"تنفس الصعداء".. ماذا يحقق العراق من الحوار بين إيران والسعودية؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في الوقت الذي كشف فيه مسؤولون إيرانيون وسعوديون عن إجراء حوارات بين البلدين بوساطة عراقية في بغداد، طرحت تساؤلات عديدة عن مدى انعكاس هذه المحادثات على الأوضاع الداخلية في العراق، إضافة إلى مدى تأثيرها على دوره الإقليمي في المنطقة.

رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي أكد خلال مقابلة مع قنوات فضائية عراقية، في 9 مايو/ أيار 2021، وجود حوارات إيرانية سعودية جرت بوساطة عراقية، بعد جهود بذلتها حكومته وإجراءها لقاءات سرية وأخرى علنية مع مسؤولي البلدين لتحقيق ذلك.

وعن انعكاس المحادثات على العراق، قال الكاظمي: إن "الحل الخارجي لمشكلة العراق لوحده غير كاف، إنما التكامل بين الخارج والداخل، العامل الخارجي يساعد ثقة العراق إلى المنظومة العربية والإسلامية والدولية. العراق يحاول استعادة مكانته الدولية والإقليمية".

"تنفس الصعداء"

على مستوى المكاسب الداخلية، رأى الخبير السياسي العراقي غيث التميمي في مقابلة تلفزيونية في 27 أبريل/ نيسان 2021 أن "العراق من مصلحته ان يبدأ أي حوار إيراني خليجي كون ذلك سيساهم في التهدئة، لأن العراق ساحة للصراع الإيراني مع كل دول المنطقة".

وطرح التميمي أمثلة على الصراع المذكور بأن العراق أراد جذب استثمارات سعودية في منطقة الصحراء ولم يقبل الإيرانيون ومنعوا هذه الاستثمارات، وأن بغداد أيضا أرادت مد خط كهرباء من السعودية وقد منعتها إيران أيضا،.

وأضاف "الإيرانيون يقطعون الطرق على المصالح التي تجمعنا مع أشقائنا العرب"، ما يجعل التهدئة تسمح للعراقيين أن يتنفسوا الصعداء.

استعرض الخبير السياسي العراقي ما وصفه بـ "معاناة العراقيين من هيمنة ودور غير تقليدي وغير طبيعي للإيرانيين والأتراك منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 حتى الآن".

وشدد على أن إشكالية الوساطة العراقية بين الإيرانيين والسعوديين، هي أن العراق وإيران لا يمتلكان "قواعد اشتباك واضحة"، بخلاف السعودية وإيران ما يرجح كفة الحوار المباشر.

من جهته، رأى الخبير في الشأن الإيراني والشيعي الكاتب اللبناني، حسن فحص، أن "الرغبة العراقية التي لا تنحصر في الحكومة القائمة بقيادة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، بل تمتد إلى الحكومات السابقة في زمن رئيس الوزراء حيدر العبادي وعادل عبدالمهدي".

وأوضح فحص خلال مقال نشره موقع "المدن" في 25 أبريل/ نيسان 2021، أن "محاولتهما فتح قناة حوارية بين الطرفين لعب فيها الكاظمي دورا متقدما من منطلق علاقاته الخاصة التي تربطه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان وقيادته لجهاز الاستخبارات العراقية، خصوصا وأن تلك الجهود كانت تجري بمعرفة وتشجيع إيراني ورغبة في أحداث خرق في جدار عدم الثقة القائم بينهما".

وأشار إلى أن "إيران لا تعارض الدور العراقي في تسهيل التواصل واستضافة الحوار مع السعودية، لان هذا الدور لا يتعارض مع مصالح الطرفين، بل يأتي من منطلق الحرص على تعزيز المصالح الوطنية العراقية التي ترى في هذا التقارب عاملا مساعدا في تخفيف الضغوط  التي تقع على العراق جراء حالة التنافس القائمة بين الطرفين".

وتابع: "الأزمات والمشاكل الموجودة بين إيران والسعودية أوسع وأكبر من أن تقوم دولة إقليمية بالوساطة فيها، إلا أن القلق العراقي لدى الحكومة والمسؤولين على حد سواء من أن يؤدي استمرار التوتر بين الجانبين للتأثير السلبي على الداخل العراقي، هو السبب الذي يدفع القيادات العراقية أيضا للعب دور الوسيط بين إيران وأميركا".

ومع التأكيد بأن حجم الخلافات والمشاكل بين الطرفين أكبر من أن تحل عبر وساطة عراقية، فإن هذه الجهود تبقى في دائرة الترحيب طالما أن الهدف منها يصدر عن رؤية عراقية تعمل على تأمين مصالح العراق الوطنية، وفق قوله.

تغيير التوازنات

وفي السياق ذاته، رأى الأكاديمي والباحث العراقي في العلاقات الدولية، رائد العزاوي، أن  "العراق يستفيد من موقعه الإستراتيجي وعلاقاته الطيبة مع كل من السعودية وإيران لحلحة الأزمات في منطقة الخليج".

وأشار العزاوي خلال تصريحات صحفية في 18 أبريل/ نيسان 2021، إلى أن "العراق يرغب في ألا يتأثر بإشكالات الدول المجاورة، وأخطرها ما يجري بين إيران والسعودية".

ويرى أن بغداد تريد من استضافته للمباحثات تقليل الضغط عليه بسبب الصراع بين السعودية وإيران، الأمر الذي سيؤثر على الاستقرار والتنمية في العراق.

ولفت إلى أن العراق يسعى للاستفادة من القوة الاقتصادية الضخمة للسعودية، والحفاظ على علاقات مع إيران بغية عن التجاذبات والتدخل المباشر.

من جهته، قال لقاء مكي الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، في مقال نشره موقع "الجزيرة نت" في 25 أبريل/ نيسان 2021 إن "الكاظمي قد يجد أن إنجاز اتفاق بين السعودية وإيران، ربما يغير التوازنات في المنطقة، ويؤثر على معدل التوتر فيه، وذلك قد يكون سببا لامتصاص زخم القوى المسلحة (العراقية)، وانكشافها".

وتابع: "إضافة لذلك، فإن السعودية، بنت خلال السنوات الماضية علاقات قوية مع أطراف شيعية أساسية في العراق، أبرزها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وزعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم".

ولفت إلى أن مثل هذه العلاقات التي يبدو أنها مستمرة، ستعطي للتيارين الشيعيين في حال الاتفاق السعودي-الإيراني أفضلية سياسية في داخل الوسط الشيعي المنقسم أصلا".

لاعب وسيط

وفي السياق ذاته، قال رئيس "مجموعة المورد" للدراسات العراقية، نجم القصاب خلال تصريحات صحفية في 23 أبريل/ نيسان 2021، إن "الحوار إذا نجح وكانت هناك نوايا صادقة من الدولتين في مغادرة التصعيد الذي حصل، ولا سيما في السنوات الأربع الماضية، فإنه سيؤثر بالتأكيد، إيجابا، على الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني في العراق".

ونوه إلى أن "أطرافا سياسية وغير ذلك استغلت هذا الخلاف وجعلته لصالحها من أجل السيطرة على ثروات ومقدرات الدولة العراقية وعدم السماح للشركات أو الدول بالاستثمار في العراق ما لم تحصل على موافقات من الأطراف القريبة من إيران، وهذا يعني أنه لا استقرار سياسيا أو اقتصاديا أو أمنيا والمتضرر في النهاية هم العراقيون".

ورأى الخبير السياسي العراقي أنه "إذا حقق الحوار مصالحة بين إيران والسعودية، فإنه سيعتبر أكبر إنجاز للحكومة العراقية وتحقيقا لأكبر وعد قطعه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأن يجعل المنطقة هادئة مستقرة، وأن يكون العراق لاعبا وسطيا فيها، وليس لاعبا محوريا".

وتحدثت تقارير صحفية في الأول من مايو/ أيار 2021 أن "الحكومة العراقية تتجه في الآونة الأخيرة نحو تبني سياسة جديدة تركز على الاقتراب أكثر من محيطها العربي بإعادة بناء الثقة مع دول خليجية على خلاف مع إيران، هي السعودية والإمارات، واتخاذ مسارات اقتصادية جديدة لبناء نوع من العلاقات الاقتصادية المتميزة مع الأردن ومصر".

ولفتت إلى أنه رغم تهديدات المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران، استأنف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان 2021، جلسات الحوار الإستراتيجي مع الولايات المتحدة، وأجرى زيارتين ناجحتين إلى السعودية والإمارات، وهما دولتان حليفتان لواشنطن.

وبينت التقارير أن إيران تنظر بقلق إلى اتجاه العراق نحو محيطه العربي، خشية ابتعاده عن محورها بما يهدد مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية، وخسارة نفوذها وحرمانها من استخدام الأراضي العراقية ممرا بريا للتواصل مع القوات الحليفة لها في سوريا ولبنان.

لكن ذلك لا يعني أن يكون اقتراب العراق من محيطه العربي على حساب العلاقات "العميقة" مع إيران، أو الابتعاد عن محورها.

وذلك رغم تشديد الرئاسات الثلاثة، الجمهورية والوزراء والبرلمان، على ضرورة إبعاد بغداد عن سياسة المحاور الإقليمية أو الدولية، وعدم السماح باتخاذها ساحة لتصفية حسابات دول أخرى، مثل الولايات المتحدة وإيران، أو الاعتداء على الدول انطلاقا من الأراضي العراقية، بحسب التقارير.