيطرت إسرائيل فعليا على المدينة بأكملها خلال حرب الأيام الستة.

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل استولت في وقت لاحق على البلدة القديمة، ومنذ تلك اللحظة، تعتبر إسرائيل القدس بأكملها عاصمتها، بما في ذلك حي الشيخ جراح، حيث يوجد قبر رئيس حاخامات قديم، يقدسه اليهود.

من ناحية أخرى، يعيش الفلسطينيون في معظم منازل حي الشيخ جراح، لكن المستوطنين الإسرائيليين انتقلوا إلى بعض هذه العقارات على مدار السنوات القليلة الماضية، بدعوى أنها كانت مملوكة لليهود قبل الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.

في ذلك العام، أجبر تقسيم القدس الفلسطينيين الذين يعيشون في الغرب واليهود الذين يعيشون في الشرق على ترك منازلهم. ومع ذلك، على مر السنين، طردت العديد من العائلات الفلسطينية من منازلها بموجب قانونين إسرائيليين مثيرين للجدل.

وأوضحت الصحيفة أنه بموجب قانون أملاك الغائبين، يمكن لإسرائيل مصادرة الممتلكات من الفلسطينيين الذين هجروا منازلهم أثناء النزاع.

علاوة على ذلك، يسمح قانون الشؤون الإدارية والقانونية لليهود بالمطالبة بمنزل ما داموا قادرين على إثبات ملكيتهم له قبل عام 1948.

لكن لا يمكن تطبيق العكس، حيث لا يستطيع الفلسطينيون المطالبة بممتلكاتهم في الجزء الغربي من المدينة.

رمزية فائقة

وأفادت الصحيفة بأن هذا ما أشعل شرارة الاحتجاجات في حي "الشيخ جراح"، حيث هددت 7 عائلات بالإخلاء بعد مطالبة مستوطنين يهود بالأرض، بدعوى قضائية في المحكمة.

بعد أول حكم لصالح المستوطنين، اندلعت احتجاجات في المدينة، وكان على المحكمة العليا أن تتخذ قرارا نهائيا بعد بضعة أيام، لكن اندلاع العنف تسبب في تأجيل الجلسة.

ونقلت الصحيفة عن الفلسطيني نبيل الكرد، البالغ من العمر 77 عاما، والذي صرح لوكالة "رويترز" البريطانية قائلا: "إسرائيل لن تكون راضية حتى أطرد من المنزل الذي عشت فيه معظم حياتي".

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الشيخ واحد من الفلسطينيين العديدين الذين يواجهون خطر الإخلاء من شارع عثمان بن عفان في الحي بعد معركة قانونية طويلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن المستوطنين احتلوا نصف منزله بعد معركة قانونية عام 2009، ويفصله جدار هو وعائلته عن المستوطنين، وآماله في البقاء معلقة على المحكمة العليا الإسرائيلية.

من جهته، قال الشاب الفلسطيني خالد حمد البالغ من العمر 30 عاما: "جاءت عائلاتنا إلى هنا كلاجئين.. كل شيء يتكرر مرة أخرى". 

وأوردت الصحيفة أن الخلاف بين الجهتين يتجاوز ملكية المنازل، فهو يتمحور حول إحدى النقاط المركزية في الصراع العربي الإسرائيلي برمته ويتلخص في مصير القدس.

على وجه الخصوص، لطالما اعتبرت إسرائيل المدينة بأكملها عاصمة للدولة رغم أن المجتمع الدولي لا يعترف بها بالكامل، أما الفلسطينيون، فيريدون أن تصبح القدس الشرقية العاصمة المستقبلية لدولة مستقلة.

ونقلت الصحيفة أن عبد الفتاح سكافي، البالغ من العمر 71 عاما، وهو أحد الفلسطينيين الذين يواجهون خطر الإخلاء، صرح لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية خلال إحدى المظاهرات قائلا: "إنهم لا يريدون العرب هنا، أو في القدس الشرقية. يريدون طرد العرب لكي يحاصروا البلدة القديمة".

وأوضحت الصحيفة أن "خسارة ثقل الفلسطينيين في حي الشيخ جراح يعني هزيمة ثقيلة لهم في النضال من أجل القدس، ولهذا جعلوا الحي بمثابة خندقهم الأخير للمقاومة، ومن هنا اتخذ الحي رمزية فائقة الأهمية في الصراع ضد إسرائيل".

رد مدمر

وذكرت "الإسبانيول"  أن الجناح العسكري لحركة "حماس" وعد بقيادة "رد مدمر" محذرا من أنه "سيهز تل أبيب".

وبحسب المتحدث باسمه، أبو عبيدة، فإن لديهم القدرة على إطلاق صواريخ على تل أبيب لمدة 6 أشهر أخرى.

ورغم أن الحديث عن هدنة في مثل هذه الفترة المتوترة "يبدو سرياليا"، إلا أن الوساطة تستمر في العمل خلف الكواليس لتحقيق وقف إطلاق نار مؤقت على الأقل.

وانضم المبعوث الأميركي الخاص، هادي عمرو الذي وصل تل أبيب في 14 مايو/أيار 2021، إلى الوساطة المصرية؛ للتوصل إلى هدنة.

ومنذ 13 أبريل/نيسان 2021، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية جراء اعتداءات "وحشية" ترتكبها الشرطة الإسرائيلية ومستوطنون بمدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى ومحيطه وحي "الشيخ جراح"، إثر مساع إسرائيلية لإخلاء 12 منزلا من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.

واعتبرت الصحيفة الإسبانية أنه "في ظل هذا الوضع، ستكون حماس مهتمة بهدنة لضمان عدم معاقبة كل من جناحها المسلح وغزة نفسها، بعد قيادتها هجوما بهذه الضخامة".

وتابعت: "بالإضافة إلى ذلك، تمكنت حماس من مفاجأة إسرائيل في اليوم الأول (10 مايو/أيار)، ولم تتوقف عن إطلاق القذائف وتولت قيادة قضية القدس".

وختمت الصحيفة مقالها بالقول: "من جهتها، تمكنت إسرائيل في هذه المرحلة المتقدمة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من التغلب على الوباء العالمي، لكنها لا تزال عاجزة على التفوق أمام الهجمات الفلسطينية التي كانت مفاجأة هذه المرة".