لوموند: لهذا يشتد القمع في مدينة وهران ضد ناشطي الحراك بالجزائر

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة فرنسية إنه منذ عودة الاحتجاجات المناهضة للنظام الجزائري في 22 فبراير/شباط 2021، كانت الأجهزة الأمنية بمدينة وهران "في حالة تأهب".

وذكرت "لوموند" أنه لم يتوقع كل من نائب رئيس المكتب المحلي للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان (LADDH)، قدور شويشة، وزوجته جميلة لوكيل، الصحفية في جريدة "ليبرتي" اليومية الناطقة بالفرنسية عند مغادرتهما المحكمة في وهران، 28 أبريل/نيسان 2021 أنه سيتم القبض عليهما مرة أخرى من قبل الشرطة.

ويتحدث الناشط عن اعتقاله، وهو شخصية معروفة في الحركة النقابية منذ 30 عاما، قائلا: "ظهرت مركبتان، إحداهما كان بها رجال شرطة بملابس مدنية لاصطحابي وأخرى مع رجال شرطة لاصطحاب زوجتي".

كان قدور شويشة وجميلة لوكيل متهمين، إلى جانب 12 آخرين (بينهم متظاهر توفي قبل عدة أشهر)، بـ"التجمع غير المسلح والإخلال بالنظام العام"، لكن غادرا محكمة وهران بعد تأجيل محاكمة الاستئناف إلى 2 يونيو/حزيران 2021.

وبمجرد أن تم إطلاق سراحهم، داهمت الشرطة منزلهم وتم مصادرة ممتلكاتهم الشخصية، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر والأقراص الصلبة.

اعتقالات وتحقيقات

منذ عودة احتجاجات الحراك المناهضة للنظام في 22 فبراير/شباط 2021، كانت قوات الأمن بوهران في حالة تأهب، وقد بلغ القمع ذروته في هذه المدينة الجزائرية الثانية، في 23 أبريل/نيسان 2021 خلال التظاهرة الأسبوعية عدد 114.

وقال مبارك (اسم مستعار بناء على طلبه)، وهو ناشط من وهران منخرط بشدة في حركة الاحتجاج التي بدأت في فبراير/شباط 2019 بالجزائر أن "الجميع تعرض للضرب بوحشية لا تصدق، من كبار السن أو الصغار".

وأضاف في ذات السياق: "لم أر قط مثل هذا العنف من قبل الشرطة منذ بداية الحراك".

ولم يعد المدافعون عن حقوق الإنسان في وهران يحسبون عدد النشطاء المطلوبين للعدالة، وتم وضع ما لا يقل عن 4 أشخاص في مذكرة توقيف منذ مظاهرة 23 أبريل / نيسان. 

ويخضع آخرون للمراجعة القضائية، مثل الصحفي المستقل سعيد بدور الذي يروي الضرب الذي تعرض له عند اعتقاله أثناء تغطيته للمظاهرة قائلا: "اعتقلني 10 من رجال الشرطة بثياب مدنية، ووضعت في القبو حيث تعرضت للضرب، لكمني 5 أمنيين وصفعوني وشتموني، لقد تمت مصادرة هاتفي". وهو ما يندد به الصحفي الذي أمضى قرابة 6 أيام معتقلا.

كان بدور وهو عضو في الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان تحت أعين السلطات لعدة سنوات بسبب مقالاته عن فضائح الفساد في المنطقة.

وتمت محاكمته بتهمة "ازدراء النظام القائم والتشهير والشروع في أعمال تخريبية"، وحكم عليه غيابيا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 بالسجن لمدة عام.

وصدر بحق بدور مذكرة توقيف في 1 مارس/آذار 2021 ، وغادر السجن بعد 10 أيام إثر إسقاط بعض التهم، وخفف الحكم إلى شهرين مع وقف التنفيذ عند الاستئناف.

ذكريات التسعينيات

في 29 أبريل/نيسان 2021، وجه المدعي العام لائحة اتهام ضد الزوجين شويشة والوكيل وعشرات الأشخاص من قبل النيابة العامة بتهم أشد، تتراوح بين "الانضمام إلى منظمة تخريبية تنشط داخل وخارج البلاد" إلى "التآمر على أمن الدولة"، بما في ذلك "الاعتداء على وحدة التراب الوطني".

وأوضح شويشة، أحد المفرج عنهم بكفالة "كل هذا يأخذ بعدا آخر، لأننا مثلنا أمام الوحدة الجزائية المتخصصة بالقضايا الجنائية والإرهاب".

ويأسف الناشط والنقابي البالغ من العمر 65 عاما والذي تم اعتقاله 11 مرة منذ بداية الحراك قائلا: إن "سجن الناس لفترات طويلة يذكرنا بالمحاكمات العظيمة التي حدثت في التسعينيات، وهذا ما يتم التحضير له لنا و لباقي المواطنين".

ولفتت لوموند إلى أن الأساليب التي تستخدمها قوات الأمن والقضاء في وهران موضع تساؤل.

اهتزت المدينة الغربية، الملقبة بـ"الباهية"، التي طالما اعتبرت احتفالية وليست "شديدة التمرد"، لعدة أشهر بمشاهد عنف الشرطة المتكرر.

وأوضح مبارك أن "القمع اشتد بعد 12 ديسمبر/كانون الأول 2019 (موعد الانتخابات الرئاسية التي صادفت وصول عبد المجيد تبون إلى الرئاسة) وأنه يجب أن يكون مفهوما أيضا أن وهران كانت دائما مكانا للجوء لعصابة (مصطلح يستخدمه نشطاء الحراك للإشارة إلى من هم في السلطة)". 

وقال مبارك في ذات السياق أنهم "قد استثمروا في العقارات، وأنه بالنسبة لهم، وهران هي مكان للراحة حيث يأتون لقضاء عطلة نهاية الأسبوع".

وتابع مبارك: "لقد كان الأمر على هذا النحو لعدة سنوات".

كسر الحراك

فسر الصحفي بدور محاولات الترهيب هذه على أنها رغبة من قبل السلطات لإزالة البعد الوطني للحراك من أجل حصره في المناطق المناهضة تقليديا للسلطة، الواقعة وسط وشرق البلاد.

واعتبر مبارك أن "كسر حراك وهران يعني أيضا كسر الحراك برمته في الغرب".

فيما قال شويشة في هذا السياق: "ربما يفكرون في أنه من خلال خنق مسيرة وهران، سيسحقون تلقائيا درجات السلم في البلدات المجاورة الأخرى. لكن، لحسن الحظ، لم يكن الأمر كذلك، لأن تلمسان استأنفت المسيرات ويبدو أن مستغانم تقاوم أيضا".

وترى لوموند أن الموعد المحدد للانتخابات التشريعية "يساهم في إثارة السلطة"، حيث من المقرر إجراؤها في 12 يونيو/حزيران 2021، لكن رفضها المتظاهرون وقاطعتها بالفعل العديد من أحزاب المعارضة.

ومع اقتراب الموعد النهائي ليوم الانتخابات، تم الشعور بالتشديد الأمني ​​حتى في العاصمة، مع حظر آخر مسيرتين طلابيتين، وكذلك تفريق مظاهرة في 30 أبريل/نيسان 2021.

وندد أعضاء في المجتمع المدني وشخصيات معارضة في بيان مشترك في 1 مايو/أيار، بـ"أحد أسوأ حملات التصعيد القمعي ضد الحقوق والحريات".

وعبر الموقعون على نص البيان عن أسفهم بقولهم إن: "التعذيب أصبح شائعا مرة أخرى وعنف الشرطة آخذ في الانتشار، لا شيء يمكن أن يبرر معاملة الحكومة لمواطني بلدها بهذه الوحشية".

وللتنديد بالقمع، قرر آلاف المتظاهرين الذين غادروا الحي الشعبي باب الواد (غرب الجزائر العاصمة)، في 7 مايو/أيار، تغيير المسار المعتاد لمسيرة الجزائر العاصمة. 

وفاجأت المسيرة الطويلة، التي تشكلت على مدى عدة كيلومترات، قوات الأمن التي حاولت عدة مرات عرقلة تقدمها قبل تفريق المتظاهرين الذين وصلوا إلى الأحياء الشعبية بشرق الجزائر العاصمة بوحشية.

ونددت وزارة الداخلية في بيان صدر 9 مايو/أيار بـ"الانزلاق الخطير" وتطالب بأخذ ترخيص لـ"تنظيم مسيرة من قبل المنظمين بأسمائهم ووقت البداية والنهاية ومسار الرحلة وكذلك الشعارات التي ستردد".