"قرار مدروس".. صحيفة إسبانية: لهذا صعد المغرب خطابه ضد مدريد

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إسبانية إن "الرباط تعمق الأزمة مع مدريد، وتشدد لهجة الخطاب مع ألمانيا، وتفكر في الاستيلاء على جزء من التراب الموريتاني، ووجهت انتقادات إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، فيما سلمت فرنسا من غضب المغرب، حيث إنها تدعم خطته حول إقليم الصحراء".

وأفادت "الكونفدنسيال" بأن "المغرب هدد إسبانيا خلال أكثر من مناسبة في غضون شهر واحد، في بيانها الأول، 25 أبريل/نيسان 2021، أعربت الرباط عن أسفها لموقف مدريد وطرحت أسئلة حول الظروف التي دخل فيها زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، إسبانيا، حيث كان مصابا بكورونا، وأقيم في مستشفى بمدينة لوغرونيو".

وفي بيانها الثاني، 8 مايو/أيار 2021، هددت الرباط بالفعل جارتها مدريد، وجاء في بيان وزارة الخارجية المغربية، في إشارة إلى استقبال غالي على الأراضي الإسبانية، أن "المغرب أخذ علما كاملا بهذه الأحداث، وسيستخلص منها كل التبعات".

مناورات مدبرة

واعتبر البيان أن استقبال "رئيس البوليساريو (...) هو عمل متعمد وخيار طوعي وقرار سيادي لإسبانيا، وهو عمل جاد ومخالف لروح الجماعة وحسن الجوار".

من جهتها، صرحت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانتشا غونثاليث لايا، العضو الوحيد في الحكومة الذي تحدث عن هذه المسألة، مرارا وتكرارا أن غالي، البالغ من العمر 72 عاما، تم نقله "لأسباب إنسانية بحتة" بينما أشادت في الآن ذاته بالعلاقات الإسبانية المغربية.

ونقلت الصحيفة أن الرباط ردت على هذه التصريحات بالقول إن "الاعتبارات الإنسانية لا تبرر المناورات المدبرة من وراء ظهر شريك وجار" مثل المغرب.

وأضاف البيان: "(...) إنهم لا يشرحون أن المرء متواطئ في انتحال شخصية وتزوير جواز سفر للتهرب من القانون".

وأشارت الصحيفة إلى أن غالي دخل إسبانيا في 18 أبريل/نيسان 2021، عبر مطار سرقسطة، على متن طائرة حكومية جزائرية وبجواز سفر دبلوماسي جزائري، يحتوي على اسم غير خاص به. 

في بيانها، تحاول الدبلوماسية المغربية أيضا الضغط على المحكمة الإسبانية التي أشارت بالفعل عام 2016 إلى أن غالي يخضع للتحقيق بعد أن أدانته جمعية صحراوية مقرها إسبانيا، لكنها مرتبطة بالسلطات المغربية.

وتنتقد الرباط "تقاعس القضاء الإسباني" رغم حقيقة أن القاضي سانتياغو بيدراز صرح أن غالي متهم في 1 يونيو/حزيران 2020، بحسب وكالة أوروبا للأنباء. 

وقال البيان "(...) لا يمكن للاعتبارات الإنسانية أن تلغي الادعاءات المشروعة لضحايا الاغتصاب والتعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها زعيم المليشيا (غالي) في مخيمات اللاجئين بتندوف".

ونقلت "الكونفدنسيال" أن "بيان وزارة الخارجية تلاه بعد ساعات، موقف الأحزاب السياسية المغربية التسعة الرئيسة، حيث استنكرت في بيان تهاون وتواطؤ سلطات مدريد عند استقبال شخص معاد للمملكة المغربية (...) دون الأخذ في الاعتبار المصالح الحيوية لجارها وشريكها". 

وذكرت هذه الأحزاب أن "إسبانيا تعاني من ظاهرة الانفصال" لكن لا يوجد طرف مغربي يدعمها.

وعلقت الصحيفة: "وهكذا، فإنهم يقارنون كاتالونيا بالصحراء الغربية التي تعتبر في نظر الأمم المتحدة منطقة في انتظار إنهاء الاستعمار".

قرار مدروس

وأشارت "الكونفدنسيال" إلى أنه "في صيف 2014، علقت الرباط بالفعل تعاونها مع إسبانيا في محاربة الهجرة غير النظامية ومكافحة الإرهاب، بعد أن اعترض الحرس المدني الإسباني بالخطأ، في 7 أغسطس/آب، في مياه سبتة، يختا كان بداخله الملك محمد السادس".

بعد ذلك، اضطرت حكومة ماريانو راخوي إلى الاعتذار ونقل رئيس قيادة الحرس المدني بسبتة إلى مدينة إشبيلية حتى يمكن استئناف التعاون المغربي الإسباني. 

ومع ذلك، لم يكن الترحيب بغالي زلة، ولكنه قرار مدروس تم اتخاذه على أعلى مستوى في السلطة التنفيذية الإسبانية، ولن تعتذر مدريد عنه.

وفيما يتعلق بالهجرة غير النظامية، فإن البيانات "سيئة بالفعل"، لا سيما في جزر الكناري على وجه الخصوص، في الأشهر الأربعة الأولى من العام، والتي عادة ما تكون الفترة ذات التدفقات الأقل كثافة، وصل حوالي 4111 مهاجرا إلى الأرخبيل، بزيادة وصلت إلى نسبة 134 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. 

لكن الآن لا تعد الغالبية من المغاربة، لكنهم من جنوب الصحراء الكبرى، حيث يواصلون الإبحار بشكل أساسي من الصحراء الغربية.

ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية أن الهجوم المغربي على إسبانيا "ربما يتجاوز قضية غالي".

وقد بدأ الخلاف بين الحليفين في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020 عندما ألغيت، بناء على طلب الرباط، القمة بين الحكومتين المقرر عقدها بعد أسبوع. ومنذ ذلك الحين لم يتم تحديد موعدها مرة أخرى. 

من ناحية أخرى، أوضح وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، هدفه فيما يتعلق بإسبانيا في 15 يناير/كانون الثاني 2021 من خلال اختتام مؤتمر افتراضي في الرباط حول الصحراء.

وشجع الأوروبيين، وخاصة أولئك "الأقرب" إلى المغرب، على اتباع خطى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي اعترف قبل ذلك بشهر بسيادة المغرب على تلك المستعمرة الإسبانية السابقة، وقد كانت الولايات المتحدة أول دولة غربية تتخذ هذه الخطوة.

أكثر شجاعة

ونوهت الصحيفة بأن بوريطة يعلم أن إسبانيا لا يمكنها اتخاذ مثل هذا القرار، لكنه يثق في أنها ستحذو حذو فرنسا علانية، على الأقل، التي تدعم الاقتراح الذي قدمته الرباط عام 2007 لحل نزاع الصحراء من خلال منح حكم ذاتي محدود لتلك المنطقة التي ستبقى تحت السيادة المغربية.

وأوضحت الصحيفة أن الدبلوماسية المغربية انزعجت من تصريحات وزيرة الخارجية الإسبانية غونثاليث لايا، في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، فيما يتعلق بقرار ترامب بشأن الصحراء الغربية.

لكن، لم تنتقد الوزيرة هذا القرار، لكنها نأت بنفسها عنه بإصرارها على "احترام قرارات الأمم المتحدة للبحث عن حل"، وهو مسار بعيد كل البعد عن ذلك الذي اتخذه رئيس الولايات المتحدة آنذاك.

أما في أوروبا، ربما كانت الدبلوماسية الألمانية هي الأكثر تحفظا تجاه ترامب، وقد أعرب سفيرها لدى الأمم المتحدة، كريستوف هيوسجن، ووزير خارجيتها، نيلز أنين، علانية عن رفضهما للمبادرة الأميركية.

ولهذا أمر ناصر بوريطة، في 1 مارس/آذار الماضي، بقطع كل الاتصالات بين المؤسسات المغربية والألمانية.

وعندما ردت ألمانيا على تلك الضربة الأولى، اتصل بوريطة بسفيرته ببرلين في 6 مايو/أيار، لإجراء مشاورات في الغرض.

وأشارت الصحيفة إلى أن مصدرا مغربيا مطلعا على السياسة الخارجية لبلاده، يتوقع أن "هذا ما سيحدث على الأرجح لإسبانيا إذا واجهت حكومة بيدرو سانشيز بآذان صماء البيان الثاني للرباط".

ومن المرجح أن يسحب المغرب سفيرته كريمة بنيعيش من مدريد، وهو ما فعله للمرة الأخيرة عام 2007 عندما تم الإعلان عن زيارة ملوك إسبانيا إلى سبتة ومليلية.

بغض النظر عن المواجهة التقليدية مع الجزائر والأزمات التي أطلقتها مع ألمانيا وإسبانيا، سيكون المغرب أيضا على وشك بدء مواجهة مع موريتانيا، جارته الجنوبية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا البلد، الذي أعطته إسبانيا ثلث الصحراء الغربية عام 1975، لا يسيطر اليوم إلا على المنطقة غير المأهولة بالسكان في لا غويرا.

واليوم، تفكر الرباط في طرد الجيش الموريتاني وبناء ميناء صغير هناك، سيكون هذا رده على الإعلان في نيسان/أبريل 2021، عن فتح خط بحري منتظم بين الجزائر العاصمة ونواكشوط.  

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "عموما، منذ اعتراف ترامب بسيادة الرباط على الصحراء، أصبح المغرب أكثر شجاعة، ونتيجة لذلك، لم يتردد في انتقاد مسؤولين سامين، على غرار سفيرة الرئيس الأميركي لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، بل وحتى الرئيس الأميركي جو بايدن".